Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لافتات وشعارات طريفة في احتجاجات لبنان... وحملات منظمة لدعم الحراك

لم يغب حس الفكاهة الذي يتمتّع به اللبنانيون عن تحرّكاتهم المناهضة للسلطة الحاكمة

غالباً ما تحمل الانتفاضات والثورات غضباً أو حتى عنفاً في تحرّكاتها، لتعكس مشاعر الناس ومطالبهم. وقد تكون اللافتات أو اليافطات أكثر الوسائل استخداماً في تلك التحرّكات للتعبير عن الرأي. وفي عصر وسائل التواصل الاجتماعي والاتصال الرقمي، أصبحت المنشورات الإلكترونية والصور والفيديوات مرادفاً للافتات على الساحات الافتراضية للانتفاضات الشعبية. وفي لبنان الذي اندلعت فيه، في 17 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، تحرّكات شعبية واسعة النطاق ضدّ الفساد وتردّي الأوضاع المعيشية والاقتصادية في البلاد، يشاهد المراقب على الأرض كما على الشاشات طرافة من هنا وتعليقات كسرت قساوة وجع المحتجين من هناك، إلى جانب حملات منظّمة سيقت لتشجيع المتظاهرين على مواصلة انتفاضتهم.

في الطرافة والمزاح، بحر من اللافتات في مختلف المناطق اللبنانية للتعبير عن الرفض القاطع للطبقة السياسية الحاكمة منذ نحو 30 سنة. وفي جولة ميدانية وسيبرانية، رصدنا بعضاً من أطرف الشعارات التي رُفعت في الاحتجاجات.
 

 

"أزمة ثقة"

في إحدى المناطق اللبنانية، حملت شابة ورقة كرتونية كتبت عليها "لا أحتاج وعوداً كاذبة، لدي أساساً حبيبي السابق". فعقب اندلاع الاحتجاجات وقبل استقالة رئيس الوزراء سعد الحريري، أصدرت الحكومة ورقة تضمّ سلّة بنود إصلاحية وعدت بتنفيذها، لكن المحتجين رفضوها بحجّة أن السلطة التي لم تنجز شيئاً طوال 30 سنة لن تحقّق الإصلاحات الآن، وفق رأيهم. وفي ظلّ ضعف ثقة اللبنانيين بالمسؤولين السياسيين، رفعت شابة لافتة تقول فيها "آسفة، لدي أزمة ثقة".

 

ووسط الاتهامات التي وجّهها بعض رموز السلطة، أبرزهم الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله، إلى المحتجين بتلقّيهم تمويلاً خارجياً، انطلقت على وسائل التواصل الاجتماعي فيديوات لأشخاص عاديين ومشاهير يردّد كل منهم عبارة "أنا موّلت الثورة"، لإنكار تلك التهمة ودحضها. كما انتشرت في بعض الساحات منصّات توزّع الطعام والمشروبات مجاناً، تعلوها لافتات كُتب عليها "مش من ولا سفارة"، في وقت توجّه ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي برسائل إلى سفارات يطلبون فيها تزويدهم بأنواع وكميات محدّدة من الطعام، فطلب أحدهم من سفارة اليابان تندراً إرسال السوشي للمعتصمين.

 

"بيت الشعب"... على جسر الرينغ

ومن أكثر الحركات التي أقدم عليها المحتجون إثارةً للضحك، تحويلهم الطريق العام على جسر "الرينغ" في بيروت إلى ما يشبه منزلا، ففرشوا السجاد في المكان ووضعوا فيه غرفة جلوس وبرادا وزهورا وفُرش نوم. وأكثر من ذلك، أطلقوا على المكان اسم "بيت الشعب"، العبارة التي أطلقها رئيس الجمهورية ميشال عون على المقرّ الرئاسي، وأضافوه على أحد مواقع الإيجارات على الإنترنت بكلفة أجار صفر دولار في الليلة.

وبعدما نال رئيس التيار الوطني الحر، وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل القسط الأوفر من الشتائم والانتقادات في الاحتجاجات، ذاع صيته ووصل إلى الاحتجاجات العراقية، حيث سجّل شبان مقطع فيديو يدعون فيه باسيل إلى الرحيل. كذلك انتشر بين المحتجين اللبنانيين هتاف يسألون فيه "بعدك بعدك مبسوطة؟ (أي هل ما زلت فرِحة بالعامية) "، في إشارة إلى شابة ظهرت في فيديو عند انتخاب عون رئيساً منذ ثلاث سنوات، قالت فيه إنها تبكي لأنها "مبسوطة" (فرِحة) بوصول الأخير إلى سدّة الرئاسة.

 

"أنا خط أحمر": مبادرة من أصحاب شركات

إلى جانب الكم الكبير من اليافطات والتعليقات والمطاليب، بطرافتها وألمها وجدّيتها، برزت بعض الحملات المنظّمة على مواقع التواصل الاجتماعي لدعم الاحتجاجات، من بينها مناشير تحت عنوان "حقائق عن الفساد"، تورد معلومات عن فضائح في القطاع العام، وأبرزها حملة "أنا خط أحمر". تسلسل هذه الحملة مجموعة أمور تصنّفها في خانة "الأساسيات أو المقدّسات" التي ينبغي صونها، ومن بينها "إبني، مستقبلي، صحتي، علمي، كرامتي، الثورة، أمهاتنا، آباؤنا، الفقير، الجوعان، المديون، الشعب، المال العام، الحرية" وغيرها الكثير، وتعتبرها "خطاً أحمر". وأكثر من ذلك، تدعو الحملة إلى مواصلة الاحتجاجات في سبيل الضغط على السلطة إلى حين تحقيق مطالب المحتجين.

 

وهنا يبرز السؤال: مَن يقف وراء حملة "أنا خط أحمر"؟، في حديث لـ"اندبندنت عربية"، يؤكّد المدير التنفيذي لشركة "Its communication" للإعلانات وضاح صادق أن الحملة انطلقت بمبادرة من مجموعة أصحاب الشركات "المتضرّرين من الفساد في البلد". وعن فكرة الحملة، يروي صادق "عندما كنت أتابع أنا وشريكي داني الجرّ التحركات في يوميها الأولين على محطات التلفزة، رأينا أشخاصاً يقولون زعيمي خط أحمر وطائفتي خط أحمر والمقاومة خط أحمر، أما نحن فنقول أولادنا ومنازلنا وعائلاتنا وبلدنا هم الخط الأحمر". ويوضح أنه منذ نحو سنة "بدأنا كمجموعة من أصحاب الشركات المتضرّرين من الفساد في البلد بالاجتماع معاً للبحث في سبيل للضغط على الدولة كوننا شركات توظّف عشرات آلاف الأشخاص. وجاء هذا الحراك فقرّرت مجموعة منا أن تدعمه".

وبناءً عليه، صرح صادق أنه قام مع خمسة من شركائه في تأسيس الحملة "لدعم الحراك على صعيدين: الأول تأمين الأمور البسيطة التي يحتاجها المحتجون بقدر إمكاناتنا، والثاني إطلاق هوية للحراك كمتخصّصين في هذا المجال، من هنا كانت فكرة "خط أحمر" التي نظّمناها، وبما أن الفريق التقني جاهز أساساً وبمشاركة المتطوّعين تبقى كلفة الحملة بسيطة".

 

تصويب مسار الحراك

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأكّد صادق أهمية الحملات المنظمة على مواقع التواصل الاجتماعي لدعم الحراك، قائلاً "استطعنا من خلالها تصويب مسار التحركات في أمور عدة، ومنها الشتائم التي قدنا حملة لإيقافها لأنها غير مقبولة، ولذلك لم نتعرّض في حملتنا لأحد بل تحدّثنا عن مطالب الناس والفساد وعن قوى السلطة ككل". وبينما حقّقت حملة "أنا خط أحمر" نجاحاً في الدعوة التي وجّهتها إلى المحتجين للنزول إلى ساحة الشهداء نهار الأحد 3 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، في ما عُرف بـ"أحد الضغط"، قال صادق "في المرحلة الأولى وضعنا أهدافنا التي تتلاقى مع أهداف الثورة والتي هي واقعية، وحقٌّقنا الخطوة الأولى في إسقاط الحكومة، وهدفنا التالي هو الوصول إلى حكومة أفضل من السابقة لنصل بالتنسيق مع الشباب الموجودين على الأرض إلى ما نريده جميعاً، فنحن في النهاية جزء من الناس". 

وعن إمكانية نجاح الانتفاضة اللبنانية في تغيير التركيبة والنظام السياسي القائم في لبنان منذ أكثر من 30 سنة، يؤكّد صادق أن "المعادلة في البلد تغيّرت، حتى لو توقّفت الثورة الآن فما قبلها ليس كما بعدها"، مشيراً إلى أن "الخوف انكسر لدى الناس" وإلى أن معركة التغيير "بحاجة إلى أشهر وسنوات لتحقّق أهدافها".

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي