Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

عملية قتل زعيم داعش نجحت... لكن الحرب ضد التنظيم لم تنته بعد

البغدادي ترك خلفه منظمة عالمية قادرة على التوسع وتهديد الغرب

أبو بكر البغدادي جعل توسع داعش عالمياً هدف حملته هذا العام (أ.ب)

شكلت دعوة وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو إلى عقد اجتماع استثنائي بعد أسبوعين في واشنطن لوزراء خارجية دول التحالف ضد داعش، إدراكاً واقعياً بأن مقتل أبو بكر البغدادي، زعيم تنظيم داعش الأحد الماضي، لا يعني هزيمة دائمة لهذا التنظيم الإرهابي، وأن الأمر يتطلب تطوير الخطط والاستراتيجيات اللازمة لمواصلة العمل على المستوى الدولي لتدمير بقايا داعش حول العالم، خصوصاً في ظلّ تحذيرات عدّة  صدرت من مراكز بحثية واستراتيجية في الولايات المتحدة بأن البغدادي ترك خلفه منظمة عالمية قادرة على التوسع وتهديد الدول الغربية، بعدما وجد التنظيم موطئ قدم له في أكثر من 20 بلداً حول العالم، إضافةً إلى تحذيرات أخرى بإمكانية انبعاث داعش في سوريا والعراق.

داعش باقية

بعدما خسر تنظيم ما يُسمى "الدولة الإسلامية" داعش جميع الأراضي التي سيطر عليها في العراق وسوريا ربيع هذا العام، قُتلَ زعيمه أبو بكر البغدادي في الخريف، لتحقق الولايات المتحدة والرئيس دونالد ترمب نصراً مهماً، لكنه ليس سوى معركة واحدة وليست نهاية الحرب التي بدا لمراكز البحوث والاستراتيجية في واشنطن أنها لن تضع أوزارها قريباً لأسباب عدّة، أبرزها أنّ الدواعي التي ساعدت داعش في الظهور وكسب الأراضي في هذه المنطقة، ما زالت قائمة حتى الآن، كما أن البغدادي نجح خلال الأشهر الـ 18 الماضية، في ترسيخ توسع التنظيم إلى مناطق وأقاليم بلغت أكثر من 20 دولة حول العالم.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

التنظيم يتوسع

وكشفت دراسة لمعهد دراسات الحرب الأميركي أن داعش أضاف أربع مناطق جديدة، فيها جماعات منتسبة إليه في كل من تركيا والهند وباكستان ووسط أفريقيا خلال الفترة بين أبريل (نيسان) ومايو (أيار) 2019، وأن هذا التوسع تَرَسَّخ وقت وفاة البغدادي، بما سيجعل خليفته قادراً على مواصلة عددٍ كبيرٍ من العمليات الإرهابية حول العالم ضد المصالح الغربية على الأرجح.

ووفقاً للدراسة التي أعدها ثلاثة باحثين هم جينيفر كافاريلا وبراندون والاس وكيلين فورست، فإن البغدادي جعل توسع داعش عالمياً هدف حملته هذا العام. ففي رسالته الثانية والأخيرة التي سجلها عبر الفيديو وبُثت في أبريل الماضي، ألقى الضوء على أولوية توسع داعش حول العالم وامتدح هجماته المدمرة في الخارج ومنها تفجيرات عيد الفصح في سريلانكا، وأنكر هزيمته في العراق وسوريا، وقدم نفسه باعتباره القائد الميداني لحركة الجهاد العالمية.

إحياء دولة الخلافة

أرسل فيديو البغدادي رسائل لأتباعه بأن نشوء دولة الخلافة والدفاع عنها في سوريا والعراق، عزز القدرة على إحداث طفرة عالمية تهدف إلى تأسيس دولة سلفية جهادية ذات هيئة سياسية دينية واحدة تحكم جميع الأراضي الإسلامية، وفقاً للدراسة الأميركية. 

ووقت مقتل البغدادي، كان لداعش موطئ قدم فاعل ونشيط في 14 إقليماً، وجميع المنتسبين إليها جددوا علانية تعهداتهم بالولاء للتنظيم، في حين أن بعض الأقاليم الأخرى ظل ساكناً في سُبات عميق من دون نشاط، ما يشير إلى نجاح عمليات مكافحة التنظيم أو إلى أن داعش سعى إلى إعادة رسم أولوياته.

سرطان ينتشر

وأوضحت الدراسة أن داعش يعمل بنشاط في العراق وسوريا وتركيا واليمن وليبيا وشمال سيناء في مصر، وإقليم القوقاز في روسيا وإقليم خورستان بأفغانستان، وفي الفلبين وباكستان والهند والصومال، كما أنه موجود بشكل غير نشط في موزمبيق وجمهورية الكونغو الديمقراطية ونيجيريا ومالي والنيجر وتشاد والجزائر وبوركينا فاسو والكاميرون.

وحذر معهد الحرب الأميركي في دراسته من أن انتشار التنظيم كالسرطان، ينذر بشن هجمات جديدة وبقدرته على توفير مصادر مالية من شأنها أن تساعد في انبعاث داعش مرة أخرى في سوريا والعراق.

وأشارت الدراسة إلى أن لجنة الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب حذرت في يوليو (تموز) الماضي من أن داعش يعمل على إعادة استثمار قدراته بما يمكنه من شن هجمات دولية معقدة، وأن أربعة أقاليم يوجد فيها التنظيم، مكّنته من تنفيذ عمليات إرهابية ضد الغرب، واستخدم فرعه في أفغانستان في التخطيط لشن هجمات في الولايات المتحدة بداية عام 2016، كما ساعد فرعه في ليبيا في دعم الهجمات التي وقعت في أوروبا عام 2017، وارتبط فرع داعش الجديد في الصومال بهجوم وقع في إيطاليا عام 2018، وخطط فرعه في الفلبين لشن هجمات ضد المملكة المتحدة العام الماضي.

نقطة تحول

وقد تمثل وفاة البغدادي نقطة تحوّل في العلاقة بين تنظيمي داعش والقاعدة، ويُتوقع أن تسعى هذه الأخيرة إلى تجديد محاولاتها لاستعادة زعامة ما تصفه بالجهاد العالمي عبر السعي إلى تحصيل مكاسب محلية في أقاليم داعش وتجنيد عدد من عناصره حول العالم، كما قد تتجه إلى الاندماج مع داعش في تنظيم واحد.

وعلى الرغم من أن البغدادي رفض من قبل وساطة لوقف النزاع مع القاعدة والبدء في تعاون أكبر بينهما عقب عام 2014، إلاّ أنّ من سيخلفه قد يكون راغباً أكثر في توحيد التنظيمين تحت لواء واحد، وقد يكون وجود البغدادي لأشهر عدة في محافظة إدلب التي يسيطر عليها تنظيم القاعدة مؤشراً إلى أنه ربما كان أعاد النظر في إقامة علاقة تعاونية مع القاعدة.

 سوريا والعراق

ويخشى كثيرون من الباحثين في واشنطن من عودة داعش إلى الانبعاث من جديد في سوريا والعراق، حيث إن البنية التحتية المجزأة التي عززها البغدادي خلال الأشهر الماضية يمكن أن تضمن استمرار قدرة داعش على الانبعاث، ولو ببطء في سوريا.

ويقول تشارلز ليستر، مدير برنامج مكافحة التطرف والإرهاب في معهد الشرق الأوسط إن انبعاث داعش يظل حاضراً في العراق، وفي سوريا بسبب إمكانية اندلاع اشتباكات وصراعات تركية كردية، وعربية كردية في شمالها، كما أن مقتل البغدادي في محافظة إدلب التي يسيطر عليها تنظيم القاعدة والتي عاش فيها مع أحد قادة تنظيم حراس الدين، المنتسب للقاعدة، يزيد على تعقيد المشهد، ويؤشر إلى أن خطراً إرهابياً عالمياً داهماً يتمثل في بقايا داعش وامتداد نشاطه للتعاون مع تنظيم القاعدة.

هل يتفكك داعش؟

على جانب آخر، اعتبر إتش. آي. هيليير الباحث في المجلس الأطلسي، أن تنظيم داعش ربما لن يزول ببساطة، فمنذ عانى من انتكاسات أفقدته الأراضي التي سيطر عليها في سوريا والعراق، تغيرت "الدولة الإسلامية" التي أطلقها البغدادي من الداخل وظهرت فصائل مختلفة وجماعات منتسبة له حول العالم، لكنها تركز بشكل أكبر على أولوياتها واهتماماتها المحلية، وأن هذه العملية التحولية ما زالت مستمرة حتى الآن، ومن المحتمل أن يؤدي مقتل البغدادي إلى التسريع منها، وقد يعني ذلك أن أعضاء تنظيم داعش قد يتخلوا عن انتسابهم لها، وقد ينضموا إلى جماعات إرهابية أخرى، كما قد تتجزأ الجماعات المنتسبة  لداعش لجماعات عدة أخرى مختلفة بشكل كامل، ولهذا، فإن كل الاحتمالات مفتوحة.

الخطر في الدعاية الأيديولوجية

لكن ما يخشاه هيليير، هو أن العوامل التي صنعت داعش ما زالت قائمة، فالدعاية الأيديولوجية للجماعة التي تُعد بمثابة زواج عصري بين نوعين من التفسيرات الدينية أي الزواج بين الإسلام الراديكالي والصوفية الخالصة، ما زالت تتمتع بعدد من المعجبين والمشجعين، وهي تُعتبر أشبه "بالحركة المسيحية الإيجابية" التي دعمها وشجعها الرايخ الثالث في عهد ألمانيا النازية والتي كانت خارج التقاليد المسيحية المعترف بها.

لكن "المسيحية الإيجابية" ماتت في النهاية، ليس فقط بسبب رفض الكنائس المسيحية لها وإنما أيضاً لأنه مع نهاية النازية كنظام حكم، فقدت "الحركة المسيحية الإيجابية" مصدر دعمها، ووجد النازيون الجدد أنفسهم يتسللون إلى الانخراط في المجتمع عبر وسائل أخرى.

ولهذا عبّر هيليير عن أمله في أن يتمكن العالم الإسلامي ومؤسساته الدينية من معالجة الأسس الفكرية لتنظيم داعش عبر وضع أسس تعليمية تمنع هذا التنظيم من تجنيد مزيد من الشباب في صفوفه، وأنه من المهم أن تكون المؤسسات الدينية جاهزة بشكل فاعل لمواجهة ساحتَيْ مكافحة التطرف والإرهاب.

اقرأ المزيد

المزيد من تحلیل