Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لبنان بلا حكومة يسير بسرعة قياسية نحو الانهيار... واختراق خطير للثورة؟

حزب الله يريد تشكيلة وزارية تشبه ما قبل "17 أكتوبر" والحريري غير متمسك برئاسة الحكومة

وسط الغموض الذي يكتنف مسألة الإعلان عن بدء الاستشارات النيابية الملزمة لتكليف رئيس جديد للحكومة اللبنانية، بدأت بوادر الأزمة المالية والاقتصادية، ترخي بظلالها على المواطنين اللبنانيين وعلى آخر ما تبقى في نظامهم، ألا وهو النظام المصرفي الذي بدأ يتداعى تحت وطأة الضغوط السياسية والاستمرار بالمماطلة في تشكيل حكومة إنقاذ.
 

شهران قبل السقوط
 

كل المعطيات تشير إلى أن لبنان دخل مرحلة المحظور وتجاوز الخطوط الحمراء، إذ تشير مصادر اقتصادية مأذونة أن قدرة صمود الاقتصاد اللبناني باتت لا تتجاوز الشهرين، إذ إنّ 30 مصرفاً تقريباً يقل حجم أرباحها السنوية عن 40 مليون دولار، مهددين بعدم القدرة على الصمود بوجه الأزمة الحالية، في حال لم يتم تدارك الموقف وتشكيل حكومة فاعلة تنال ثقة الشارع وتخفف من احتقانه من جهة، وثقة المجتمع الدولي من جهة أخرى، الذي عليه التعويل الأكبر عبر تفعيل مقررات مؤتمر "سيدر"، إضافة إلى بعض المساعدات العربية التي يُقدَّر حجمها بـ 17 مليار دولار.
كما حضّ مسؤول في البنك الدولي لبنان على تأليف حكومة جديدة في غضون أسبوع على الأكثر، محذراً من مخاطر كبيرة ستواجه الاستقرار في لبنان في حال عدم تحقق ذلك، في ظل تخوف من عدم القدرة على تأمين الالتزامات المطلوبة لشراء أي شيء من الخارج، ما قد يؤدي إلى اندلاع اضطرابات اجتماعية إذا حدث نقص في السلع الأساسية.


الحريري: هذه حكومتي
 

آخر معطيات تشكيل الحكومة وفق مصادر تيار المستقبل، تشير إلى أن الوصفة الوحيدة المقبولة لدى الحريري ليوافق على التكليف، تتمثّل في حكومة اختصاصيين مستقلة عن كل الأحزاب، لمحاولة فرملة الانهيار الشامل. وأكدت مصادر المستقبل أن "الحريري غير متمسك برئاسة الحكومة في حال الإصرار على تشكيلة سياسية غير مرغوبة شعبياً ولا توحي بالثقة دولياً". وأضافت المصادر أن "التيار الوطني الحر ومن خلفه حزب الله، يشترطان الاتفاق المسبق على البيان الوزاري للحكومة المقبلة ومن ثم الوزراء وتوزيع الحقائب قبل الشروع بالاستشارات النيابية الملزمة والتكليف، بعكس المسار الدستوري لتأليف الحكومات، بهدف عدم إعطاء شرعية التكليف للحريري وضمان شرعنة سلاح الحزب في أي حكومة مقبلة، الأمر الذي لم يقبل به الحريري حتى الآن".
وترى المصادر أن "إعلان حزبَي القوات اللبنانية والتقدمي الاشتراكي رفضهما المشاركة في أي حكومة سياسية مقبلة ودعمهم تشكيل حكومة اختصاصيين مستقلة، كشف حقيقة العراقيل التي تواجه التأليف، وهذا ما ساعد الحريري في الإصرار، وصولاً إلى إقناع وزير الخارجية في الحكومة المستقيلة جبران باسيل بعدم الدخول إلى الحكومة المقبلة، لما لذلك من تداعيات سلبية في الشارع".
 

"تسوية رئاسية" مصغّرة؟

في المقابل، تشير مصادر سياسية إلى أن ما يؤخر تشكيل الحكومة هو إصرار حزب الله على حكومة سياسية، إذ يعتبر الحزب أن كل ما يجري في لبنان يستهدف سلاحه وامتداده الإيراني وأن قبوله بحكومة تكنوقراط أو حيادية هو استسلام وكأنه يسلّم رأسه. وترى المصادر ذاتها أن الحزب يريد أن تكون الحكومة غطاء شرعياً له، سواء لناحية توازناتها التي يريدها على صورة تلك المستقيلة، أو لناحية بيانها الوزاري الضامن لشرعية "سلاح المقاومة".
وتعتبر المصادر أن حزب الله يريد ترميم "التسوية" الرئاسية أو "تسوية مصغّرة" شبيهة، تشترك فيها معظم الأحزاب الأساسية وتنتج حكومة جديدة، وبالتالي تكون رهينةً لحزب الله وفق مقولة "إما ننجو معاً أو نغرق معاً"، مؤكدةً أن أي حكومة من هذا النوع هي انتحار جماعي للبنانيين ومصيرها مكتوب مسبقاً قبل التوقيع عليها.
وتلفت المصادر إلى أن حزب الله وحلفاءه يملكون الأكثرية النيابية في البرلمان وباستطاعتهم دستورياً الذهاب إلى تشكيل حكومة من لون واحد، إلاّ أنّهم يدركون أنّ هذا الخيار سيلهب انتفاضة شعبية عارمة وستلاقيه مواقف المجتمع الدولي الذي لن يعترف بشرعية هكذا حكومة وبالتالي، سيكون مصيرها كمصير حكومة حماس في قطاع غزة وهذا بالتأكيد انتحار سياسي، ما يدفعهم إلى التمسك بإعادة تكليف الحريري.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

 

المشهد اللبناني يمر ببغداد... ويطال طهران
 
في السياق، كشفت المصادر ذاتها عن قرار إيراني واضح لحزب الله بالتزامن مع اندلاع الانتفاضة الشعبية في 17 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بضرورة الدفاع عن حكومة الحريري والسعي لعدم سقوطها لما لذلك من تداعيات أبعد من المشهد اللبناني، وصولاً إلى تشريع فتح الأبواب أمام الانتفاضة العراقية لإسقاط حكومة عادل عبد المهدي وإمكانية أن تصل عدوى الثورات الى داخل المجتمع الإيراني الذي يعاني ظروفاً اقتصادية صعبة للغاية نتيجة العقوبات الأميركية.
 

تدخل فرنسي

في موازاة ذلك، لفتت مصادر ديبلوماسية إلى أن حراكاً دبلوماسياً فرنسياً هادئاً دخل على خط تأليف الحكومة بغية إيجاد حلحلة للعقد الحكومية، مشيرةً إلى أن فرنسا تعتبر نفسها عرّابة مؤتمر "سيدر" (لمساعدة الاقتصاد اللبناني) وهي تدرك أنه خشبة الخلاص لانتشال الاقتصاد المتهاوي وتعوّل على وعي الأفرقاء اللبنانيين إلى أهمية تفعيل مقرراته. وتفيد المصادر بأن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون سيوفد مندوباً خاصاً في 13 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي إلى لبنان، حيث سيلتقي الرئيس ميشال عون وعدداً من القيادات السياسية اللبنانية.

 

اختراق خطير

في سياق آخر، تشير معلومات إلى أن التيار الوطني الحر يشهد انقساماً حاداً في قراءة الحراك الشعبي، وهناك محاولات لدفع مجموعة من أنصاره إلى ارتداء ثوب الثورة وتوجيه الحراك ضد الحريري، وتدرس هذا الأمر أيضاً قيادتا حزب الله وحركة أمل بهدف امتطاء موجة الانتفاضة الشعبية وحرفها عن أهدافها وتوجيهها ناحية التصويب على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وجمعية المصارف، كونهم يتماهون مع العقوبات الأميركية، وهو أمر كان ألمح إليه سابقاً مسؤولون في حزب الله.
وتلفت المعلومات إلى أن الفريق "السلطوي" يعتبر أنه باندساسه تحت ثوب الثورة يستطيع شرذمة الانتفاضة وضرب وحدتها، ويأتي ذلك بالتزامن مع فتح ملفات قضائية كطرح قضية الـ 11 مليار المرتبطة بولاية رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة وبالتالي تسويق فساد مضاد شعبياً، تسهيلاً لتشتيت الانتباه عن فساد أحزاب السلطة الحالية وسلاح حزب الله.

المزيد من العالم العربي