Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لماذا ترفض طهران الاعتراف بحقيقة التحول في المزاج الشيعي العراقي؟

تمزيق صور خامنئي وسليماني وإحراق القنصلية في كربلاء

يكابر الإيرانيون في إنكار ملامح التحول الكبير الذي يشهده المزاج الشيعي العراقي ضد نفوذهم، ولا سيما في المدن المقدسة، مثل كربلاء والنجف.

شيعة بريطانيا

بعد ساعات من حديث المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، خرج خطيب جمعة طهران ليقول إن من يقف خلف أعمال الشغب في العراق، هم "شيعة بريطانيا"، في إشارة إلى شخصيات سياسية عراقية محسوبة على قطاع المعارضة للنفوذ الإيراني، مثل رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي.

مناهضة غير مسبوقة

منذ العام 2003، لم يسبق أن تعرضت إيران، إلى مثل هذه الموجة من الشعارات المناهضة، التي تشهدها موجة الاحتجاجات الشعبية في العراق.

وتحولت عبارة "إيران برا برا"، التي تنطوي على معنى يتعلق بضرورة طرد إيران من العراق، إلى شعار مركزي في حركة الاحتجاج، التي انطلقت مطلع أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث ظهرت في معظم مناطق وسط وجنوب العراق، ذات الغالبية الشيعية.

لم يقد الرد الإيراني على التحول الواضح في المزاج العراقي، سوى نحو إنتاج المزيد من الرفض الشيعي العراقي لسياسة التوسع والهيمنة التي تمارسها طهران في الدول التي تعتقد أنها تضم أغلبية مذهبية، تابعة لها، على غرار العراق ولبنان واليمن.

خامنئي: أعمال شغب

في تعليقه على التطورات في الدولة الجارة، يرفض خامنئي إطلاق مصطلح تظاهرات أو احتجاجات على ما يجري في العراق، بل يقول إنها أعمال شغب، ويجب على "المخلصين" أن يقوموا بمعالجتها.

ويقول إن أعمال الشغب هذه تحركها إسرائيل والولايات المتحدة والسعودية، في سياق نظرية مؤامرة على الحكم الشيعي في العراق. لكن هذه النظرية لم تعد تلقى رواجاً في أوساط الشيعة العراقيين.

باسم الشعب

تمثل الرفض الشيعي لاستمرار هيمنة طهران على العراق، في إحراق القنصلية الإيرانية في كربلاء، ومن ثم إعلان إغلاقها كلياً "باسم الشعب"، فضلاً عن حمل لافتات كبيرة تجرم خامنئي وقائد فيلق القدس في الحرس الثوري قاسم سليماني، قبل تمزيق صورهما.

كانت مشاهدة هذه التطورات تمثل حدثاً فريداً في كربلاء التي تضم مرقد الحسين بن علي، حيث يحج ملايين الإيرانيين سنوياً، لزيارة الرمز الأشد تأثيراً في تاريخ التشيع.

شارع الخميني

لم يقتصر الرفض الشيعي العراقي لإيران، على كربلاء. فالنجف، حيث مرقد علي بن أبي طالب، الأب الروحي للتشيع في العالم الإسلامي، كانت لها كلمة أيضاً، إذ خرج محتجوها إلى شارع كبير يحمل اسم الخميني، مؤسس الجمهورية الإسلامية في إيران، وغيروه ليسمى الآن "الشهداء".

اللافت أن من قام بأحداث كربلاء والنجف، هم شبان، لم يلقوا أي معارضة من مجتمع المدينتين أو رجال الدين فيهما، وهي رسالة سرعان ما تلقفها الملايين حول العراق.

عمليا، أوقفت إيران تدفق زوار العتبات الشيعية المقدسة نحو العراق، بعدما اتضح أمامها أن العراقيين الشيعة، الذين يشبهونها في المذهب، لم تعد لديهم الكثير من مشاعر الود تجاهها.

يقول مراقبون إن "إهانة" إيران في "كربلاء الحسين" و"نجف علي"، وهما الحاضرتان الشيعيتان الأهم عبر العالم الإسلامي، هو إشارة إلى إيران بأن مشروعها الذي بدأه الخميني "لتصدير الثورة"، لم يعد يعمل الآن في العراق.

افتتاحية بطعم المرارة

في تعليق يعكس مرارة الإيرانيين وهم يواجهون هذا التحول في مزاج الجمهور العراقي إزاء نفوذهم في بلاده، نشرت صحيفة كيهان الإيرانية شبه الرسمية، مقالاً افتتاحياً موقعاً باسم "بنت النجف"، في محاولة لإيهام المتلقي بأن الكاتبة عراقية، يتحدث عن خيانة شيعة العراق لإيران، التي منحتهم كل شيء، من وجهة نظر الصحيفة.

تستغرب الافتتاحية، ظهور الشعارات المناهضة لإيران في التظاهرات العراقية، وليس تلك المعادية لأميركا أو السعودية، ولا حتى إسرائيل، وهي الدول التي ترسخ في المخيال الإيراني إنها عدوة لشيعة العراق، مستذكرة بمرارة عملية إحراق القنصلية الإيرانية في كربلاء، على أيدي شبان شيعة.

تقول الافتتاحية إن "الشعب العراقي جاهل، حاقد على الدولة الوحيدة التي وقفت (معه) ضد ظلم صدام وحصار أميركا وإرهاب داعش".

المزيد من العالم العربي