Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تكفي 5 مليارات دولار لإنقاذ اقتصاد السودان من الانهيار؟

الأزمات تحاصر حكومة "حمدوك" والرهان على دعم المؤسسات الدولية

رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك (رويترز)

حتى الآن لم تعلن الحكومة الانتقالية في السودان عن خطتها التفصيلية للخروج بالبلاد من حزمة الأزمات الاقتصادية التي قادت السودانيين إلى الخروج في الشوارع احتجاجاً على نظام الرئيس السابق عمر البشير.

وربما تحاصر حكومة الدكتور عبد الله حمدوك، أزمات عدة، أبرزها توقف قطاعات عديدة عن الإنتاج، وتراجع الناتج المحلي الإجمالي للبلاد بنسب كبيرة، إضافة إلى تفاقم أزمة الديون الخارجية، هذا بخلاف مجموعة الأزمات الداخلية التي تتمثل في أزمة شح العملة الصعبة وانهيار الجنيه السوداني مقابل الدولار الأميركي، الذي قاد معدلات التضخم إلى مستويات قياسية وتاريخية، مع انتشار معدلات البطالة، وأخيراً أزمة الوقود التي تلوح في الأفق بين فترة وأخرى.

لكن "حمدوك" وهو أستاذ وخبير اقتصادي قبل أن يتولى رئاسة الحكومة الانتقالية في السودان، يعرف جيداً منذ تسلمه مهام رئاسة الحكومة أن أزمات الاقتصاد هي التحدي الأكبر أمام السودان في الوقت الحالي، حيث قال في أول تصريحاته، إن بلاده تحتاج نحو 8 مليارات دولار مساعدة أجنبية خلال العامين المقبلين لتغطية الواردات وللمساعدة في إعادة بناء الاقتصاد بعد الاضطرابات السياسية المستمرة منذ شهور.

دعم الميزانية تجنباً لانهيار اقتصادي

في تصريحات أمس، قال وزير المالية السوداني إبراهيم البدوي، إن بلاده تحتاج إلى ما يصل لخمسة مليارات دولار دعما للميزانية لتفادي انهيار اقتصادي وإنها ستدشن إصلاحات بعد إطاحة عمر البشير.

وقال وزير المالية في الحكومة الانتقالية، إن البلاد تملك احتياطيات نقد أجنبي تكفي فقط لتمويل الواردات لعدة أسابيع.

ويعاني السودان أزمة منذ خسر معظم ثروته النفطية مع انفصال الجنوب في 2011.

وقال البدوي وفقاً لوكالة "رويترز"، إن السودان تلقى بعض الدعم لواردات الوقود والقمح لكن نحو 65% من شعبه البالغ تعدداه 44 مليون يعاني الفقر، ويحتاج إلى تمويل تنموي بقيمة تصل إلى ملياري دولار إلى جانب ملياري دولار من المأمول الحصول عليها من صناديق تنموية عربية.

وفي استعراض تفصيلي لخطط الإصلاح للمرة الأولى، قال البدوي إنه ستكون هناك حاجة لزيادة رواتب موظفي القطاع العام وجرى إنشاء شبكة دعم اجتماعي للتجهيز لإلغاء صعب لدعم الوقود والأغذية.

وتسببت احتجاجات استمرت لأشهر ضد زيادات أسعار الوقود والخبز ونقص السيولة في إطلاق شرارة انتفاضة ضد البشير الذي أطاحه الجيش في أبريل (نيسان). والاحتجاجات مستمرة منذ ذلك الحين، مع سقوط قتلى في اشتباكات مع قوات الأمن.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

دعم إماراتي وسعودي

الوزير السوداني قال، "بدأنا العملية (الإصلاحات). الشعب السوداني يستحق أن يُنظر إليه من منظور مختلف تماما مقارنة مع ما اعتاد المجتمع الدولي أن يستخدمه للنظر إلى السودان، كدولة تحكمها حكومة منبوذة".

وأضاف، "الآن لدينا ثورة". وردا على سؤال عن مقدار دعم الميزانية المطلوب لعام 2020، قال إن بعض التقديرات تقول ما يتراوح بين ثلاثة وأربعة مليارات (دولار)، ربما حتى خمسة مليارات دولار.

وتتولى الحكومة المدنية التي ينتمي إليها "البدوي" السلطة لمدة تزيد على ثلاث سنوات بموجب اتفاق لتقاسم السلطة مع الجيش. وقال البدوي إنها حصلت على ما يزيد قليلا على نصف الدعم البالغ ثلاثة مليارات دولار لواردات الوقود والقمح، الذي قدمته السعودية والإمارات في أبريل الماضي.

وأوضح أنه من المقرر عقد اجتماع للمجموعة المانحة "أصدقاء السودان" في ديسمبر (كانون الأول) وإن الحكومة اتفقت مع الولايات المتحدة على أنها قد تبدأ التواصل مع المؤسسات الدولية بينما تظل في قائمة للدول التي تُوصف بأنها راعية للإرهاب.

ومن شأن ذلك الوصف أن يجعل السودان غير مؤهل من الناحية الفنية للحصول على إعفاء من الدين أو تمويل من صندوق النقد والبنك الدوليين. وحذف اسم السودان من القائمة يحتاج إلى موافقة من الكونغرس.

هل تتدخل المؤسسات الدولية؟

وزير المالية السوداني قال إن أول خبراء من المؤسسات الدولية وصلوا إلى الخرطوم للمساعدة في الإصلاحات وإن وفدا من صندوق النقد الدولي سيصل هذا الشهر من أجل إجراء مشاورات المادة الرابعة. ولم يصدر تعقيب فوري من صندوق النقد والبنك الدولي أو وزارة الخارجية الأميركية.

وجزء من خارطة طريق جرى الاتفاق عليها مع صندوق النقد والبنك الدولي ألا يضطر السودان لسداد مستحقات متأخرة بقيمة ثلاثة مليارات دولار لمؤسسات دولية.

وأضاف البدوي، "لا نحتاج إلى سداد أي شيء. ما نحتاجه في الواقع هو تنفيذ السياسة". والسودان أحد أكبر الدول المثقلة بعبء الدين، إذ تبلغ ديونه 60 مليار دولار تحتاج إلى تسويتها بشكل منفصل.

وقال إن السودان سيشرع في زيادة القاعدة الضريبية وإصلاح القطاع العام. وقد تتم زيادة الرواتب، التي تآكلت بفعل معدلات تضخم في خانة العشرات، بنسبة 100% بحلول أبريل المقبل.

وفي النصف الثاني من العام المقبل سيتم إنشاء شبكة دعم اجتماعي بما يسمح بإلغاء الدعم بحلول يونيو (حزيران) المقبل أو بعد ذلك. وسيجري استخدام بعض التمويل من المانحين في جمع البيانات لإتاحة التحويلات النقدية للمحتاجين.

كما يرغب السودان في إنتاج الخبز من الذرة المُنتجة محليا لاستيراد كميات أقل من القمح. وقال البدوي إنه يأمل في انتهاء الفارق بين سعر الصرف في السوق الرسمية والسوق السوداء بحلول يونيو المقبل. لكن الجنيه السوداني انخفض هذا الأسبوع إلى 80 للدولار في السوق السوداء مقارنة مع سعر الصرف الرسمي البالغ 45 جنيه للدولار.

وقال الوزير السوداني إن ميزانية 2020 ستتضمن أهدافا تنموية مستدامة للتعليم والرعاية الصحية والإنفاق الاجتماعي، بما يشير إلى أن السودان ربما يتحرك بعيدا عن هيمنة الإنفاق العسكري مما يخنق التنمية.

هل يدخل السودان في أزمة عدم سداد الديون؟

البيانات الرسمية تشير إلى أن حجم دين السودان الخارجي نحو 58 مليار دولار، بينما يتراوح أصل الدين من 17 إلى 18 مليار دولار فقط، والمتبقى فوائد وجزاءات أصبحت تساوى أكثر من ضعف المبلغ الأصلي نفسه، حيث قد بدأ تراكم ديون السودان الخارجية منذ عام 1958.

ووفقا للبنك الدولي في تقرير إحصاءات الديون الدولية للعام 2018، فإن نسبة المتأخرات تبلغ 85% من هذه الديون، وتضم قائمة دائني السودان مؤسسات متعددة الأطراف بنسبة 15%، ونادي باريس 37% و36% لأطراف أخرى، بجانب 14% للقطاع الخاص.

وكشف البنك في تقرير مشترك مع وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي السودانية حول استراتيجية خفض الفقر للعام، عن أن المتأخرات المستحقة للمؤسسة الدولية للتنمية بلغت 700 مليون دولار، بينما بلغت المستحقات لصندوق النقد الدولي ملياري دولار.

وأوضح التقرير أن نسب الديون الخارجية أعلى من الحدود الاسترشادية، حيث بلغت 166% من إجمالي الناتج المحلي مقارنة بالحد البالغ 36%.

وبحسب إحصاءات البنك الدولي للإنشاء والتعمير، كانت ديون السودان بلغت في عام 1973 أقل من مليار دولار، وأدت الأعباء المترتبة على هذه الديون والمتمثلة في مدفوعات الفائدة وأقساط استهلاك الدين إلى تزايد مستمر في حجم الدين، فقد وصل أصل الدين إلى 11 مليار دولار بنهاية العام 1998، فيما بلغت جملة الديون (أصل وفوائد) في نهاية عام 1999 نحو 20 مليار دولار.

اقرأ المزيد

المزيد من اقتصاد