Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ما الذي أخرج محامي الجزائر إلى الشارع؟

القضاء يرد بحركة تحويلات تاريخية طالت ثلاثة آلاف

عبارة "عدالة الهاتف" تسمية اعتمدت لتشير إلى أن هناك أوامر ترد إلى القضاة من جهات عليا بواسطة الهاتف (أ. ف. ب)

في الوقت الذي كان مئات المحامين يتظاهرون في مسيرة حاشدة وسط العاصمة الجزائرية، صباح الخميس، تطالب "برفع اليد عن العدالة الجزائرية"، كان وزير العدل بلقاسم زغماني، يعلن عن خطوة في سلك القضاء طالت قرابة ثلاثة آلاف قاضٍ، في حركة تحويلات وإنهاء مهام هي الأوسع في تاريخ البلاد.

وانطلق محامو العاصمة (نقابة الجزائر) وعدد من ولايات الوسط، الخميس، في مسيرة حاشدة في قلب العاصمة غير بعيد من محكمة سيدي امحمد، واختار المحامون الشوارع المحاذية لهذه المحكمة من باب الرمزية، في إشارة إلى عشرات القرارات الصادرة عنها ضمن ما يُعرف بـ"قضايا معتقلي الحراك".

وتجمّع المحامون داخل بهو محكمة سيدي امحمد، مردّدين شعارات تطالب برفع اليد عن العدالة وبإحقاق دولة القانون، قبل أن تنطلق المسيرة نحو شوارع محاذية لمبنى المحكمة. وكان واضحاً ابتعاد مصالح الأمن عن الاشتباك مع المحامين الذين جابوا الشوارع بلباس المرافعات الرسمي.

وغيّرت نقابة المحامين للعاصمة مكان الاحتجاج في آخر لحظة، فالقرار الأول كان تنظيم اعتصام قبالة المحكمة العليا ثم السير باتجاه المجلس الدستوري في حي بن عكنون في أعالي العاصمة، لكن تاريخ المسيرة تزامن ومراسم انعقاد المجلس الأعلى للقضاء الذي يجتمع في المكان ذاته، بحضور وزير العدل بلقاسم زغماتي، صباحاً، كما كانت المسيرة ستتزامن مع مراسم (مقابلة رياضية عسكرية) حضرها رئيس أركان الجيش، نائب وزير الدفاع، الفريق أحمد قايد صالح، في بن عكنون حيث نادي الرياضات العسكرية.

"عدالة الهاتف"

بشكل ما، بدا التقاطع سيد الموقف ما بين مسيرة المحامين ومضمون قرارات اتخذها وزير العدل في الوقت ذاته، ولو أن أصحاب "الجبة السوداء" كانوا في الغالب ينتقدون ما سموه "عدالة الهاتف"، نظراً إلى أن قرارات وأحكام قضائية تُتخذ خارج نص القانون وبناءً على أوامر ترد إلى القضاة من جهات عليا بواسطة الهاتف. فزغماتي أعلن بشكل متزامن عن حركة واسعة طالت قرابة ثلاثة آلاف قاضٍ ( 2998 )، لتكون الأوسع منذ استقلال البلاد.

وشرح زغماتي دواعي هذه التبديلات الواسعة بين القضاة، قائلاً "لقد بُنيت هذه الحركة على معايير موضوعية محددة سلفاً، شملت الجميع، وهي مستمدة من عملية متابعة وفحص دقيقتين لواقع تسيير الموارد البشرية في القطاع لعقود من الزمن وما أفرزته من مظاهر مشينة، بعضها يثير الاشمئزاز وحتى التذمر".

وأوضح زغماتي أنّ عملية التدقيق لوضعية توزيع القضاة عبر التراب الوطني سمحت بالكشف عن "وجود حالات منافية للمنطق السليم ومناقِضة لما ينتظره المواطن من قاضٍ لا تعتريه شبهة"، تتعلق بـ"ظاهرة البقاء في الجهة القضائية ذاتها لمدة تصل أحياناً إلى ربع قرن وقد يشمل ذلك الأزواج القضاة"، وبلغ عدد هذه الحالات 2456 حالة.

وقال وزير العدل، أيضاً، إنّه قدم مقترحات للمجلس، من شأنها العمل على "استرجاع مصداقية العدالة في الجهات القضائية المعنية بذلك وتضع حداً لوابل الانتقادات التي كانت تعصف بها منذ مدة طويلة".

الحراك يراهن على المسيرة 37

في سياق متّصل، فارقة هي المسيرة رقم 37 في تاريخ الحراك الشعبي، إذ تقترن وتاريخ الفاتح تشرين الثاني (نوفمبر)، ذكرى اندلاع الثورة الجزائرية، ويبدو واضحاً حجم الدعوات ليكون الموعد محطة لـ"مليونيات" جديدة، يُراد لها أن تتوزع عبر غالبية المحافظات الجزائرية، إذ يعتقد ناشطون في المسيرات بأنه من الممكن "توجيه رسالة إلى السلطات العليا تزامناً وذكرى الثورة بأن الحراك ما زال وطنياً و ليس فئوياً في العاصمة وبعض محافظات منطقة القبائل".

وتؤمن السلطة الفعلية في الوقت الراهن، بأن "غالبية الجزائريين" مع الانتخابات الرئاسية، وهو موقف عبّر عنه رئيس الدولة نفسه، الثلاثاء الماضي، حينما استعمل مصطلح "الغالبية"، قاصداً أن الرافضين للموعد المقبل "أقلية"، لذلك يكون الرهان على رمزية "نوفمبر" لنفي هذا المقياس.

لكن دعوة "الحشود" إلى تلك المسيرة، يقابلها مسار بالقدر ذاته من السرعة والـ"التجييش" نحو الانتخابات الرئاسية المقبلة، بعدما باشرت شخصيات عدة إيداع ملفات ترشحها بشكل رسمي، فقد أودع الخميس، مرشح الحزب الإسلامي "حركة البناء الوطني"، عبد القادر بن قرينة، الملف رسمياً في مقر السلطة الجزائرية المستقلة للانتخابات.

كما أودع الأربعاء، الأمين العام بالنيابة لحزب الموالاة "التجمع الوطني الديمقراطي"، عز الدين ميهوبي، ملفه، مستعرضاً مئة ألف استمارة بدل خمسين ألفاً التي ينص عليها قانون الانتخابات، ووفقاً لسلطة الانتخابات، فإن سبعة شخصيات على الأقل، حجزت مواعيد في اليومين المقبلين، قبل انتهاء المهلة بشكل رسمي مساء السبت المقبل عند منتصف الليل.

وتضم القائمة المتوقعة، إضافةً إلى ميهوبي وبن قرينة، الوزير الأول السابق عبد المجيد تبون ورئيس جبهة المستقبل عبد العزيز بلعيد ورئيس طلائع الحريات علي بن فليس ورئيس التحالف الوطني الجمهوري بلقاسم ساحلي والأكاديمي أحمد بن نعمان والإعلامي سليمان بخليلي ودكتور الاقتصاد فارس مسدود ورئيس "حزب الرفاه" مراد عروج.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي