Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

احتجاجات العراق... القوات الأمنية تستعيد 3 جسور في بغداد

السيستاني حذر في خطبة الجمعة من "استغلال الحراك من قبل قوى داخلية وخارجية"

تمكنت القوات الأمنية العراقية السبت من صد المتظاهرين واستعادة السيطرة على ثلاثة جسور في بغداد، فيما وقعت مواجهات صباحاً في أحد الشوارع التجارية المؤدية إلى ساحة التحرير بوسط العاصمة، بحسب ما أفاد مراسلون من وكالة الصحافة الفرنسية.

وعلى الرغم من أن الأعداد الكبيرة من المتظاهرين تتجمع في ساحة التحرير المركزية للاحتجاجات المطالبة بـ"إسقاط النظام"، فإن المواجهات تدور منذ أيام عدة على أربعة من 12 جسراً في بغداد.

وتقدم المتظاهرون أولاً باتجاه جسر الجمهورية، الذي يصل التحرير بالمنطقة الخضراء التي تضم مقار حكومية. ورفعت القوات الأمنية على الجسر ثلاثة حواجز اسمنتية، يقف المتظاهرون عند أولها.

وبعد ذلك، تقدم متظاهرون آخرون باتجاه جسور السنك والأحرار والشهداء الموازية لجسر الجمهورية شمالاً.

وشهدت تلك الجسور الثلاثة ليلاً مواجهات بين المتظاهرين والقوات الأمنية التي صدتهم، وفق مراسلي وكالة الصحافة الفرنسية.

وقامت القوات العراقية، صباح السبت، بإطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع باتجاه المتظاهرين المتجمهرين في شارع الرشيد بوسط العاصمة.

وكان آلاف المتظاهرين احتشدوا الجمعة 8 نوفمبر (تشرين الثاني) 2019، مؤكدين ثباتهم في تحركهم الذي بدأ يطال البنية التحتية الحيوية للبلاد. واقتربت المسيرات من مقر البنك المركزي وسط بغداد، كما حاول المتظاهرون الوصول إلى المنطقة الخضراء. 

وفي نينوى برز تطور لافت آخر، إذ سقط 17 صاروخاً قرب قاعدة عسكرية عراقية تستضيف قوات أميركية في القيارة شمال البلاد، وأصدرت قيادة الجيش بياناً أكدت فيه عدم سقوط إصابات أو تسجل أضرار كبيرة.

قتلى وجرحى

وفي البصرة، أعاد المحتجون إغلاق مدخل ميناء أم قصر المخصص لنقل البضائع بعد إعلان مسؤولين عراقيين عودة العمل فيه. وفي كربلاء، تحدثت مصادر محلية عن حرق القوات الأمنية خيم المعتصمين أمام مبنى محافظة مديرية التربية، وسط المدينة.

وأضافت أن القوات الأمنية عمدت إلى حرق الخيم ومبنى مديرية التربية لتفرقة المتظاهرين وإنهاء اعتصامهم المستمر هناك منذ أكثر من أسبوع.

 

 

عدم التراجع

ولم يثن "الخميس الدامي" المتظاهرين الذين رفعوا لافتات تؤكد عزمهم على الاستمرار وعدم التراجع عن مطالبهم، مندّدين بما يصفونه بـ"عدم وجود استجابة حقيقية" من السلطات للمطالب التي ينادون بها، في وقت لم تظهر أي علامة على تراجع الاضطرابات الدامية المستمرة منذ أسابيع.

وشدّدوا على مواصلة احتجاجاتهم إلى حين تغيير النظام السياسي الذي تأسس بعد سقوط نظام صدام حسين، وتجديد الطبقة السياسية التي تحتكر الحكم منذ 16 سنة.

واتخذوا خطوات أكثر جرأة بسبب دعم عددٍ كبيرٍ من القوى السياسية لهم، على الرغم من تداول معلومات تؤكد أن القوات الأمنية تلقّت أوامر باعتقال كل من يقطع الطرقات".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

السيستاني يحذر

وعلى وقع هذه التطورات الميدانية، دعا المرجع الشيعي الأعلى في العراق السيد علي السيستاني خلال خطبة الجمعة إلى عدم استخدام العنف ضد المحتجين، محذّراً من استغلال الحراك الشعبي من قبل قوى داخلية وخارجية تسعى إلى إلحاق الضرر بالعراق.

وحضّ السيستاني الحكومة على الاستجابة إلى مطالب المحتجين بأسرع وقت، مضيفاً أن أمام القوى السياسية العراقية فرصةً فريدة لتلبية مطالب المحتجين وفق جدول زمني.

 

 

سن قانون جديد

وفي محاولة لتهدئة غضب الشارع، أكد المتحدث باسم الحكومة العراقية سعد الحديثي، الجمعة، أن الحكومة "حرّكت قضايا الفساد ضد عدد من كبار المسؤولين"، قائلاً إن "الحكومة تعمل على سن  قوانين إصلاحية عدّة في البلاد وعلى توزيع عادل للثروة". وأضاف أن "الحراك يساعد السلطة السياسية في معالجة الكثير من الخلل".

وشدّد الحديثي على أن "الحراك السلمي محل احترام من قبل السلطات"، في إشارة ضمنية إلى استنكار أي عمليات تخريب من جانب بعض المتظاهرين.

 

قلق واستنكار

وقال أحد شيوخ عشائر الناصرية (300 كيلومتر جنوب بغداد) الذي جاء إلى العاصمة للتظاهر في ساحة التحرير الجمعة، أول أيام العطلة الأسبوعية في العراق "قدمنا دماء أبناء عشائرنا، ولن نتوقف حتى استقالة الحكومة".

وكان القمع الدموي للمتظاهرين تواصل الخميس، إذ سُجل مقتل 13 متظاهراً على الأقل، ستة في بغداد وسبعة في البصرة، وفق مصادر طبية.

وشهدت الاحتجاجات التي انطلقت في الأول من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أعمال عنف دامية أسفرت عن مقتل نحو 300 شخص، غالبيتهم من المتظاهرين المطالبين بـ"إسقاط النظام".

 

"الحياة الطبيعية"

وكان رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، المستقل الذي لا يمتلك قاعدة شعبية، فكّر أن يستقيل تحت ضغط الشارع، وفق ما يؤكد مسؤولون، قبل أن ينقلب موقفه رأساً على عقب.

ومنذ ذلك الحين، كثّف عبد المهدي بياناته واجتماعاته التي تُنقل عبر التلفزيون للقول إن الوقت حان لـ"العودة إلى الحياة الطبيعية" وتنشيط الاقتصاد، خصوصاً في جنوب البلاد الذي شلته حركة العصيان المدني.

وفي محافظة البصرة الغنية بالنفط والمنفذ البحري الوحيد للبلاد، والتي تعاني من نقص كبير في الخدمات والبنية التحتية، كانت أعمال العنف دامية.

وتجدّدت المواجهات في المدينة، ما أجبر السلطات على إعادة إغلاق ميناء "أم قصر" الحيوي لاستيراد المواد الغذائية والأدوية، بعد ساعات قليلة على فتحه.

من جهة أخرى، لا يزال وصول الموظفين إلى الدوائر الرسمية والمنشآت النفطية متعذراً بسبب الإضرابات العامة، فيما لا يزال نحو 100 ألف برميل نفطي مخصصة للتصدير، عالقة في شمال البلاد لعدم تمكن الشاحنات من الوصول جنوباً.

 

الكرسي أغلى من الدماء

وفي مواجهتهم، لا تزال السلطة التي تسيطر عليها أحزاب مقربة من إيران، صامدة.

وقال متظاهر من شيوخ عشائر بغداد رافعاً عقاله عن رأسه، وهي مسألة شرف في القانون العشائري، إن "عادل عبد المهدي يرى أن كرسيه أغلى من دماء العراقيين".

وتواصل القوات الأمنية في بغداد استخدام قنابل الغاز المسيل للدموع وأحياناً الرصاص الحي بأعيرة ثقيلة، إضافة إلى القنابل الصوتية التي تهز العاصمة حتى وقت متقدم من الليل، مذكرةً بأصوات انفجارات السيارات المفخخة التي حفظها البغداديون على مدى الأعوام الـ15 الماضية.

وقالت منظمة العفو الدوليّة إن القنابل المسيلة للدّموع التي تستخدمها القوات العراقية يبلغ وزنها 10 أضعاف وزن عبوات الغاز المسيل للدموع التي تُستخدم عادةً، وهي مصنوعة في بلغاريا وصربيا وإيران، وفق المنظمة نفسها.

وأعلنت الأمم المتحدة أن تلك القنابل أدت إلى مقتل 16 متظاهراً على الأقل من خلال اختراق الجماجم أو الصدور.

 

 

عمليات خطف

دولياً، ذكرت مفوضية حقوق الإنسان العراقية أن 23 متظاهراً قُتلوا وأُصيب 1077 بجروح خلال خمسة أيام من الاحتجاجات.

في سياق متصل، ندّد حقوقيون أيضاً بعمليات الاعتقال والاختطاف وتهديد ناشطين وأطباء من قبل جهات تؤكد الحكومة حتى الآن أنها مجهولة لها.

واغتيل ناشطان الأربعاء برصاص مجهولين في العمارة في جنوب العراق، بحسب مصادر أمنية.

وعلى الصعيد السياسي، تبدو الأمور مجمدة حتى الساعة، خصوصاً مع إعلان رئيس الوزراء عادل عبد المهدي الثلاثاء أن الحلول المطروحة حتى الآن لا تفي بالغرض، بخاصة إجراء انتخابات نيابية مبكرة.

زيارات سليماني المتكررة

ومسألة الانتخابات المبكرة كانت اقتراحاً من رئيس الجمهورية برهم صالح الذي يجري مشاورات سياسية مع كبار الزعماء في إقليم كردستان العراق.

وتركز غضب المتظاهرين الذين يطالبون بـ "إسقاط النظام" خلال الأيام الماضية، على إيران صاحبة النفوذ الواسع والدور الكبير في العراق، إلى جانب الولايات المتحدة التي لم يشر إليها المحتجون خلال التظاهرات، وهي بدورها لم تبد تفاعلاً تجاه الأزمة الحالية في البلاد.

وما أجج غضب المحتجين هو الزيارات المتكررة لقائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني اللواء قاسم سليماني إلى العراق، وتصريحات المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي عن وجود "مخططات من الأعداء لإثارة الفوضى وتقويض الأمن في بعض دول المنطقة".

ودعا المرجع الديني الشيعي الأعلى في العراق السيد علي السيستاني الجمعة إلى عدم "المماطلة والتسويف" والاستجابة الى "مطالب المواطنين وفق خريطة طريق يُتفق عليها، تُنفّذ في مدة زمنية محددة".

 

المزيد من العالم العربي