Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مجرّة "درب التبّانة" ملتويّة وملتفّة

اختراق علمي يبيّن أخيراً أنّ مجرّتنا ليست مسطّحة ولا مستقرة، مثلما يتوقّع كثيرون

 "درب التبّانة" كأنها أسطوانة ملتفة وملتوية (عن وكالة الفضاء الأميركيّة "ناسا")

مجرّتنا ملتويّة ومُلتَفَّة، وفق ما تبيّن العلماء أخيراً في اكتشاف أثار أيضاً حالاً من الصدمة بين العلماء. ولآجال مديدة، استقر الاعتقاد بأن مجرّة "درب التبّانة" التي تحيط بنا كونيّاً، هي مستقرّة نسبيّاً ومسطَّحَة.  وإذ استطاع العلماء للمرّة الأولى إجراء مسحاً شاملاً لها، تبيّن لهم أنها تزداد التفافاً والتواءً عند أطرافها.

على نحو دائم، كان من الصعوبة بمكان أن نرى مجرّتنا بالذات، على رغم القدرة على معرفة تفاصيل اخرى فيها. ولأننا موجودون دوماً في داخلها، فمن الصعب أن نراها. ويُشَبّه العلماء محاولة قياس مجرّة "طريق الحليب" (اسم آخر لها) بشخص يقف في حديقة منزله، ثم يحاول أن "يرى" حدود بلاده!

وأخيراً، عمد العلماء إلى استعمال 1339 نجماً لصوغ خريطة تُظْهِر الشكل الحقيقي لمجرّتنا. ووجدوا أنّ ذلك القرص من النجوم يميل إلى الالتواء بالقرب من طرفيه، وهو أمر بعيد جداً عن الشكل المسطح الذي طالما أَلِفَ العلماء رؤيته في بقية المجرّات.

"في الغالب، نفكر في المجرّات اللولبيّة باعتبارها مسطّحة تماماً، مثل حال مجرّة "آندروميدا" Andromeda التي يمكن رؤيتها بسهولة بواسطة التلِسكوب"، وفق كلمات البروفسور ريتشارد دي غرييّس، وهو مختص في علم الفلك من "جامعة ماكواري" في سيدني بأستراليا، والمُعدّ الثاني للدراسة الجديدة.

توضيحاً، إنْ أنْتَ نَظَرْتَ إلى مجرّتنا "درب التبّانة" من نقطة بعيدة خارجها، تبدو لك كأسطوانة رقيقة من النجوم التي تدور حول منطقة في مركزها، وتنجز دورة كل بضع مئات الملايين من السنين. وتعمل مئات مليارات النجوم ومجاميع من الثقوب السود، على تحريكها كلها سويّة، فتكون بمثابة لِحامٍ من الجاذبيّة.

ولكن، كلما ابتعدتَ عن المناطق الداخلية في "درب التبّانة"، يتضاءل تأثير الجاذبيّة. وفي الحدود الخارجية لتلك الأسطوانة، تميل ذرّات الهيدروجين التي تصنع سديم الغاز في "درب التبّانة"، إلى الالتفاف على نفسها على شكل حيّة أو حرف "إس" S باللغة الإنكليزيّة، إذ لا تعود مشدودة إلى بعضها بعضاً على شكل مُسَطَّحْ ممدود ورقيق.

على مدار عقود طويلة، لمس العلماء مؤشّرات تفيد بأنّ غيوماً من غاز الهيدروجين في مجرّتنا، ربما تتّخذ أشكالاً غريبة.  وفي المقابل، برهن البحث الجديد أنّ تلك الأسطوانة الغازيّة الملتفّة تضّم أيضاً كثيراً من النجوم الحديثة التكوين، مع الإشارة إلى أن النجوم تتكوّن أصلاً في غيوم كونيّة هائلة الحجم أساسها الهيدروجين. وكذلك برهن البحث نفسه على أن الشكل اللولبي المُلتَف للمجرّة، إنما يأتي من تأثير القوّة المتوّلِدَة من دوران الأسطوانة الفائقة الكثافة من النجوم في دواخل تلك المجرَّة.

"من الصعوبة بمكان تحديد المسافة التي تفصل الشمس عن أجزاء في الأسطوانة الخارجيّة الغازيَّة لـ"درب التبّانة"، من دون وجود فكرة واضحة عن الشكل الفعلي لتلك الأسطوانة"، وفق كلمات تزياوديان تشين، الكاتب الرئيس للبحث، وهو من "الأكاديميّة الصينيّة للعلوم" في بكين.

في أوقات سابقة، شاهد علماء الفلك مجرّات مماثلة بمعنى أن يكون لأطرافها شكلاً غريباً فيه التفاف والتواء، على رغم أن ذلك يمثّل ظاهرة نادرة. لكن، لم يكن واضحاً قبل الآن أن مجرّتنا تنتمي إلى تلك المجموعة الغريبة.

 

© The Independent

المزيد من علوم