ملخص
تظل خدمات الدعم النفسي والاجتماعي شحيحة في غزة حيث مشاهد الدمار في كل مكان نتيجة الحرب بين إسرائيل وحركة "حماس"، وحيث أعلنت الأمم المتحدة المجاعة قبل أشهر من وقف النار، وحيث أغلقت المدارس لسنتين وقتل عشرات الآلاف ونزح تقريباً كل سكان القطاع البالغ عددهم أكثر من مليونين.
داخل خيمة بيضاء نصبت على أرضية رملية في الزوايدة في وسط غزة، تتصاعد أصوات بحماسة بينما يتجول خمسة أطفال في عالم افتراضي، بفضل خوذات يضعونها على عيونهم في إطار برنامج علاجي يهدف الى أخذهم بعيداً من أهوال الحرب المدمرة في القطاع الفلسطيني.
يجلس أحد الأطفال على كرسي متحرك فيما يجلس الآخرون على كراس بلاستيكية، ويحركون رؤوسهم لاستكشاف عالم جديد كامن داخل الخوذات، يعبرون خلاله إلى حدائق خضراء وشواطئ هادئة ومدن آمنة.
كل أشياء العالم
يهدف العلاج بالواقع الافتراضي، وفق ما يقول القيمون على برنامج "تيك ميد غزة" (Techmed Gaza) إلى تحسين الصحة النفسية للأطفال، مشيرين إلى أنه يمكن أن يحقق نتائج أسرع مقارنة بجلسات العلاج التقليدي.
ويمد طفل يديه كأنه يطرد ذبابة. ويبتسم آخر ويضع يده أمام وجهه وكأنه يريد أن يلمس منظراً طبيعياً محيطاً به.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويقول ثالث إن كلباً يركض نحوه بسرعة كبيرة، ويشير إليه قائلاً "تعال! تعال!"، ثم يقول طفل لآخر "أنت في المنطقة نفسها التي أنا فيها".
ويسأل المشرف على البرنامج الطفل على الكرسي المتحرك إن كان يرى أي طيور، فيرد بينما يجول بنظره من حوله "نعم، أرى طيوراً".
ويضع أحد المشرفين برفق خوذة زرقاء على رأس صلاح أبو ركب (15 سنة) الذي أصيب بجروح في الرأس أثناء الحرب التي توقفت نسبياً بعد سنتين إثر وقف لإطلاق النار بدأ قبل أكثر من شهر.
ويقول الفتى لوكالة الصحافة الفرنسية "نشعر بالراحة فيها، نستمتع بها، ومن خلالها ندخل إلى حديقة، وندخل إلى أماكن بها حيوانات وتجارب مشابهة".
وعند سؤاله عما يراه، يجيب "إنها كلها أشجار. لا شيء سوى أشجار وعشب وزهور".
ويقول المشرف على الصحة النفسية عبدالله أبو شمالة "الجبل جميل جداً. يمكنكم رؤية كل شيء في العالم".
من أجل العيش
يوضح أبو شمالة أن الخوذات لا تهدف فقط إلى الهروب من الواقع. فـ"من خلال البرمجة. نستطيع تصميم ألعاب ذات أهداف علاجية، وقائية، وتنموية تساعد الطفل على التأهيل أو تمكينه من التعامل مع حياته بشكل أفضل".
ويضيف "أثبتت هذه التقنية نجاعتها على مدار عام كامل من العمل مع عديد من الأطفال، بما في ذلك الأطفال المبتورو الأطراف نتيجة الحرب، والأطفال المصابون، ومن تعرضوا لأحداث صادمة جداً".
وتقول مديرة عمليات الإغاثة الإنسانية في منظمة الصحة العالمية تيريزا زكريا، إن الإصابات الناتجة من الحرب لها آثار نفسية، ويكافح الناجون للتغلب على الصدمة النفسية والفقدان والعيش اليومي في ظروف صعبة.
وتظل خدمات الدعم النفسي والاجتماعي شحيحة في غزة حيث مشاهد الدمار في كل مكان نتيجة الحرب بين إسرائيل وحركة "حماس"، وحيث أعلنت الأمم المتحدة المجاعة قبل أشهر من وقف النار، وحيث أغلقت المدارس لسنتين وقتل عشرات الآلاف ونزح تقريباً كل سكان القطاع البالغ عددهم أكثر من مليونين.
نتائج إيجابية
ويقول المتحدث باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) جوناثان كريكس، للصحافة الفرنسية "نحو مليون طفل، أي جميع الأطفال في قطاع غزة، بحاجة إلى دعم نفسي واجتماعي بعد عامين من حرب مروعة".
وتعتمد جلسات الواقع الافتراضي على برامج مصممة خصيصاً للأطفال المتأثرين بالصدمات، مع مراعاة حالهم الجسدية والنفسية، ومساعدتهم على إعادة بناء تصورات إيجابية عن العالم.
ويقول أبو شمالة إن الأطفال في هذا البرنامج "لدى دمجهم مع هذه التقنية أبدوا استجابة قوية جداً ونتائج إيجابية للغاية".
ويضيف "سرعة العلاج والشفاء والوصول إلى الاستقرار باستخدام تقنيات الواقع الافتراضي كانت أسرع من الجلسات العادية. في الجلسات العادية من دون الواقع الافتراضي، عادة نحتاج إلى نحو 10 إلى 12 جلسة، بينما مع الواقع الافتراضي يمكن تحقيق النتائج في خمس إلى سبع جلسات فقط".