Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لبنان في المشهد القاتم... وثلاث مبادرات أجنبية تترنح!

مساع فرنسية وروسية وأميركية... وهذا موقف حزب الله وإيران

بعض المصادر الديبلوماسية تقول إن المجتمع الدولي حريص على استقرار لبنان (أ. ب)

وصل الاشتباك السياسي في شأن تشكيل الحكومة اللبنانية إلى حائط مسدود. فكل الأطراف السياسية تلعب على حافة الهاوية، وكل منها ينتظر من سيقع أولاً. وكل ذلك على وقع الانتفاضة الشعبية وتجاوز الخطوط الحمر الاقتصادية التي باتت تنذر بانهيار شامل، إذ تشير آخر المعلومات إلى أن نحو مليون وظيفة من مختلف الفئات باتت مهددة وأن مئات الآلاف من الموظفين لم يتقاضوا رواتبهم كاملة وتوجه العديد من المؤسسات إلى صرف جماعي للموظفين.

في ظل هذا المشهد القاتم واستمرار التعثر في الوصول إلى صيغة لتأليف الحكومة العتيدة برز الحديث عن ثلاثة مساع أجنبية لتدارك الأمور قبل الانفلات الاقتصادي وتداعياته الأمنية والسياسية. وتشير بعض المصادر الديبلوماسية إلى أن المجتمع الدولي حريص على استقرار لبنان وتقديم الدعم.

المبادرة الفرنسية

تلفت مصادر غربية إلى أن فرنسا تعتبر نفسها معنية بالشأن اللبناني كونها ترى أن لبنان موطئ القدم الأخير لها في الشرق الأوسط، إضافة إلى علاقاتها المميزة مع معظم الأفرقاء اللبنانيين ووجود قنوات اتصال لم تنقطع مع حزب الله، مستندةً إلى مقررات اتفاقية "سيدر" كورقة رابحة لإنجاح مبادرتها في مدة قصيرة قد لا تتجاوز عيد الاستقلال في 22 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي.

وفي هذا السياق، يزور مدير دائرة شمال أفريقيا والشرق الأوسط في وزارة الخارجية الفرنسية كريستوف فرنو لبنان في 13 نوفمبر الحالي، للبحث مع المسؤولين اللبنانيين في سبل معالجة الأزمة التي يمر بها لبنان، بناء على طلب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.

ووفق المصادر، فإن هذه المبادرة ترتكز على نقاط تطمئن الأطراف كافة، إذ يتم طرح حكومة لا يتمثل فيها نواب عن الكتل التي ينضوون فيها، وتراعي رغبة حزب الله في أن تبقى وزارتا الخارجية والدفاع في فلك حلفائه، وحفاظ محوره على الثلث المعطل من خلال وجوه اختصاصية وغير سياسية.

ووفق المعلومات أيضاً فإن حزب الله طلب من الفرنسيين السعي إلى تمثيل القوى السياسية كافة لتحظى الحكومة بغطاء واسع يمكنها من الانطلاق بزخم وإجماع للبدء في المعالجة الاقتصادية، مقابل قبوله بمعالجة قضية المعابر الحدودية بغطاء سياسي مع ترك متنفس له في القصير ليتنقل منه إلى سوريا.

الروسية

إضافة إلى المبادرة الفرنسية، تردد مصادر ديبلوماسية أن روسيا دخلت على خط الأزمة اللبنانية منذ الأيام الأولى للانتفاضة الشعبية، في 17 أكتوبر (تشرين الأول)، إذ كانت تقف ضد استقالة الرئيس سعد الحريري وأيدت فكرة التعديل الوزاري المحدود الذي يبقي التوازنات الداخلية على حالها مع تعديل بسيط هو سحب الثلث المعطل من التيار الوطني الحر الذي يمتلك وحده 11 وزيراً وتخفيض حصته إلى 9 وتطعيم الحكومة بوجوه مستقلة.

ووفق المصادر نفسها، فإن التدخل الروسي مع رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط هو من فرمل اندفاعته نحو الاستقالة، بعدما كان الاشتراكي تظاهر ضد "العهد" في 14 أكتوبر ملوحاً حينها بالاستقالة، ليعود ويطالب الحريري بالاستقالة منذ اللحظات الأولى لانطلاق الانتفاضة.  

وترى المصادر أن عناصر قوة المبادرة الروسية تنطلق من قدرتها على التأثير في الوضع السوري ومن خلالها في إيران، إذ تطرح روسيا أن تكون ضامنة لعدم تأثر نفوذ حزب الله في أي بيان وزاري مقبل، إضافة إلى عدم المساس بقدرته على التحرك ضمن الحدود اللبنانية السورية، وتستكمل ضمان استقرار قواعد الاشتباك الحالية بين إسرائيل وحزب الله.

الأميركية

الولايات المتحدة دخلت علناً في عمق الأزمة اللبنانية، بعد مرور ثلاثة أسابيع على اندلاع الانتفاضة الشعبية. وقال وزير خارجيتها مايك بومبيو إن "علينا مساعدة شعبَي العراق ولبنان على التخلص من النفوذ الإيراني وتحقيق تطلعاتهم".

وفي هذا السياق، تفيد معلومات ديبلوماسية بأن حراكاً أميركياً برز في الساعات الأخيرة قد يرقى إلى إطار المبادرة في حال استطاع خرق جدار التعقيدات المحلية والإقليمية. وتشير المعلومات إلى أن الولايات المتحدة لا تزال تمسك بسيف العقوبات على حلفاء حزب الله، وهي على قاب قوسين من إدراج عدد من وزراء وقياديين في التيار الوطني الحر على قوام العقوبات.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتشدد المصادر على أن الولايات المتحدة لن تقبل باستنساخ توازنات الحكومة السابقة التي تعتبر أن حزب الله كان مسيطراً عليها، وأن أي حكومة جديدة تنال الدعم الأميركي يجب أن تكون مستقلة وتضع ضمن بيانها الوزاري آلية لترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل كي يتمكن لبنان من الشروع بالتنقيب والاستفادة من عائدات النفط لانتشال اقتصاده.

وتؤكد المعلومات أنه بالنسبة إلى سياسة الولايات المتحدة تجاه لبنان خطان أحمران لن تقف على حياد في حال التعرض لهما، وهما المصرف المركزي والجيش اللبناني كونهما المرجعيتين الضامنتين لاستقرار لبنان أمنياً واقتصادياً، وأن انهيارهما سيشكل انتصاراً للمحور الإيراني الذي شكل في لبنان جيشاً واقتصاداً موازياً.

... تترنح

في ضوء المساعي والمبادرات الغربية، ترى أوساط سياسية أن كل تلك المساعي لا تزال تترنح ولن تصل بسهولة إلى خواتيم سعيدة كون لبنان جزءاً من الاشتباك الإقليمي والدولي، مشيرة إلى أن المبادرة الفرنسية قد تصطدم بالنفوذ الأميركي والروسي المتعاظمين في الشرق الأوسط من جهة، والتصعيد الإيراني لناحية الالتزام بالاتفاق النووي الإيراني الذي ذهبت طهران بعيداً بخرقه إلى درجة أن الرئيس الفرنسي بات محرجاً تجاه المجتمع الغربي.

وتضيف الأوساط أن التسوية الرئاسية التي استمرت مدة ثلاث سنوات كانت فرنسية الصنع بنسبة كبيرة وأثبتت فشلها وانفجرت أخيراً ومن الصعب إعادة ترميمها وخصوصاً أن حزبي القوات اللبنانية والتقدمي الاشتراكي غير راغبين في إحيائها من جديد كونهما أكثر المتضررين منها.

أما في ما يتعلق بالمبادرة الروسية، فتشير الأوساط إلى التنافس الحاصل بين روسيا وإيران على الساحة السورية. وبالتالي هناك فقدان للثقة بين الطرفين، إضافة إلى أن حزب الله مستاء من قواعد الاشتباك مع إسرائيل التي رعتها روسيا حيث اضطر بموجبها إلى تسليم الأنفاق الحدودية مع إسرائيل والتخلي عن صواريخ إستراتيجية ولم تمنع الغارات الإسرائيلية عن مواقعه في سوريا.

وفي السياق ترى الأوساط أن الإستراتيجية الأميركية تجاه الأزمة اللبنانية تضع اللبنانيين في وجه حزب الله الرافض أي نقاش في الإستراتيجية الدفاعية، والذي يرى في الحكومة الحيادية مشروعاً لإبعاده عن السلطة في لبنان، وبالتالي تراجع النفوذ الإيراني، وهو أمر مرفوض إيرانياً.

وتضيف الأوساط نفسها أن الأميركيين ينظرون إلى ملف الشرق الأوسط بشكل كامل، ولن تكون هناك معالجة بمعزل عن الملف العراقي بشكل أساسي، مشيرةً إلى أن الإدارة الأميركية تسعى إلى صفقة كاملة مع إيران بعد أن تكون قد استنزفتها اقتصادياً نتيجة العقوبات الصارمة.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي