Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الحراك يريد حكومة إنقاذ وطني وأنباء عن "تظاهرات مضادة" للسلطة

جنبلاط يناشد الحريري بفك الارتباط مع الرئيس عون

بعد صمت أطبق على كل الوزراء ومؤيدي رئيس الجمهورية ميشال عون، بدأت تسري أنباء عن توجه لقيام السلطة بـ"الهجوم المعاكس". وذلك عبر تسريبات تقول إن أنصار التيار الوطني الحر الذي يرأسه جبران باسيل يعقد الاجتماعات لتنظيم تظاهرات تؤدي إلى فتح الطرقات. كذلك سجلت في الجنوب اللبناني تظاهرات متفرقة مؤيدة لرئيس البرلمان و"حركة أمل" نبيه بري. وأقر رئيس مجلس إدارة إحدى القنوات التلفزيونية ميشال غبريال المر أن رئيس الجمهورية اتصل به شخصياً لكنه نفى ممارسته أي ضغط عليه. وعلم أيضاً أن أركان السلطة اتصلوا  بمسؤولين في محطات التلفزة الأخرى يطالبونهم بـ"تخفيف" النقل المباشر، وأيضاً نقل التظاهرات "المضادة" التي قد تبدأ.

وطالب الحراك الاحتجاجي، في بيان ألقي في ساحة رياض الصلح بوسط العاصمة بيروت، مساء الثلاثاء، بـ"استقالة الحكومة وتشكيل حكومة إنقاذ وطني من خارج المنظومة الحاكمة"، على أن تعمل على "استرداد الأموال المنهوبة منذ عام 1990 حتى اليوم، ومنع الناهبين من مغادرة البلاد"، إضافة إلى إجراء انتخابات مبكرة خلال ستة أشهر.

ودعا الحراك إلى استمرار التظاهرات حتى تحقيق المطالب، مطالباً الجيش اللبناني بـ"حماية المتظاهرين". 

ورداً على ما تورده وسائل إعلام تابعة للتيار الوطني الحر ومفاده أن حزب القوات اللبنانية يؤجج التظاهرات ويقطع أنصاره الطرقات أصدرت الدائرة الإعلامية في الحزب المذكور بياناً جاء فيه "بدل ان يتوقف مسؤولو "التيار الوطني الحر" مطولاً عند ما جرى لاستخلاص العبر والقيام بالخطوات المطلوبة، قاموا بتقزيم كل هذا الحراك وكل هذا الجهد الشعبي اللبناني غير المسبوق الى عملية حواجز وقطع الطرقات على الناس. وهذه عملية إنكار ما بعدها إنكار تدحضها كل الوقائع المسموعة والمرئية عبر وسائل الاعلام المحلية والعربية والاجنبية كافة في كل يوم منذ بدء الحراك". وجاء في البيان أيضاً "ان مناصري "القوات اللبنانية" هم جزء من هذا الشعب، وهم موجودون في هذه التظاهرات كأي مواطن لبناني آخر في تفاعل بديهي مع محيطهم القريب".

 

 

وقالت السفارة الفرنسية في لبنان، في بيان الثلاثاء، "تتابع فرنسا باهتمام كبيرٍ آخر التطورات التي حصلت في لبنان. وتدعو إلى الحفاظ على سلمية الحركات الاحتجاجية وإلى الاحترام التام لحق كل اللبنانيين في التظاهر. وهي تكرر تشجيعها الحكومة اللبنانية على إنجاز الإصلاحات الضرورية بهدف السماح بإعادة إنعاش الاقتصاد اللبناني وتقديم الدولة للخدمات العامة التي تعود بالمنفعة المباشرة على جميع المواطنين اللبنانيين".

وأضاف البيان "تقف فرنسا إلى جانب لبنان. ومن هذا المنطلق، التزمنا مع شركائنا الدوليين التطبيق السريع للقرارات التي اتخذت في إطار مؤتمر سيدر في باريس في أبريل (نيسان) 2018".

 البداية الصباحية

وكان اليوم السادس للتظاهرات بدأ صباحاً بقطع المزيد من الطرقات، بحيث أصعب من المتعذر أكثر فأكثر التجوال بين المناطق. هذا التدبير الذي لجأ إليه المواطنون سببه خوفهم من احتمال فتح الطرقات بالقوة وأيضاً لزيادة الضغط على الحكومة من أجل أن تستقيل. صعوبة التجوال وصلت الى حد تعميم من الصليب الأحمر يعلن استعداده نقل الحالات الطارئة بواسطة الزوارق البحرية.

وليلة الاثنين، 21 أكتوبر (تشرين الأول) كانت مصيرية في لبنان. فقد شهدت حدثين بارزين، الأول رفض المواطنين المحتجين "الاصلاحات" التي قدمها رئيس الحكومة سعد الحريري وتوافق عليها مع الأفرقاء الذين يكونون مجلس الوزراء والحكم عموماً، باستثناء حزب القوات اللبنانية التي استقال وزراؤها من الحكومة، فيما عبّر وزراء الحزب التقدمي الاشتراكي اعتراضهم على تلك الاصلاحات وتقدموا باقتراحات عدة لم تبصر النور ولم يستقل وزراؤه.

والحدث الثاني هو قيام الجيش اللبناني بقمع تظاهرة بالدراجات النارية ترفع أعلام حزب الله وحركة أمل، كانت تجوب شوارع العاصمة بيروت، وأثناء توجهها إلى وسط بيروت حيث مركز تظاهرات المواطنين المحتجين تدخلت قوة من الجيش وأوقفت عدداً من الدراجين. ورحب عدد من المتظاهرين بقيام الجيش بدوره في حماية المتظاهرين، الأمر الذي لم يفعله في الأيام الماضية، على الرغم من دعوات كثيرة أطلقها مواطنون.

 

واعتبرت مصادر وزارية مقربة من بعبدا أنه من المبكر الحديث عن تعديل حكومي، فالحديث الآن هو عن عملية تكليف بدلاء لوزراء حزب القوات اللبنانية، بما في ذلك موقع نائب رئيس الحكومة.

وشددت هذه المصادر على بقاء الحكومة كفريق متضامن، وقالت "القوات اللبنانية خرجت، ولكن الحزب التقدمي الاشتراكي يحاول خلق بلبلة وسنتصدى لها بطريقة حضارية، فإن كنت معارضاً فعليك أن تذهب بالمعارضة إلى النهاية كما فعلت القوات وأن تخرج من الحكومة ولكنهم بدلاً من ذلك يذرفون الدموع على ضفاف نهر الغدير".

وتابعت المصادر "على معارضي عمل الحكومة الخروج منها".

وفي حين دعا وزير التربية والتعليم العالي أكرم شهيب المدارس والمهنيات والجامعات الرسمية والخاصة إلى متابعة الدراسة الأربعاء، أقال وزير الإعلام مديرة الوكالة الوطنية للإعلام لور سليمان، وعين زياد حرفوش، المقرب من رئيس الجمهورية، بدلاً منها.

إلا أن سليمان قالت إنها لم تتبلغ إقالتها وفق الأصول المرعية، مشيرة إلى أن "وزير الإعلام جمال الجراح أقالني برسالة وصلتني عبر موظف".

وأضافت في حديث تلفزيوني أن "قرار إقالتي من الوكالة سياسي بامتياز… لنشرنا أخبار الثورة من دون المس بالأخلاقيات".

من جهة أخرى، دعا طلاب الجامعة اللبنانية الحكومية إلى الإضراب الأربعاء والامتناع عن الالتحاق بالصفوف رداً على قرار وزير التربية.

وتأييداً لمواقف المحتجين، أعلن أساتذة الجامعة الأميركية في بيروت الإضراب، بينما إقتحمت مجموعة من الفنانين اللبنانيين مبنى تلفزيون لبنان الرسمي، اعتراضاً على إعلان الحكومة سعيها إلى خصخصته.

جنبلاط يطالب الحريري

رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط غرد اليوم كاتباً "الإصلاحات التي اعتمدت هي مخدرات واهية لبعض الوقت وان بيع القطاع العام جريمة وقد رفضناها بالأمس"”.

وأضاف عبر "تويتر" متوجهاً الى رئيس الحكومة "الى متى يا شيخ سعد ستبقى على هذا التفاهم الذي دمر العهد ويكلفنا من رصيدنا في كل يوم".

وتابع، "أليس أفضل تعديل الحكومة واخراج رموز الاستبداد والفساد منها، وان التعرض للمتظاهرين خط أحمر".

جنبلاط أعلن في حديث صحفي إنه لن يترك الحكومة في الوقت الحالي، وسيستمرّ "بمعركة الإصلاحات من داخل مجلس الوزراء". ورأى أنّ "الإصلاحات التي وافقت عليها الحكومة ليست جذرية"، معتبرًا أنّ "الطريقة الوحيدة للاستجابة للمطالب الشعبية هي التوجه نحو إجراء انتخابات مبكرة وفقًا لقانون انتخابات غير طائفي". 

الإصلاحات والدول المانحة

وقال نديم المنلا، مستشار الحكومة اللبنانية، الثلاثاء، إنه من المتوقع أن يكون رد فعل المانحين الأجانب على الإصلاحات التي أعلنتها الحكومة "إيجابياً للغاية"، مضيفاً أنها تبعث برسالة واضحة أن البلاد تتعامل مع عجز الموازنة.

وأضاف أن بعض الجماعات السياسية اقترحت إجراء تعديل وزاري وأن مثل هذه المسألة ستُحسم خلال أيام لكنها لم تصل بعد إلى حد النقاش الجاد ولم تصدر عن الحريري.

وقال المنلا إن حمَلة السندات اللبنانية لن يتأثروا بالإصلاحات التي تشمل خفض خدمة الدين، مضيفاً أنه من المتوقع أن يبلغ النمو الاقتصادي صفراً في المئة في عام 2020.

اعتصامات متنقلة

وصباحاً وقع إشكال مع القوى الأمنية على طريق يؤدي الى القصر الجمهوري معروف باسم "الشيفروليه" بعد محاولة المتظاهرين قطع الطريق من جديد. وفي مناطق عدة من ضواحي بيروت الشمالية والجنوبية، عملت القوى الامنية على تحويل السير الى طرقات فرعية وتسهيل حركة المرور. في الموازاة، وقرب وزارة الدفاع في الفياضية وزع المعتصمون عند تمثال الرصاص الورود على عناصر الجيش، ووجهوا التحية إلى العماد جوزف عون، وانشدوا النشيد الوطني ورفعوا الصلوات وفتحوا الطريق لآليات الجيش اللبناني والصليب الاحمر.

كذلك وقع اشكال بين الشرطة والمعتصمين في مدينة النبطية الجنوبية. الى ذلك توافد عدد من المحتجين الى أمام مصرف لبنان، احتجاجا على "الهندسة المالية للمصرف، والسياسات الاقتصادية الخاطئة في لبنان". واعتبروا ان الورقة الاقتصادية الاصلاحية التي قدمها مجلس الوزراء "غير كافية لأنها لم ترفع السرية المصرفية عن الوزراء والنواب".

 

حادثة الدراجات

وفي وقت متأخر الإثنين، نشرت قنوات تلفزيونية محلية وناشطون على مواقع التواصل مقاطع فيديو تُظهر عشرات الشبان على دراجات نارية، يعترضهم عناصر من الجيش اللبناني بقوة لمنعهم من متابعة طريقهم في اتجاه وسط بيروت.

ونفى كل من حزب الله وحركة أمل في بيانين منفصلين أن يكون لهما أي علاقة بتظاهرة الدراجات النارية.

ولم يوفر المتظاهرون زعيماً سياسياً في هتافاتهم وشعارهم، ما يثير غضب مؤيدي الأحزاب والزعامات التقليدية.

ويتوقع كثيرون أن يسهم ذلط في إراحة حركة التظاهر مع محاصرة شبح الاعتداء على المتظاهرين، الذي أطل برأسه في غير مكان، لا سيما في الجنوب الذي يعتبره حزب الله وأمل معقل دارهما إلى جانب البقاع والضاحية الجنوبية لبيروت.

ويواصل المحتجون تحركاتهم، وقد بدأوا، لليوم السادس الثلاثاء، إضراباً عاماً، وقطعوا الطرق، فيما أقفلن المؤسسات الرسمية والمدارس والمصارف.

ويشهد لبنان منذ الخميس (17 أكتوبر) تحركاً غير مسبوق على خلفية مطالب معيشية في بلد صغير تثقل المديونية والفساد والمحاصصة والوراثة السياسية كاهله. وتوافد المتظاهرون منذ الصباح إلى الساحات.

وتشمل هتافات المتظاهرين وتصريحاتهم الزعماء كافة وقد كسرت "هيبة" أحاطت بالقوى السياسية التي وجدت نفسها مضطرة إلى سماع صخب الشارع واتهامات قاسية بالسرقة والفساد والنهب.

 

خطة الحكومة

وتمت الموافقة على هذه الاصلاحات عبر اقرار الحكومة موازنة العام المقبل واتخاذ اجراءات أخرى من خارجها، وفق ما قال الحريري.

وتتضمن خطة الحكومة سلسلة اجراءات منها خفض العجز في موازنة 2020 إلى 0,6 في المئة من إجمالي الناتج المحلي، والالتزام بعدم فرض أي ضرائب جديدة. وتتعهّد الحكومة باقرار مشاريع المرحلة الأولى من مؤتمر سيدر والبالغة قيمتها 11 مليار دولار، خلال ثلاثة أسابيع. ومن الاصلاحات خفض رواتب الرؤساء والنواب والوزراء الحاليين والسابقين بنسبة خمسين في المئة، وخفض العجز في مؤسسة كهرباء لبنان، القطاع الذي تقدّر قيمة العجز السنوي فيه بنحو ملياري دولار سنوياً. ويشكل إصلاح هذا القطاع أولوية بالنسبة للجهات المانحة.

وتتضمن أن يسهم القطاع المصرفي ومصرف لبنان بخفض العجز في لبنان، في اجراءات لم يكن من الممكن أن تقرها الحكومة لولا الضغط الشعبي في الشارع في الأيام الأخيرة.

وكانت الحكومة في الأسابيع الماضية تدرس فرض ضرائب جديدة تطال بمجملها جيوب الفقراء ومحدودي الدخل، عوضاً عن وقف الهدر في بعض القطاعات واصلاحات قطاعات تكلف خزينة الدولة أموالاً طائلة. وشكل سعيها لفرض رسم مالي على الاتصالات المجانية عبر تطبيقات الهاتف الخلوي الشرارة التي أطلقت هذه التحركات الغاضبة.

أزمة الثقة

ويبدو أن مشكلة الثقة بين المواطنين والسياسيين من أبرز العناوين التي تحكم الأزمة. تقول شانتال (40 عاماً) "هذه الاجراءات (قرارات حكومة الحريري) كذبة، كلها كذب"، سائلة "ما الذي يضمن لنا أن هذه الاجراءات ستتحقق غداً؟".

تضيف "إنها ذرّ للرماد في العيون، فهم عاجزون عن قيادة البلد".

وازدادت أعداد المعتصمين تدريجاً في بيروت ومناطق أخرى خلال ساعات الليل. وتحولت الساحات ما يشبه احتفالاً في الهواء الطلق تمايل فيه المعتصمون على إيقاع موسيقى صاخبة وأغان وطنية واخرى حماسية. وتجمّع عشرات الناشطين ليلاً قرب مقر مصرف لبنان تنديداً "بالسياسات المالية". ويقول محمد نحلة (36 عاماً) "مصرف لبنان يمثل السلطة السياسية والفساد والسياسات الخاطئة".

ويؤكد روني الأسعد (32 عاماً، موظف وناشط) أن "لا شيء يخرجني من الشارع إلا استقالة الحكومة أولاً، ومن ثم الدعوة إلى انتخابات مبكرة، أو تشكيل حكومة انتقالية مع مشاركة ممثلين عن الشعب فيها، على غرار ما جرى في السودان".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأقرّ الحريري أن خطة الحكومة قد لا ترضي المتظاهرين، إلا أنه قال في الوقت ذاته إنها "ليست متخذة للمقايضة" على خروجهم من الشارع، مخاطباً إياهم بالقول "أنتم من تتخذون هذا القرار ولا أحد يعطيكم المهلة"، متعهداً بحمايتهم.

وفي محاولة لمجاراة المتظاهرين الناقمين على القوى السياسية بأكملها والمطالبين برحيلها، قال الحريري إنه يدعم مطلبهم باجراء انتخابات نيابية مبكرة.

لا ضرائب جديدة

وتكمن "أهمية" القرارات المتخذة، وفق ما قال الخبير الاقتصادي غازي وزني لوكالة الصحافة الفرنسية، في كونها "لا تفرض رسوماً أو ضرائب على المواطنين ولا تطال موظفي القطاع العام". وتتضمن التزامات تعهد بها لبنان أمام مؤتمر سيدر، لا سيما ما يتعلق بالاتفاق على آلية لإصلاح قطاع الكهرباء وخفض عجز الموازنة والنفقات العامة.

وتعهدت الحكومة العام الماضي أمام المجتمع الدولي بتخفيض النفقات العامة وبمشاريع اصلاحية مقابل حصولها على قروض وهبات بقيمة 11,6 مليار دولار أقرها مؤتمر سيدر. إلا أن تباين وجهات النظر إزاء تطبيق هذه المشاريع والخلاف على الحصص والتعيينات داخل الحكومة التي لا يحظى فيها الحريري بأكثرية، حالت دون وفاء الحكومة بالتزاماتها.

وقال وزني "تلبي ورقة الحريري مطالب وكالات التصنيف والجهات المانحة وصندوق النقد الدولي".

ومع تأخر الحكومة في الايفاء بتعهداتها هذه وتأخر حصولها على المال، حذرت وكالة "موديز" من أنها قد تخفّض التصنيف الائتماني للبنان خلال الأشهر الثلاثة المقبلة "إذا لم يتبلور مسار الأمور باتجاه إيجابي".

وخفضت وكالة "فيتش" في 23 أغسطس (آب) تصنيف لبنان درجة واحدة من "بي سلبي" إلى "سي سي سي"، بينما أبقت وكالة "ستاندارد أند بورز" تصنيف لبنان كما هو "بي سلبي/ بي"، مرجحة استمرار تراجع ثقة المستثمرين، ما لم تتمكن الحكومة من "تطبيق اصلاحات بنيوية لتقليل العجز في الموازنة وتحسين النشاط التجاري".

المزيد من العالم العربي