Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لبنان… التظاهرات تقلب الطاولة على تحالف العهد

في ظاهرة نادرة توجه آلاف المتظاهرين باتجاه مقر الرئاسة اللبنانية في بعبدا

في ذكرى دخول القوات السورية إلى لبنان في 13 أكتوبر (تشرين الأول) 1990 هدد رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل خصومه بقلب الطاولة عليهم، قائلاً "وكما الماء نحن، نجرفكم في لحظة لا تتوقّعونها، إن بقيتم منتظرين عند حافّة النهر تنتظرون مرور جثتنا!". إلا أن النهر البشري الهادر عاكس طموحات باسيل ليغرق محيط القصر الرئاسي بتظاهرات عارمة هاتفة بإسقاط النظام وقلب الطاولة على حكومة رئيس الوزراء سعد الحريري، التي باتت مطية لتحالف التيار الوطني الحر وحزب الله الذي يتلطى خلفها ليسيطر على الدولة ويمرر سياسته الخارجية من خلالها، وفق ما يعلق مصدر وزاري.

ثلاثة مطالب

وفي ظاهرة نادرة، توجه آلاف المتظاهرين من وسط بيروت باتجاه قصر بعبدا (مقر الرئاسة اللبنانية) في ظل حضور أمني كثيف وانتشار لقطاعات الجيش اللبناني في محيط القصر، حيث رفع المتظاهرون ثلاثة مطالب أساسية وهي إسقاط الرئيس ميشال عون وحكومة الرئيس الحريري والدعوة إلى انتخابات نيابية مبكرة وفق قانون انتخابي عادل لإعادة تشكيل السلطة وفق معادلة جديدة.

ومن ضمن الظواهر المستجدة في الشارع اللبناني، شهدت المناطق التابعة لنفوذ حزب الله وحركة أمل تظاهرات غير مسبوقة تخللها اقتحام وتكسير لمكاتب ومقرات حزبية من ضمنها مكتب رئيس كتلة حزب الله النيابية محمد رعد، في ظاهرة اعتبرتها مصادر مواكبة بأنها نتيجة مباشرة للعقوبات الأميركية على حزب الله والكيانات المرتبطة به، إضافة إلى ارتفاع نسبة البطالة في الشارع الشيعي إلى حوالى 50 في المئة، في ظل غياب تام للتنمية والخدمات الاجتماعية على الرغم من وعود نواب حزب الله بالعمل على تأمينها قبيل الانتخابات النيابية الماضية.

 

مقاربة الثورة

ما حصل في لبنان دفع ببعض المراقبين إلى المقارنة مع الأحداث التي جرت مؤخراً في العراق، متخوفين من إمكانية الإنزلاق من التظاهر السلمي إلى مواجهة مفتوحة، خصوصاً بعد تردد معلومات عن إمكانية تنظيم أنصار الرئيس اللبناني ميشال عون تظاهرات مضادة تحت عنوان حماية موقع الرئاسة، في حين ذهب آخرون باتجاه مقارنتها مع حركة السترات الصفراء الفرنسية والتظاهرات اليونانية، وقاربها آخرون بالانتفاضة السودانية التي أسقطت الحكم وانتهت إلى عزل الرئيس عمر البشير وسجنه.

وبهذا المعنى توقع المراقبون أن يستمر الحراك حتى يحصد مكاسب اقتصادية وسياسية مؤثرة، تتجاوز إسقاط ضريبة الواتسآب الهامشية، التي كانت شرارة لكنها لم تكن قضية، وفق الاعترافات التلقائية للمحتجين أنفسهم.

الاشتراكي: مهلة الحريري غير مجدية

وفي هذا السياق، أشارت مصادر في الحزب التقدمي الاشتراكي إلى أن رئيس الحزب وليد جنبلاط كان أول من أطلق الرصاصة الأولى على عهد ميشال عون حين وصفه بالفاشل، وصولاً إلى التظاهرة الأخيرة التي دعا إليها الحزب في وسط بيروت، التي كانت بمثابة الإنذار الأخير، قبل إعلان المعركة الحاسمة.

وطالبت المصادر الرئيس اللبناني بالاستقالة فوراً وتجنيب لبنان الانزلاق إلى مزيد من الانهيار والعقوبات، معتبرة أن الذهاب إلى انتخابات نيابية مبكرة وفق قانون جديد بات حاجة ملحة وضرورية وهو الطريق الوحيدة التي ستخرج لبنان من النفق المظلم، الذي أوصله إليه تحالف عون- والأمين العام لحزب الله حسن نصرالله.

 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ورأت المصادر أن اندفاع المتظاهرين باتجاه القصر الرئاسي هو خطوة بالاتجاه الصحيح، محملة الرئيس عون المسؤولية المعنوية عن حال البلاد المزرية، معتبرة أن ارتكاب خطأ تحييد الرئيس لأسباب طائفية هو خطيئة إستراتيجية تم ارتكابها في ثورة 14 مارس (آذار) 2005 خلال عهد الرئيس الأسبق إميل لحود، وأدت إلى تلاشي التحالف وسقوطه لاحقاً.

وعن مهلة الـ 72 ساعة التي أعطاها الحريري لاتخاذ قراره الحاسم بشأن مصير حكومته، رأت المصادر أن هذه المهلة لن تُسكت المتظاهرين وهي رهان فاشل على إمكانية تراجع حدة التظاهرات في الشارع، مشددة على أن الحكومة سقطت معنوياً على الرغم من محاولات إنعاشها قانونياً ودستورياً، مؤكدة أن الوضع هذه المرة لم يعد يحتمل أنصاف الحلول.

القوات تتهم باسيل

من جانبها، أعلنت مصادر القوات اللبنانية أنها تنسق خطواتها مع الحزب التقدمي الاشتراكي والعديد من الشخصيات السياسية المعارضة، مشيرة إلى أن تحركها موجه بشكل رئيسي إلى رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل الذي يحاول الاستئثار بالحكم وإبرام صفقات تشوبها روائح الفساد، ما أوصل البلاد إلى حال من الاختناق السياسي والاقتصادي.

وحملت مصادر القوات اللبنانية باسيل مسؤولية أي نقطة دم يمكن أن تُسفك بين المتظاهرين نتيجة التحريض عليهم عبر إعلان وجود ما يسمى بالطابور الخامس والمندسين بين المتظاهرين، وكأنه يبشر بمواجهة خبيثة ودموية مع المتظاهرين، منتقدة الاستخفاف بعقول اللبنانيين باتهام الفرقاء الآخرين بمنعه عن العمل والإنجاز في الحكومة. وترد على تهديد باسيل بأنه إذا استقالت هذه الحكومة فسيكون خراب البصرة، بالسؤال هل هناك خراب للبصرة أكبر من الذي نشهده الآن؟

وسخرت المصادر من قول باسيل إن "التظاهرات ليست موجهة ضدنا وهناك سلة إصلاحات نادى بها الرئيس عون في بعبدا، ويجب تنفيذها ووضعنا ورقة اقتصادية بموضوع الكهرباء والفساد والهدر"، معتبرة أن باسيل لا يعرف إلا المحاضرة بالعفة وذر الرماد في العيون والتشويش على الرأي العام.

وأضافت مصادر القوات اللبنانية "لقد استمعنا بكل أسف إلى كلام باسيل وأقصى تمنياتنا كانت في أن تكون اليقظة الشعبية قد أدت إلى يقظة لديه ولدى غيره من المسؤولين أيضاً، ولكننا فوجئنا بأنه يكرر الأسطوانة نفسها التي مللنا من سماعها لسنوات خلت، فمنذ استلامه وزارة الطاقة عام 2010 وهو يبشرنا بكهرباء 24/24 وعلى مشارف 2020 لا يزال يبشرنا بالشيء نفسه، وليس فقط من دون أي تقدم يذكر بل مع تأخر مستمر"، مشيرة إلى أن الوزير باسيل مسؤول شخصياً عن 10 سنوات من عمر لبنان الكهربائي الذي لم يشهد أي خطوة ايجابية في الكهرباء وفي الوقت نفسه شهد ما يقارب 25 مليار دولار من العجز، الذي يشكل وحده 40 في المئة من العجز الحاصل في السنوات الـ10 الماضية.

المستقبل يرمي الكرة

مصادر تيار المستقبل اعتبرت مهلة الـ72 ساعة المقبلة مصيرية في مستقبل لبنان الحديث، مشيرة إلى أن الكرة باتت في ملعب التيار الوطني الحر وحزب الله وعليهما التعامل بجدية تامة، مؤكدة أن الحريري سيصارح حزب الله بشأن الإستراتيجية الدفاعية التي تضمن للدولة استعادة سيادتها وقرارات الحرب والسلم.

وانتقدت مصادر الحريري بشدة أداء باسيل، متهمة إياه بمحاولة التفرد بالسلطة وإقصاء الفرقاء الآخرين وهذا أمر لا يمر في لبنان وعليه أن يعيد حساباته.

 

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي