Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

جدل في السعودية بسبب "رسوم التبغ"... والمستهلكون يستقبلونه بـ"المقاطعة"

اللائحة الجديدة تفرض رسوماً تصل إلى27 ألف دولار للحصول على رخصة بيع التبغ

أحد المقاهي خالي من الزبائن بعد تطبيق النظام الجديد (اندبندنت عربية)

أصدرت وزارة الشؤون البلدية والقروية الأربعاء 9 أكتوبر (تشرين الأول) لائحة جديدة لتنظيم عملية تقديم منتجات التبغ وتحصيل الرسوم والضرائب من مقدمي الخدمة في الأسواق السعودية.

وشملت اللائحة تعديل المناطق المحظور بيع منتجات التبغ فيها، إذ لم تكن الأنظمة في السابق تسمح بتقديم التبغ في المقاهي والمطاعم في بعض المناطق السعودية إلا خارج النطاق العمراني، وهو ما تم تعديله في اللائحة الجديد باستثناء مدينتي مكة المكرمة والمدينة المنورة.

وقسمت اللائحة مناطق السعودية إلى خمسة تصنيفات، تتراوح بينها رسوم الحصول على رخصة تقديم منتجات التبغ بين 100 ألف ريال (27 ألف دولار) إلى 600 ريال سنوياً (160 دولاراً)، تتمايز القيم فيما بينها وفق فئة مزود الخدمة أو المنطقة التي يرغب صاحب النشاط فيها بالحصول على رخصة تقديم منتجات التبغ ضمن قائمته. إذ تتراوح قيمة الرخصة التي يدفعها مقدمو التبغ في المقاهي والمطاعم ذات الخمس نجوم بين 100 ألف ريال  إلى 10 آلاف ريال (2600 دولار) بناءً على تصنيف المنطقة، في حين تتراوح رسوم الرخصة لذوي الأربع نجوم بين 50 ألف ريال (13 ألف دولار) إلى 5000 ريال (1333 دولارا) وفقاً لتصنيف المنطقة التي يقع فيها الموقع، ومن 3000 ريال (800 دولار) إلى 600 ريال لمقدمي التبغ في الفعاليات والمناسبات ذات المواقع المؤقتة.
إلا أن هذا التعديل لم يكن الأكثر جدلاً رغم استياء أصحاب المحال، فما حظي بتداول ونقاش أوسع هو التعديل الذي طال النظام الضريبي المتعلق بأسعار المنتجات في المحال التي تقدم التبغ ضمن قوائم مبيعاتها، إذ نص التعديل على فرض ضريبة بمقدار 100% من إجمالي فاتورة مبيعات المحال التي تقدم التبغ وإن لم تشمل الفاتورة أي منتجات تبغية وهو ما أثار جدلاً واسعاً لدى المستهلكين الذين تفاجأوا بقيمة الفاتورة المضاعفة على الرغم من أن مشترياتهم لم تتضمن أي منتجات تبغية.
 
كيف استقبل المستهلكون الضريبة الجديدة؟

لم يكن من السهل الالتقاء بمرتادي مطاعم ومقاهي الشيشة الذين اعتادوا على قضاء وقت فراغهم في هذه المحال، فمنذ أن وجدوا أنفسهم مضطرين لدفع ضعف قيمة الفاتورة اختاروا الامتناع عن ارتيادها كردة فعل أولية إلى حين استيعاب الأسعار الجديدة، فلم تعد تلك المقاهي والمراكز تشهد إقبالاً واسعاً كما كان عليه الوضع في السابق منذ بداية تطبيق الأسعار الجديدة نهاية الأسبوع المنصرم.

إلا أن ردات فعلهم لم تغب على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ عبر عدد واسع من المغردين في هاشتاغ #ضريبة_مطاعم_التبغ عن استيائهم، كما فعل المغرد بسام الذي هاجم وزارة الشؤون البلدية والقروية بحدة قائلا "ولعل من عجائب الزمان أن الوزارة التي فرضت ضريبة مطاعم التبغ هي نفسها الوزارة التي تتحمل مسؤولية نظافة الشوارع وجودتها فهل اختفت الحُفر والمطبات ومشروعات التصريف والصرف الصحي حتى تمارس عنتريتها بفرض ضريبة غير منطقية"، في حين رأى المغرد نايف أن الضريبة فرصة لتصحيح أسعار منتجات المقاهي والمطاعم "بعض المطاعم كانت تأخذ ما يشبه الضريبة بمبالغتها بالأسعار، مثلًا يبيعون مياه نوفا صغير بـ13 ريالا، أكثر 26 مرة من سعرها في السوق! الآن ليس أمام هذه المطاعم إلا إعادة الأسعار للمستوى الحقيقي والمعقول، أو التخلي عن الشيشة."

أما خالد فقد دافع عن القرار قائلاً "يدفع على موية نوفا صغير 14 ريالا، واذا جات على الضريبة اللي تروح للدولة عشان تعالجه اذا تسرطن يقول ماني دافع ضريبة ، عقول مريضة"، لكن طارق رد على ذلك من خلال تلخيص اعتراضه في عدم عدالة تطبيق الضريبة على مجمل الفاتورة التي لا تحتوي على منتجات تبغية "طيب يا اخي انا ما أشيّش بس يعجبني أكلهم!! برضو تدفع ضريبة 100% من قيمة الفاتورة!! قرار غريب في آلية تطبيقه!!".

كيف تعاملت المحال مع التعديل؟

تباينت ردود أفعال المحال التي شملها التعديل بعد أن تفاجأت بتطبيقه، إذ لم تتأثر كثيراً تلك التي تقع في مناطق ذات الفئات المتأخرة أو تلك التي تقع في مناطق بلدية من التصنيف الخامس أو الرابع، والتي لم تضطر لدفع رسوم عالية كتلك التي يدفعها ذوو الخمس نجوم والذين يقعون في مناطق بلدية كبيرة وفقما ورد في التصنيف أعلاه، ويشمل ذلك إلى حدٍ ما رسوم الفاتورة، إذ قال عايش العلوني لـ"اندبندنت عربية"، وهو يملك مقهى يقدم الشيشة في محافظة أملج غربي السعودية، وهي منطقة من التصنيف الرابع "لم أتأثر كثيراً برسوم التبغ فأنا أدفع إيجارا منخفضا لموقع المقهى وهو ما جعل أسعار منتجاتي في المتناول قبل الضريبة، وبالتالي الضعف لا يزال في المتناول".

إلا أن الفرق الحقيقي تعرضت له المحال التي تقع في المدن الرئيسة ذات التصنيفات والفئات المتقدمة، فقد طالب بسام فتيني وهو مستثمر في مجال الإعلانات بقطاع المقاهي والتبغ ومتأثر بشكل غير مباشر بالتغيير، رئيس الغرف التجارية سامي العبيدي بعقد لقاء عاجل بين المستثمرين ووزير الشؤون البلدية والقروية المكلف الذي يقود وزارة التجارة في نفس الوقت لمناقشة وتدارك الأمر، معلقاً لـ"اندبندنت عربية" بأنه يخوض تحركاً جدياً مع أحد رؤساء الغرف التجارية  لمناقشة الأمر مع الوزارة وإعادة طرح حلول عاجلة وعملية ومنطقية بما يتناسب مع مصالح شركاء هذا القطاع والمستهلك النهائي.

وعمدت بعض هذه المقاهي إلى امتصاص صدمة التغيير بأن أعلنت لعملائها عن عدم تأثر الأسعار بالتعديلات الجديدة وإعلان تحملها للضريبة وإبقاء الأسعار كما هي دون تعديل، إلا أن الحال لم يكن مشابهاً لدى آخرين الذين استجابوا للتعديلات بإيقاف عاجل لبيع الشيشة والمنتجات التبغية وإلغاء الرخصة بغية الخروج بفواتير معقولة الأسعار خاصةً أن التبغ ليس منتجهم الرئيس.

وأغلقت أمانة مكة المكرمة 13 مقهى من أصل 31 مقهى خلال الأسبوع الأول من تطبيق النظام، إذ حاولت هذه المقاهي تقديم التبغ دون رخصة تشغيل تهرباً من النظام الجديد. في حين أكدت أمانة جدة بدء جولاتها على المقاهي والمطاعم للتأكد من التزامها بتنفيذ لائحة رسوم تقديم منتجات التبغ، كاشفةً أن غرامة عدم الالتزام بذلك تبلغ 600 ريال.

وتأتي أحد أشكال التحايل التي رصدتها الأمانة بإصدار فواتير من خارج النظام المحاسبي، وهو ما يعتبر مخالفة وتحايلا على النظام.

القرار غير واضح

وما زاد من الجدل حول الموضوع فجائية تطبيقه وانعدام التواصل الجيد حياله، إذ يعلق المحلل الاقتصادي محمد بن فريحان بأن قرار وزارة الشؤون البلدية والقروية بالترخيص للمطاعم والمقاهي بتقديم التبغ ومشتقاته هو مناقض لقرار وزارة الصحة بمنع تناول التبغ ومشتقاته في المطاعم والمقاهي والأماكن العامة.
مضيفاً "تطبيق القرار بفرض رسوم 100% على جميع فواتير المحال التي تبيع التبغ هو قرار خاطئ وغير مطابق لنص القرار، حيث ينص القرار بفرض رسوم 100% على منتجات التبغ فقط"، وهو ما حاولنا التثبت منه من خلال التواصل مع الوزارة المعنية إلا أننا لم نتلق رداً على ذلك حتى موعد نشر هذه المادة.

المزيد من اقتصاد