Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

 الانتخابات المبكرة لا تربك حزب العمال وحده

يعتقد بعض وزراء حزب المحافظين أنّ التصرف الذي يليق برجال الدولة يقضي بالعمل في أوقات إضافية خارج دوامهم العادي من أجل ضمان تأييد البرلمان لاتفاق الانسحاب، مهما طال الأمر

زعيم حزب العمال جيريمي كوربين خلال جلسة مناقشة في البرلمان البريطاني (أ.ب)

قضى بوريس جونسون داخل حفرته المجازية.

لكن كان الأمل يحدوه بألا يلاحظ  أحد اعتراف الحكومة بأنه سينكث بوعده بقيادة انسحاب المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي بحلول 31 أكتوبر (تشرين الأول). لذلك أطلق اقتراحه المدوي بإجراء انتخابات عامة في 12 ديسمبر (كانون الأول) الذي كان بمثابة  ألعاب نارية عملاقة تحجب ما عداها.

ظنّ فريق بوريس أنّ الحزب الأسكتلندي الوطني والديمقراطيين الأحرار  سيبتلعا الطعم مما يضع بالتالي ضغطاً عظيماً على العمّال فيضطرون إلى السير على خطاهم. ويحتاج جونسون إلى أصوات نحو 150 نائب من المعارضة كي يؤمن الـ 434 صوتاً التي  يشترط قانون البرلمان ذي المدة المحددة توفّرها من أجل تنظيم انتخابات.

لكن الحزب الأسكتلندي الوطني والديمقراطيون الأحرار لم يبتلعا الطعم. أما حزب العمّال فلم يغير تصرفه المعهود وما زال بالتالي على الحياد لكن من المرجح أن ينضم إلى أحزاب المعارضة الأخرى ويرفض دعم انتخابات مبكرة.

حاول جونسون إغراء جيريمي كوربين عبر وعده بتنظيم انتخابات بعد بريكست في حال وافقت المعارضة على جدول زمني من أجل تمرير القانون الذي سيتيح له تنفيذ صفقته بحلول 6 نوفمبر (تشرين الثاني). لكن مدة الأسبوع التي عرضها كوقت إضافي ليست بالكرم الذي تبدو عليه لأن الاتفاق المعقد يستحق المزيد من الوقت من أجل التدقيق فيه.  

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأنا واثق من أنّ فريق جونسون يفضل تنظيم الانتخابات قبل بريكست مع أنه لا يعترف بذلك. وحتى لو قبل كوربين عرضه، لكان باستطاعة جونسون أن يسحب مشروع قانون اتفاق الانسحاب قبل الانتخابات إذا نجح النواب في إدخال  تعديلات كريهة برأيه مثل الاتحاد الجمركي. وسيسمح له تنظيم انتخابات قبل بريكست باستخدام رواية "البرلمان ضد الشعب" وإذا رُدّ طلبه يوم الإثنين المقبل بتنظيم انتخابات، سيكون ذلك الحلقة الأخيرة في روايته تلك.

يثق حلفاء جونسون أن الناخبين المؤيدين للانسحاب من الاتحاد الأوروبي بسبب إرجاء تنفيذ بريكست. ولا تفيد العينات المنتقاة لتمثيلهم في مشاريع تقصي آرائهم بأن حزب بريكست الذي يتزعمه نايجل فاراج سيستفيد باعتبار أن معظم الناخبين سيلومون البرلمان.

لكن بما أنّ الصفقة أصبحت موجودة ومضمونة، من الصعب القول بأنّ الانتخابات تصب في المصلحة العامة. لأنّ المصلحة العامة ومصلحة المحافظين أمرين مختلفين.

وعلى الرغم من أن بعض الوزراء يفضلون السير قدماً بمشروع القانون ويتوقعون الحصول على مكافأة انتخابية في وقت لاحق لقاء "تنفيذ بريسكت"، يعرف جونسون حق المعرفة أنّ الناخبين لا يعبرون دائماً عن امتنانهم. ففي النهاية، فاز بطله ونستون تشرشل بالحرب ثم خسر انتخابات العام 1945، بسبب قضايا الخدمات العامة والمساواة التي سيودّ كوربين أن تتمحور حولها الانتخابات المقبلة.

يواجه كوربين معضلة هائلة. أعتقد أنه يرغب بتنظيم انتخابات بكل صدق ويؤمن بقدرته على تكرار سحر حملته في العام 2017 التي بدأت أيضاً بتراجع للحزب في استطلاعات الرأي. لكن معظم نواب حزبه يخشون من خسارة مدوّية في مسابقة يطغى عليها بريكست ويمكن أن يفضحوا الانقسام العميق في صفوف حزب العمّال عبر تصويتهم ضد تنظيم انتخابات إذا فرض عليهم أن يدعموها. ويشترك العديد من وزراء حكومة الظل في هذا القلق حيال الانتخابات المبكرة، ومن هؤلاء جون مكدونال الذي سيترأس حملة حزب العمال الانتخابية عندما يحين الوقت.  

إن حزب العمّال حالياً أشبه  بسفينة تعيسة. فالانقسام حول  توقيت الانتخابات يعكس اصطفافات مألوفة ويتكرر في مواضيع أخرى. وعصبة إخوان كوربين المتضائلة والتي تضم مثلاً جون تريكيت وريتشارد بورجون وإيان ليافري تدعم علناً تنظيم انتخابات مبكرة، مما يعكس رأي كوربين الخاص. بينما يبدو الآخرون أشدّ حذراً. ومشكلة حزب العمّال طبعاً أنه لا يستطيع القول بأن فكرة الانتخابات سيئة لأنه سيخسرها.

وتمرّد نواب العمال يعني على الأرجح أن كوربين سيعارض الانتخابات المبكرة بحجّة أنّ جونسون لم يستبعد بشكل قطعي الخروج دون اتفاق يوم 31 يناير (كانون الثاني) أو 31 ديسمبر (كانون الأول) 2020 (أي عند نهاية الفترة الانتقالية). وسيصعب على كوربين أن يروّج لهذه الرسالة بعد تأجيل الإتحاد الأوروبي لموعد الخروج منه في 31 أكتوبر (تشرين الأول) وزوال خطر الخروج من الاتحاد الأوروبي بلا اتفاق أثناء حملة انتخابية.

 على الرغم من أنهم لا يستقطبون الضجة الإعلامية نفسها التي تخصص لانقسام حزب العمّال، غير أنّ المحافظين منقسمون أيضاً حول موضوع الانتخابات. ويعتقد بعض وزراء حزب المحافظين أنّ التصرف اللائق برجال الدولة يقضي بالعمل في أوقات إضافية  خارج دوامهم العادي من أجل ضمان تأييد البرلمان لاتفاق الانسحاب، مهما طال الأمر. لكن في المقابل، هدّد جونسون من جديد بإلقاء ألعابه خارج عربة الأطفال من خلال توقيف مشروع القانون والإضراب البرلماني، وذلك إذا لم يقبلوا بموعد الانتخابات الذي يريده. وهو يزعم أنه لدينا بالفعل "برلمان ميت حيّ" ولكن للمفارقة الغريبة يحتفل في الوقت نفسه أيضاً "بصفقة يوافق عليها البرلمان". أُقرت  القراءة الثانية لمشروع القرار بأغلبية قدرها 30 صوتاً. فيما فاز خطاب الملكة بموافقة النواب بأغلبية  16 صوتاً يوم الخميس. لا يبدو هذا البرلمان "ميتاً" كما اعتبره النائب العام جيفري كوكس.

إذا قرر جونسون الإضراب فستتحول حكومتنا إلى حكومة أحياء- أموات ولن يسر هذا القرار الناخبين. لن يحصل هذا الأمر وها هي رئاسة الوزراء قد بدأت بالتراجع.

إن كان جونسون يؤمن فعلاً "بصفقته الجديدة العظيمة" فسيعرضها على البرلمان كي يعاينها وفق الإجراءات المرعية ثم يفكر بالانتخابات في الربيع المقبل. وعلى أحزاب المعارضة أن تسمح له بتنظيمها ولكن ليس قبل ذلك الوقت.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من آراء