توصلت الحكومة السودانية والحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة عبد العزيز الحلو خلال مفاوضاتهما الجارية في العاصمة جوبا إلى تفاهمات مشتركة حول القضايا السياسية والإنسانية والترتيبات الأمنية يتوقع أن تتمخض عن إعلان مبادئ حول مجمل قضايا التفاوض. فيما أعلن نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي رئيس وفد السودان لمفاوضات السلام مع الحركات المسلحة الفريق أول محمد حمدان دقلو قرب إحلال السلام وإنهاء الحرب في البلاد.
وأكد دقلو أن الحوار بين الأطراف السودانية يسير بصورة جيدة نحو تحقيق السلام، مشيراً إلى أن اللجان الفنية المنبثقة من وفود التفاوض تبذل جهوداً مضنية وهي تعمل على تفاصيل قضايا التفاوض. وأضاف "الروح السائدة وسط أطراف التفاوض إيجابية، وأن جميع أطراف التفاوض تتوافر لديها الرغبة والإرادة للتوصل إلى اتفاق سلام شامل يطوي صفحة الحرب في السودان"، معرباً عن تفاؤله بخروج الجولة الحالية من المفاوضات بنتائج جيدة ستسعد الشعب السوداني وشعب جنوب السودان نسبة لارتباط الأمن والاستقرار في كلا البلدين.
ورقة توافقية
وسلم وفد الحكومة السودانية كلاً من وفد الحركة الشعبية شمال ولجنة الوساطة من دولة جنوب السودان ورقتين، تحمل الورقة الأولى رد الوفد على مقترح إعلان المبادئ الذي قدمه وفد الحركة الشعبية شمال حول قضايا التفاوض، بينما تتضمن الورقة الثانية تصور وفد الحكومة السودانية لعملية إدارة التفاوض حول مجمل ملفات الحوار. في حين طلب وفد الحركة الشعبية منحه مهلة أقصاها يومين لدراسة محتوى الأوراق المقدمة من وفد حكومة السودان. وبالمقابل تعد لجنة الوساطة ورقة توافقية سيتم عرضها على اجتماع طرفي التفاوض الذي سيعقد الاثنين 21 أكتوبر (تشرين الأول) من المنتظر أن يتمخض عنها إعلان مبادئ شامل حول قضايا التفاوض.
رأب الصدع
وكانت لجنة الوساطة التي تقودها دولة جنوب السودان نجحت في رأب الصدع بين الأطراف السودانية (حكومة وحاملي السلاح) من خلال إقناع الحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة عبد العزيز الحلو بالعودة إلى طاولة المفاوضات مع الحكومة السودانية بالعاصمة جوبا بعد معالجة الأحداث الأخيرة التي تسببت في خرق وقف إطلاق النار في مناطق العمليات بجنوب كردفان، حيث استؤنفت المفاوضات الجمعة 18 أكتوبر بعد أن تم احتواء الخلافات التي برزت أخيراً، فيما تم تشكيل لجنة مشتركة لوضع خريطة طريق للمفاوضات بين وفد الحكومة السودانية والحركات المسلحة المنضوية تحت لواء الجبهة الثورية، مع الالتزام بإنهاء الحرب في أقرب وقت ممكن.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأكد رئيس لجنة الوساطة في محادثات السلام السودانية توت قلواك أن عملية السلام بين الأطراف السودانية تسير بخطوات إيجابية نحو غاياتها من أجل تحقيق السلام الشامل والعادل في السودان، وجدد عزم بلاده على مساعدة الوفود المتفاوضة في التوصل إلى اتفاق سلام شامل ينهي الحرب في السودان وذلك من خلال الالتزام مع بقية الدول الأفريقية العازمة على إنهاء الحروب في القارة بنهاية العام 2020. في حين أشاد الأمين العام للحركة الشعبية شمال عمار أمون بالخطوات الإيجابية التي اتخذتها حكومة السودان لمعالجة الأحداث التي جرت في مناطق العمليات بجنوب كردفان، مؤكداً التزام الحركة بالتفاوض المباشر مع الحكومة السودانية في أي زمان.
أجندة التفاوض
وفي غضون ذلك أشار عضو وفد الجبهة الثورية للتفاوض محمد تقد إلى أن اللجنة المشتركة المعنية بتحديد أجندة المفاوضات بين وفدي الحكومة السودانية والجبهة الثورية ناقشت في وقت سابق أجندة التفاوض التي يجب أن تكون محل النقاش في المرحلة المقبلة والطرق المثلى للدفع بالعملية السلمية وكيفية الانتقال من مرحلة إعلان المبادئ وبناء الثقة الذي وقعه الطرفان في جوبا سبتمبر (أيلول) الماضي إلى مرحلة الدخول في التفاوض حول القضايا الجوهرية المتعلقة بالمشكلة، فضلاً عن ضرورة التفاوض في مسارات متعددة تشمل قضايا قومية، بالإضافة إلى القضايا المتعلقة بمناطق النزاع المختلفة، لافتاً إلى أنه سيتم طرح أجندة التفاوض بعد استكمالها كإعلان سياسي خلال اليومين القادمين. وأكد أن الجانبين أمنا على منبر جوبا مقراً للتفاوض، مبيناً أنه سيتم لاحقاً استكمال بقية أجندة المفاوضات ومن ثم رفعها إلى اللجنة السياسية العليا لوفدَي التفاوض لتحديد المسار المستقبلي للتفاوض.
خيار إستراتيجي
وأكد عضو مجلس السيادة المتحدث الرسمي باسم وفد الحكومة السودانية المفاوض محمد الحسن التعايشي عزم حكومته والحركات المسلحة على تحقيق السلام بالبلاد من خلال التوصل إلى اتفاق بشأنه في وقت قصير، مشيراً إلى أن السلام يمثل خياراً إستراتيجياً لكلا الطرفين باعتبارهما شركاء في التغيير الذي جرى في البلاد، وهو ما جعل هناك عزيمة على تحقيق أمال وتطلعات الشعب السوداني في الاستقرار والتنمية. وجدد التعايشي ثقة حكومته في الوساطة التي تقودها جنوب السودان كونها تعد الأكثر تأهيلاً لتحقيق السلام في السودان من واقع الروابط التاريخية والشعبية والمصالح المشتركة مع بلاده.
خرق الاتفاق
وكانت الحركة الشعبية شمال بقيادة عبدالعزيز الحلو اتهمت الحكومة السودانية بخرق اتفاق وقف إطلاق النار في مناطق العمليات بجنوب كردفان، ما أدى إلى تأجيل التفاوض المباشر بين الطرفين من قبل لجنة الوساطة مدة 24 ساعة لإجراء مزيد من المشاورات لمعالجة الأمر. في الوقت الذي أكدت حكومة الخرطوم تجديد وقف إطلاق النار باعتباره دليلاً على التزامها بالسلام خياراً إستراتيجياً أقرته وثائق الفترة الانتقالية وتسنده الإرادة الشعبية في السودان والإقليم، حيث وضعت الحركة الشعبية في بيان لها ممهور باسم سكرتيرها العام عمار أمون أربعة شروط للعودة إلى طاولة التفاوض مع الوفد الحكومي من أبرزها وقف العدائيات، مبررة تعليق التفاوض بأن القوات المُسلَّحة السودانية بمُساعدة أفراد قبليين تخطت مساراً مُختلفاً حوله، وأن قوات من الدعم السريع تعتقل 13 مواطناً بعد أن ألقت القبض عليهم في كمين، مؤكدة بأنها لن تباشر التفاوض مع الحكومة قبل التأكد من إصدار إعلان موثق بوقف العدائيات من جانب الحكومة، وإطلاق سراح المواطنين المحتجزين من طرفها وتسليمهم لسلطات الحركة الشعبية فوراً، والانسحاب الفوري من المناطق التي احتلتها، ورفع الكمائن التي نصبتها في خور ورل ومناطق أخرى، فضلاً عن إجراء تحقيق متكامل حول اغتيال الشيخ محمد عبد الفضيل، شيخ قرية الزلطاية.
في حين وصفت الحكومة السودانية ما جرى من أحداث بأنها عبارة عن صراع بين مجموعات مسلحة من الرعاة وبعض التجار في مناطق سيطرة الحركة الشعبية بولاية جنوب كردفان، معربة عن إدانتها للحادث، وتأكيدها ملاحقة الفاعلين ومحاسبتهم وفقاً للقانون. وأشارت إلى أن ما حدث يجب أن يكون دافعاً للمضي قدماً في طريق السلام الذي ينهي القتال إلى الأبد، مؤكدة جاهزيتها للتفاوض في كل الموضوعات محل النقاش.