Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أردوغان يبتز أوروبا بـ3.6 مليون لاجئ لتجنب اتهامه بغزو سوريا

الاتحاد الاوروبي مسؤول عن إنهاء صفقته مع زعيم تركيا

الرئيس التركي رجب طيب أردوغان خلال إلقائه كلمة في أسطنبول 26 أكتوبر 2019 (أ.ب) 

تهاجم تركيا شمال شرقي سوريا، المعروف أيضا باسم "روج آفا"، في انتهاك صارخ للقانون الدولي. ويصرح الرئيس التركي إردوغان إنه يعتزم "إعادة" اللاجئين السوريين إلى وطنهم عِبْرَ إنشاء "منطقة آمنة" تمتد على عمق 32 كيلومتراً من الحدود التركيّة إلى منطقة حرّرتها القوات الكرديّة التي فقدت 11000 مقاتل في هزيمة "داعش".

ويهدد الاحتلال التركي لهذه المنطقة الإدارة الذاتية السلمية في شمال شرقي سوريا، التي تمثّل نظاماً ناشئاً مستنداً على الديمقراطية المباشرة والتعدديّة الثقافيّة والبيئة والاقتصاد التعاوني والتحرّر النسوي. ومن المحتمل أيضا أن يؤدي غزو تركيا إلى عودة "داعش" وارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب في شكل إبادة جماعيّة، وإعدامات خارج إطار القانون، واستخدام الأسلحة الكيمياوية والتهجير القسري لمئات الآلاف من المدنيين.

وردّاً على الانتقادات، سارع إردوغان إلى تحذير الاتحاد الأوروبي من أن تركيا "ستفتح البوابات وترسل 3.6 مليون لاجئ في اتجاهكم" إذا وُصِفت عمليتها العسكرية بالغزو. وفي حين أن ذلك بحد ذاته مثير للاستهجان على نحو واضح، إلا أنه يحيل على مسؤولية "الاتحاد الأوروبي" أكثر بكثير من زعيم تركيا المستبد. وفي رده على تصريحات إردوغان، قال رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك "لن نقبل أبدًا أن يُستغَلْ اللاجئون سلاحاً، واستخدامهم في ابتزازنا". في المقابل، إنّ "الاتحاد الأوروبي" نفسه هو الذي يشجع على استغلال اللاجئين سلاحاً واستخدامهم في الابتزاز الذي يندد به تاسك. ويأتي ذلك عِبْر اتباع سياسة "تصدير أمن الحدود إلى الخارج" عن طريق الاستعانة بدول الجوار لحراسة حدود "الاتحاد الأوروبي". ويرافق هذه السياسة تجاهل تصرفات تلك الدول التي يمولها الاتحاد الذي يصرف النظر عن دورها الخاص في العنف المؤدي إلى نزوح البشر. هكذا إذاً يكون الاتحاد الأوروبي مسؤولًا عن تحويل الناس الذين يبحثون عن الحرية والأمن والكرامة، إلى بضائع وأوراق مساومة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتذكيراً، جرى إنشاء "مركز ليسفوس القانوني" في أعقاب "الصفقة" بين "الاتحاد الأوروبي" وتركيا في مارس 2016. وبموجب هذه الصفقة، يُفترض أن يُدفع 6 مليارات يورو إلى تركيا مقابل عملها حارس الحدود لقلعة أوروبا. وفي غضون ذلك، تحوّلت "البؤر الساخنة" في الجزيرة اليونانية، سجوناً في الهواء الطلق. إذ ينتظر فيها الناجون من رحلة عبور البحر المتوسط، غالباً لسنوات عدّة، تحت وقع التهديد بترحيلهم إلى تركيا. وعلى مدار السنوات الثلاث الماضية، وثّق المركز القانوني وندّد بالعنف وانتهاكات الحقوق والبؤس الناجم عن صفقة "الاتحاد الأوروبي" مع تركيا بشأن "ليسفوس"، فضلاً عن المقاومة المنظمة لمطالب الناس الذين تعرضوا لتلك الممارسات.

إننا نشاهد كل يوم من مكاتبنا وجوه الأشخاص المتضررين من الحروب الإمبريالية والتحولات الجيوسياسية التي تستحوذ على عناوين الصحف الدولية كالغزو التركي لمنطقة "روج آفا" بتسهيل أميركي.

كذلك يصل معظم الناس إلى شواطئ "ليسفوس" غير مدركين للإطار السياسي والقانوني الذي أُنشئ بهدف حرمانهم من الحقوق الأساسية، ولا الظروف اللاإنسانية المهينة التي تنتظرهم. ويعيش حالياً أكثر من 14000 شخص في "مخيم موريا" الذي يوصف بـ"أسوأ مخيم للاجئين على وجه الأرض."

في الشهر الماضي وصل حوالى 5000 شخص إلى "موريا"، ما شكّل المعدل الشهري الأعلى لتدفق اللاجئين إليه منذ 2015. وعلى عكس ذلك الوقت، يُمنع الأشخاص الذين يصلون اليوم إلى الجزر اليونانية من مواصلة سفرهم. وقد تجاوز عدد اللاجئين في "مخيم موريا" طاقته الاستيعابية بأربعة أضعاف تقريباً وتمدد خارج المنطقة المُسيّجة فيه. لقد أصبحت كل بقعة من الأرض في "موريا" مغطاة بحاويات شحن وخيام صيفية ومراكز إيواء مؤقتة. وكذلك ثمة نقص في الغذاء والماء والخصوصية، ونقص شديد في الرعاية الطبيّة، ونقص في الأمن، خصوصاً بالنسبة للمثليين والمتحولين جنسيًّا والنساء والفتيات. لقد مات أناس جراء البرد وأحرق آخرون أحياءً في النيران التي اندلعت في أكواخهم. ومن الصعب وصف الظروف اللاإنسانية التي يتحملها الناس في "موريا" كنتيجة مباشرة للاتفاق بين تركيا و"الاتحاد الأوروبي".

واستطراداً، نرى عدداً من الأسباب لوجوب اعتبار تلك الصفقة غير قانونية. من بينها أن "إجراء المسار السريع على الحدود" الذي طُبِّقَ بموجب الصفقة بين الاتحاد الأوروبي وتركيا ينتهك القواعد القانونية، عِبْرَ الاحتجاز عند الوصول والمُهل الزمنية المبتورة وقرارات اللجوء المتخذة بناءً على "الآراء" التي يكتبها موظفو "المكتب الأوروبي لدعم اللجوء"، والتي تفتقر إلى أُسس قانونية، إضافة إلى التمييز في الإجراءات وفقاً لبلد المنشأ ما ينتهك مبدأ عدم التمييز. ونظراً إلى تلك الانتهاكات الإجرائية والظروف المعيشية السيئة في "البؤر الساخنة،" فإن سياسة الاحتواء التي تمنع طالبي اللجوء من مغادرة الجزر (اليونانية) تنتهك بحد ذاتها توجيهات "الاتحاد الأوروبي" بشأن ظروف الاستقبال. إذ لا تسمح تلك التوجيهات بتقييد حرية حركة طالبي اللجوء، إلا إذا احتُرِمَتْ المعايير الأخرى مثل ظروف المعيشة والحق في الحياة الخاصة.

واستناداً إلى أنّ تركيا ليست من الدول الموقعة على "بروتوكول اتفاقية اللاجئين"، فإن "الحماية" التي توفرها للاجئين ليست مضمونة. ويتضح ذلك في انتهاك تركيا بشكل روتيني مبدأ عدم الإعادة القسرية عِبْرَ ترحيل اللاجئين إلى سوريا إكراهاً.

واستناداً إلى ذلك، فإنه في حال لجوء ولو قسم من مئات الآلاف من المدنيين الذين شرّدتهم حرب تركيا على "روج آفا" إلى أوروبا، فإن الصفقة بين "الاتحاد الأوروبي" وتركيا، ستعرّضهم للتهديد بالترحيل إلى الدولة المسؤولة عن تشريدهم. ومع ذلك، يعتمد "الاتحاد الأوروبي" على تأكيدات دبلوماسية لتبرير تصنيف تركيا "دولةً ثالثةً آمنة،" وتستمر اليونان في ترحيل المتقدمين للحصول على الحماية الدولية إلى تركيا، وقد أعلنت اليونان حديثاً أنها ستُسرِّع إجراءات ترحيل 10000 شخص بحلول نهاية 2020.

في الأسبوع الماضي، عندما اتخذ المجلس الأوروبي قراراً يقضي بوقف الدول الأعضاء تصدير الأسلحة إلى تركيا، فإنه أحجم عن استخدام مصطلح "غزو". ومع ذلك، فإن ما يسمى بـ"العمل العسكري الأحادي الجانب" لتركيا، الذي يتعارض مع حظر استخدام القوة دون مبرر بموجب ميثاق الأمم المتحدة، يرقى إلى العدوان. وتترتب على جريمة العدوان مسؤوليّة دوليّة بعدم تقديم المعونة أو المساعدة إلى المعتدي.

استناداً إلى ذلك، يتوجب أن يكون استغلال أردوغان للاجئين سلاحاً يستعمل في ابتزاز الاتحاد الأوروبي وجَرّه إلى التواطؤ معه، بمثابة جرس إنذار. وكذلك يجب النظر إلى التمويل وإضفاء الشرعيّة على الأعمال التركيّة بموجب الاتفاق بين بروكسيل وأنقرة، بوصفهما إجراءات دعم ومساعدة تُقَدّم إلى تركيا في عدوانها وجرائم حربها وجرائمها ضد الإنسانية.

لقد تسبّبت الصفقة بين "الاتحاد الأوروبي" وتركيا في قدر كافٍ من العنف والبؤس والموت. وبقدر الإلحاح نفسه الذي تطلّبه إنهاء صادرات الأسلحة، يجب على "الاتحاد الأوروبي" أن ينهي على الفور الصفقة الأوروبية التركيّة.

( تتدرب مايا توماس-ديفيس على مهنة المحاماة، ولورين لويتي هي منسقة "مركز ليسفوس القانوني")

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من آراء