Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الحروف الكبيرة لن تغير ثروات "فيسبوك" الذي يحتاج تحولا حقيقيا

سيطرة الموقع على وسائل التواصل الاجتماعي لن تدوم وهو الاقل مناعة بين عمالقة التكنولوجيا

يعرف جمهور يفوق البليونين هذه الحروف، ما الفارق إذا كانت كبيرة؟ (رويترز)

تغيّرت حروف "فيسبوك" من صغيرة Facebook لتصبح كبيرة FACEBOOK. وتبدو إعادة صياغة العلامة التجارية استجابة كلاسيكية، عندما تواجه الشركة مشكلة تطاول سمعتها. إذ لا يأمل فالقيّمون عليها في أن يجد العملاء موقعها مختلفاً، بل يأملون في أن يحسّن هذا التغيير معنويات موظفي الشركة أيضاً. لا يحب أحد العمل في شركة تتعرض سمعتها للإساءة.

وقد أدرك المسؤولون عن "فيسبوك" أن شركتهم وقعت في مشكلة منذ فضيحة "كمبريدج أناليتيكا"، التي وضعت مؤسّسها مارك زوكربيرغ أمام استجواب الكونغرس. وقد تعاقد آنذاك مع السياسي البريطاني السابق السير نيك كليغ، في محاولة لتحسين صورته في أوروبا. قد يكون من السهل التذمّر من هذا التغيير. ومن  الممكن أن يتساءل الناس عمّا إذا كان استخدام حروف كبيرة من شأنه أن يغيّر شيئاً بالفعل. ويحدث التبديل عادة تطويراً في النموذج الراهن، سواء عبر كتابة الإسم بحروف صغيرة أو عِبْرَ إدراج حروف كبيرة عشوائياً في وسط أسماء الشركات.

لكن المشكلة الكبرى تبقى مكانها، لأنها ليست العلامة التجارية بل المحتوى. ومن قواعد التسويق الكلاسيكية أن تغيير العبوة لا يساعد كثيراً ما لم يتطوّر المنتج في داخلها. وقد لا تكون هناك حاجة إلى إجراء تعديلات كبيرة على المنتج، لكن يتعيّن تحسينه بطريقة تعطي انطباعاً بأنه بات أفضل... نوعاً ما. بذا، يمكن فهم شعار "تركيبة محسّنة جديدة" الذي يُدرج على عدد من المنتجات بدءاً من مرهم الشفاه مروراً برباط اللحام النحاسي والمشروبات الرياضية، وصولاً إلى رذاذ حفظ السجّاد وشمع السيارات.  

 

هل سيكون "فيسبوك" جديداً ومحسنّاً بالفعل؟ في ما يأتي بعض الأفكار.

 

نبدأ بالإشارة إلى أن أرباح الشركة ما زالت قوية. فقد سجلت زيادة في مبيعاتها خلال الربع الثالث من العام الماضي وارتفعت أسهمها بنسبة 5%. وحافظت في المقابل، على معظم تلك المكاسب خلال الأيام القليلة الأخيرة، علماً أن سعر السهم لا يزال منخفضاً عن مستوى الذروة الذي بلغه في يوليو (تموز) من العام الماضي قبل تفشي أنباء فضيحة "كامبريدج أناليتيكا". وتعني محافظة الشركة على عائدات قوية، أن هناك جانباً جوهرياً يتعلق بردّة فعل العملاء تجاه مشكلاتها في السمعة. وبصراحة، يبدو أنهم لا يهتمون كثيراً، أو على الأقل لا يهتمون بما يكفي للتوقف عن استخدام خدماتها.

ويشكّل العملاء أهم مجموعة المصلحة الفردية في الشركات كلها. في المقابل، ثمة آخرون، ولا سيما الهيئات التنظيمية. ويجد موقع "فيسبوك" نفسه مع عمالقة التكنولوجيا الآخرين، أمام مشكلة خطيرة في ذلك الشأن. وبالنسبة إلى السياسيين، الهدف واضح. ويعمل بيرني ساندرز وإليزابيث وارين، وهما مرشّحان من الحزب الديمقراطي إلى الرئاسة الأميركية، على اتخاذ خطوات تهدف إلى ترويض هؤلاء الكبار في عالم التكنولوجيا. وقد نشرت صفحة "بروجيكت سينديكيت" تعليقاً معمقاً عن هذا الموضوع، معتبرةً أنه يتوجب على السياسيّين أن ينظروا إلى ما هو أبعد من قانون مكافحة الاحتكار. وقد تتمثّل إحدى الطرق للمضي قدماً في ذلك، في جعل العمالقة يتقاسمون أرباحهم على نطاق أوسع، بدلاً من محاولة الحدّ منها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

على المستوى الأوروبي، هناك جانب إضافي من القلق يتمثّل في عدم قدرة الدول الأوروبية كلها على صنع عمالقة تكنولوجيا فائقة. ومن بين أفضل 10 شبكات اجتماعية عالمياً، هناك 6 شبكات أميركية تتصدّرها "فيسبوك" في المرتبة الأولى، و4 شبكات صينية. وتبدو أوروبا والهند وروسيا وغيرها من الأمكنة الاخرى،  خارج اللعبة تماماً.

لقد أوجدت الصين منافسين في شكل أساسي من خلال إبعاد الولايات المتحدة. لكن الحكومات الأوروبية لا تقدر على ذلك، أو على الأقل من الصعب رؤية كيف يمكنها تحقيق هذا الهدف حتى لو أرادت ذلك. يشكّل ذلك أمراً يتوجب على القارة الأوروبية التفكير فيه عِبْرَ طرح الأسئلة الآتية: ما الخطأ الذي نفعله به؟ (المملكة المتحدة معنية هنا بأن تكون أوروبية بامتياز)، هل هو تعليمنا؟ حوافزنا؟ بعض الجوانب غير الملموسة في مجتمعاتنا؟ وأتساءل إذا كنا لا نزال نواجه مشكلةً في بناء ما يُصطلح على تسميته "مناخ المؤسسة"، الذي نتمكن فيه من بلورة ثروة حقيقية، بدلاً من أولئك الأشخاص الذين يكسبون المال لمجرد وجودهم في المكان والزمان المناسبين. ويتوجب العودة إلى ذلك الموضوع.

لن تستمر سيطرة "فيسبوك" على وسائل التواصل الاجتماعي إلى الأبد. أعتقد أن الشركة أكثر هشاشة في ذلك الصدد، من عمالقة التكنولوجيا الفائقة الآخرين في الولايات المتحدة. ويعود ذلك إلى سببين أولهما الموضة. إذ يبدو موقع "فيسبوك" أقل تحصيناً من غيره، سواءٌ أكتُبَ بحروف كبيرة أو لا، وتصل التهمة إلى حدّ فقدان حداثته. وكذلك اعتقد أن الدافع الأكبر وراء إعادة صياغة العلامة التجارية، يأتي من الرغبة في مواجهة الشعور بأن "فيسبوك" أصبح راكداً بعض الشىء.

ويرجع السبب الثاني إلى أن كلفة الدخول إلى وسائل التواصل الاجتماعي أقل من مجالات التكنولوجيا الفائقة الاخرى. وتتمتع شركة "مايكروسوفت" بالحماية نتيجة موقعها الراسخ، وشركة "آبل" بسبب أسلوبها التقني، و"غوغل" استناداً إلى حقيقة أن محرّك البحث الخاص بها لا يزال أفضل من المحرّكات الاخرى، فيما تتميز "آمازون " بحجمها. لكن، بالنسبة إلى "فيسبوك"، لَسْتُ متأكدا. من المؤكد أن أفضل طريقة يمكن أن تحمي شركة "فيسبوك" نفسها، تتجسّد في التصرف بشكل أفضل، عِبْرَ استخدام التغيير في العلامة التجارية لإدخال تحسينات حقيقيّة على الطريقة التي تؤدي بها عملها. وكخلاصة، مطلوب صنع "صيغة محسّنة جديدة"، لكن يجب أن تكون محسّنة حقاً.

© The Independent

المزيد من علوم