Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

اساتذة يعيشون في اكواخ وسيارات ويستخدمون بنوك الطعام

يتزايد طلبهم للإعانات المالية ونقود الدعم السكني

من كان ليظن أن أساتذة في بريطانيا يعانون بشدة لتأمين لقمة عيشهم، إلى حد طلب معونات طعام عينية؟ (تايست أوف هوم)

حذّرت إحدى الجمعيات الخيرية من أنّ الاساتذة يعيشون في أكواخٍ وسيارات ويحصلون على أكلهم من بنوك الطعام، في ظلّ ارتفاع عدد المتخصصين الذين يسعون إلى الحصول على دعم مالي حيوي.

وبحسب جمعية "الشراكة في دعم التعليم" الخيرية التي تمنح هباتٍ للأحوال الطارئة، يواجه مئات الأساتذة وأفراد طواقم دعم التعليم خطر فقدان منازلهم أو انعدام قدرتهم على دفع بدلات الإيجار.

وفي هذا السياق، ارتفع عدد الأساتذة المتقدّمين إلى طلب الحصول على هباتٍ نقدية للإسكان من تلك الجمعية بنسبة 67% بين 2016 و2018. وتتوقّع الجمعية أيضاً أن تسجّل الطلبات مستوياتٍ غير مسبوقة خلال هذه السنة.

وتعتبر اتحادات التعليم أنّ تراجع الأسعار الفعلية في رواتب الأساتذة في وقتٍ ارتفعت فيه تكاليف السكن ورعاية الأطفال، يشكّل السبب وراء ارتفاع عدد المتخصصين في التعليم ممن يسعون إلى الحصول على مساعدة.

وفي كوخ أحد أصدقائها، وتعيش إحدى المعلّمات مع ابنتها وقد تقدّمت بطلب الحصول على مساعدة مالية من الجمعية لتسديد عربون إيجار، لأنّها لم تتمكن من العثور على مكان تستطيع دفع تكلفة العيش فيه.

وتظهر الأرقام التي حصلت عليها الاندبندنت بأنّ الجمعية الخيرية تلقّت 832 طلباً للحصول على منح سكنية من قبل أساتذة في 2018 بالمقارنة مع 661 طلباً في 2017 و498 في 2016.

وسجّلت الأرقام المتوفرة لهذا العام حتى الآن، وقد جرى الاستحصال عليها خلال تسعة أشهر بين يناير (كانون الثاني) وسبتمبر (أيلول)، تقديم 648 طلباً.

ولم تملك شارون التي انتقلت من إسبانيا لتباشر شغل وظيفة مؤقتة في مدرسة في بلدة "دورسيت"، المال الكافي لدفع عربون الإيجار فعاشت مع ابنتها (10 أعوام) طيلة سبعة أشهر في كوخٍ تعود ملكيته إلى أحد أصدقائها.

وفي حديث إلى الاندبندنت، أوضحت "لم يكن لديّ مال ولا مدّخرات ولا مفروشات. لم يكن بحوزتي مالاً لأدفع عربون إيجار. لقد كان أمراً رهيباً. شعرنا بالبرد. ولم أتمكّن من الطهو بنفسي كما كان الغسيل أمراً مضنياً. وشكّلت حتى أبسط الأمور تحدياً حقيقياً. وخضعت ابنتي لاختبارات الدخول إلى الكلية في ذلك الوقت أيضاً. أصبح الأمر أشبه بكابوس. تفاجأت بأنّها نجحت لانّها عانت ضغطاً كبيراً. لم يكن لدينا مساحة كافية ولم يتّسع المكان لوضع طاولة. سبّب ذلك كثيراً من الاضطراب وشعرت بأنني أخفقت كأمّ".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي سياقٍ متّصل، لاحظت الجمعية ارتفاعاً في عدد الأساتذة الساعين إلى الحصول على مساعدة لتأمين زيّ المدرسة الخاص بأولادهم، كما أُجبروا على الاستعانة بأحد بنوك الطعام. وعلى نحو مماثل، ذكرت إحدى المعلّمات التي فضّلت عدم الكشف عن هويّتها للاندبندنت، بأنّه تحتّم عليها اللجوء إلى بنك الطعام عشر مرات خلال العام الماضي لإطعام ولديها.

وقد كافحت الأمّ في التوصّل إلى تدبّر أمور المعيشة وسط ارتفاعٍ في تكاليف رعاية الأولاد، ما دفعها إلى إرسال ابنتها البالغة أربعة أعوام إلى المدرسة من دون زيّ مدرسي ملائم لأنّه لم يكن بوسعها تحمّل نفقاته.

وكذلك ذكرت المعلّمة التي تلقّت مساعدة مالية من "الشراكة في دعم التعليم"، أنه "في المدرسة، خلال الفترة التي سبقت عيد الميلاد، حصلنا على تبرّعات لبنوك الطعام بعد أن طُلب من كلّ شخص إحضار شيء ما كلّ يوم. وكنت أشاهد ما يحضره الأولاد وأفكّر أن تلك الأشياء ربما صارت قسيمة بنك الطعام الميلادية الخاصة بي. كان الأمر محزناً للغاية أن أفكّر في أنّ هؤلاء الأولاد يتبرّعون بموادٍ سينتهي بي المطاف إلى تناولها. يبدو ذلك خاطئاً."

في تطوّر متّصل، أفاد ريتشارد فولكنر، رئيس السياسة في "الشراكة في دعم التعليم" أنّه قرأ طلباتٍ "محزنة للغاية" من أساتذة "يعيشون في سياراتهم"، ويتمكنون من البقاء على قيد الحياة بواسطة 15 جنيه استرليني أسبوعياً (18,8 دولار) شريطة أن يجري سداد بدل الإيجار والفواتير."

وأضاف، "لا يتوقّع الناس أن يكون الاساتذة من دون مأوى وأنّهم لا يحصلون على القسم الأكبر من طعامهم بواسطة بنوك الطعام. إنّه الواقع الذي نراه بشكل متزايد وبصورة دورية".

وأضاف فولكنر أنّ غالبية الطلبات تأتي من أساتذة يعملون في التعليم في جنوب شرقي إنجلترا. وتؤدي رواتب الأساتذة المتدنية دوراً كبيراً في عدد من تلك الحالات.

في هذا السياق، حذّرت الجمعيّة الخيرية من استقالة أعداد متزايدة من الأساتذة في المناطق التي ترتفع فيها كلفة المعيشة، ما لم تتخذ الحكومة إجراءات عاجلة.

وبيّن توم أستاذ التعليم الابتدائي في شرق لندن أنّه يفكّر في ترك مهنة التعليم لأنّ راتبه لا يتناسب مع تكاليف عيشه الباهظة. وأضاف الوالد العازب الذي تلقّى منحة للانتقال مع أولاده إلى منزل مستأجر بمساحة أكبر، أنّه يعيش في خطّ الفقر. وأضاف، "تبلغ كلفة الإيجار السنوية 15 ألف جنيه استرليني لشقّة أشبه بالسجن مؤلفة من سريرين في منطقة رديئة في لندن. لم نحظَ بزيادةٍ فعلية على الراتب. أعمل في نشاطات ما بعد المدرسة مقابل راتبٍ متدنٍّ وأعمل يوم السبت أيضاً، ذلك أننا نقيم مدرسة يوم السبت لتغطية النفقات. إنّها ليست مهنة برواتب جيدة، خصوصاً في مدينةٍ باهظة الثمن".

واعتبر أنّه كلّ عام، يغادر قرابة نصف طاقم العمل في مدرسته، بأثر من الارتفاع في تكاليف السكن والتدني في الرواتب. ووفق كلماته، "فكّرت في نقل مكان سكني. أعتقد أنّ هنالك مشكلة حقيقية في لندن. وفي حال استمرّت الأمور على هذا المنوال، ستضيق القاعد الديموغرافية للأساتذة بشكلٍ كبير. أبلغ 38 عاماً من العمر، وأنا أحد أكبر الأساتذة في المدرسة لأنّه بمجرد أن يحظى أن يحظى أشخاص بعائلاتٍ فإنهم ينتقلون من هنا لأنه لا يعود بوسعهم تحمّل التكاليف." وأوضح أنّ زملاء في مدرسته أعطوه ثياباً من المفقودات، وبذا تمكّن أولاده من الحصول على زيّ للمدرسة.

وسمع كيم كنابيت، الرئيس المشترك لـ"الاتحاد الوطني للتعليم" تقارير كثيرة  تتحدث عن لجوء الأساتذة وطواقم المدارس إلى بنوك الطعام خلال الأشهر الاثني عشر الماضية. وأوضح ذلك الأستاذ في العلوم الذي تطوّع للعمل في أحد بنوك الطعام في لندن، أنّه "تحتّم عليّ الاختباء عندما يأتي أفراد من طاقم عملٍ في مدارس أعرفها للحصول على طعام. وتدركون كم يكون ذلك الأمر محرجاً بالنسبة إلى أستاذٍ أو فردٍ في الطاقم التعليمي. إنّ عدم تمكّن الأشخاص من تأمين الطعام لأولادهم على الرغم من عملهم بدوامٍ كامل يشكّل أمراً لا يجوز حدوثه في القرن الحادي والعشرين".

وأضاف كنابيت متحدثاً عن ارتفاع كلفة العيش، "ترتفع تكاليف السكن بشكلٍ مطّرد. ويحاول الأشخاص شراء زيّ المدرسة والملابس والطعام من حفنةٍ متبقية وضئيلة من المال. لقد تقلّصت رواتب أساتذتنا في الحقيقة بـ15% بالمقارنة مع ما كانته في 2010."

وفي غضون ذلك، خلصت دراسة أجرتها "منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية" الشهر الماضي، إلى أنّ رواتب الاساتذة في المملكة المتحدة أقلّ من المعدّل العالمي.

ووجد التقرير أنّ الأجور القانونية للأساتذة في انجلترا واسكتلندا ممّن يتمتعون بخبرة 15 عاماً ومؤهلاتٍ عامة، لم تنتعش بما يكفي لتعود إلى ما كانته قبل الركود الاقتصادي."

وتذكيراً، يبلغ الحدّ الأدنى لرواتب الأساتذة في انجلترا وويلز، باستثناء لندن، 23720 جنيهاً استرلينياً (29800 دولار) في حين أنّ الحدّ الأدنى في وسط لندن يبلغ 29664 جنيهاً استرلينياً (37275 دولار). وسبق للحكومة أن تعهّدت رفع رواتب الأساتذة الجدد إلى 30 ألف جنيهاً استرلينياً (37700 دولار) في العام الدراسي 2022- 2023.

وفي هذا السياق، أوضح متحدّث بإسم وزارة التعليم أنّه "من شأن الزيادة أن تجعل الرواتب الأساسية للأساتذة من بين الأكثر تنافسية في سوق عمل المتخرّجين الجدد، إذا احتُسبت على أساس متوسّط زيادات الأجور التي تفوق التضخّم خلال العامين السابقين."

© The Independent

المزيد من تحقيقات ومطولات