Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

فيلم "إيل كامينو".. رحلة متوقعة في  خبايا الذاكرة

يستعيد المخرج فينس جيليغان أعمال تارانتينو الأولى، في فيلمه التكميلي هذا، الذي غابت عنه شخصية والتر وايت فلم يعد يعرف ما لذي يريد أن يكونه.

آرون بول با بريمن (رويترز)

إخراج: فينس جيليغان.

بطولة: آرون بول، جيسي بليمونز، روبرت فورستر.

التقييم الرقابي: فوق 15 عاماً.

المدة: 122 دقيقة.

إنه فيلم انتقامي. لا، إنه فيلم عن السعي للحصول على  المال. أم أنه من أفلام الويسترن. لحظة، إنه رحلة في مسارب الذاكرة. باختصار، لا يعرف فيلم " إيل كامينو: بريكينغ باد موفي" (الطريق: فيلم تحول سيء) تماماً  ما هو، أو ما يريد أن يكونه. مرت ست سنوات كاملة على نهاية التحفة الفنية التلفزيونية "بريكينغ باد"  للمخرج فينس جيليغان بعد تقديم خمسة مواسم كان رصيدها من الثناء والمعجبين المخلصين يزداد عاماً بعد عام.

في الحلقة الأخيرة شبّ حريق التهمت نيرانه والتر وايت (الممثل براين كرانستون)، وهو أستاذ مدرسة دمث تحول إلى أحد ملوك صناعة وتجارة المخدرات، فمضى في نهاية مجيدة تمناها وشكّلت خاتمة أحبها البعض وخيبت آمال آخرين، وأنا منهم. في تلك الحلقة، حرّر وايت جيسي بينكمان (الممثل آرون بول) الذي كان بمثابة ذراعه الأيمن، من قبضة عصابة إجرامية أسرته وعذبته، وأصيب هو نفسه بجروح قاتلة على ما يبدو.

منذ ذلك الحين، نجحت سلسلة "  بتر كول سول" (من الأفضل الاتصال بـ سول) التي تقع أحداثها في فترة سابقة على أحداث "بريكينغ باد" وتدور حول شخصية محامي وايت المحتال سول غودمان (الممثل بوب أودينكيرك)،  باقتناص غنائمها الخاصة من جوائز إيمي وغولدن غلوب بكل هدوء، وتباينت الآراء حولها  وما إذا كانت أفضلَ من المسلسل الأصلي. صحيح أنه عمل غني ومتماسك، لكن كان "بريكينغ باد" قادراً على حبس الأنفاس بأسلوبه السردي المبتكر.

يركز فيلم "الطريق" على جيسي، الذي شوهد آخر مرة يصرخ وهو يركض هارباً  تلك الليلة من القفص الذي حرره منه وايت في نهاية مسلسل "بريكينغ باد". وفي المحصلة، يُعتبر الفيلم دراسة على نحو منفصل تماماً.

إن معضلة الشيطان في ملحمة "الفردوس المفقود" للكاتب الإنكليزي جون ميلتون، المتمثلة في السؤال التالي: "إلى أي اتجاه سأطير؟"، والتي تنتهي بمعرفة محددة وهي: "الجهة التي سأطير إليها هي الجحيم ؛ إنني الجحيم"، تواجه جيسي بإيجاز شديد في فلاش باك في بداية العمل، إذ كان يحلم بالذهاب إلى ألاسكا ووضع الأمور في نصابها الصحيح. لكن مايك إرمانتراوت (الممثل جوناثان بانكس) يقول له بكل صراحة: "للأسف يا صغيري، هذا هو الشيء الوحيد الذي لا يمكنك فعله أبداً".

يتقمص آرون بول الشخصية كما لو كانت تختصر طبيعته هو. كان جيسي بمثابة القلب العاطفي لمسلسل "بريكينغ باد"، وفي نواح كثيرة كان مركزه الأخلاقي. فهو بمنزلة المقياس الذي يساعد على تحديد مدى سوء الأفعال السيئة، وذلك من خلال مدى تردده للإقدام عليها، أو  تعبيره عن حجم الألم الذي تثيره في نفسه. أما في فيلم "إل كامينو" فإن صدمته الحاضرة دائماً  والمطاردة الملحة باستمرار، تجعلان تفاعلات جيسي بعيدة تماماً عن كل ما هو إنساني طبيعي، الأمر الذي لا يترك هامشاً كبيراً للتحرك لمبتكر العمل جيليغان، نظراً إلى أن بناء "بريكينغ باد" قد ارتفع لبنة فوق الأخرى اعتماداً على شخصية وايت.

مع ذلك، من الواضح، ومنذ البداية، أننا نقف أمام راوٍ قصصي محترف، يسترجع أعمال المخرج كوانتين تارانتينو الأولى. يصل جيسي إلى مكان إقامة صديقيه القديمين سكيني بيت و بادجر اللذين يتبادلان الإهانات حول مهارات كل منهما في القيادة في ألعاب الفيديو. يقول بادجر بطريقة طريفة "لا يمكنك قيادة سيارتك ميس ديزي"، فيؤكد بيت ذلك قائلاً "مهما كلف الأمر".  لم يكن دافع بيت لمساعدة جيسي متوقعاً لكنه كان صادقاً، إذ خاطبه معترفاً "بحق الجحيم، أنت بطلي".

من المفيد أن نتذكر كم كان مسلسل "بريكينغ باد" مضحكاً، وقد بلغت متعة جيليغان قمتها في استعادة لحظات من ماضي تود (الممثل جيسي بليمونز) المضطرب عقلياً، وهو يعرب عن أسفه لموت عاملة التنظيف التي قتلها لأنها وجدت صدفة أمواله المخبأة. كان يخفي أمواله بين دفتي مجلدات الموسوعة. وقال " أتساءل ما الذي كانت تبحث عنه؟".

تصبح الأموال النقدية المخفية بالغة الأهمية عندما يحاول جيسي العثور عليها لدفع تكاليف الانطلاق باسم وحياة جديدين وهو طريقة الإفلات  نفسها التي رفضها ذات يوم بعدما اقترحها له إد (الممثل روبرت فورستر)، بائع المكانس الكهربائية ومحترف "الإخفاء" الذي يعرفه الجمهور ويحبه. لكن هذا الإحساس بالعودة إلى كل شخصياتك المفضلة، حية كانت أو ميتة، يتحول تدريجياً إلى شعور مبالغ فيه بالحنين إلى الماضي.

بُني بناء فيلم "الطريق" على أساس فرضية مفادها أن إطلاق سراح جيسي في ختام سلسلة "بريكينغ باد" لم يساعده حتى على قطع نصف المسافة التي تفصله عن الحرية. اهرب من الشرطة، احصل على المال، وبادر إلى تسوية بعض الأمور، ثم اهرب إلى الأبد.. لا تستطيع الحبكة الدرامية إلا أن تعتمد على هذه العوامل المحركة الأساسية.

يبذل جيليغان جهداً كبيراً لإبقاء أعصاب المشاهد مشدودة، ولكن في غياب العجرفة الطاغية لشخصية والتر وايت، يبدو من الممكن التنبؤ  بالقوى الدافعة لفيلم "الطريق" بسهولة شديدة. يتمتع الفيلم بجوانب ممتعة عديدة، لكنه ببساطة ليس  "بريكينغ باد".

يُعرض فيلم ’الطريق - إيل كامينو’ على خدمة نيتفلكس حالياً.

© The Independent

المزيد من فنون