Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حرص دولي على الحكومة اللبنانية خوفا من الفراغ و"اللون الواحد"

حزب الله ليس في وارد الاستغناء عن الحريري في رئاسة الوزراء

على وقع استمرار الانتفاضة الشعبية في شوارع بيروت ومختلف المدن والمناطق اللبنانية، اجتمع مجلس الوزراء اللبناني في قصر الرئاسة في بعبدا، وأقرّ ورقة اقتصادية كان أعدها رئيس الحكومة سعد الحريري، في مسعاه لإرضاء الشارع الغاضب، ضمن المهلة التي كان أعطاها لنفسه والتي انتهت عملياً بانتهاء الجلسة الحكومية وتلاوته بياناً عقب الجلسة ضمّنه البنود الإصلاحية التي أقرتها الحكومة من خارج مشروع الموازنة. وكان لافتاً في البيان اعتراف الحريري بقوة الحراك الشعبي الذي أدى إلى إقرار مطالب عجز هو ذاته عنها على مدى سنتين. 
لم يستقل الحريري. وجاء الإخراج السياسي للمأزق الحكومي المستجد على خلفية الاحتجاجات الشعبية المطالِبة بشكل أساسي باستقالة الحكومة، من خلال إقرار مشروع الميزانية العامة لعام 2020، ورزمة إصلاحات كانت أساساً في صلب الخلافات على طاولة مجلس الوزراء في المرحلة السابقة، وأدت إلى فيضان كأس الناس، فنزلوا بعشرات ومئات الآلاف إلى الشارع تحت عنوان مطلبي واحد هو: استقالة الحكومة.

احتمال الاستقالة

ولكن هل كان في إمكان الحريري الاستقالة؟ وهل ثمة أسباب تقف وراء عدم إقدامه على هذه الخطوة على الرغم من خروج حليفه الأساسي، رئيس حزب " القوات اللبنانية" سمير جعجع، من الحكومة (بقطع النظر عن التباينات بينهما داخلها)؟
في الأوساط السياسية اللبنانية، تتردد معلومات مفادها بأن الحريري تعرض لضغط من "حزب الله" من أجل البقاء في موقعه وعدم الإقدام على الاستقالة، تحت طائلة تفجير البلد أو دفعه إلى مغادرته. لم تتأكد مثل هذه المعلومات لكن الأكيد أن الحزب ليس في وارد الاستغناء عن الحريري، وقالها أمينه العام حسن نصرالله صراحةً في خطابه المتلفز السبت الماضي. 
للحزب "أجندة" (روزنامة عمل) خاصة تتعلق بالحفاظ على المشهد السياسي كما هو ومن دون أي تغيير، وتحديداً على رئيس الحكومة الذي يشكل إلى جانب رئيس الجمهورية ميشال عون، الغطاء الشرعي للشراكة السياسية، لا سيما أن الشرعية التمثيلية استمدها من الانتخابات النيابية الأخيرة، التي أعطته مع حلفائه الأكثرية المطلقة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في المقابل، تؤكد مصادر سياسية مطلعة لـ "اندبندت عربية"، أن الحريري ليس في موقع يُحسد عليه، كاشفةً عن أن الاتصالات الدولية والعربية أسفرت عن نصيحة، لا سيما أميركية- فرنسية، بالاستمرار في السلطة، انطلاقاً من أن الغرب لا يريد الفوضى، أو دخول البلاد في فراغ دستوري على مستوى السلطة التنفيذية، لسببين أولهما الخوف من انهيار مالي بات وشيكاً وحتمياً، مع ما يرتبه من زعزعة للاستقرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي، والسبب الثاني يتصل بالقلق من احتمال ذهاب البلاد نحو سيطرة كاملة لحزب الله، من خلال حكومة من لون سياسي واحد يمثل المحور الذي يقوده الحزب برعاية إيرانية واضحة وتامة. 
وجاء كلام المسؤول في وزارة الخارجية الأميركية قبل يومين ليؤكد هذا التوجه من خلال دعم برنامج الإصلاحات والسياسات التقشفية المطلوبة من الحكومة لتفادي الانهيار، علماً أن الخارجية الأميركية كانت السبّاقة في دعم الانتفاضة الشعبية السلمية. 

 

صندوق النقد

موقف آخر لا يقل أهمية، صدر عن صندوق النقد الدولي الذي دعا الحكومة إلى المبادرة فوراً إلى إرساء الإصلاحات المطلوبة. 
وفيما ساد الصمت على المستوى العربي، فقد بدا واضحاً غياب أي دعوات خارجية لتلبية مطلب الشارع واستقالة الحكومة. 
مصدر دبلوماسي عربي رفض كشف هويته، أكد أن التشاور كان دائماً بين السفراء العرب في بيروت في مواكبة للتطورات الأخيرة، ولكن هذا الأمر شأن لبناني ولا يمكن التدخل به، ولا يمكن بالتالي تقديم النصيحة بشأنه، خصوصاً أن صوت الشعوب يبقى دائماً فوق كل اعتبار آخر، ولكن في الحالة اللبنانية هناك ظروف دقيقة واستثنائية ناجمة عن سيطرة "حزب الله" على القرار اللبناني، تستدعي الأخذ في الاعتبار المخاطر التي قد تنجم عن الفراغ الحكومي في حال استقالت الحكومة. 
لكن المصدر لم يخف أن النصيحة الأفضل أمام السلطات اللبنانية هي الاستجابة للشعب، وهناك تجارب عربية مماثلة في تونس أو مصر مثلاً. 
يسخر المصدر من الكلام الذي تشيعه أوساط "حزب الله" عن تمويل سفارات للحراك الشعبي، واصفاً الأمر بالاستفزازي للشارع، مبدياً أسفه لاستمرار حالة الإنكار الرسمي لما شهده الشارع اللبناني في الأيام القليلة الماضية، داعياً قيادات الحزب إلى قراءة هذا المشهد بتأنٍ وروية لفهم التغيير الكبير الذي يشهده الشارع بعدما بلغ حالاً من الفقر واليأس والقرف من الطبقة السياسية الحاكمة بكل ألوانها وأطيافها.

المزيد من العالم العربي