Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل يتمكن الرئيس التونسي الجديد من القضاء على الفساد؟

لم تلوثه السياسة و"مافيات المال والأعمال" طوال السنوات الثماني الماضية وبقي على مسافة واحدة من الجميع

بعد فوز ساحق في الانتخابات الرئاسية، وفي أول كلمة له بعد صدور النتائج، قال الرئيس التونسي المنتخب قيس سعيّد إنه سيكون رئيساً لكل التونسيين شاكراً من انتخبه، ومن لم ينتخبه، ودعا الشعب التونسي لأن يكون يداً واحدة وصفاً واحداً من أجل العمل لضمان مستقبل أفضل.

الرئيس الجديد البعيد عن الأحزاب، كان قريباً من الشباب الذين أحبوه وشكلوا قاعدة ناخبيه الأساسيين ومعهم أبناء الطبقة الوسطى، التي كانت تشكل الشريحة الأكبر في المجتمع التونسي قبل التراجع اللافت بسبب الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، حتى لامست هذه الفئة المتعلمة والعاملة في مؤسسات الدولة والشركات الكبرى خط الفقر. كل هؤلاء ساندوا الرئيس الذي أجمع المراقبون على وصفه بالرجل "النزيه والصادق"، والذي لم تلوثه السياسة ومافيات المال والأعمال طوال السنوات الثماني الماضية، وبقي على مسافة واحدة من الجميع، واختار أن يكون قريباً من نبض الشارع وواقع الناس.

وصفة سحرية

في كلمته الأولى بعد إعلان النتائج، تحدث الرئيس الجديد عن دولة القانون، ووجّه رسائل متعددة للداخل والخارج أكد فيها "استمرار الدولة باحترام التزاماتها وتعهداتها الدولية وعلاقاتها الخارجية مع الأشقاء والأصدقاء"، مشدداً على ضرورة أن تكون تونس دولة القانون.

هذه الرسالة "المفتاح" تعبّر عن رؤية مجموعة كاملة ممن انتخبوا قيس سعيد، واعتبروه المنقذ من الفساد، الذي تحول إلى أخطبوط امتد إلى كل المؤسسات الحكومية والخاصة، وصارت الحرب عليه العنوان الرئيس لكل من يريد أن يفوز بثقة الشعب.

السيد شهاب الحمروني الناشط في المجتمع المدني، اعتبر أن وجود الرئيس قيس سعيد على رأس المجلس الأعلى للقضاء مهم جداً، وإذا استطاع أن يرفع أيدي بعض الجهات السياسية عن القضاء ونجح في إصلاح مرفق القضاء، سيكون له المجال واسعاً ومفتوحاً أمامه لذلك بكل سهولة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

مساندة شعبية

وحول قدرة الرئيس المنتخب على تقديم مبادرات تشريعية لتنفيذ وعوده، أوضح الحمروني أن الرئيس ومن خلال الشرعية الشعبية التي حصل عليها، يمكنه تقديم مبادرات تشريعية لمجلس النواب. وعلى الرغم من عدم وجود حزام سياسي له في المجلس من الأحزاب والائتلافات التي تشكله، لكن لديه شباباً يفوق عددهم بست أو سبع مرات عدد من قام بانتخاب أعضاء المجلس، وهذا سيعطيه شرعية غير مسبوقة في تاريخ السياسية التونسية. وأضاف قائلاً "الرئيس قيس سعيد شخصية قوية وليس كما يتوهم البعض شخص بسيط بل رجل صاحب فكر وله مقاربة في رؤيته للحكم بعيداً عن البهرج وفخامة المنصب، وتأثيره المباشر في الشباب من ناخبيه يعطيه القدرة على تحريك الشارع بكل سهولة لمواجهة أية قوى سياسية تحاول تعطيل مبادراته التشريعية. ومن يتوهم أن الرئيس سيكون لقمة سائغة فسيندمون كثيراً على عدم دعم المرشح الآخر نبيل القروي، والذي على الرغم من كل الخلافات الحالية بينهم، كان يمكنهم أن يجدوا قواسم مشتركة معه بحكم شخصيته البراغماتية ".

الحزام السياسي

السياسي التونسي سليم الرياحي رأى من جهته، أن "الحزام السياسي الحقيقي يبقى نسبة التصويت التي حظي بها الرئيس قيس سعيد"، وبأن عليه الحفاظ على هذا الدعم وعدم التخلي عنه مهما كانت الظروف.

واعتبر الرياحي أن سعيّد كان له أيضاً الفضل في تحقيق نسبة مشاركة واسعة جداً لفئة الشباب خلال الانتخابات الرئاسية، مضيفاً أن ذلك "يمثل في حد ذاته نجاحاً يجب البناء عليه، التونسيون اختاروا عبر قيس سعيد الكرامة وعلويّة القانون، متخطين جراحهم والوضع الاجتماعي والاقتصادي الذي أنهكهم ولايزال".

مُلزم باحترام الدستور

في المقابل، اعتبر أستاذ القانون الدستوري أمين محفوظ، أنه "يتوجب على رئيس الجمهورية احترام المؤسسات الدستورية المنتخبة. فرئيس الدولة وبحسب الدستور، له علاقة مباشرة مع مجلس النواب الذي يراقب عمل رئيس الجمهورية وهو قادر على عزله إن خالف الدستور في حالات عدة".

وأضاف محفوظ "الفرق بين الشعارات والممارسة كبير، فهناك إكراهات دستورية تفرض على الرئيس التعامل مع مجلس النواب، وعليه أن يسعى لكسب ود الأحزاب والنواب لتمرير مبادرات تشريعية يسمح له الدستور بتقديمها للمجلس لإقرارها، ومن دون موافقة النواب سيكون هناك أزمات عدة، خصوصاً وأن الرئيس يطالب بتعديل الدستور، وهذا يتطلب موافقة ثلثي أعضاء المجلس على ذلك".

وتابع قائلاً "رئيس الدولة وفي أول ظهور رسمي له، سيكون ملزماً بآداء اليمين أمام أعضاء مجلس النواب، وهذا يعني أن سلطته لا يمكن أن تنال شرعيتها من خارج هذا المجلس. لذا فالعلاقة بين مؤسسة الرئاسة ومجلس النواب يجب أن تكون إيجابية ومثمرة لا عدائية، لأن مجلس النواب هو مصدر السلطات ومحرّك نظام الحكم ومركز السيادة وملاذ جميع الأطراف في الجمهورية البرلمانية... ولأن الشعب هو صاحب السيادة ومصدر السلطات، يمارسها بواسطة ممثليه في مجلس نواب الشعب".

مراسم تسلم الرئيس مهامه

وفي انتظار آداء الرئيس قيس سعيد اليمين الدستورية أمام مجلس النواب الحالي، قال حسان الفطحلي المكلف بالإعلام في مجلس النواب في تصريح لـ "اندبندنت عربية" إن "تحديد موعد جلسة آداء اليمين تخضع لوصول رسالة من الهيئة العليا المستقلة للانتخابات إلى رئيس مجلس النواب، تتضمن إعلام رئيس المجلس بصعود سعيّد إلى منصب رئيس الجمهورية، ويتولى رئيس مجلس نواب الشعب بالنيابة عبد الفتاح مورو تعيين جلسة خلال يومين، لدعوة مكتب المجلس للاجتماع لتحديد موعد الجلسة العامة المخصصة لأداء رئيس الجمهورية المنتخب اليمين الدستورية، على أن تكون في أجل لا يتجاوز عشرة أيام من تاريخ قرار مكتب المجلس، ويؤدي رئيس الجمهورية المنتخب اليمين أمام المجلس النيابي القائم، قبل نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الحالي.

ويتولى رئيس المجلس بالنيابة إعلام كل من الرئيس المنتخب والرئيس المتخلي بموعد الجلسة العامة، ويفتتح رئيس المجلس الجلسة العامة بكلمة موجزة قبل أن يدعو رئيس الجمهورية المنتخب لأداء اليمين، بعدها يلقي سعّد خطاباً أمام مجلس النواب.

واعتبر الفطحلي أن "كل الظروف مهيأة لتكون الجلسة ناجحة وعملية تسلم الرئيس لمهامه تسير في أحسن الظروف".

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي