Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الاجتماع الأول للجنة الدستورية السورية... لا مصافحة بين ممثلي النظام والمعارضة

وصف المبعوث الأممي اللحظة بـ"التاريخية" بعد ثماني سنوات على النزاع الدامي

المبعوث الدولي الخاص إلى سوريا غير بيدرسون متوسّطاً رئيس وفد المعارضة السورية هادي البحرة (إلى اليمين) ورئيس وفد النظام  أحمد الكزبري (أ.ب.)

بعد مرور أكثر من ثماني سنوات على اندلاع الحرب السورية التي مزّقت البلاد، انطلقت أعمال اللجنة الدستورية المؤلفة من ممثلين عن حكومة النظام والمعارضة والمجتمع المدني في جنيف اليوم الأربعاء، ليبدأ بذلك مسار التفاوض حول مراجعة الدستور، في خطوة وصفتها الأمم المتحدة بـ"لحظة تاريخية"، عجز فيها رئيسا لجنتَيْ النظام والمعارضة عن مصافحة بعضهما.

وتأمل الأمم المتحدة والقوى الدولية في أن يمهّد عمل اللجنة الطريق أمام تسوية أوسع للنزاع، بعدما فشلت جولات التفاوض سابقاً في تحقيق أي تقدم. ولن تكون مهمة اللجنة التي لم تحدّد الأمم المتحدة سقفاً زمنياً لعملها، سهلة، بإقرار الأمم المتحدة والوفود أنفسها، في ظل تباين وجهات النظر بين الحكومة والمعارضة من جهة، ونسبة الأصوات المرتفعة التي يجب توفّرها لتحقيق أي تعديل أو تغيير.

وانطلقت أعمال اللجنة ظهر الأربعاء خلال جلسة افتتاحية ترأسها المبعوث الدولي الخاص إلى سوريا غير بيدرسون، بحضور الأعضاء الـ 150 للجنة الممثلين بالتساوي للحكومة والمعارضة والمجتمع المدني، بغياب ممثلين عن الإدارة الذاتية الكردية التي فرضت سيطرتها على أراض واسعة شمال شرقي البلاد. ويُفترض أن تبدأ لجنة مصغرة من 45 عضواً موزّعين بالتساوي بين الوفود الثلاثة عملها على مراجعة الدستور.

"لحظة تاريخية"

وفي كلمة ألقاها وهو يتوسّط رئيسي وفدي الحكومة أحمد الكزبري والمعارضة هادي البحرة، قال بيدرسون "إنها لحظة تاريخية، لأنه للمرة الأولى، يجلس 50 مرشحاً من الحكومة و50 مرشحاً من المعارضة وجهاً لوجه" بهدف "إنجاز مهمة كبيرة، ألا وهي إيجاد ترتيبات دستورية جديدة لسوريا، ما يفتح المجال أمام فرصة جديدة" للبلاد.

وخاطب بيدرسون أعضاء الوفود، قائلاً "المهمة التي ستباشرونها هي مهمة تاريخية، وهي وضع عمل مؤسّس، عقد اجتماعي للسوريين بعد قرابة تسع سنوات من الصراع العنيف والمعاناة والانقسامات وغياب الثقة". ورأى أن "عملية الإصلاح الدستوري تشكّل مدخلاً جيداً لتضميد الجراح".

وفشلت كل جولات التفاوض السابقة التي قادتها الأمم المتحدة في تحقيق أي تقدّم على طريق تسوية النزاع بسبب تباين وجهات النظر بين وفدي النظام والمعارضة والقوى الدولية الداعمة لهما، إلاّ أنّ انطلاق عمل اللجنة الدستورية يحظى بدعم دولي كبير، وفق ما أكّد بيدرسون مطلع الأسبوع.

دعم روسي وإيراني وتركي

وانبثقت فكرة تشكيل هذه اللجنة من مؤتمر عقدته كل من إيران وروسيا، الداعمتين لدمشق، وأنقرة الداعمة للمعارضة، في إطار محادثات أستانا التي طغت خلال العامين الماضيين على مسار جنيف، وأبرمت بموجبها اتفاقات عدّة لوقف العمليات القتالية في مناطق لا تزال خارج سيطرة قوات النظام السوري.

وحرص وزراء خارجية الدول الثلاث على الحضور إلى مقر الأمم المتحدة في جنيف عشية انطلاق عمل اللجنة الدستورية، للتأكيد على دعمهم للأطراف السورية ودعوتهم المجتمع الدولي إلى تقديم الدعم المطلوب للجنة كونها "الخيار الأخير المتاح" من أجل تسوية النزاع.

وبحسب ميثاق تشكيلها، يعود للجنة أن "تراجع دستور عام 2012... وأن تقوم بتعديل الدستور الحالي أو صياغة دستور جديد"، على أن يتم بموجب الدستور الجديد، الذي يعود إقراره إلى الشعب السوري عبر الاستفتاء، إجراء انتخابات جديدة بإشراف الأمم المتحدة.

ولم تحدّد الأمم المتحدة إطاراً زمنياً لإنجاز عمل اللجنة التي تتّخذ قراراتها بالتوافق أو بغالبية 75 في المئة من الأصوات، ما من شأنه أن يضمن عدم فرض أي طرف إملاءاته على الآخر. ويخشى محللون أن تؤدي نسبة الأصوات المطلوبة هذه إلى شلّ قدرة اللجنة على اتخاذ أي إجراءات أو قرارات.

دمشق تندّد بـ"الاحتلال"

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقال رئيس وفد الحكومة أحمد الكزبري في كلمته إن الدستور الحالي الذي أُقرّ عام 2012 "يُعدّ دستوراً عصرياً بلا أدنى شك، إلاّ أنّ ذلك لا يمنعنا نحن السوريين من أن نجتمع بغرض النظر في إمكان إجراء أي تعديل عليه أو تغييره ووضع دستور جديد".

وكان وزير الخارجية السوري وليد المعلم أوضح قبل أسابيع أنه بمجرد تعديل مادة واحدة من الدستور الحالي، "سنكون أمام دستور جديد".

وأضاف الكزبري "حربنا ضدّ الإرهاب خضناها قبل اجتماعنا ونخوضها أثناء اجتماعنا وسنخوضها بعد اجتماعنا حتى تحرير آخر شبر من أرض وطننا الغالي"، معتبراً أنّ "أي وجود لقوات محتلة على أرضنا وسطو على موارد بلدنا واستمرار في فرض الإجراءات القسرية أحادية الجانب، من شأنه أن يهدّد المسار السياسي برمته، إضافةً إلى تعارضه مع الشرعية الدولية"، ومشيداً بالجيش السوري و"تضحياته وبطولاته".

المعارضة تنشد العدالة

وتنطلق اجتماعات اللجنة الدستورية عقب أحداث ميدانية غيّرت خريطة التحالفات في شمال شرقي سوريا، حيث انتشرت خلال الشهر الحالي القوات الحكومية، التي تسيطر أساساً على نحو ستين في المئة من مساحة البلد، في مناطق سيطرة القوات الكردية. وجاء ذلك إثر هجوم تركي توقّف لاحقاً بموجب اتفاقين منفصلين أبرمتهما أنقرة مع واشنطن وروسيا. وتشارك دمشق في المحادثات من موقع قوة، وفق محللين، بخلاف المعارضة التي خسرت الكثير من الدعم الدولي الذي كانت تحظى به وبات وجودها على الأرض يقتصر على فصائل موجودة في شمال غربي البلاد وأخرى موالية لتركيا وتقاتل إلى جانبها.

رئيس وفد المعارضة هادي البحرة قال من جهته "لقد آن الأوان لنؤمن بأن النصر في سوريا هو كل شيء عن تحقيق العدالة والسلام، وليس الفوز في الحرب"، مشدّداً على ضرورة أن "نعضّ على جروحنا... ونبدأ بالاستماع لبعضنا بعضاً لفهم مخاوفنا وتحديد المشتركات في ما بيننا لتعزيزها وتحديد نقاط الخلاف لإيجاد طرق لحلها"، ومقراً في الوقت ذاته بأنّ المهمة "صعبة وبأنّ هذه مجرّد نقطة انطلاق على طريقنا الطويل نحو التعافي".

ولم يصافح رئيسا اللجنة بعضهما في نهاية المراسم التي استمرت 45 دقيقة.

وتشهد سوريا منذ مارس (آذار) 2011 نزاعاً دامياً تسبّب بمقتل أكثر من 370 ألف شخص وأحدث دماراً هائلاً في البنى التحتية وأدى إلى تهجير وتشريد أكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها. وتأمل الأمم المتحدة في أن ينعكس إحراز التقدم في عمل اللجنة على جوانب أخرى يتضمّنها القرار الدولي 2254 الصادر نهاية عام 2015، لا سيما إجراء انتخابات تحت إشراف الأمم المتحدة وفقاً للدستور الجديد وحلّ قضية المفقودين والمعتقلين والمخفيين قسراً.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي