Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

دعوات إلى "قوننة" الإجهاض في الأردن... بمواجهة الاغتصاب

تحذيرات من تحوّل ذلك إلى وسيلة للعلاقات غير المشروعة واستغلال المرأة جنسياً

عدد حالات النساء اللواتي عوقبن بجريمة الإجهاض منذ عام 2009 حتى عام 2016 بلغ 49 امرأة (رويترز)

دعت مؤسسات مدنية واجتماعية في الأردن، الحكومة إلى قوننة "الإجهاض" عبر تعديل تشريعي، بدعوى الحفاظ على حياة الأمهات الحوامل وصحتهن النفسية والبدنية وسمعتهن.

وأعلنت جمعية "تضامن" التي تبنت الدعوة أنه على الحكومة الأردنية تعديل تشريعاتها المتعلقة بالإجهاض، بحيث تُضمنّها أسباباً أخرى للسماح به قانوناً، إضافة إلى الأسباب المتمثلة في أنّ حياة الأم بخطر، بخاصة في حالات تشوه الجنين وحالات الحمل الناتج من سفاح المحارم والاغتصاب.

لكن في المقابل، هنالك من يعارض التوسع في إباحة الإجهاض كي لا يصبح وسيلة للعلاقات غير المشروعة واستغلال المرأة جنسياً.

بين القانون والفتاوى

الحكومة الأردنية تقول من جهتها إنّ عدد حالات النساء اللواتي عوقبن بجريمة الإجهاض وفق وزارة العدل منذ عام 2009 حتى عام 2016، بلغ 49 إمرأة. وتناول قانون العقوبات الأردني رقم 16 لعام 1960 وتعديلاته، موضوع الإجهاض واعتبره جريمةً معاقب عليها سواء حصل الإجهاض من قبل المرأة الحامل نفسها أو أقدم على ذلك شخص آخر غيرها.

ولم يتناول القانون أي استثناءات يجوز فيها إجهاض المرأة على عكس عددٍ كبيرٍ من الفتاوى الشرعية في الأردن التي أجازت الإجهاض في حالات معينة. وتنص المادة 12 من قانون الصحة العامة على إجازة الإجهاض في حال كانت صحة المرأة الحامل في خطر أو يعرضها الحمل للموت. لكن أحدث فتوى لمجلس الإفتاء الأردني حول هذا الموضوع عام 2014، بعنوان "حكم إجهاض الحمل الناتج من الاغتصاب" اعتبرت أن لكل حالة ظروفها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأجاز مجلس الإفتاء إجهاض المرأة الحامل إذا ثبُت أن الحمل سيوثر في حياتها. ونصت الفتوى على ما يلي "إذا بلغ الجنين في بطن أمه أربعة أشهر أو تجاوزها، فلا يجوز إسقاطه مهما كان تشوهه، إذا قرر الأطباء أنه من الممكن أن يبقى على قيد الحياة، إلاّ إذا ترتب على ذلك، خطر محقق على حياة الأم. أما إذا لم يبلغ الجنين أربعة أشهر، وثبُت أنه مُشَوَّه تشويهاً يجعل حياته غير مستقرة، فيجوز إسقاطه بموافقة الزوجين".

وفي فتوى أخرى من عام 2009، ورد أنه "ليس ضعف الجسم أو الإرضاع من الأعذار المجيزة للإجهاض، ولا يجوز الاستناد إلى مثل هذه الأسباب لارتكاب الإجهاض. أما إذا قرر الطبيب الثقة أن بقاء الجنين يعرِّضُ حياة الأم للخطر المميت، فيجوز الإجهاض قبل 120 يوماً من علوقه، بل إذا تعارضت حياة الجنين مع حياة الأم، جاز الإجهاض ولو بعد 120 يوماً، كما أفتى بذلك علماء المجامع الفقهي لأن حياة الأم محققة، وحياة الجنين غير محققة".

عقوبات بالحبس وأعذار مخففة
ويقول حقوقيون إنّ قانون العقوبات الأردني لم يتضمن أي نص يجيز الإجهاض، فالمرأة التي تجهض نفسها تعاقَب بالحبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات، بحسب المادة. ويُعاقَب من أقدم على إجهاض إمرأة برضاها بالحبس من سنة إلى ثلاث سنوات، وإذا أفضى الإجهاض إلى موت المرأة، عوقب الشخص المسؤول بالأشغال الشاقة المؤقتة مدة لا تقل عن خمس سنوات.

وترتفع العقوبة إذا كان مَن ارتكب تلك الجرائم طبيباً أو جرّاحاً أو صيدلياً أو قابلة قانونية. لكن في المقابل، فإن نص المادة 324 من قانون العقوبات وتحت مسمّى جرائم الشرف، تستفيد من العذر المخفف مَن أجهضت نفسها حفاظاً على شرفها، وكذلك يستفيد منه مَن أقدم على إجهاض إحدى فروعه أو قريباته حتى الدرجة الثالثة حفاظاً على شرفها.

إجهاض المغتصبات

يُشار إلى أن عدد حالات حمل نساء أردنيات نتيجة الاغتصاب ليس كبيراً في ظل عدم وجود إحصائية رسمية دقيقة، لكن بعض الجهات المعنية تتحدث عن 140 حالة عام 2018 . في السياق، ترى النائب في البرلمان وفاء بني مصطفى أن "هناك ما يُسمَى بالإجهاض القانوني، الذي حدّده القانون الأردني في سببين، الأول لوجود خطر على حياة الأم، والثاني وجود خطر على حياة الجنين ويجب أن يتم ذلك بتقارير طبية موثقة".

وتقول إن "مطالب إجهاض النساء المغتصبات أو اللواتي تعرضن لسفاح أقارب بحاجة إلى دعم من المرجعيات الدينية لإصدار فتاوى واضحة".

واعتبر الطبيب الشرعي الدكتور هاني جهشان أن "الإجهاض محرّم ومجرّم في التشريعات الأردنية سواء كان الاتصال الجنسي الذي أدى إلى الحمل مشروعاً أو غير مشروع"، مشيراً إلى المادة 12 من قانون الصحة العامة لعام 2008 المتعلّقة بالإجهاض المباح، التي تحظّر على أي طبيب وصف أي عقار بقصد إجهاض امرأة حامل أو إجراء

يعرضها للموت

عمليه إجهاض لها، إلاّ إذا كانت عملية الإجهاض ضرورية لحمايتها من خطر يهدّد صحتها أو يعرضها للموت وعلى أن يتم ذلك في مستشفى، شريطة توفر موافقة خطية مسبقة من الحامل بإجراء العملية وفي حالة عدم مقدرتها على الكتابة أو عجزها عن النطق، تؤخذ هذه الموافقة من زوجها أو ولي أمرها، إضافةً إلى شهادة من طبيبين مرخصَين ومن ذوي الاختصاص والخبرة تؤكد وجوب إجراء العملية للمحافظة على حياة الحامل أو صحتها.

وبناءً على التشريعات، تنحصر الأسباب المبيحة لإجراء الإجهاض في الأردن في درء الخطر عن حياة الحامل، مثل نزف دموي مصدره مكونات الحمل والمحافظة على صحة الحامل، ويشمل الصحة النفسية والصحة الجسدية.

وبحسب جهشان، فإن "الأسباب الأخلاقية أو الجنائية ليست سبباً لإجراء الإجهاض العلاجي، مثل الحمل الناتج من الاغتصاب. كما أن الأسباب الاقتصادية ليست سبباً لإجراء الإجهاض العلاجي، مثل الفقر، وكذلك تحديد النسل أو التخوف من إصابة الجنين بتشوهات خلقية (بسبب الأشعة مثلاً) لا يُعتبر سبباً قانونياً للإجهاض. وتحظر القوانين كذلك إجراء الإجهاض في عيادة طبيب أو منزل، حيث يجب أن يُجرى في مستشفى أو دار مرخصة للتوليد".

أسباب ودوافع الإجهاض

في المقابل، أشارت المحامية لين خياط إلى أسباب الإجهاض ودوافعه خارج إطار الزواج، مثل "ممارسة البغاء" أو "سفاح الأقارب" أو "الاغتصاب"، فالإجهاض في هذه الحالات "جنحة"، إذ تجهض المرأة نفسها اتقاءاً للعار.

 أمّا رئيس جمعية أطباء النسائية والتوليد، فقال إنّ الإجهاض المفتعل الذي يقوم به الطبيب في عيادته الخاصة، لا يقدّر مخاطر الإجهاض وغير قانوني، مضيفاً أنه "قد تؤدي عملية الإجهاض إلى ثقب في عنق الرحم ما ينتج منه نزيف، أو تمزق عنق الرحم، أو التهابات في جدار الرحم أو البطن أو الحوض، ما قد يتبعه على المدى البعيد انسداد في الأنابيب".

وأضاف أن عملية الإجهاض في العيادات قد لا تكتمل نتيجة إجرائها بشكل سريع، ما يعني أن "تنظيف الرحم" قد لا يتم بشكل كامل وهو ما يُطلق عليه "إجهاض غير مكتمل" أي تبقى أنسجة غريبة في الرحم وتؤدي إلى التهابات أو عدم انتظام الدورة الشهرية، عدا عن التسبب برائحة كريهة واستفراغ.

 أما الناطق الإعلامي باسم وزارة الصحة حاتم الأزرعي فأقرّ بأنّ الإجهاض مخالف للقانون باستثناء حالات محددة وتحت إشراف لجان مختصة وفي المستشفيات. خلافاً لكل الآراء السابقة، تعارض مديرة مركز دراسات المرأة في الجامعة الأردنية عبير دبابنة، فتح باب الإجهاض على مصراعيه، قائلةً "هنالك بعد إنساني بموت اجتماعي للطرفين (الجنين والأم) في حالة الحمل نتيجة الاغتصاب والسفاح، يترتب عليها أكثر من الموت الحقيقي، فهو (موت اجتماعي) وولادة أطفال غير معترف بهم بسبب علاقات غير شرعية".

اقرأ المزيد

المزيد من تحقيقات ومطولات