ملخص
في ليلة كروية ساحرة على ملعب أنفيلد، استعاد ليفربول بريقه وهزم ريال مدريد للموسم الثاني توالياً، بفضل تألق ماك أليستر وسوبوسلاي وصلابة دفاعية نادرة، ليعلن عودته القوية للمنافسة الأوروبية بعد سلسلة من الإخفاقات.
قد يلتمس لمدرب ليفربول آرني سلوت العذر إن ظن أن هذا الحدث بات مناسبة سنوية في خريف ميرسيسايد. فللعام الثاني على التوالي، سقط ريال مدريد في ليلة صاخبة تحت أجواء مشتعلة في ملعب "أنفيلد". ومثل العام الماضي، افتتح أليكسيس ماك أليستر التسجيل، ليؤدي بطل العالم دور الجلاد أمام النادي الأكبر تاريخاً في بطولات كأس أوروبا.
انتفاضة ليفربول بعد أزمة وخسائر متتالية
الاختلاف، وربما السبب في أن هذا الفوز بدا أكثر عظمة، أن ليفربول كان قد تعثر قبل ذلك في أسبوع بدا حاسماً في موسمه. وقال سلوت "مررنا بسلسلة نتائج سيئة للغاية، ولا يوجد أي عذر في العالم يبرر خسارتنا هذا العدد من المباريات". ولكن بعد ست هزائم في سبع مباريات، تمكن الفريق من تجاوز أستون فيلا، الفائز بكأس أوروبا مرة واحدة، وريال مدريد، الفائز بها 15 مرة. ومن أسوأ فترة في مسيرة سلوت التدريبية، قدم ليفربول أفضل أداء له هذا الموسم، إذ كان ذلك انتعاشاً حقيقياً بل كان ذلك مذهلاً.
دفاع صلب ومردود جماعي مدهش
وأضاف سلوت "لقد كان الأمر مبهراً لأننا واجهنا فريقاً مذهلاً يمر بفترة رائعة من الأداء"، إذ دخل ريال مدريد اللقاء بعدما فاز في 13 من أصل 14 مباراة هذا الموسم، وبسجل كامل في دوري الأبطال، لكنه غادر مهزوماً وربما محبطاً. وكان قد سجل في كل مباراة هذا الموسم حتى اصطدم بليفربول الذي بدا طوال الموسم هشاً دفاعياً.
ومع ذلك، باستثناء تسديدة من جود بيلينغهام تصدى لها حارس مرمى ليفربول جورجي مامارداشفيلي، لم يجد حارس ليفربول البديل ما يشغله سوى متابعة عرض يوحي بأن ليفربول عاد لمستواه. وقال سلوت "الدفاع بأكمله قدم أداءً رائعاً". فبعدما خرج الفريق بشباك نظيفة مرتين فقط طوال الموسم، ها هو يحقق ذلك في مباراتين متتاليتين. وفجأة، بدأ الفريق يستشعر طعم الصلابة من جديد.
أجواء "أنفيلد" تصنع الفارق لليفربول
امتلأ ملعب "أنفيلد" بأكبر حضور جماهيري أوروبي في تاريخه، فارتفع صوته مدوياً. أما لاعبوه المتقدون حماسة بقيادة سلوت، فوفروا الطاقة على أرض الملعب. واستمد ليفربول قوته من خط الوسط، وكان من المناسب أن يكون هو صاحب الفارق في المباراة، إذ تلقى ريال مدريد ضربات قاسية من صلابة ليفربول البدنية، وعجز عن مجاراتها بالطرق المشروعة. وقال تشابي ألونسو "ارتكبنا كثيراً من الأخطاء ومنحناهم عدداً كبيراً من الركلات الحرة"، وكانت إحداها مكلفة للغاية.
ماك أليستر وسوبوسلاي... الثنائي الذهبي
وللموسم الثاني على التوالي، كان أليكسيس ماك أليستر هو من كسر الجمود التهديفي، فالتسجيل في شباك ريال مدريد أصبح عادة محببة لديه، إذ أودع الأرجنتيني الكرة برأسه في المرمى بعد ركلة حرة نفذها دومينيك سوبوسلاي. وقال سلوت "يمكننا القول إننا هزمناهم بفضل كرة ثابتة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وكان هدفاً يمكن نسب الفضل فيه إلى ضغط ليفربول المستمر بقدر ما يعود للتنفيذ الدقيق، إذ اشترك فيه لاعبو خط الوسط الثلاثة، بعدما حصل رايان غرافنبرخ على الركلة الحرة إثر عرقلته من قبل جود بيلينغهام.
رد ليفربول على بيلينغهام بطريقته الخاصة
وإذا عدنا لعام 2023 حين كان ليفربول يأمل في التعاقد مع بيلينغهام قبل أن يختار الأخير الانضمام إلى ريال مدريد، فقد غيّر النادي وجهته وجلب بدلاً منه ماك أليستر وسوبوسلاي وغرافنبرخ. ولم تكن هذه الليلة مما يدعو ليفربول إلى الندم على اللاعب الذي فاته، أو حتى على اثنين، إذ إن لاعب وسط ريال مدريد الحالي أوريلين تشواميني كان هو الآخر هدفاً سابقاً للنادي.
لكن المباراتين الأخيرتين كانتا دليلاً على أن ماك أليستر استعاد أخيراً حدته، فبمجرد عودته لمستواه، بدا ليفربول أكثر هيبة وقوة. ومع ذلك، إن كان الأرجنتيني قد خسر الأضواء، فذلك لأن دومينيك سوبوسلاي المتألق في كل مكان كان مذهلاً. وأنهى المباراة بصناعة هدف، بعد أن كان قريباً من التسجيل بنفسه، وكاد يحصل على ركلة جزاء. وبطريقة أو بأخرى، لم يكن ليسمح بأن يحرم من التأثير في المباراة.
كورتوا البطل الخاسر في ليلة "أنفيلد"
ومع ذلك، شعر ليفربول بالإحباط طوال ساعة كاملة، وبدا الأمر وكأنه تكرار لنهائي 2022، حين واجه الفريق خصماً قديماً كثيراً ما أرهقه. ولم تكن المواجهة كما جرى الترويج لها بين ليفربول ولاعبه السابق ترينت ألكسندر أرنولد، بل بين ليفربول وتيبو كورتوا، ليست بينهم وبين لاعبهم السابق بل ضد خصمهم المألوف. وقال تشابي ألونسو "كان تيبو رائعاً".
وأنقذ كورتوا مرماه تسع مرات في باريس بنسخة 2022، وها هو يكرر المشهد في اللقاء المعاد، بتصديات عدة، أربعة منها جاءت أمام سوبوسلاي. وتصدى الحارس البلجيكي ببراعة لتسديدة المجري بعدما مرره فلوريان فيرتز في هجمة مرتدة خاطفة نفذها ليفربول بسرعة البرق.
كما أنقذ كورتوا كرتين متتاليتين من ركنيتين في غضون دقيقة واحدة، حارماً في البداية فيرجيل فان دايك ثم هوغو إيكيتيكي، في استعراض مذهل لردود فعله السريعة. ولم يتوقف الأمر عند ذلك، إذ أحبط أيضاً محاولات كل من ماك أليستر وكودي غاكبو الذي كان أحد مسجلي الأهداف العام الماضي.
وإن كان كورتوا منح ريال مدريد فرصة للبقاء في المباراة، فقد فعل الحكام الأمر ذاته، إذ ظن لاعبو ليفربول للحظة أنهم حصلوا على ركلة جزاء عندما اصطدمت تسديدة سوبوسلاي بيد تشواميني، فجرى استدعاء الحكم إستفان كوفاتش لمراجعة اللقطة عبر شاشة نظام حكم الفيديو المساعد. لكنه ألغى قراره الأول باحتساب خطأ، ورأى أن يد اللاعب الفرنسي كانت في وضع طبيعي.
ولم يرضِ القرار جماهير ملعب "أنفيلد"، على رغم أنه كان على الأرجح صحيحاً. ومع ذلك، قدم لاعبو سلوت الرد الأمثل. وقال فان دايك "نفذنا خطتنا التكتيكية على أكمل وجه".
عودة ألونسو البائسة وصعود نجم برادلي
أما ريال مدريد فلم يفعل الشيء نفسه. وتشابي ألونسو الذي كان جزءاً من فريق ليفربول الذي هزم ريال هنا قبل 16 عاماً بنتيجة (4 - 0) عاش ليلة أوروبية رائعة أخرى في "أنفيلد"، وإن كانت هذه المرة أقل بهجة بكثير. فقد انتهى به الأمر متلقياً بطاقة صفراء بسبب احتجاجاته المتأخرة، وإن كان نجم ليفربول السابق، الفائز بدوري الأبطال 2005، قد نجا في الأقل من المعاملة التي وجهت إلى ألكسندر أرنولد.
لقد كانت عودة بائسة تماماً لابن ليفربول. فقبل ساعات من انطلاق المباراة، جرى تشويه جداريته، وتعرض لصافرات الاستهجان أثناء الإحماء، ثم واجه صيحات الاستهجان مع كل لمسة له للكرة عندما دخل بديلاً في الدقائق الـ10 الأخيرة. وقال ألونسو "كان من المتوقع حدوث ذلك، لكنه لاعب محترف وناضج، وكان مستعداً".
ومع ذلك، احتفلت جماهير مدرج "الكوب" في غالبية الوقت بالظهير الأيمن الذي حل محل ألكسندر أرنولد في قلوبهم، مرددين الهتافات باسم كونور برادلي. وقال سلوت "مواجهة فينيسيوس (جونيور) مراراً وتكراراً في مواجهات فردية ليست أمراً سهلاً على أي لاعب". لكن اللاعب الآتي من إيرلندا الشمالية استمتع بالتحدي. واهتز "أنفيلد" بصدى اسمه عندما تلقى فينيسيوس، في مشهد معاكس، بطاقة صفراء لعرقلته برادلي وجذبه من الخلف بينما كان الأخير ينطلق في الجهة اليمنى. وتابع سلوت حديثه "كان كونور مذهلاً". وللموسم الثاني على التوالي، قدم أداءً رائعاً أمام ريال مدريد، وكذلك فعل ليفربول.
© The Independent