Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

العقوبات على حزب الله اللبناني الوجه الآخر لحصار إيران

الجماعة شنت حملة لطلب تبرعات من مؤيديها لتعويض نقص التمويل أطلق عليها حسن نصر الله "جهاد المال"

يرى حزب الله أن العقوبات الأميركيَّة إهانة للشعب اللبناني (أ.ف.ب)

لم تقتصر سياسة الضغط لأقصى حدّ التي اتبعتها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب على إيران فقط، بل امتدت إلى حصار وكلائها بالمنطقة، فكان فرض عقوبات متتاليَّة على حزب الله في لبنان أوضح مثال. إذ فرضت وزارة الخزانة الأميركيَّة عقوبات على مسؤولي حزب الله بمن فيهم نواب بالبرلمان اللبناني، وتحظر العقوبات على البنوك الأميركيَّة والدوليَّة وكذلك الأفراد التعامل مع الأشخاص والكيانات والبنوك التي ترتبط بحزب الله، كما أنشأت الولايات المتحدة وحدةً خاصةً مهمتها إجراء استقصاءات تتعلق بنشاط حزب الله في الاتجار بالمخدرات وعمليات غسل الأموال.

وحزب الله قوةٌ سياسيَّة وعسكريَّة قويَّة في لبنان، وجزءٌ من الحكومة، ويحظى بدعم غالبيَّة الشيعة في البلاد، وفاز بـ13 مقعداً من أصل 128 مقعداً بالبرلمان في انتخابات 6 مايو (أيار) 2018. ويسيطر على ثلاث وزارات حكوميَّة، لكن سياسة الحزب المعلَنة جعلته أحد وكلاء إيران الإقليميين، بل إنه يتباهى بتبعيته للمرشد الأعلى علي خامنئي، وإن تمويله يأتي من إيران، ما منح الفرصة لأن يكون الحزب إحدى أدوات الولايات المتحدة لمواجهة سياسات إيران الإقليميَّة.

وسابقاً صرَّح وزير الخارجيَّة الأميركي مايك بومبيو في لبنان بأنه "ينبغي كبح نفوذ حزب الله السياسي"، متهماً الجماعة بأنها "جزءٌ من الطموحات الإيرانيَّة"، لذا فالعقوبات على حزب الله امتداد للعقوبات على إيران التي أعيد فرضها عقب انسحاب الولايات المتحدة من خطة العمل الشاملة المشتركة والمعروفة إعلامياً بـ"الاتفاق النووي"، وقد كان للعقوبات على إيران تداعياتها التي امتدت إلى تقييد قدرتها على تمويل الحزب على عكس السابق، إذ أشار بعض التقديرات إلى أن إيران اعتادت منح حزب الله ما يزيد على 700 مليون دولار سنوياً أي نحو 70% من إيرادات الحزب، لكن بسبب العقوبات الأميركيَّة المشددة المفروضة على طهران، فإن هذا المبلغ لم يُسلّم إلى الحزب، وبالتالي أصبح ذلك جزءاً من خطة أكبر لخفض مصادر تمويل حزب الله وإضعافه بشكل عام.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وعلى الرغم من مزاعم حزب الله المتكررة بأن العقوبات الأميركيَّة لن تؤثر في قدراته، فإن هناك مؤشرات تشير إلى أن الحزب يواجه أزمةً ماليَّةً، ما استدعى قيام قادته باتخاذ تدابير تقشفيَّة. من تلك المؤشرات أن أعاد حزب الله كثيراً من أفراده إلى بلادهم، باستثناء القوات القتاليَّة واللوجيستيَّة المتمركزة في منطقة دمشق ودير الزور وجنوب سوريا، كما اشتكى موظفو وسائل الإعلام والتعليم والمؤسسات الطبيَّة والعسكريَّة التابعة إلى حزب الله من تخفيضات كبيرة في الرواتب، كما أُلغي بعض برامج قناة "المنار" الفضائيَّة، واُستغني عن بعض موظفيها.

كما دمج الحزب كثيراً من مؤسساته، وجمَّد جميع عمليات التوظيف، إضافة إلى تخفيض ميزانيَّة الخدمات الاجتماعيَّة التي خُفّضت من قبل عام  2013.

وقد كان واضحاً أن تداعيات تلك العقوبات لن تؤثر في حزب الله ونشاطه فقط، بل امتدت إلى الاقتصاد الإيراني، إذ خشي رجال الأعمال على استثماراتهم، خصوصاً رجال الأعمال الشيعة الذين حرصوا على إنهاء جميع مصالحهم من الشركات القريبة من حزب الله، بل إن الحزب عمل على شن حملة لطلب تبرعات من مؤيديه لتعويض النقص في التمويل، الذي أطلق عليه زعيم حزب الله حسن نصر الله "جهاد المال"، ولم يتناول حزب الله وقادته العقوبات الأميركيَّة بالنظر إلى سياسة الحزب التي ارتبطت بالسياسة الإقليميَّة لإيران والتجاذبات في الشرق الأوسط، بل خرجت التصريحات لتعتبر أن قرار العقوبات الأميركيَّة "إهانة قبل أي شيء للشعب اللبناني"، وأنه يجب أن يكون هناك "موقف رسمي من المجلس النيابي والحكومة حول ما يمس سيادة لبنان".

بالطبع، لا بد أن وضع حزب الله والعقوبات المفروضة أثرا سلباً بشكل ما على الاقتصاد اللبناني، الذي نتيجة لسوء إدارته خرجت التظاهرات الممتدة مؤخراً، لتلقي تلك الضائقة التي يمر بها لبنان وحزب الله الضوء على كيفيَّة تأثير الارتباطات الإقليميَّة والتجاذبات على الأوضاع الداخليَّة للدول، وكيف أن سياسة إيران في تشبيك الملفات وتأسيس شبكة وكلاء لا ترتبط فقط بالسياسة الإقليميَّة، بل تمتد إلى إحداث أزمات داخل دول المنطقة.

اقرأ المزيد

المزيد من آراء