ملخص
تعرض عدد من أحكام التشريع المتعلقة بالعملاء الأجانب لانتقادات من قبل المحامين ونشطاء حقوق الإنسان، لتقييدها حرية التعبير وانتهاكها للحقوق الدستورية للمواطنين، وتعرض مصطلح "العميل الأجنبي" نفسه لانتقادات بسبب دلالاته السلبية في اللغة الروسية.
يُعرَّف العملاء الأجانب في روسيا بأنهم مواطنون أفراد ومؤسسات يتلقون دعماً أجنبياً أو يقعون تحت تأثير أجنبي ويشاركون ضمن الأنشطة السياسية المناوئة للدولة، فوفقاً للسلطات الروسية العميل الأجنبي هو أي فرد أو منظمة تتلقى دعماً من الخارج وتكون قادرة على التأثير في الرأي العام أو الوضع السياسي داخل البلاد.
ويمكن وصم المنظمات غير الربحية والجمعيات العامة غير المسجلة ووسائل الإعلام والأفراد ووسائل الإعلام الفردية بهذه الوصمة، وإطلاق هذه الصفة عليهم بناءً على قرارات تتخذها السلطات المتخصصة بحقهم، لذلك يتغير العدد الدقيق للعملاء الأجانب باستمرار، وفقاً للوائح التي تجددها وتوسعها الدولة بصورة دورية منتظمة.
من يعد عميلاً أجنبياً في روسيا؟
الأفراد من المواطنين الروس أو الأجانب الذين يتلقون تمويلاً أجنبياً ويشاركون في الأنشطة السياسية، والمنظمات غير الربحية التي تتلقى دعماً أجنبياً وتشارك في الأنشطة السياسية، وكذلك الجمعيات العامة غير المسجلة التي تتلقى تمويلاً أجنبياً وتقوم بأنشطة سياسية، إضافة إلى وسائل الإعلام المسجلة في الخارج أو في روسيا والتي تتلقى دعماً أجنبياً، ووسائل الإعلام وكذلك الأفراد المعترف بهم كعملاء أجانب والذين يوصمون أيضاً كعملاء أجانب لوسائل الإعلام.
التشريعات في روسيا تتطور وتتغير باستمرار، خصوصاً منذ بدء العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا عام 2022، والآن يمكن أن ينطبق هذا الوضع ليس فقط على المنظمات غير الحكومية ووسائل الإعلام، ولكن أيضاً على الأفراد الذين يقدمون المساعدة في تنفيذ قرارات المنظمات الدولية أو الهيئات الحكومية للدول الأجنبية، أو أولئك الذين يقومون بجمع ونشر المعلومات حول المجال العسكري التقني لروسيا، ويحظر القانون على المواطنين الروس والشركات المحلية نشر إعلانات عن موارد العملاء الأجانب.
كم عدد العملاء الأجانب في روسيا؟
يتغير العدد الدقيق للعملاء الأجانب في روسيا باستمرار مع تحديث السجلات الحكومية التي توسع دوماً قوائم العملاء الأجانب داخل البلاد، فخلال فبراير (شباط) 2022 أي عند بدء الحرب الأوكرانية، بلغ إجمال عدد العملاء الأجانب من المنظمات والجمعيات ووسائل الإعلام والأفراد في روسيا نحو 190 شخصاً طبيعياً ومعنوياً، لكن مع بدء الحرب في أوكرانيا عام 2022 أُدرج188 شخصاً في السجل خلال ذلك العام، وهو ما يزيد بنسبة 42.6 في المئة على العام السابق.
مفهوم العميل الأجنبي
ظهر هذا المفهوم للمرة الأولى ضمن التشريع الروسي عام 2012 مشيراً إلى المنظمات غير الربحية، ومنذ عام 2017 تعد وسائل الإعلام عملاء أجانب، والأفراد منذ عام 2019، والجمعيات العامة غير المسجلة منذ عام 2020، ويتضمن التشريع عدداً من المحظورات والقيود المتعلقة بالعملاء الأجانب ويجري تشديدها باستمرار، على وجه الخصوص لا يمكن للعملاء الأجانب تلقي تمويل حكومي أو تنظيم أنشطة تعليمية للقاصرين، ويجب عليهم تقديم تقارير منتظمة عن أنشطتهم ودخلهم.
وتعرض عدد من أحكام التشريع المتعلقة بالعملاء الأجانب لانتقادات من قبل المحامين ونشطاء حقوق الإنسان لتقييدها حرية التعبير وانتهاكها للحقوق الدستورية للمواطنين، وتعرض مصطلح "العميل الأجنبي" نفسه لانتقادات بسبب دلالاته السلبية في اللغة الروسية.
منذ ديسمبر (كانون الأول) 2022، يعرف القانون الروسي العميل الأجنبي بأنه "الشخص الذي تلقى الدعم و/أو يخضع لنفوذ أجنبي بصور أخرى" والذي يشارك في "النشاط السياسي، وجمع المعلومات المستهدفة في مجال الأنشطة العسكرية والعسكرية التقنية للاتحاد الروسي، ونشر الرسائل والمواد المخصصة لعدد غير محدود من الأشخاص".
ويجوز أن يشمل النشاط السياسي المشار إليه في القانون المشاركة ضمن المسيرات أو النداءات العامة إلى الهيئات الحكومية، أو التعبير عن الرأي في شأن السياسات الحكومية على وسائل التواصل الاجتماعي، أو تمويل مثل هذه الأنشطة أو إشراك الأطفال فيها.
ويشير مصطلح "جمع المعلومات الاستخباراتية المستهدف" ضمن الأنشطة العسكرية والعسكرية التقنية إلى جمع المعلومات التي قد تستخدم ضد أمن روسيا في حال وقوعها بأيدي جهات أجنبية، في عام 2021 أصدر جهاز الأمن الفيدرالي الروسي (جهاز الاستخبارات) أمراً يوضح المقصود بالمعلومات.
تتضمن القائمة 60 بنداً تشمل تقييمات وتوقعات للوضع العسكري والسياسي والاستراتيجي، ومعلومات عن انتشار وتسليح وقوة الجيش الروسي والشرطة والمدعين العامين، ومعلومات عن المشتريات العسكرية، ولا يصنف أي من هذه المعلومات سراً من أسرار الدولة، لكن جهاز الأمن الفيدرالي الروسي يعتقد أن دولاً أخرى قد تستخدمها للإضرار بأمن روسيا.
كيف ظهر مصطلح "العميل الأجنبي"؟
ظهر مصطلح "عميل أجنبي" في روسيا خلال يوليو (تموز) 2012، عند اعتماد تعديلات "العميل الأجنبي" على قانون المنظمات غير الربحية، وصاغت مجموعة من النواب بقيادة إيرينا ياروفايا المنتمية لحزب السلطة "روسيا الموحدة" مشروع القانون، الذي سمح بإطلاق هذه الصفة على المنظمات غير الحكومية التي تتلقى "أموالاً أو ممتلكات أخرى" من الخارج و"تشارك في النشاط السياسي"، إلا أن كتلاً نيابية موالية للكرملين في مجلس النواب الروسي (الدوما)، انتقدته في البداية مثل كتلة حزب" روسيا العادلة"، وأكد مجلس حقوق الإنسان أن المبادرة تتعارض مع الدستور والقانون المدني وبعض أحكام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان والمحكمة الدستورية.
لكن وعلى رغم هذه الاعتراضات والانتهاكات الإجرائية العديدة، وافق مجلس النواب (الدوما) على مشروع القانون (في القراءة الأولى، حصل على 323 صوتاً مؤيداً، وأربعة أصوات معارضة، وامتناع صوت واحد عن التصويت)، وخلال وقت لاحق وُسع التشريع، إذ أُدخل مفهوم اعتبار وسائل الإعلام كعملاء أجانب، وبعد ذلك الأفراد كعملاء أجانب، ورويدا رويدا وُسع نطاقه ليشمل الجمعيات العامة غير المسجلة كعملاء أجانب.
خلال عام 2021، خاطب دميتري موراتوف الحائز جائزة نوبل ورئيس تحرير صحيفة "نوفايا غازيتا" (التي صنفتها وزارة العدل لاحقاً عميلاً أجنبياً)، الرئيس فلاديمير بوتين في اجتماع لنادي فالداي للنقاش، منتقداً قانون العملاء الأجانب "غير المبرر" ومعاييره "الغامضة"، وذكر على وجه الخصوص أنه لم يفهم معنى عبارة "تلقي مساعدة تنظيمية ومنهجية"، ورد الرئيس بالوعد بأن السلطات "ستراجع" معايير قانون العملاء الأجانب، ووفقاً لبوتين، اشتكى بعض معارفه المنخرطين في العمل الخيري من غموض صياغته.
معايير سياسية وليست حقوقية
من الواضح أن التشريع الروسي الذي خلق ما يسمى صفة "العميل الأجنبي" اعتمد على معايير سياسية بحتة، أكثر مما هي معايير حقوقية معمول بموجبها في المجتمعات المتقدمة التي تحترم حقوق مواطنيها وتراعي حقوق الإنسان مهما كانت آراؤه وأفكاره السياسية، فقد منع العملاء الأجانب من القيام بأنشطة تعليمية وتوعوية للقاصرين وتنظيم الفعاليات العامة، والخدمة في الجيش بموجب عقود تطوع والعمل في لجان الانتخابات، ومنع العملاء الأجانب من تلقي الدعم المالي وغيره من صور الدعم العقاري من الدولة، بما في ذلك للأنشطة الإبداعية.
وحظرت الدولة على كل من صنفته ضمن لوائح "العملاء الأجانب" الإعلان عن أفكاره ومبادئه وتطلعاته على المواقع الإلكترونية والمدونات وحسابات التواصل الاجتماعي، حتى تلك الموصومة بوصمة "العملاء الأجانب".
وعلاوة على ذلك، منع العملاء الأجانب من الترشح للانتخابات على أي مستوى، وجُرِّد النواب الذين اعتبروا عملاء أجانب من ولاياتهم النيابية مبكراً على رغم انتخابهم من قبل الشعب وليس تعيينهم بقرار، وفيما بعد طلب من العملاء الأجانب الاحتفاظ بأموال الملكية الفكرية والشقق والودائع في حسابات محلية بالروبل وليس بأية عملة أجنبية أخرى.
وخلال سبتمبر (أيلول) الماضي حُظر العملاء الأجانب بصورة كاملة من المشاركة في الأنشطة التعليمية والتوعية ومن الخدمة في الهيئات الحاكمة للشركات الحكومية.
في البداية، كان شرط الحصول على صفة عميل أجنبي يتطلب الحصول على دعم مالي من الخارج، إلا أنه خلال ديسمبر 2022 أي بعد أشهر من اندلاع الحرب الأوكرانية، دخل قانون "مراقبة أنشطة الأشخاص الخاضعين للنفوذ الأجنبي" حيز التنفيذ، مما يعني أن "النفوذ الأجنبي" أصبح كافياً للإضافة إلى قائمة العملاء الأجانب، ولم يعد الدعم المالي من الخارج شرطاً.
وفقاً لأحد معدي هذه التغييرات النائب أندريه لوغوفوي كان من الضروري تشديد القانون "لردع" العملاء الأجانب، غير أن كثيراً من زملائه اعتبروا مشروع القانون مبالغاً فيه، على سبيل المثال، أشار فاليري غارتونغ من حزب "روسيا العادلة" إلى أنه بموجب القواعد الجديدة "لا يمكن أن تصبح عميلاً أجنبياً إلا في الغابة، حيث تأكل العشب".
وأشار مجلس حقوق الإنسان، الذي سبق أن انتقد تشريع العملاء الأجانب لغموض صياغته، في رده على مشروع قانون عام 2022 إلى أن الوثيقة "توسع نطاق الاعتراف بالعملاء الأجانب بصورة غير مبررة"، واستاء أعضاء مجلس حقوق الإنسان من تقييد القانون لحرية التعبير وغيرها من الحقوق، ورداً على الانتقادات، أكد لوغوفوي أن تجنب الإدراج في السجل أمر بسيط، يكفي أن يكون لدى الشخص "قدر معين من الوطنية" وألا يكون "خائناً".
وصرح رئيس لجنة مجلس الدوما المعنية بالتحقيق في التدخل الأجنبي في الشؤون الداخلية لروسيا فاسيلي بيسكاريف بأن "هدف مشروع القانون ليس الحظر ولا القمع، بل إعلام الآخرين"، إذ يحق للناس الحصول على معلومات "حول مصادر التدخل الأجنبي"، ووفقاً لنائب وزير العدل أوليغ سفيريدينكو فإن جميع قرارات إدراج الأفراد في السج " تستند إلى وقائع ثابتة ومؤكدة قانونياً".
وخلال يونيو (حزيران) 2022، خلصت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بناءً على شكوى قدمتها 73 منظمة غير حكومية روسية، إلى أن قانون العملاء الأجانب يمثل انتهاكاً لحقوق الإنسان، وحكمت لكل متقدم بتعويض قدره 10 آلاف يورو (11.5 ألف دولار) إلا أن السلطات الروسية رفضت دفع التعويض، فبعد انسحاب البلاد من مجلس أوروبا وقع بوتين قوانين تحظر تنفيذ قرارات المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان.
وخلال مارس (آذار) 2025 الماضي، صاغ مجلس الدوما تدابير جديدة ضد العملاء الأجانب، وتنص هذه التدابير على منح هذه الصفة لمن يدعمون قرارات المنظمات الدولية، بما في ذلك المحكمة الجنائية الدولية، التي ليست روسيا عضواً فيها، والذين يسهمون في أنشطة تقوض أمن روسيا، ويشاركون في جمع المعلومات العسكرية التقنية، وسيحاكمون غيابياً بتهمة نشر معلومات كاذبة عن الجيش من بين جرائم أخرى، ودخلت قيود إضافية على العملاء الأجانب حيز التنفيذ خلال سبتمبر الماضي، إذ منعوا تماماً من المشاركة في الأنشطة التعليمية والتوعية للطلاب من جميع الأعمار، وكذلك من العمل في الهيئات الإدارية للشركات الحكومية.
ما هو النفوذ الأجنبي؟
يفهم النفوذ الأجنبي عموماً على أنه تلقي الدعم (المالي عادة) أو التعليمات من مصدر أجنبي، ووفقاً للتشريع الروسي الحالي، يعرف النفوذ الأجنبي بأنه المساعدة المالية أو التنظيمية أو المنهجية أو العلمية أو التقنية أو أية مساعدة أخرى من الخارج أو ممارسة النفوذ، "بما في ذلك من خلال الإكراه والإقناع و/أو وسائل أخرى"، وأشار نشطاء حقوق الإنسان في مجلس حقوق الإنسان، ضمن مراجعتهم لمشروع القانون لعام 2022، إلى أن هذا المفهوم معرف في القانون بطريقة تمكن من تفسيره على أنه "أي أسلوب تأثير تراه الجهة الإدارية، وفقاً لتقديرها، كافياً".
وبررت وزارة العدل مراراً وتكراراً إدراج أفراد معينين في السجل، مشيرة إلى حقيقة قيامهم بنشر مواد من عملاء أجانب آخرين.
ما الجهة التي تصم الآخرين بصفة العميل الأجنبي؟
وفي روسيا، كما هي الحال في الولايات المتحدة، وجورجيا، وبعض البلدان الأخرى التي يوجد فيها وضع العميل الأجنبي، يُجمع سجلهم من قبل وزارة العدل.
منذ عام 2020، أصبحت مسؤولية الحفاظ على سجل العملاء الأجانب تقع على عاتق نائب رئيس المحكمة العليا السابق ونائب وزير العدل الحالي أوليغ سفيريدينكو، فهو يشرف على إدارة حماية المصالح الوطنية من التأثير الخارجي.
ويمكن أن يكون العميل الأجنبي شخصاً من أية جنسية، وكذلك كياناً قانونياً روسياً أو أجنبياً بأية صورة من صور التنظيم، أو حتى أي هيكل روسي أو أجنبي من دون كيان قانوني.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
في السابق، كانت روسيا تمتلك أربعة سجلات منفصلة للعملاء الأجانب، للمنظمات غير الحكومية ووسائل الإعلام والأفراد والجمعيات غير المسجلة، وجمعها قانون عام 2022 ضمن قائمة واحدة، نشرت القائمة للمرة الأولى خلال الأول من ديسمبر 2022 وضمت 493 منظمة وفرداً .
أنشأ القانون نفسه سجلاً آخر للأفراد المرتبطين بالعملاء الأجانب، وأصدرت وزارة العدل أمراً بإنشائه أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) 2022، وقد يشمل السجل الموظفين الحاليين والسابقين في منظمات العملاء الأجانب، إضافة إلى أولئك الذين يتلقون دعماً مالياً من عملاء أجانب لأنشطتهم السياسية بما في ذلك من خلال وسطاء، وهذه القائمة ليست علنية ولكن يمكن لأي مواطن طلب معلومات من وزارة العدل بصورة مستقلة لمعرفة ما إذا كان مدرجاً في السجل، وخلال يونيو 2023 أُضيف 861 فرداً إلى هذه القائمة.
القيود المفروضة على العملاء الأجانب
لا يجوز لمن وُصم بصفة عميل أجنبي في روسيا أن يترشح لأية انتخابات مهما كانت وأن ينتخب في الانتخابات وأن يعمل في السلطات العامة، ولا يمكنه القيام بأنشطة تعليمية وتوعوية بما في ذلك التدريس داخل المؤسسات التعليمية الحكومية والبلدية، ولا يجوز له الحصول على دعم مالي من الدولة ولا المشاركة في اللجان التابعة للهيئات الحكومية ولا تنظيم التجمعات والفعاليات المماثلة وتمويلها، ولا يسمح له بتقديم أو تأليف أو إنشاء أي محتوى للأطفال، فالأفلام والكتب والمجلات وغيرها من المنتجات المماثلة الصادرة من وكلاء أجانب يجب توزيعها مع علامة (18+).
وعلاوة على ذلك لا يحوز لـ"العميل الأجنبي" الخدمة بموجب عقد في الجيش، ولا أن يكون عضواً في الهيئات الإدارية للمؤسسات الحكومية، ويحظر عليه المشاركة في التقييمات البيئية الحكومية أو العامة وما إلى ذلك، وفرضت السلطات داخل بعض المناطق الروسية قيوداً على العملاء الأجانب، فخلال نوفمبر 2024 حظرت سلطات بسكوف حتى دعم بذور البطاطا للعملاء الأجانب.
واجبات العملاء الأجانب
يجب على جميع العملاء الأجانب وضع علامة مميزة على جميع المواد التي ينشرونها على الإنترنت أو يرسلونها إلى منظمات أخرى، ويجب على وسائل الإعلام إذا ذكرت عميلاً أجنبياً ضمن موادها أن تدرج أيضاً ملاحظة تشير إلى صفة العميل الأجنبي، وألزمت السلطات خدمات بث الموسيقى بالإعلان عن تصنيف الفنانين الذين يعدون عملاء أجانب.
في أوائل عام 2025، صاغ المشرعون تعديلات لمعاقبة العملاء الأجانب على انتهاك إجراءات التصنيف المعمول بها، وكما أوضح النائب بيسكاريف فإن بعضهم يستخدم "شعارات معادية لروسيا أو يشوهون الصورة المعمول بها بطريقة ساخرة، أو حتى يعلنون عن موارد مرتبطة بهم" ضمن تصنيفهم. وفي حال الموافقة، ستغرم هذه المبادرة العملاء الأجانب بما يصل إلى 50 ألف روبل (640 دولاراً).
إذا استمر عميل أجنبي في الانخراط في السياسة على سبيل المثال، بعد إدراجه في السجل، يجب عليه الإفصاح عن ذلك علناً ويجب أن يكون مؤسسو منظمة العميل الأجنبي والمستفيدون منها وموظفوها على دراية بهذا الوضع.
ويجب على الكيانات القانونية الروسية المعترف بها كعملاء أجانب الإبلاغ عن دخلها ونفقاتها وعملياتها إلى وزارة العدل، ويطلب من العملاء الأجانب نشر تقارير عن أنشطتهم عبر الإنترنت أو في وسائل الإعلام الروسية كل ستة أشهر.
خلال ديسمبر 2024، أقر نواب مجلس الدوما بالإجماع القراءة الثالثة لمشروع قانون ينشئ حساباً خاصاً للعملاء الأجانب، ينص القانون على وجوب إيداع جميع المواطنين المدرجين في السجل دخلهم من الأنشطة المهنية (مثل العمل الإبداعي) وبيع وتأجير المساكن وفوائد الودائع، على سبيل المثال، ضمن حساب خاص بالروبل. وشرح رئيس مجلس الدوما فياتشيسلاف فولودين المبادرة على النحو التالي "لقد خان العملاء الأجانب البلاد، ولذلك لا ينبغي لهم استخدام الأموال التي كسبوها في روسيا ضدها"، ووصف محامون الأحكام المعتمدة بأنها غير دستورية مشيرين إلى أنها قد تؤدي إلى التمييز.
عقوبات عدم الامتثال
قد تكون عقوبات عدم الامتثال للموجبات المفروضة على صفة العميل الأجنبي إدارية أو جنائية، وتراوح غرامات التأخر في الإبلاغ أو عدم وجود علامات عميل أجنبي بين 10 آلاف روبل (120 دولاراً) للأفراد و5 ملايين روبل للكيانات القانونية (65 ألف دولار)، ويعتمد المبلغ على نوع المخالفة وتكرارها، وقد تؤدي المخالفات الكيدية للقانون إلى السجن لمدة تصل إلى عامين، وخلال يناير (كانون الثاني) الماضي، اقترح مجلس الدوما زيادة غرامات مخالفة وزارة العدل إلى مئات الآلاف من الروبلات.
في حال انتهاك أية منظمة لقانون العملاء الأجانب بصورة متكررة يجوز تصفيتها، وفي حال وسائل الإعلام يجوز لهيئة الرقابة على الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات تقييد الوصول إلى مواردها بسبب الانتهاكات.
استنساخ قانون العملاء الأجانب من أميركا
يعد قانون تسجيل الوكلاء الأجانب (FARA) في الولايات المتحدة الأميركية أقدم وأشهر قانون في العالم للعملاء الأجانب، وهو ساري المفعول منذ عام 1938، وسُن هذا القانون لمكافحة الدعاية النازية والسوفياتية واستخدم بنشاط خلال الحرب الباردة لمحاربة الشيوعيين، وكان أبرز ضحايا هذا القانون الناشط والكاتب وعالم الاجتماع الأميركي من أصل أفريقي ويليام إدوارد ويركهارت دو بويز (1868-1963)، الذي اشتبهت به السلطات عام 1951 في توزيع منشورات مناهضة للحرب لمصلحة منظمة غير حكومية، وعلى رغم أن القضية كانت ذات دوافع سياسية في البداية وأسقطت التهم لاحقاً، فإن سمعة دو بويز تضررت بشدة، وتحت ضغط الرأي العام أقرت تعديلات عام 1966 مما ضيق تعريف "العميل الأجنبي" بصورة كبيرة ليقتصر على الأفراد الذين يتصرفون بناءً على أوامر مباشرة أو بتوجيه من حكومات وأحزاب سياسية أجنبية.
وفي ذروة تطبيق قانون تسجيل الوكلاء الأجانب عام 1987 بلغ عدد العملاء الأجانب المسجلين داخل أميركا 916 عميلاً، ثم انخفض انخفاضاً حاداً. وخلال الفترة ما بين عامي 1966 و2015 لم تُرفع سوى سبع قضايا جنائية، رُفضت اثنتان منها.
إن انتهاك القانون يعاقب بغرامة تصل إلى 250 ألف دولار أو السجن لمدة تصل إلى خمسة أعوام، أما انتهاك وضع العلامات فيعاقب بغرامة تصل إلى 5 آلاف دولار أو السجن لمدة تصل إلى ستة أشهر.
بخلاف القانون الروسي، الذي يسمح نظرياً بتصنيف أي فرد أو منظمة "تحت تأثير أجنبي" كعميل أجنبي، مع أن القانون لا يعرف ذلك بوضوح، ففي الولايات المتحدة لا يمكن تصنيف سوى من يخضعون لسيطرة جهة أجنبية مباشرة، حكومة أو حزب أو شركة أو موازنة دفاع حكومية أو فرد كعملاء أجانب، وينطبق هذا بصورة أساس على جماعات الضغط والمستشارين السياسيين وخبراء العلاقات العامة الذين يعملون نيابة عن دول أخرى في بعض الحالات، ويمكن أيضاً تصنيف وسائل الإعلام كعملاء أجانب. على سبيل المثال خلال عام 2017، أضافت وزارة العدل الأميركية قناة "آر تي أميركا" التلفزيونية الروسية إلى قائمة العملاء الأجانب (توقفت عن العمل عام 2022).
ومن الفروق الأخرى بين القانونين الأميركي والروسي أن عدداً من الأفراد داخل الولايات المتحدة يسجلون طواعية كعملاء أجانب. على سبيل المثال، قام ممثلو وزارة الخزانة البريطانية بذلك للتفاوض مع المسؤولين الأميركيين نيابة عن الوزارة في شأن الضريبة الرقمية، وخلال عام 2023، اقترحت وزارة العدل الروسية أيضاً على الروس الذين تنطبق عليهم معايير القانون التقدم طواعية بطلب الإدراج في السجل، ولكن حتى الآن لم تسجل أية حالات من هذا القبيل.
وكما هي الحال في روسيا يلزم العملاء الأجانب الأميركيون بالإبلاغ عن أموالهم بانتظام (ستة أشهر داخل الولايات المتحدة، وثلاثة أشهر في روسيا) ووضع علامات على منشوراتهم وإلا سيواجهون غرامات أو حتى أحكاماً بالسجن، ومع ذلك وخلافاً للقانون الروسي لا يفرض قانون تسجيل الوكلاء الأجانب قيوداً على أنشطة العملاء الأجانب.
عملاء يحبون وطنهم
يمثل العملاء الأجانب في روسيا وضعاً خاصاً يفرض التزامات وقيوداً إضافية على المنظمات والأفراد، ويستمر عدد الأفراد الحاصلين على صفة "العملاء الأجانب" في التزايد شهراً بعد شهر وعاماً بعد عام، فمنذ عام 2021 توسعت قائمة العملاء الأجانب بصورة ملحوظة، ويعود ذلك أساساً إلى تصنيف عدد من وسائل الإعلام كعملاء أجانب، وفي نهاية مايو (أيار) الماضي تجاوز عدد المسجلين في السجل الموحد للعملاء الأجانب 1000 شخص، وأعلن المتخصص الديموغرافي أليكسي راكشا العميل الأجنبي رقم 1000.
ولأن اللوائح الحالية للعملاء الأجانب ليست مثالية على الإطلاق، يقترح الخبراء ونشطاء حقوق الإنسان والمسؤولون الحكوميون خيارات إصلاحية مختلفة، تراوح من تعديل التعريفات إلى إلغاء جميع التشريعات المتعلقة بالعملاء الأجانب بالكامل.
كان وصف "عميل أجنبي" سابقاً يستهدف ضمن المقام الأول الصحافيين ووسائل الإعلام ونشطاء حقوق الإنسان، لكن هذا الوصف أصبح الآن يشمل جميع فئات المجتمع، فعلى مدار العامين الماضيين صنف فنانو الكوميديا الارتجالية والموسيقيون والكتاب والمخرجون ورواد الأعمال كـ"عملاء أجانب"، وتوسعت أسباب إدراجهم في السجل، فإضافة إلى التمويل الأجنبي يشمل هذا التصنيف الآن "معارضة الرواية الرسمية للحرب العالمية الثانية والدفاع عن النظام في أوكرانيا"، و"تشويه سمعة أنشطة الهيئات الحكومية في المجال البيئي"، و"النقد غير البناء للمسؤولين الحكوميين على مختلف المستويات"، وهكذا تقر وزارة العدل رسمياً بأنها تستخدم هذا القانون التمييزي لاضطهاد من يعارضون الحرب.
تقول النائبة السابقة في مجلس نواب (دوما) مدينة رزيف إيكاترينا دونتسوفا إن التكيف مع روسيا بوضع "عميل أجنبي" ممكن، ولكنه يزداد صعوبة مع كل جلسة لمجلس الدوما الفيدرالي، وبالنسبة إلى السياسي يعني هذا الوصف عملياً حظراً على تعاطيه ممارسة السياسة، إذ لا يسمح لـ"العميل الأجنبي" بالمشاركة في الانتخابات، وتعتقد دونتسوفا أن هذا هو سبب إدراج اسمها في السجلK وعلى وجه الخصوص قد تكون السلطات حذرة من الشعبية الاحتجاجية التي اكتسبتها دونتسوفا بعد مشاركتها ضمن حملة الانتخابات الرئاسية، وخلال عام 2024، وجهت إلى دونتسوفا تهمة عدم الإبلاغ عن نفسها كـ"عميل أجنبي"، وقد يؤدي تكرار المخالفة بموجب أي جزء من هذا القانون الإداري إلى مقاضاة جنائية.
وعدا التقييدات السياسية، تقيد صفة "العميل الأجنبي" بصورة كبيرة الخيارات المالية للسياسي، إذ يجب الإبلاغ عن أية معاملة مصرفية لوزارة العدل، ويخاطر المتلقي بإدراج اسمه في السجل.
تقول دونتسوفا ساخرة "الحمد لله، لا يمكن حتى الآن تصنيف الأطفال كعملاء أجانب لأن آباءهم يحولون الأموال إليهم"، وتمنع من التفاعل مع القاصرين في اجتماعات حزب "راسفيت" غير المسجل، إذ يمكن اعتبار ذلك نشاطاً تعليمياً، وهو محظور على "العملاء الأجانب".
لكن وعلى رغم كل القيود، لا تفكر بالهجرة، وتقول "أحب بلدي، بغض النظر عن حكومته والقوانين التي يسنها. المغادرة تعني خسارة نفسي".
كثيراً ما يقارن فلاديمير بوتين قانون "العملاء الأجانب" الروسي بالقانون الأميركي، واصفاً النسخة المحلية بـ"الأكثر ليبرالية" و"الأخف". ووفقاً له، فإن "العميل الأجنبي" في روسيا هو "الشخص الذي يمارس أنشطة عامة بتمويل من دولة أجنبية"، ويؤكد الرئيس أن القانون "لا يمنع حتى أي "عميل أجنبي" من ممارسة مثل هذه الأنشطة"، بل يشترط فقط الكشف عن مصادر تمويلهم.
وتشير القيود الـ18 المفروضة على "العملاء الأجانب" المنصوص عليها في القانون الروسي إلى عكس ذلك، فقد منعت السلطات "العملاء الأجانب" من تنظيم التجمعات، ومراقبة الانتخابات والتدريس في المدارس والجامعات وتلقي التمويل الحكومي، وغير ذلك كثير.