Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

محكمة سعودية تبرئ "الجن" وتسجن قاضياً 20 عاماً بتهمة الفساد

أثارت القضية الجدل بعد أن ادعى قاضٍ بأن "جنياً" دفعه لاستغلال منصبه واختلاس 160 مليون دولار

مبنى المحكمة الإدارية العليا (الموقع الرسمي للمحكمة)

بعد مرور تسع سنوات على قضية الفساد الأشهر في السعودية، اسدلت المحكمة الجزائية في المدينة المنورة الستار على القضية التي اصطلح على تسميتها بـ"قاضي الجن" بحبس القاضي ومتهمين آخرين 20 عامًا.

وأدانت المحكمة القاضي المتهم ومستشارين وسيطين كانا يعملان مع القاضي، وإيداعهم السجن بعد صدور الحكم مباشرة لمدة تصل إلى 20 سنة مع غرامة قدرها 700 ألف ريال "186.667 دولار"، بالإضافة إلى 38 متهم آخر من بينهم مسؤول بفرع وزرة النقل بالمدينة المنورة بتهمة التوسط والرجاء، تنوعت الأحكام ضدهم بين سجن بعضهم سنة مع وقف التنفيذ، وأحكما بالسجن لثلاث سنوات إلى سبع سنوات للبعض، مع تبرئة خمسة لعدم الإدانة، مع غرامات تتراوح بين 1000 ريال "266 دولار" إلى 500 ألف ريال "133 ألف دولار"

لكن ما هي قصة "الجن" ؟

بدأت القصة في 2010 حين أحالت هيئة الرقابة والتحقيق قاضياً يعمل في محكمة المدينة المنورة  مع 38 من رفاقه للحقيق بتهمة "التزوير والرشوة واستغلال النفوذ الوظيفي"، ليفاجئ القاضي الجميع برمي التهمة على "الجن" التي دفعته للاستيلاء على 600 مليون ريال "160 مليون دولار"، عن طريق ما يعرف في أوساط الرقاة بـ"التلبس".

واستشهد القاضي أثناء جلسة التحقيق بشهادة راقٍ أكد استنطاقه للجني، في جلسة رقية حضرها عضوين من لجنة ضبط السحر بهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، اللذان وثقا اعترافات الجني المتهم، بحسب ما صرح به الراقي لصحيفة محلية في وقتها، الأمر الذي رد عليه أحد المحامين الذين تولوا القضية مطالبين الراقي بإحضار الجني للمحكمة للاستماع إلى أقواله ومقاضاته إذا ثبتت التهمة.

براءة مبدئية للقاضي

وكانت المحكمة الادارية في المدينة المنورة قد سبق لها أن برأت "قاضي الجن" ورفاقه في 2015، وسلمتهم صورة من حكم البراءة باعتباره حكم ابتدائي قابل لاعتراض "المدعي" هيئة الرقابة والتحقيق، بداعي بطلان الإجراءات ضد المتهمين.

لتعيد المحكمة الجزائية بالمدينة المنورة في 2017 النظر في القضية بعد نقل الاختصاص لوزارة العدل، حيث كانت تنظر في السابق من قبل الدائرة الجزئية بديوان المظالم، وخصصت المحكمة الجزائية يوم الأربعاء من كل أسبوع للنظر بالقضية، بعد أن صحح المدعي العام بهيئة الرقابة والتحقيق الدعوى لتصدر المحكمة الجزائية بعد سنتين من إعادة فتح الملف، حكمها النهائي ببطلان الحجة وثبات التهمة على القاضي ورفاقه مع التنفيذ الفوري لأحكام السجن.

كيف تغير الحكم ؟

نجح محامي قاضي المدينة المنورة المتهم والمتهمين الآخرين في إقناع المحكمة الإدارية بالمدينة ببطلان الدعوى المقامة ضدهم في 2015، لعدم سلامة الإجراءات المتبعة  خلال الضبط والاستدلال ما دفع المحكمة للحكم بصرف النظر عن الدعوى في حينها، وتسليم المتهمين حكم البراءة.

إذ احتج المدعى عليهم في طعنهم في وقوع هيئة الرقابة والتحقيق في عدة أخطاء، دفعت بصرف "الإدارية" النظر عن القضية، أخطاء طالت إجراءات الضبط والتحقيق إضافةً إلى تداخل التهم مع بعضها، مع تغيب المتهم الرئيس بعد هروبه خارج البلاد.

إضافة إلى ذلك تسبب الهيئة في تشعب القضية لكثرة التهم والمتهمين الذين قدمتهم، وهي "المخالفات" التي لم تعدلها الهيئة رغم إعادة القضية لها من قبل المحكمة في وقت سبق النطق بحكم البراءة وصرف النظر.

ويفسر المحامي محمد السنيدي إعادة فتح القضية من قبل المحكمة الجزائية رغم عدم تغير حيثياتها التي رفضتها المحكمة الإدارية، بمرونة القضاء العام فيما يتعلق بالإجراءات عكس قضاة ديوان المظالم "الأمر عائد لطبيعة القضاة بين المؤسستين، فقضاة ديوان المظالم يتمسكون بإجراءات الضبط بشكل لا يقبل التنازلات، واي خطأ في التفاصيل الشكلية يبطل الاتهامات"، ويضيف فيما يتعلق بالمحكمة الجزائية العامة "بالمقابل الأمر بالنسبة للقضاة في القضاء العام فيما يتعلق بإجراءات الضبط فالأمر فيه سعه ومرونة، إذ الأولوية بالنسبة لهم هو ثبوت الجرم على المتهم من عدمه، دون التشديد في الإجراءات الشكلية كالضبط وغيره".

الأمر الذي غير من مجرى القضية بانتقال ملف القضية من المحكمة الإدارية التابعة لديوان المظالم، إلى القضاء العام الممثل بالمحكمة الجزائية في هذه القضية.

المزيد من