يواصل مركز يوسف عيدابي الثقافي الذي تأسس قبل عامين جهوده في رفد المجال بالدراسات والأبحاث المتخصصة في التجربة المسرحية السودانية، سواء من خلال نشر الأعمال الفائزة بالمسابقة السنوية التي ينظمها المركز أو عبر إصدار المصنفات السيريّة الخاصة برواد المسرح المحلي والنصوص الكلاسيكية والوثائق والموسوعات وأرشيف الكتابات النقدية.
وفي هذا الاتجاه أصدر المركز الجزء الأول من " دليل المسرح السوداني" الذي يرصد عناوين النصوص وأسماء الكتّاب والمعدين والمخرجين على مدار مسيرة المسرح السوداني الحديث أو ما عرف بمسرح الجاليات في الخرطوم(1905- 1915)، وقد أعدّ الدليل الكاتب يوسف عيدابي، وهو مؤسس المركز وممول أنشطته، مشيراً إلى أنه لم يفلح في العثور على معلومات حول مسارح الأقاليم أو الهامش إلا نادراً. كما لم يتضمن الدليل تلك النصوص والعروض التي قدمتها فرق أوجماعات المعاهد والجامعات والمراكز الثقافية إلا في أقلّ القليل. ومع ذلك تضمن المسرد 810 مسرحيات للفترة من أواخر القرن التاسع عشر (1881) إلى بواكير القرن العشرين (1903) حتى الوقت الحاضر.
ومن ضمن المنشورات التي أصدرها المركز أيضا كتاب " المسرح المقاوم للاستعمار في السودان"، للباحث عبد القادر إسماعيل وهو البحث الفائز بجائزة الدورة الأولى من مسابقة يوسف عيدابي للبحث المسرحي، ويطرح البحث جملة من الأسئلة حول موقع أودور المسرح في فترة الحراك الوطني المناهض للاستعمار في السودان منذ مطلع القرن الماضي؛ وخصوصاً في الفترة التي شهدت بدايات الحراك الثقافي المحلي مع تخرج العديد من المتعلمين في المدارس والمعاهد، وتكوين الأندية والكيانات الأدبية، خصوصاً في مدينتي الخرطوم وأم درمان، والتي عمرت مسارحها ومنصاتها بالأمسيات الثقافيّة بالخطابة والمسرح والشعر وسواها من أشكال الأدب.
وقد جمع الباحث إسماعيل جملة من الإشارات والمعلومات المتناثرة، في عدد من المراجع والمصادر، ليرسم لوحة، واضحة المعالم تعكس على سطحها ملامح أوسمات الحراك المسرحي المنخرط في نهر المقاومة السياسية في تلك الفترة. وهو أعدّ جدولاً يتضمن 22 مسرحية، تواتر ذكرها في المراجع التاريخية التي تناولت تاريخ المسرح السوداني خلال فترة البحث، مع عدد من المعلومات المتعلقة بها، مبرزاً موقعها من حركة المقاومة التي انتظمت البلاد حينذاك.
وثمة إصدار جديد للباحث ذاته (عبد القادر إسماعيل) نشره المركز وهو بحثه الفائز بجائزة الدورة الثانية من المسابقة وهو بعنوان "النشاط المسرحي في نادي الخريجي بأم درمان: 1938ـ 1948". ويرصد البحث علاقة هذا النادي بالنشاط المسرحي في تلك الفترة. وهو خلص إلى أن هذا المجمع الثقافي كان بمثابة مسرح وطني، فقد استقبلت منصته العديد من العروض المسرحية من فرق الأندية الأخرى، ولكن الحيوية الفنية التي عرفها تضاءلت عقب إنشاء ما عرف بمؤتمر الخريجين.
وصدر عن المركز كتاب " تجارب ما بعد الحداثة في المسرح السوداني 1980 - 2018" للباحثة ميسون عبد الحميد التي استقصت تجليات مفهوم ما بعد الحداثة في حلول أودلالات طائفة متنوعة من عروض الفرق المسرحية المحلية المستقلة. وقد اعتمدت الباحثة على مشاهداتها إضافة إلى جملة من الحوارات التي أجرتها مع صنّاع تلك العروض، خاصة فرقة "مسرح شوف" .
إضافة إلى ما فات أصدر المركز الجزء الأول من ترجمة ذاتية لتاريخ المسرح السوداني من تأليف الفنان الرائد محمد شريف تحت عنوان "مسرح للوطن... تاريخ المسرح السوداني من 1900 إلى 1980" . ويحكي شريف عبر صفحات الكتاب سيرة " أبو الفنون" في السودان كما قرأها وعاشها، متوقفاً عند جملة من المحطات والأسماء والتجارب المسرحية المهمة التي أثرت في حياته ومساره المهني. كما يتطرق في الكتاب إلى ما أنجزه من أعمال كممثل ومخرج وناقد ومدير مسرحي.
يشار إلى أن مركز يوسف عيدابي مكرس لتطوير حركة البحث المسرحي السوداني وقد أقام جملة من الأنشطة الفكرية في الفترة الماضية بالتعاون مع منبر تجارب في المسرح القومي واتحاد الكتاب السودانيين.