وضع تقرير "سهولة ممارسة الأعمال" الصادر عن البنك الدولي السعودية في المرتبة الأولى، بوصفها الأكثر إصلاحاً لبيئة الأعمال بين 190 اقتصاداً عالمياً كان موضع درس التقرير، الذي قال السعوديون إنه أعاد الاعتبار لإصلاحاتهم التي جاءت وسط ظرف إقليمي ودولي شديد التوتر والتعقيد.
وأعلن البنك الخميس في 25-10-2019 رصده 294 إصلاحاً تنظيمياً بين مايو (أيار) 2018 ومايو 2019، سهّل من خلالها 115 اقتصاداً في العالم القيام بالأعمال، مؤكداً أن الاقتصادات الـ10 الأولى التي وقع التحسن الأبرز فيها، كانت من "السعودية، والأردن، وتوغو، والبحرين، وطاجيكستان، وباكستان، والكويت، والصين، والهند، ونيجيريا".
بينما وثّق أن الاقتصادات في بلدان أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، وأميركا اللاتينية، ومنطقة البحر الكاريبي، ما زالت تتخلف عن ركب سباق الإصلاحات باستثناء دولتين هما توغو ونيجيريا.
10 مؤشرات
غير أن تقرير البنك الدولي لم يتوقف عند الإجمال، وإنما أعلن موقع كل دولة من 10 مؤشرات، اعتبر التقدم فيها هو المقياس لسهولة ممارسة الأعمال، وفق آلية رصد سنوية، درج التقرير على إعلان نتائجها في 24 أكتوبر (تشرين الأول) من كل عام.
وتتألف المؤشرات العشرة من: بدء النشاط التجاري، واستخراج تراخيص البناء، والحصول على الكهرباء، وتسجيل الملكية، والحصول على الائتمان، وحماية المستثمرين الأقلية، ودفع الضرائب، والتجارة عبر الحدود، وإنفاذ العقود، وتسوية حالات الإعسار. السعودية انتقلت من المرتبة الـ92 إلى 62 عالمياً، إذ أحرزت تقدماً متفاوتاً في جميع المؤشرات عدا "تسوية حالات الإعسار"، إذ لا يزال تنظيم "إفلاس الشركات" حديثاً في البلاد، ولم يترجم بعدُ إلى خطوات يمكن لتقرير البنك الدولي رصدها.
على خطى 2030
واحتفت وزارة التجارة والاستثمار السعودية بالنتائج التي اعتبرتها إنجازاً مستحقاً، ويحفز على المزيد من العطاء. وقال وزيرها ماجد القصبي "أبارك للوطن الغالي الإنجاز المستحق الذي حققته المملكة، كأكثر الدول تقدماً، والأولى إصلاحاً من بين 190 دولةً حول العالم في تقرير #سهولة_ممارسة_الأعمال 2020 الصادر عن مجموعة البنك الدولي".
وأعاد الفضل في ذلك إلى الإصلاحات التي أطلقها ولي العهد السعودي في ما عُرف محلياً ثم عالمياً برؤية السعودية 2030، وهي خطة اقتصادية لكنها تتقاطع مع الجوانب السياسية والاجتماعية ومفاصل الحياة كافة في البلاد، التي قال الأمير محمد بن سلمان إنها في عجلة من أمرها لتتصالح مع مطالب شبابها وتطلعاتهم ليعيشوا مثل بقية شعوب العالم.
ويرى القصبي أن ما أسماه "القفزة النوعية التي حققتها المملكة بتقدمها 30 مرتبة في التقرير، هي إحدى ثمار رؤية 2030، وتمثل الدافع لنا لبذل المزيد من الجهد لتحسين بيئة الأعمال، ورفع تنافسية المملكة للوصول بها إلى مصاف الدول الـ 10 الأكثر تنافسية في العالم". وجاء تعليق الوزير على مؤشر البنك الدولي لسهولة ممارسة الأعمال إثر تحقيق وزارته الرقم الأعلى، إذ قفز مؤشر "بدء النشاط التجاري" في بلاده أكثر من 100 مرتبة دفعة واحدة، في حين وقف العام الماضي عند سقف 141، وصعد في التقرير الجديد إلى المرتبة الـ38 بين دول العالم.
دافوس الصحراء
وبينما كان لبقية الجهات السعودية، لغة احتفاء مماثلة بالنتائج التي وصفتها رؤية السعودية 2030 بأنها "غير مسبوقة" في تاريخها، قاد المركز الوطني للتنافسية في السعودية حملة واسعة النطاق، لتوظيف الأرقام الجديدة في إعادة الاعتبار للسوق السعودية التي تستعد في 29 من اكتوبر الحالي لاستقبال آلاف الاقتصاديين والخبراء من معظم دول العالم في مؤتمر "مستقبل الاستثمار"، الذي يصفه بعض السعوديين بأنه "دافوس الصحراء"، نظير الصفقات الاقتصادية التي يتوقع أن يشهدها هذا العام.
وذلك بعد أن فشلت محاولات إجهاض دورته السابقة، جراء توظيف أطراف إقليمية ودولية مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي في التشكيك بقدرات الرياض في بناء اقتصاد قائم على المؤشرات والتنافسية الدولية، وليس الريع الذي رهن البلاد طويلاً بسعر برميل النفط، قبل أن تبدأ محاولات العهد الجديد في تنويع مصادر دخل المملكة الغنية وفق مسؤوليها بموارد هائلة غير مستغلة حتى الآن.