Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل يمكن للسلطة استعادة ثقة الشارع العراقي؟

غياب تنفيذ إصلاحات جذرية طالب بها المحتجون ينذر بخطر عودة الاستياء الشعبي بصورة أكبر

انتشار الشرطة العراقية في مدينة الصدر بعد تصاعد حدة التظاهرات في كل أنحاء بغداد (أ.ف.ب)

على الرغم من عودة الهدوء إلى الشارع العراقي بعد تظاهرات عنيفة، تبقى أزمة الثقة بين المواطنين والسلطة في أوجها. ويرى خبراء أن غياب تنفيذ إصلاحات جذرية طالب بها المحتجون ينذر بخطر عودة الاستياء الشعبي بصورة أكبر.

وعود "فارغة"

وخلال أيام الاحتجاجات الستة التي بدأت في الأول من أكتوبر (تشرين الأول) 2019، وشابتها أعمال عنف دامية، لقي أكثر من 100 عراقي حتفهم، غالبيتهم من المتظاهرين الذين سقطوا بالرصاص الحي.

ولكن يبدو أن هذه الأحداث لن تحول دون تجدد هذه التحركات، إذ يقول محمد الكعبي (28 سنة) إنه لا يزال مستعداً للعودة إلى الشارع مرة أخرى، ويضيف "تظاهرنا وسنتظاهر ضد الظروف التي نعيشها من فقر وبطالة وغياب القانون وسرقة أموال الشعب، لقد طفح الكيل".

ولم تقنعه اجتماعات البرلمان ووعود الإصلاح التي أعلنتها الحكومة التي يريد إسقاطها، ليتابع "أي إصلاحات؟ ولماذا أعلنوا عنها بعدما سقط الشباب؟ ماذا كانوا ينتظرون؟ أين كانوا والمواطنون جائعون؟".

ويخلص إلى أن "الشعب فقد الثقة منذ سنوات بهذه الحكومة، لأنهم يوعدون باستمرار ومن دون فائدة".

ويقول النائب فالح الخزعلي من تحالف "الفتح" الذي يضم قدامى قيادات "الحشد الشعبي" لوكالة الصحافة الفرنسية، "الحكومة الحالية لا تتحمل نتائج الحكومات السابقة وأخطاءها. لكن تواصل التظاهرات مرهون بصدقية هذه الحكومة والتزامها بوعودها التي قطعتها للشعب العراقي".

"وقود" الأزمة

في أول أيام الحركة الاحتجاجية، دان المتظاهرون حكامهم، متهمين إياهم بعدم توفير وظائف وخدمات، وبملء جيوبهم بأموال الفساد الذي كان سبب تبخّر أكثر من 410 مليارات دولار في 16 عاماً، بحسب أرقام رسمية.

ويشير خبراء إلى أن عدم وجود إصلاحات جذرية يطالب بها العراقيون بعد أربعة عقود من الحرب، في بلد يحتل المرتبة 12 على لائحة البلدان الأكثر فساداً في العالم، ليس إلا تأجيلاً للمشكلة.

ويقول المحلل السياسي العراقي عصام الفيلي "الاستحقاقات المطلبية للجماهير تعد وقود هذه الأزمة. والفشل السياسي كان العامل الأساسي في خلق هذه التظاهرات المطلبية"، في بلد امتنع فيه جزء كبير من المواطنين عن الإدلاء بأصواتهم في الانتخابات الأخيرة.

وفي مواجهة الحراك الذي طالب بتغييرات جذرية، تأتي الإجراءات والتدابير التي اقترحتها الدولة المثقلة بالديون "كرد فعل، وليست فعلاً، ورد الفعل دائماً ما يكون متسرعاً ومن دون تخطيط إستراتيجي"، بحسب قوله.

ويضيف الفيلي أن تلك القرارات "أتت لإطفاء لهيب الشارع العراقي. الإصلاحات لن تتحقق بعصا سحرية. وإذا كان أسلوب التهدئة وتنفيذ الإصلاحات كالسابق، فلا يمكن أن تُطفئ نار المتظاهرين".

ليست وليدة اليوم

وهو ما يؤكده المحلل السياسي واثق الهاشمي الذي يعتبر أن الأزمة ليست وليدة اليوم.

ويقول "هناك أزمة ثقة بين الشعب والحكومة، وأعني حكومات نوري المالكي وحيدر العبادي ثم عادل عبد المهدي، التي وعدت جميعها بإصلاحات ولم ينفذ منها شيء".

ويشير إلى أنه إضافة إلى "عدم القدرة على تنفيذ المطالب"، هناك أيضاً اليوم "أزمة سياسية ومالية وولاءات خارجية" من جهات اختارت أن توالي أحد المعسكرين، الولايات المتحدة وإيران.

ولطالما شكل التوازن بين مصالح القوتين الفاعلتين في العراق، تحدياً كبيراً لهذا البلد المنكوب بالحروب والصراعات منذ حوالى 40 عاماً.

ويرى المحامي زين العابدين البديري (27 سنة) الذي شارك في تظاهرات الكوت جنوب البلاد، أنه "بناء على الأسباب المذكورة، المطلوب هو التغيير الكامل"، وأضاف "أتمنى تغيير السياسيين والنظام السياسي والدستور".

ويعتبر أن توقف الحراك قبل تحقيق المطالب، هو لأن المتظاهرين وجدوا أنفسهم في مواجهة "أحزاب لديها ميليشيات تعمل على إفشال التظاهرات".

"لا خوف"

وقالت السلطات إن الرصاص الحي الذي أودى بحياة المتظاهرين كان مصدره "قناصين مجهولين".

لكن بالنسبة إلى المدافعين عن حقوق الإنسان، القوات الأمنية هي المسؤولة، خصوصاً بعدما أعلنت المرجعية الشيعية الأعلى في البلاد أن "الحكومة وأجهزتها الأمنية مسؤولة عن الدماء الغزيرة التي أريقت خلال تظاهرات الأيام الماضية".

وعلى الرغم من ذلك، يقول البديري "فتح الشباب صدورهم للرصاص من دون خوف"، مؤكداً أنه إذا لم تتحقق الإصلاحات الفعلية "سنريهم شيئاً أكبر وأقوى".

المزيد من العالم العربي