Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"تجمع المهنيين السودانيين"... هل يصمد كرمز للثورة أم تعصف به الخلافات؟

نقابة الأطباء تهاجم أحمد ربيع وتعتبر أنه "يمثل هزيمة لخط الثورة"

أهالي مسؤولين من النظام السابق يتظاهرون أمام مقر الحكومة في الخرطوم للمطالبة باطلاق سراحهم (أ. ف. ب.)

على الرغم من التأييد الشعبي الواسع الذي يحظى به "تجمع المهنيين السودانيين" إثر قيادته أكبر ثورة شهدها السودان منذ استقلاله في عام 1956، أطاحت نظام الرئيس السابق عمر البشير في 11 أبريل (نيسان) الماضي بعد حكم دام 30 سنة، إلا أن تصدعاً بدأ يلوح في الأفق بسبب خلافات نشبت بين مكونات هذا التجمع حول قضايا عدة. وطرح ذلك أسئلة كثيرة حول مستقبل "تجمع المهنيين" الذي نال ثقة واحترام السودانيين الذين يعتبرونه "رمز" الثورة السودانية، فهل يصمد ويحافظ على رمزيته من خلال تجاوزه تلك الخلافات أم ستعصف به الرياح إلى المجهول؟ 

سحب الثقة

من أبرز مظاهر الخلافات، دعوة "شبكة الصحافيين السودانيين" التي تُعدّ إحدى أبرز مكونات "تجمع المهنيين"، إلى سحب الثقة من سكرتارية التجمع، مطالبةً في مذكرة موجهة إلى قيادات "التجمع" بتشكيل سكرتارية جديدة من كل الكيانات المشكِّلة للسكرتارية الحالية، فضلاً عن "تغيير مندوبي "التجمع" في المجلس المركزي لقوى "إعلان الحرية والتغيير" لفشلهم في التصدي لمهمات العمل التنظيمي والتفاوضي والقيادي".
وأشارت "شبكة الصحافيين السودانيين" إلى "ضرورة إنشاء جسم تنسيقي من ثلاثة أعضاء يتولى مسؤولية التنسيق مع ممثلي الحرية والتغيير في المجلس السيادي، ومجلس الوزراء يعمل كسكرتارية مهمتها التنسيق في المواقف بين التجمع والجهاز التنفيذي والتأكد من تنفيذ بنود الإعلان وتوفير المعلومات المطلوبة للطرفين". كما تضمنت مطالب "الشبكة" إعادة هيكلة تجمع المهنيين بما يشمل تأسيس مكاتب متخصصة في مختلف المسارات. ورأت "الشبكة" أن "هذه المطالب هي أقل ضروريات تصحيح المسار، وحماية التجمع، وتخليصه من حالة الاختطاف الراهنة، ونهوضه لتولي مسؤولياته حفاظاً على مكتسبات الثورة".
وتفاجأت الشبكة بتسريب المذكرة الداخلية في بيان جاء فيه أنه "في سابقة هي الأولى من نوعها تفاجأت شبكة الصحافيين السودانيين بتداول وسائل التواصل الاجتماعي خطاباً تنظيمياً داخلياً وجِّه إلى مجلس تجمع المهنيين وتم إيداعه لدى مجلس التجمع عبر إحدى الوسائل التنظيمية الناظمة لعملنا"، لافتةً إلى أن "الخطاب يمثل تحقيقاً للخطوة التي أعلنت عنها السكرتارية في بيان جماهيري وعدت من خلاله بطرح رؤيتها لإصلاح التجمع على النقاش داخل قنواته الرسمية". وتأسفت الشبكة لهذا الحادث الذي تجاوز أعراف وقواعد العمل التنظيمي المتبعة، موضحةً أنها لا تدري حتى الآن الجهة التي سربت الخطاب، ما سيقودها إلى تقديم طلب تحقيق رسمي في هذا الشأن.


تجاوزات واتهامات

 

من جهة أخرى، اتهمت نقابة الأطباء المنضوية تحت مظلة "تجمع المهنيين السودانيين"، قادة التجمع "بارتكاب تجاوزات والانحراف عن مسار الثورة وأهدافها"، مؤكدةً ذلك في بيان أوضح أن "قادة التجمع مكنوا نقابات النظام السابق من الاستمرار في عملهم". واتهم البيان أحد أبرز قادة التجمع أحمد ربيع الذي وقّع الوثيقة الدستورية مع المكون العسكري، بأنه "يمثل هزيمة لخط الثورة وقواها الحية ونقاباتها الحقيقية". وطالب البيان بمحاسبة ربيع وتعليق عضويته وتكوين سكرتارية جديدة.
وسبق أن اتهم ناشطون سياسيون ربيع بارتكاب تجاوزات، وذلك بالتوقيع على الوثيقة الدستورية من دون موافقة مكونات "تجمع المهنيين" الرافضة أي شراكة مع المكوّن العسكري الحالي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


هزيمة المؤسسية

تجمع المهنيين السودانيين من جانبه، أشار في بيان إلى إن "نقل الخلافات والصراع إلى الإعلام والرأي العام يخدم إضعاف الروح التحالفية وهزيمة المؤسسية التي تمثل أساس مشروع التجمع"، مبيناً أن "الخطوات المختلفة التي اتخذها التجمع منذ تأسيسه مروراً بقيادته للثورة وحتى تشكيل السلطة الانتقالية المدنية كانت تعبر عن الرؤية الجماعية والمشتركة لأجسام التجمع المختلفة". ونوّه إلى أن "الدورة التنظيمية لتجمع المهنيين وهياكله وسكرتاريته المنتخبة وفق اللائحة، تبلغ سنتين تنتهي في يوليو (تموز) 2020"، مشدداً على "ثقة التجمع في تجاوز التحديات والمضي نحو تحقيق كل أهداف الثورة، لا سيما طموحات وآمال الحركة النقابية في بناء نقابي ديمقراطي ومستقل".


خطوات تصحيحية

وقلل القيادي بتجمع المهنيين السودانيين جعفر علي في حديث إلى "اندبندنت عربية" من الصراع داخل تجمع المهنيين، معتبراً "ما حدث هو خطوات تصحيحية تحدث بشكل طبيعي وبالتالي هذا أمر ضروري وحتمي"، مؤكداً أن "ما يجري الآن داخل مؤسسات التجمع هو مجرد اختلاف في الرؤى والمنهج وليس في القضايا الأساسية والمبادئ المتفق عليها". وأوضح أن "كل مكونات التجمع تقف يداً واحدة لتحقيق أهداف الثورة ولا يمكن التفريط بسهولة في موروثات الشعب السوداني والتي يُعد تجمع المهنيين أبرزها". وزاد أن "الأدوار التي سيلعبها تجمع المهنيين ستكون أكبر خلال الفترة المقبلة، وأمامه معارك استعادة النقابات ومراقبة اداء الفترة الانتقالية، ومع ذلك نرى أن هناك ضرورة لتطوير هياكل هذا التجمع وكذلك ميثاقه، وبلا شك كل ذلك سيحدث قريباً".


مشوار التجمع

وبدأ "تجمع المهنيين" مشواره في عام 2018 بإجراء دراسات حول الأجور في البلاد ومدى كفايتها لمتطلبات المعيشة، وقدم مذكرات حول هذه القضية لأجهزة حكومية تنفيذية وتشريعية. وتحوّل مع بدء الحراك الشعبي في 19 ديسمبر (كانون الأول) 2018 المناهض لنظام الرئيس السابق عمر البشير إلى منصة لإعلان مطالبه، وقيادة الجماهير في الشوارع. وفي 25 ديسمبر (كانون الأول)، كانت الدعوة الأولى من تجمع المهنيين لتظاهرة نحو القصر الجمهوري لتسليم مذكرة لرئاسة الجمهورية تطالب بتنحّي الرئيس فوراً عن السلطة استجابةً لرغبة الشعب السوداني وحقناً للدماء. واقترح "التجمع" أنه في حال وافق البشير على التنحّي، تتشكّل حكومة انتقالية ذات كفاءات وبمهمات محدّدة ذات صبغة توافقية بين أطياف المجتمع السوداني. ونفت قياداته وجود نية لتحويل التجمع إلى كيان سياسي، مشيرةً إلى أن العديد من المهنيين هم بالفعل أعضاء في أحزاب سياسية.
ويتكون تجمع المهنيين من كيانات مهنية عدة أبرزها لجنة أطباء السودان المركزية، وتحالف المحامين الديمقراطيين، وتجمع أساتذة الجامعات، وشبكة الصحافيين السودانيين، ولجنة المعلمين.
وبدأ السودان في 21 أغسطس (آب) الماضي، مرحلةً انتقالية تستمر 39 شهراً، تنتهي بإجراء انتخابات يتقاسم خلالها السلطة كل من المجلس العسكري (المنحل)، وقوى إعلان الحرية والتغيير، قائدة الحراك الشعبي.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي