Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

نيسان تُغدَر من قِبَل مُنظّري بريكسيت مثل جاكوب ريس-موغ

تُفضِل "مجموعة الأبحاث الأوروبية" نظريات المؤامرة ومطاردة المعارضين لها على الإنصات إلى مخاوف الشركات حول معوقات التجارة

وزير الدولة البريطاني السابق للخروج من الإتحاد الاوروبي ديفيد ديفيس و رئيس مجموعة "Forte" الفندقية في ندوة عن سبل التوصل لاتفاقية تجارة حرة بين بريطانيا والاتحاد الاوروبي. (أ.ب)  

هناك أمر توقيته مُناسب مع الأسف، مرتبط بحقيقة أن أبرز قصة صناعية بريطانية - في الوقت الذي تتخبط البلاد مُتجهةً نحو بريكست من دون اتفاق - لا بد أن تشمل شركة نيسان. 
السبب المباشر لتراجع الشركة اليابانية عن قرارها بناء خط لإنتاج سيارات "إس يو في" بمصنعها في سندرلاند كان انهيار الطلب الأوروبي على السيارات التي تعمل بالديزل. لكن وكما أوضحت إدارة الشركة تماماً فإن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي كان عاملاً أيضاً.
من الجدير تذكّر لماذا توجد نيسان هنا في المملكة المتحدة أساساً. في فترة الثمانينات قامت مارغريت تاتشر عملياً بترجي الشركة اليابانية لإنشاء مصنع في سندرلاند، واعدة بكل أصناف المعونات الحكومية والدعم من أجل تحقيق ذلك.
إن تدخلاً كهذا يتناقض مع الصورة الرائجة عن إدارتها كفريق قاس مؤلف من مجموعة مُنظرين مؤيدين لعدم التدخل الحكومي ومهووسين بحي المال والأعمال في لندن وسعيدين بترك القوى الصناعية في الشمال تنهار.
غير ان الإغراء الأكبر بالنسبة لليابانيين لم يكن تلك المعونات، وإنما موقع المملكة المتحدة في السوق الأوروبية المشتركة. وكما كتب كيث جوزيف، وزير الصناعة في حكومة تاتشر، في مذكّرة إليها: "لقد اختارت نيسان المملكة المتحدة لأنها قدّمت لها معبراً إلى السوق الأوروبية بأكملها. لو أننا كنا خارج هذه المجموعة، فمن المستبعد جداً أن تفكر نيسان جدياً بالمملكة المتحدة كقاعدة لهذا الاستثمار المهم."

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


مفارقة أخرى حول استثمار نيسان هي أن فرنسا وألمانيا كانتا، في تلك الأيام، معاديتين لفكرة السماح لشركات السيارات اليابانية بمنطقة إنتاج مُحصّنة داخل السوق الأوروبية المشتركة، خوفاً من تأثير المنافسة على مُصنّعي السيارات المحليين فيهما.
تجاوزت تاتشر تلك النوازع الوقائية الأوروبية، وبالفعل جعلت من خلقَ سوق حرة، ذات تشريع متناغم، و"سوق موحدة" بين الدول الأوروبية الأعضاء أولويةً شخصية.
لكن الآن، وبعد 33 عاماً، لدينا أسماء مُحافظة تاتشرية لا تصر فقط على أن المملكة المتحدة يجب أن تترك السوق الموحّدة التي عملت لها تاتشر، ولكنها أيضاً تستخف علناً بمخاوف إدارة نيسان اليابانية المتعلقة بـ بريكست، تلك الإدارة التي كانت بطلتُهم تحرص في وقت ما على خطب ودها.
المقترح المُقدم من رئيس فرع "مجموعة الأبحاث الأوروبية" في حزب المحافظين، جاكوب ريس- موغ ، والقائل أنه وبسبب اتهام رئيس شركة نيسان السابق كارلوس غصن بالاختلاس في طوكيو، فليس هناك ما يُوجب اتّخاذ ما تقوله الشركة على محمل الجد، يوضح إلى أي مدى من الإنكار انجرف هذا الجناح  من المحافظين. 
إن"مجموعة الأبحاث الأوروبية" تُفضل نظريات المؤامرة ومطاردة المعارضين لها على الإنصات إلى مخاوف الشركات حول معوقات التجارة. 
وقبل أن يتم أخيراً، يوم الإثنين، نشر "رسالة التطمين" الخاصة التي وجّهها وزير الأعمال غريغ كلارك إلى نيسان عام 2016 ، كان الخوف الأكبر لدى هؤلاء المتشددين هو أن هذه الرسالة قد أعطت انطباعاً إيجابياً غير مقبول حول بقاء بريطانيا في وحدة جمركية مع الاتحاد الأوروبي.
مفارقة أخرى مقلقة في شأن نيسان، هي أن زعيم حزب العمال جيريمي كوربين بدأ يقلق في الآونة الأخيرة في شأن القيود المفروضة على قواعد المساعدات الأوروبية، وقد ذهب بعض مؤيديه إلى حد استخدام هذا الأمر كحجة لصالح إنفصال كامل.
لكن رسالة كلارك كشفت عن وعود بمساعدة من الحكومة البريطانية لـ نيسان تبلغ 80 مليون جنيه استرليني، مع مِنَح بقيمة 61 مليون جنيه تم تقديمها رسمياً. وإذا كان مثل هذا الدعم الحكومي محرّماً بموجب القانون "النِيو ليبرالي" للإتحاد الأوروبي، كما يُشير بعض "اليساريين المؤيدين لـ بريكسيت"، على ما يبدو، فإن مؤسسات ومحاكم الاتحاد الأوروبي كانت متسامحة معه بشكل مدهش.
إن الأجواء مُثقلة باتهامات "الغدر" حول بريكست. لكن الحقيقة هي أن "نيسان" وغيرها من الشركات المُستثمرة الأجنبية في المملكة المتحدة قد تعرضت للغدر؛ فقد غُدرت من قِبل متطرفين سياسيين يجهلون التاريخ ومن قِبل أولئك الذين يفضّلون عقيدتهم على الواقع.

© The Independent

المزيد من آراء