Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"عض أصابع" بين عون والحريري والعقدة باسيل

رئيس الجمهورية وصهره يقدمان فتح الطرقات على أي تفاوض جدي

يمارسون اليوغا على قارعة الطريق (أ.ف.ب)

لم تحمل بداية الأسبوع الثاني على انتفاضة الشعب اللبناني ألا مزيداً من التأزم بين أفرقاء الحكم، ولا سيما على جبهة رئيس الجمهورية ومعه وزير الخارجية جبران باسيل، ورئيس الحكومة، على خلفية عدم الاتفاق على حل يلبي تطلعات الشارع، ويحفظ ماء العهد، بعد الانتقادات الشديدة التي وجهها المتظاهرون الى الفريق السياسي لرئيس الجمهورية ورئيس التيار الوطني الوزير باسيل تحديداً. وقد بدأ هذا الخلاف يتكشّف أكثر على خلفية الاشتباك الحاصل حول الحكومة العتيدة التي ستشكل بعد استقالة الحكومة الحالية. وتشكل مشاركة باسيل في الحكومة المقبلة عقدة أساسية، في ظل رفض الشارع أي من الوجوه السياسية المطالبة بالخروج من السلطة، فيما يتمسك رئيس الجمهورية بتوزير صهره باسيل في أية الحكومة جديدة، يكون الحريري رئيسها. ووصلت الامور الى حد إعلان احد الصحافيين المقربين من حزب الله أن الرئيس عون طالب استقالة قائد الجيش أيضاً عندما ألمح الحريري الى ضرورة تنحي باسيل. ولكن عاد ونفى مقرب من باسيل هذا الكلام.

المراوحة

وبحسب ما كشفت "اندبندنت عربية" أول من أمس، فقد وضع الرئيس عون أمام الحريري خيارين، إما أن يبقى هو وباسيل في الحكومة معاً أو يرحلا معا. وبمعنى آخر أن لا حكومة جديدة برئاسة الحريري لا تضم باسيل من ضمن مكوناتها. وإذا كان المبرر هو حكومة تكنوقراط، فخروج باسيل سيعني حكماً خروج الحريري واختيار شخصية سُنية من التكنوقراط لرئاسة الحكومة. ما يعني عملياً سقوط التسوية السياسية التي أوصلت عون الى القصر (الجمهوري) في بعبدا والحريري الى السرايا. 

وحتى أولى ساعات الليل، كان المشهد السياسي لا يزال يدور في دائرة المراوحة وسط معلومات متناقضة حول عزم الحريري على إعلان استقالة حكومته. 

وكشفت مصادر سياسية بارزة لـ"اندبندنت عربية" أن عقدة تمثيل باسيل ليست العقبة الوحيدة، إذ تبرز عقدة أخرى تتمثل في الخلاف العميق بين الحريري وباسيل حول الخيارات الأخرى المتاحة أمام السلطة السياسية لمواجهة الحركة الاعتراضية في الشارع. ففي الوقت الذي يصر رئيس الحكومة، مدعوماً ضمنياً من قائد الجيش، على حماية المتظاهرين في إطار حماية الحق في التعبير السلمي، يتمسك باسيل باللجوء الى الخيار الأمني الرامي الى استعادة الحياة الطبيعية ورفع المتظاهرين من الشارع من خلال الجيش والقوى الأمنية. 

وقد أدى هذا الكباش الجديد الى تباين بين رئيس الجمهورية وقائد الجيش، بعدما هدد رئيس الجمهورية باللجوء الى استعمال صلاحياته كقائد اعلى للقوات المسلحة، بما يعني عملياً تهديداً مبطنا لقائد الحيش بإقالته من منصبه. 

وفيما يستمر الكباش السياسي على أشده، وسط عملية عض أصابع، فرضها حال التخبط السائد على الساحة السياسية، بدا المشهد الاقتصادي والمالي أكثر خطراً، في ظل التصريح الذي ادلى به حاكم المصرف المركزي رياض سلامة الى شبكة السي أن أن الأميركية أمس، وفيه أن أياماً قليلة تفصل لبنان عن الانهيار إذا لم يبادر المسؤولون الى معالجة الأزمة المستجدة. علما أن الحاكم عاد ونفى هذا الكلام.  

وكان رئيس الحكومة التقى حاكم المركزي وثم وزير المال علي حسن خليل في إطار متابعة الوضعين المالي والنقدي، ومدى قدرة المالية العامة على الصمود في وجه الوضع الراهن، علماً أن وزير المال كان أعلن عن آلية لدفع رواتب موظفي القطاع العام، فيما طمأنت المصارف زبائنها الى قدرتها على الاستمرار في تلبية زبائنها عبر آلات السحب الإلكترونية التي سيتم من خلالها دفع الرواتب، وأنها لن تعود الى فتح أبوابها قبل ان تستقر الأوضاع في البلاد، وهذا الأمر تم بالتنسيق مع السلطات النقدية والسياسية على السواء. 

المخاطر المالية

لكن في المقابل، لم تخف مصادر مالية خشيتها من تفاقم الوضع في ظل استمرار العجز عن معالجة الوضع الحكومي والاستجابة للشارع، متسائلة كيف يمكن القوى السياسية أن تتعارك في ما بينها حول موقع وزاري، فيما البلاد تنهار باقتصادها وماليتها العامة؟ وليس من يولي هذا الموضوع أي أهمية رغم مخاطره الكارثية على البلد وعلى أبنائه. وإذ أشارت الى أن الرئيس الحريري يعمل على خط الحل السياسي وعلى ترجمة خطاب رئيس الجمهورية الداعي الى إعادة النظر في الوضع الحكومي، لفتت الى أن المعالجات الجارية لا ترقى الى مستوى المخاطر الداهمة على هذا الصعيد، فيما البلد في عجز عن تحمل المزيد من الانتظار وهدر الوقت، وانه لا بد من مقاربة توازن بين صرخة الناس وبين ما يمكن أن تقدمه السلطة في المقابل، خصوصاً وان الشارع حافظ على سلمية تحركه، فيما السلطة لم تقدم بعد على أي خطوة تلاقي تطلعات الناس. بل على العكس تسعى الى ذَر الفتنة بين المتظاهرين، وحرف النظر عن أحقية المطالب عبر تحميل المتظاهرين مسؤولية إقفال الطرق.

وقد بدأت الازمة الاقتصادية والشلل الاقتصادي الناجم عن استمرار المواجهة في ظل استمرار الاقفال والإضرابات والتظاهرات تتفاقم بما ينذر بمخاطر داهمة لن يكون بمقدور السلطة او المتظاهرين تحمل تبعاته. 

وفي هذا السياق، كشفت  اوساط بيت الوسط ان اولوية رئيس الحكومة تقضي في منع الانزلاق الى اي مواجهات بين المتظاهرين والقوى الأمنية، والعمل على إنقاذ الاقتصاد، وهو اتخذ قرارا حازما بعدم الانجرار الى مواجهات مع حفظ حق المتظاهرين في حراكهم السلمي. 

المزيد من العالم العربي