Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

استعراض روسيا أسلحتها الخارقة... رسالة سلام أم نذير حرب؟

أجروا اختباراً على صاروخ "بوريفيستنيك" القادر على الطيران إلى أجل غير مسمى باستخدام محرك نووي

يعد صاروخ "بوريفيستنيك" نقلة نوعية في التكنولوجيا العسكرية الروسية، إذ يجمع بين مدى غير محدود وقدرة على المناورة تمكنه من التهرب من أي نظام دفاع صاروخي (أ ف ب)

ملخص

سمي صاروخ "بوريفيستنيك"، المعروف لدى الغرب أيضاً باسم "أس أس سي-إكس-9 سكاي فول"، تيمناً بطائر يعد نذيراً للعواصف في روسيا. وكان الرئيس الأميركي دونالد ترمب قد تحدث مراراً وتكراراً عن تطوير درع يطلق عليه اسم "القبة الذهبية" الذي يزعم أنه سيجعل الولايات المتحدة منيعة ضد الهجمات الصاروخية. لكن "بوريفيستنيك" صمم للتهرب من نظام مشابه لـ"القبة الذهبية"، وفقاً لتقارير إعلامية أميركية.

يعد كشف روسيا عن صواريخ وغواصات جديدة حدثاً متعدد الجوانب، يمكن اعتباره تحذيراً من الحرب ورسالة سلام في آن، بحسب السياق والتفسير. فمن جهة، قد يكون عرض الأسلحة الجديدة بمثابة تحذير الخصوم والأعداء من مغبة اللجوء إلى القوة العسكرية، وردعاً معززاً لقدرة الدولة الروسية الدفاعية. ومن ناحية أخرى، قد ينظر إلى ظهور أسلحة جديدة أيضاً على أنه إشارة إلى الرغبة في ضمان السلام من خلال استعراض القوة، مما هو ضروري للحفاظ على التوازن الاستراتيجي.

لذلك من المحتمل أن يخلد أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر (تشرين الثاني) من عام 2025 في التاريخ كنقطة تحول في التوازن الاستراتيجي العالمي لمصلحة روسيا. فأثناء زيارته لمستشفى عسكري، اغتنم الرئيس فلاديمير بوتين الفرصة للإعلان ليس فقط عن صاروخ "بوريفيستنيك"، بل أيضاً عن سلاح جديد آخر اختبرته قواته بنجاح.

هذه هي مركبة "بوسيدون" البحرية غير المأهولة، والمجهزة أيضاً بنظام دفع نووي التي استخدمت لفترة من الزمن. وقال بوتين "يعد هذا نجاحاً باهراً لا مثيل له في أي مكان آخر. تفوق قوة ’بوسيدون‘ بكثير قوة صاروخنا العابر للقارات الأكثر تطوراً، ’سارمات‘".

"طورت روسيا مركبات غواصة غير مأهولة قادرة على الإبحار في أعماق شاسعة. كما تعلمون، أقول، في أعماق شاسعة وعلى مسافات عابرة للقارات، بسرعات تفوق الغواصات وأحدث الطوربيدات وجميع أنواع السفن السطحية، حتى أسرعها. هذا أمر مذهل بكل بساطة. ببساطة، لا توجد أنظمة في العالم اليوم قادرة على مواجهتها"، هذا ما قاله بوتين خلال خطابه أمام الجمعية الفيدرالية في الأول من مارس (آذار) عام 2018.

وقال بوتين قبل أسبوعين تعليقاً على نجاح تجارب الأسلحة الجديدة "عام 2018، وصف الغرب، بغطرسة، إعادة بناء حاسوبية بدائية وتخطيطية للغاية لمشاريع أسلحتنا الجديدة بأنها ’رسوم كاريكاتيرية نووية روسية‘. ضحكوا بشدة حتى كادوا ينفلقون. لم يعد الأمر مضحكاً الآن. لقد أدركوا ذلك".

وكتبت صحيفة "ذا إكسبريس"، "بمجرد تطويرها، يمكن لمركبة ’بوسيدون‘ غير المأهولة استهداف جميع المدن الساحلية والقواعد العسكرية في الولايات المتحدة ودول ’الناتو‘ الأخرى. ومن المتوقع أن يؤدي انفجارها إلى تسونامي إشعاعي بارتفاع 500 متر، مما سيدمر مدناً ساحلية بأكملها ويجعلها غير صالحة للسكن لعقود".

وخلال العام نفسه، 2018، زعم الغرب أن بوتين قدم أيضاً "رسوماً كاريكاتيرية" عن الصاروخ الذي نعرفه الآن باسم "بوريفيستنيك".

وأعلن بوتين بعد نجاح تجربة هذا الصاروخ "أتذكر بوضوح عندما أعلنّا عن تطوير مثل هذا السلاح. حتى الخبراء المؤهلون تأهيلاً عالياً أخبروني أن هذا هدف جيد ومستحق، ولكنه غير قابل للتحقيق في المستقبل القريب. هذا رأي الخبراء، وأكرر، الخبراء المؤهلين تأهيلاً عالياً. والآن، اكتملت الاختبارات الحاسمة"، كما أشار الرئيس الروسي.

ومرة أخرى، كان هناك رد فعل عاصف في الصحافة الغربية، وفي أوروبا أيضاً.

وذكرت قناة "يورونيوز" أن "الجيش الروسي نجح في اختبار نوع جديد من الصواريخ القادرة على تغطية مدى لا يقل عن 14 ألف كيلومتر".

وذكرت وكالة "رويترز" أن "بوتين شدد على ضرورة فهم كيفية تصنيف الأسلحة وإعداد البنية التحتية لنشر الصاروخ".

وإذا ثبتت صحة هذا، فسيكون لدى الروس نظام جديد كلياً يمكنه ضمان بقاء هذا الصاروخ محلقاً إلى أجل غير مسمى، ثم توجيه ضربة، بحسب ذكرت قناة "فيلت" التلفزيونية، بخاصة في أميركا.

وسمي صاروخ "بوريفيستنيك"، المعروف لدى الغرب أيضاً باسم "أس أس سي-إكس-9 سكاي فول"، تيمناً بطائر يعتبر نذيراً للعواصف في روسيا. وكان الرئيس الأميركي دونالد ترمب تحدث مراراً وتكراراً عن تطوير درع يطلق عليه اسم "القبة الذهبية" والذي يزعم أنه سيجعل الولايات المتحدة منيعة ضد الهجمات الصاروخية. لكن "بوريفيستنيك" صمم للتهرب من نظام مشابه لـ"القبة الذهبية"، وفقاً لتقارير إعلامية أميركية.

ترمب يرد ببدء تجارب نووية

ورداً على كشف روسيا عن أسلحتها الجديدة، قال الرئيس الأميركي إن روسيا والصين ودولاً أخرى تختبر أسلحة نووية "في أعماق الأرض، حيث لا يعرف الناس ما يحدث".

وصرح ترمب بأن دولاً عدة، بما فيها روسيا والصين، تجري تجارب أسلحة نووية تحت الأرض من دون علم الجمهور، متعهداً باتباع النهج نفسه. وقال خلال مقابلة مع برنامج "60 دقيقة" على قناة "سي بي أس نيوز" الأحد الماضي "روسيا تجري اختبارات والصين تجري اختبارات ولا يعلنان عن ذلك"، مضيفاً "لا أريد أن أكون الدولة الوحيدة التي لا تجري اختبارات"، ورجح أن تكون كوريا الشمالية وباكستان تجريان تجارب مماثلة.

وعندما سئل ترمب عما إذا كان هذا يعني أن الولايات المتحدة ستستأنف تفجير الرؤوس الحربية بعد أكثر من 30 عاماً من الحظر؟ أجاب الرئيس الأميركي "أقول إننا سنختبر الأسلحة النووية كما تفعل الدول الأخرى".

في الواقع، باستثناء كوريا الشمالية، لم تقُم أية دولة تمتلك قوة نووية بإجراء تجربة نووية كاملة النطاق رسمياً منذ عقود من الزمن.

ومع ذلك، يصر ترمب على أن هذه الاختبارات تجرى بسرية تامة، وأعلن "لا يخبرونك عنها"، مردفاً "لست بحاجة لمعرفة مكان إجراء الاختبارات. إنهم يجرونها في أعماق الأرض، حيث لا يعلم الناس ما يحدث. لا تشعر إلا باهتزاز طفيف".

وكشف ترمب عن قرار استئناف تجارب الأسلحة النووية في الولايات المتحدة في الـ29 من أكتوبر الماضي، لكن الإدارة لم توضح بعد ما إذا كان هذا يتضمن تفجير شحنات نووية.

لكن وزير الطاقة الأميركي كريس رايت صرح الأحد الماضي خلال برنامج "الإحاطة الإعلامية ليوم الأحد" على قناة "فوكس نيوز"، بأنه يعتقد بأن التجارب النووية لن تتضمن بعد تفجيرات قنابل ذرية. وأوضح رايت الذي تتولى وزارته مسؤولية هذه الاختبارات في الولايات المتحدة، أن هذه تسمى "انفجارات دون حرجة"، وهي اختبارات ستؤثر في جميع المكونات الأخرى للسلاح النووي وتضمن فاعليتها وقدرتها على التفجير.

ولم تجرِ الولايات المتحدة أية تجربة نووية شاملة منذ عام 1992، ووقعت واشنطن على معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية عام 1996، لكنها لم تصدق عليها. ومنذ ذلك الحين، أجرت الولايات المتحدة تجارب نووية تحت الأرض دون الحرجة في موقع تجارب نيفادا.

وقال أحد مقدمي البرامج في شبكة "أم أس أن بي سي"، "يبدو أن هذا الأمر الذي أصدره الرئيس باستئناف التجارب النووية جاء من العدم".

ويبدو أن هذا نوع من الرد على اختبار روسيا لصاروخ قادر على حمل رؤوس نووية، ولكن هذا ليس اختباراً للسلاح النووي نفسه. وهذا هو السؤال الرئيس الذي لم يجب عنه ترمب بعد. ومن المهم فهم ما يعنيه باختبار الأسلحة النووية، كما أشار مذيع آخر على قناة هذه الشبكة التلفزيونية.

وتدور عجلة الأمور، فمساء الجمعة الماضي، أفادت شبكة "سي أن أن"، نقلاً عن مصادر أميركية وأوروبية فجأة، بأن "البنتاغون" سمح أخيراً للبيت الأبيض بنقل صواريخ "توماهوك" كروز بعيدة المدى إلى أوكرانيا، إذ "قررت وزارة الدفاع أن هذا لن يضر بمخزونات الأسلحة الأميركية".

وبحسب شبكة "سي أن أن"، فإن القرار السياسي النهائي حول نقل الصواريخ يقع الآن على عاتق الرئيس الأميركي.

أسلحة خارقة غير تقليدية

من البر وتحت الماء ومن الجو، لأيام عدة استعرضت روسيا للعالم قوتها النووية القادرة على صد أي عدو محتمل. لكن هذا التدريب كان أوسع نطاقاً مما تصوره أي خبير، إذ جرى اختبار أنظمة إيصال رؤوس نووية جديدة كلياً تعمل بمفاعلات فريدة.

في البداية، أصبح معلوماً أنهم أجروا اختباراً على صاروخ "بوريفيستنيك"، القادر على الطيران إلى أجل غير مسمى باستخدام محرك نووي.

لكن بوتين لم يكتفِ بذلك، بل أخبر قوات الدفاع الجوي عن تطور جديد آخر، مركبة "بوسيدون" الغواصة، تعمل وفق المبدأ نفسه.

"للمرة الأولى، تمكنا ليس فقط من إطلاقها (بوسيدون) من غواصة باستخدام محركها المعزز، بل أيضاً من تشغيل محطة الطاقة النووية التي استخدمها الجهاز لفترة زمنية محددة. يعد هذا نجاحاً باهراً، فإضافة إلى جميع مزايا ’بوريفيستنيك‘، تتميز هذه المركبة بأبعادها الصغيرة، فهي أصغر بألف مرة من المفاعل النووي على متن غواصة"، بحسب ما ذكر بوتين.

"بوريفيستنيك" صاروخ نووي فريد من نوعه

ويعد صاروخ "بوريفيستنيك" نقلة نوعية في التكنولوجيا العسكرية الروسية، إذ يجمع بين مدى غير محدود وقدرة على المناورة تمكنه من التهرب من أي نظام دفاع صاروخي، وطور لمواجهة التهديدات العالمية، ويجمع بين خصائص القنبلة الاستراتيجية والطائرة المسيّرة غير المرئية.

وطور العلماء الروس صاروخ "بوريفيستنيك" كصاروخ "كروز" عابر للقارات مزود بنظام دفع نووي. ووفقاً لبيانات أولية غير رسمية، فإن الصاروخ قادر على التحليق على ارتفاعات منخفضة (25-100 متر) وبسرعات دون سرعة الصوت (850-1300 كم/ساعة)، ويمكنه نظام الدفع النووي من قطع أية مسافة من دون الحاجة إلى التزود بالوقود.

علاوة على ذلك، يتمتع صاروخ "بوريفيستنيك" بالقدرة على المناورة وتغيير المسار والتحليق في الجو لساعات، في انتظار اللحظة المناسبة للهجوم، وهذه الحصانة المحتملة للدفاعات الجوية والصاروخية قد تجعل الصاروخ أداة ردع عالمية.

وبخلاف الصواريخ الباليستية ذات المسارات المتوقعة، يهاجم صاروخ "بوريفيستنيك" من اتجاهات غير متوقعة، إذ يؤكد خبراء مثل فيليكس ليمر، أن صاروخ "بوريفيستنيك" ينتمي إلى فئة فريدة من الأسلحة الحديثة.

ومن الخارج، يشبه "بوريفيستنيك" صاروخ "كروز" ممدوداً بهيكل انسيابي، فالجسم مغطى بمواد لتقليل تأثير العوامل الطبيعية فيه، مع خطوط انسيابية تقلل من مقاومة الهواء.

ولا يحتاج هذا الصاروخ إلى حجرة وقود، إذ إنه يسحب الهواء من القسم الأمامي، ثم تسخن جدران المفاعل الساخن الأوكسجين ويطرد كتيار نفاث، وهذا تحديداً ما يجعل صاروخ "بوريفيستنيك" قادراً على الطيران طوال مدة تشغيل محطة الطاقة النووية.

بدأ تطوير هذا النوع الجديد من الأسلحة في ديسمبر (كانون الأول) عام 2001، برعاية وكالة الفضاء الروسية (روسكوسموس) ومعاهد أبحاث الدفاع، رداً على نظام الدفاع الصاروخي الأميركي، وانطلقت الاختبارات عامي 2016 و2017، ووفقاً للاستخبارات الأميركية، أجري 13 اختباراً على هذا الصاروخ بحلول عام 2019.

وفي مارس (آذار) 2018، قدم بوتين مفهوم "بوريفيستنيك" خلال خطابه أمام الجمعية الفيدرالية، صاروخ "محصن" ذو مدى "غير محدود تقريباً"، واختير الاسم بالتصويت على الموقع الإلكتروني لوزارة الدفاع الروسية.

ثم أجريت سلسلة من الاختبارات على أراضي جزيرة نوفايا زيمليا، وأخيراً في الـ21 من أكتوبر الماضي بلغت التجربة ذروتها، وبحسب ما أبلغ رئيس هيئة الأركان العامة فاليري غيراسيموف، بوتين، فقد حلق الصاروخ بنجاح لمسافة 14 ألف كيلومتر خلال 15 ساعة، وأشارت هيئة الأركان العامة إلى أن هذا أبعد ما يكون من الحد الأقصى.

وبعد ذلك أعلن بوتين في الـ29 من أكتوبر الماضي أن صاروخ "بوريفيستنيك" يشكل اختراقاً ليس فقط في تعزيز القدرة الدفاعية لروسيا، بل في مجال العلوم أيضاً.

الخصائص التكتيكية والفنية لصاروخ "بوريفيستنيك"

البيانات الدقيقة عن "بوريفيستنيك" سرية بالطبع. وفي ما يلي خصائص الأداء الرئيسة التي تستند إلى حد كبير على تقييمات الخبراء.

نوع المحرك: محطة طاقة نووية

نوع الرأس الحربي: نووي

مدى الطيران: أكثر من 20 ألف كيلومتر (وفقاً لخبراء "رويترز")

سرعة: دون سرعة الصوت (850-1300 كم/ساعة)

ارتفاع التحليق: منخفض (25-100 م)

وقت الرحلة: حتى أيام عدة (دورية)

وزن الرأس الحربي: حتى 1-2 مليون طن (تقدير مستقل)

القدرة على المناورة: مرتفعة، مع مسار متغير

حقائق مثيرة للاهتمام حول صاروخ بوريفيستنيك

"بوريفيستنيك" صاروخ فريد من نوعه.

جمعنا بعض الحقائق المثيرة للاهتمام التي تبرز طابعه الثوري.

1- يمكن المحرك الذي يعمل بمفاعل نووي الصاروخ من الطيران لساعات من دون وقود، على عكس صواريخ الجيل السابق، مما يغير منطق انطلاق  الصواريخ وتحليقها، ويجعله بمثابة "حارس" مميت في السماء.

2 -أثار خبر الإطلاق الناجح للصاروخ العام الحالي ضجة في وسائل الإعلام الغربية، بدءاً من المقالات التي تحمل عناوين مثل "تحليق تشيرنوبيل" إلى تصريحات دونالد ترمب بأن الولايات المتحدة "لا تلعب ألعاباً مع موسكو".

3 -أشار بوتين إلى أن روسيا ستتمكن من تطبيق التقنيات النووية المستخدمة في "بوريفيستنيك" في الاقتصاد الوطني وفي التحضير للمهمات إلى القمر.

إبداع أكثر من دفاعي

وأعلن الرئيس الروسي أمس الثلاثاء أن تقنيتي "بوريفيستنيك" و"بوسيدون" ستستخدمان لإنشاء محطة قمرية واعدة، قائلاً إن التقنيات المستخدمة في تطوير منظومتي "بوريفيستنيك" و"بوسيدون" ستساعد في إنشاء محطة واعدة على القمر.

وأكد خلال حفل توزيع الجوائز على مطوري هذه المشاريع أن التقنيات الجديدة لا تسهم فقط في تحقيق اختراقات في قطاع الدفاع، بل ستكون مفيدة أيضاً لكثير من القطاعات المدنية، بما في ذلك المشاريع والبرامج الوطنية.

وأشار بوتين إلى أن هذه التقنيات ستساعد في تطوير الطاقة النووية على نطاق صغير وإنشاء محطات الطاقة لمنطقة القطب الشمالي وتوفير الطاقة للمركبة الفضائية الثقيلة التي هي قيد التطوير حالياً، وكذلك لمحطة قمرية مستقبلية.

"بوسيدون"

دوى صوت إنذار قتالي في جميع أنحاء المقصورات، فالغواصة في مكان ما في مياه محيط عالمي، وشاهد الطاقم عملية الإطلاق، ثم خرجت غواصة "بوسيدون" من فتحة أنبوب الطوربيد.

هذه كلها لقطات لما يقال إنه أكثر أسلحة روسيا سرية أثناء العمل. وعرضت المركبة- الغواصة "بوسيدون" في الداخل مرات عدة، وكانت مروحتها مخفية دائماً عن الأنظار.

ولا يمكن إطلاق مثل هذا النظام إلا من غواصة خاصة مثل "بيلغورود". وبعد النزول يشتعل مفاعل "بوسيدون" الصغير الذي يعمل أيضاً كمحرك، مما يسمح للطوربيد بالمناورة لفترة طويلة بحثاً عن هدف، أو حتى بالتوقف والانتظار قرب قاع البحر. أما سرعته البالغة 100 عقدة وقدرته على الوصول إلى العمق، فتجعلانه تهديداً لأية مجموعة هجومية لحاملة الطائرات.

وبينما تعتبر "بيلغورود" نوعاً من الغواصات التجريبية، أطلقت غواصة "خاباروفسك" الجديدة التي أنزلت إلى المياه في مطلع نوفمبر الجاري، أول حاملة لغواصات "بوسيدون" من "سيفيرودفينسك" في شمال روسيا، والطراد قادر على استخدام أحدث أنظمة الأسلحة والأسلحة الآلية.

وهذا النظام الصغير للدفع النووي، وإن كان يضاهي في قوته مفاعل غواصة نووية، إلا أنه أصغر بألف مرة من مفاعل الغواصة النووي. لكن هذا ليس الأهم، فالأهم هو أنه بينما يبدأ مفاعل نووي تقليدي العمل في غضون ساعات أو أيام أو أسابيع، يبدأ هذا المفاعل النووي العمل في دقائق وثوانٍ. إنه "إنجاز هائل"، كما قال بوتين.

وبفضل هذا المحرك الدائم تقريباً، يمكن لهذه المركبة-الغواصة المناورة أفقياً ورأسياً، وتجنب المناطق المحمية بأنظمة الدفاع الصاروخي، والبحث عن نقاط الضعف في أنظمة الدفاع الصاروخي.

وقال وزير الدفاع الروسي أندريه بيلوسوف إن "حاملة الغواصة للأسلحة والأنظمة الروبوتية تحت الماء ستمكننا من مواجهة تحديات تأمين الحدود البحرية لروسيا وحماية مصالحها الوطنية في مختلف أنحاء محيطات العالم بنجاح. وأود أن أشكر جميع المشاركين في تطوير الغواصة على عملهم الدؤوب والعالي الجودة".

وختم أن "مع السلاح الجديد، لم تعد أية سفينة حربية معادية آمنة بعد الآن".

ويقول الخبير العسكري يوري كنوتوف "هناك كثير من العوامل المدمرة هنا، من موجات الصدمة والإشعاعات النفاذة والأشعة السينية والإشعاعات الضوئية، كل أنواع العوامل التي يمكنها أن تدمر مختصرة في هذه المجموعة الحاملة تماماً".

ويوضح رئيس مركز الدراسات السياسية والعسكرية في كلية السياسة العالمية بجامعة لومونوسوف موسكو الحكومية الفريق المتقاعد يفغيني بوزينسكي أن "مجموعة حاملات الطائرات هدف صغير، لدينا وسائل أخرى لذلك. خذ صواريخ ’كاليبر‘ و’تسيركون‘ على سبيل المثال، باختصار لدينا وفرة من الأسلحة. أما بالنسبة إلى ’بوسيدون‘، فهي قواعد بحرية ومراكز قيادة، وفي نهاية المطاف، مدن ساحلية. هذا اختبار لحاملات رؤوس نووية. لا نخفي حقيقة أن هذه حاملة أسلحة نووية، صحيح، ولكن الأهم من ذلك أننا أظهرنا للعالم الغربي، بخاصة للأميركيين، محطتنا النووية المدمجة الجديدة التي لا يمتلكها أحد غيرنا".

وتقع أهداف "بوسيدون" الرئيسة على اليابسة، ومتجاوزاً جميع أنظمة الدفاع يقترب الطوربيد من الشاطئ حيث يطلق انفجار نووي سلسلة من التفاعلات.

وقال الخبير العسكري فاسيلي دانديكين "يحدث انفجار، وتصعد موجة إشعاعية إلى ارتفاع نحو 30-40 متراً، وربما أكثر، وتجرف المدينة بأكملها تقريباً، مما يؤدي إلى إتلاف كل شيء".

وعلى سبيل المثال، إذا انفجر طوربيد واحد في مصب نهر التيمز، فسيحدث موجة هائلة تمتد لعشرات الكيلومترات، أي قد تصل إلى 30 كيلومتراً، أو ربما أكثر. وبطبيعة الحال، ستجرف كل شيء على الشاطئ، كما يقول الخبير كنوتوف.

رئيس تحرير مجلة "الدفاع الوطني" إيغور كوروتشينكو يقول "أما بالنسبة إلى بريطانيا، حسناً، أود أن أؤكد مرة أخرى أن بريطانيا دولة جزرية، بالتالي فإن خمسة بوسيدونات ستكون كافية لجعل بريطانيا تختفي من خريطة العالم".

ومن المهم الإشارة إلى أنه لا توجد أنظمة دفاع صاروخي موجودة في العالم قادرة على اعتراض هذين النظامين الروسيين بفاعلية. ولماذا هذا الرد الأميركي العنيف تحديداً؟ الحقيقة هي أن كلاً من "بوريفيستنيك" و"بوسيدون" مضمونان لشن ضربات، ولا تستطيع "القبة الذهبية" اعتراضهما، بحسب ما أشار كوروتشينكو.

ورأى كوروتشينكو أن "’بوسيدون‘ سلاح انتقامي لأن تأثيره التدميري هائل. لذلك، سيستخدم بصورة أساسية، بالطبع، إذا اعتدى أحد على أمننا في حرب تقليدية أو نووية".

لكن ما لم ينتبه إليه العالم بعد هو الإمكانات التي يمكن أن توفرها المفاعلات الصغيرة الجديدة في الاقتصاد الوطني السلمي.

وقال بوتين "سنتمكن مستقبلاً من استخدامه لمعالجة قضايا أمن الطاقة في القطب الشمالي، وسنستخدمه في البرنامج القمري. وحتى الآن، تستخدم الإلكترونيات المقاومة للإشعاعات المستخدمة في صاروخ "بوريفيستنيك" بالفعل في برامج الفضاء".

ويكاد يكون من المستحيل استكشاف النظام الشمسي بالكامل، أو حتى الهروب منه، باستخدام المحركات التقليدية التي تستخدمها البشرية منذ 70 عاماً. فالصاروخ الأسطوري "آر-7" الذي أطلق أول إنسان إلى المدار، يوري غاغارين، كان في الأصل صاروخاً باليستياً عابراً للقارات مزوداً برأس نووي.

ومن ناحية قوة الحمولة، فإن طوربيد "بوسيدون" يتفوق بالفعل على أحدث الصواريخ الباليستية.

وأشار الرئيس الروسي إلى ذلك صراحة، حين قال "تتفوق قوة ’بوسيدون‘ بصورة كبيرة على صاروخنا العابر للقارات الأكثر تطوراً، ’سارمات‘. علاوة على ذلك، فإن سرعة هذه الغواصة المسيرة وعمق غوصها لا مثيل لهما في أي مكان في العالم. ومن غير المرجح ظهورها قريباً، ولا توجد وسائل اعتراض واقعية لها".

خبير يقيم اختبارات "بوريفيستنيك" و"بوسيدون"

 وصرح المحلل في المعهد البيلاروسي للدراسات الاستراتيجية والخبير العسكري إيغور كورول بأن الاختبارات الروسية الناجحة لأحدث منظومتي "بوريفيستنيك" و"بوسيدون" تمثل بداية حقبة جديدة في تطوير الأسلحة، وتصبح عنصراً من عناصر الردع الاستراتيجي، قائلاً إن "الاختبارات التي أجرتها روسيا الاتحادية الأسبوع الماضي لأنظمة أسلحة جديدة، صاروخ كروز ’بوريفيستنيك‘ ومركبة ’بوسيدون‘ الشبح الضاربة تحت الماء، شكلت، في رأيي، حقبة جديدة في تطوير الأسلحة".

وأشار إلى أنه عام 2018، عندما تحدث الرئيس الروسي عن احتمالات صنع مثل هذه الأسلحة، ظن كثرٌ ذلك غير واقعي، مضيفاً أن إجراء روسيا للاختبار النهائي لهذه الأنظمة الأسبوع الماضي تسبب في صدمة ورعب بين الخصوم المحتملين.

وأوضح أن "صاروخ ’بوريفيستنيك‘ المجنح قادر على البقاء في الجو لساعات أو أيام عدة، وربما لأشهر، مما يشكل خطراً بضربة انتقامية لا رجعة فيها (رداً على أي عدوان) على الخصوم... في الواقع، في حال التوتر، يمتلك الاتحاد الروسي القدرة على إطلاق مجموعة من هذه الصواريخ المجنحة في حال تأهب قتالي، ووضعها على سبيل المثال في مكان ما فوق القطب الشمالي على ارتفاع منخفض، تحلق في الجو، جاهزة لضرب الأهداف المعلنة".

وفي حديثه عن المركبة تحت الماء "بوسيدون"، أوضح أنها قادرة أيضاً على السفر تحت الماء لمسافات طويلة.

وفي حين أن نظام تتبع إطلاق الصواريخ الباليستية قادر على رصدها حتى لحظة الإطلاق، إلا أن رصد إطلاق مثل هذا الصاروخ تحت الماء يكاد يكون مستحيلاً، مما يعني أن العدو لا يملك حتى وسيلة لرصد إطلاق مثل هذا الصاروخ، بحسب ما أكد كورول.

وشدد على أن إجراء الاختبارات بصورة علنية و"عملية على الهواء مباشرة" والإعلان عن نجاحها وخصائص الأسلحة الجديدة، تعد أيضاً عنصراً من عناصر الردع الاستراتيجي.

وقال كورول إن "الرغبة في التلويح بالسلاح، أو تهديد روسيا، أو التحدث معها من موقع قوة، تختفي على الفور... ولا يسمح لأحد بالتحدث إلى روسيا من موقع قوة".

وأكد أنه بفضل أنظمة مثل "بوريفيستنيك" و"بوسيدون" في ترسانتها، فإن روسيا ودولة الاتحاد البيلاروسي- الروسي لديهما الحجج اللازمة لمواصلة سياساتهما المستقلة.

فهناك صاروخ نووي روسي جديد آخر يستحيل اعتراضه. خلال الاختبارات الأخيرة، قطع صاروخ كروز "بوريفيستنيك" مسافة 14 ألف كيلومتر في 15 ساعة. على سبيل المثال، يبلغ مدى صاروخ "يارس" الأقصى أقل بألفي كيلومتر. وهذا ابتكار فريد من نوعه لعلمائنا.

"الناتو"

أطلق حلف شمال الأطلسي (الناتو) على "بوريفيستنيك" لقب "سكايفول" الذي يترجم إلى "انهيار السماء". أما "بوسيدون"، فيطلق عليه اسم "كانيون"، إما في إشارة إلى العمق الذي يمكن أن تصل إليه أو إلى المشهد الذي سيخلفه الانفجار.

ويمكن لـ"بوسيدون" الجديدة من دون طيار التي أطلقها بوتين أن "تمحو" دولة عضواً في حلف شمال الأطلسي (الناتو) بـ"موجة نووية عاتية". ويعتقد بأنه عند تفجيرها، قد تطلق موجة تسونامي إشعاعية بارتفاع 500 متر، قادرة على تدمير مدن ساحلية بأكملها وجعلها غير صالحة للسكن لعقود، وفقاً لصحيفة "إكسبريس".

الصحافي والكاتب الأميركي ديفيد إغناتيوس، قال "تصدر روسيا إعلانات جديدة ومهمة حول أسلحة استراتيجية. كما تعلمون، كان آخر ما أعلن عنه الروس سلاح قد يسبب تسونامي. يحب الروس الترهيب عندما يعلنون مشاريع أسلحة نووية".

ومع ذلك، فمن غير الصحيح أن نسمي إطلاق صاروخي "بوريفيستنيك" و"بوسيدون" اختبارين للأسلحة النووية.

العالم

ولفتت تصريحات الكرملين انتباه قادة العالم، وأقرت الصين بأخذها علماً بها. أما الولايات المتحدة، فكان ردها أكثر بلاغة، إذ وصف الرئيس الأميركي تصريحات الكرملين بأنها "غير لائقة"، وقال إن أولوية روسيا ينبغي أن تكون إنهاء الحرب في أوكرانيا، وليس تجارب الصواريخ.

وذكر ترمب أيضاً بأن الولايات المتحدة تمتلك "غواصة نووية، هي الأفضل في العالم"، قبالة سواحل روسيا مباشرة "لذلك نحن لسنا بحاجة إلى صاروخ يطير مسافة 8 آلاف ميل".

إذاً، لماذا تحتاج الولايات المتحدة إلى صاروخ بمدى 14 ألف كيلومتر، بينما يمكن إطلاقه من على بعد 500-1000 كيلومتر من روسيا، حيث يكون زمن الطيران محدوداً؟ خصوصاً بالنسبة إلى الجزء الأوروبي من البلاد. وقد أعرب ترمب بالفعل عن تشككه الضمني في هذا المشروع.

وأضاف "إنهم يعلمون أن لدينا غواصة نووية، الأفضل في العالم، قبالة سواحلهم مباشرة. لذا، لسنا بحاجة إلى الطيران لمسافة 8000 ميل. هم لا يتلاعبون بنا. ونحن أيضاً لا نتلاعب بهم. نحن أيضاً نجري اختبارات صاروخية باستمرار".

ورد فعل الولايات المتحدة تجاه الأسلحة الروسية الجديدة التي رفعت عنها السرية جاء متوتراً، بل مربكاً إلى حد كبير، إذ صدرت التصريحات من دون تحضير مسبق وبدت فوضوية.

الآن يتساءل الجميع عما قصده ترمب عندما أعلن "الاستئناف العاجل للتجارب النووية مثل غيره". "الآخرون" لا يفجرون أي شيء نووي أثناء تجاربهم.

وقال مذيع شبكة "سي أن أن" الإخبارية إن "روسيا اختبرت صاروخاً يعمل بالطاقة النووية للمرة الأولى وأعلنت استعدادها لنشر السلاح". وقالت قناة "أم أس أن بي سي"، "في تصعيد للتوترات المرتفعة بالفعل بين الولايات المتحدة وروسيا، أعلن الكرملين عن الاختبار الناجح لصاروخ يعمل بالطاقة النووية بمدى غير محدود".

هكذا سيطرت الأخبار العاجلة الواردة من روسيا على الفور على أجندات الأخبار في القنوات التلفزيونية الغربية كافة لأن التحليل الأولي لخصائص أحدث صاروخ روسي يقود الخبراء الأميركيين إلى استنتاجات مخيبة للآمال. إطلاق ترمب لنظام دفاع جوي جديد، أطلق عليه بفخر اسم "القبة الذهبية"، أصبح بلا معنى مع ظهور "بوريفيستنيك"، فالصاروخ الروسي قادر على التهرب من هذه الأنظمة بسهولة.

وسئل دان هوفمان، رئيس وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية السابق "دان، هل تصدق كل هذه الضجة حول هذا الصاروخ الذي يعمل بالطاقة النووية؟".

أجاب هوفمان "نعم، أعتقد بأن لدينا ما يدعو إلى القلق. أعتقد بأن أجهزة الاستخبارات الأميركية حريصة على جمع أكبر قدر ممكن من المعلومات الاستخباراتية حول هذا التهديد الجديد، وكذلك مؤسساتنا الدفاعية".

وصرّحت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا بأن الغرب "متخوف للغاية" من تجارب أسلحة روسية جديدة قد تلي عرض صاروخ "بوريفيستنيك"، قائلة "نسمع الآن ردود فعل من الدول الغربية، إنهم ليسوا صامتين، إنهم متخوفون للغاية مما سنعرضه عليهم لاحقاً".

 ومع ذلك، أبدى خبراء دوليون شكوكهم بشأن صاروخ "بوريفيستنيك"، وذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال"، نقلاً عن خبراء في تكنولوجيا الصواريخ والأسلحة النووية، أن الصاروخ يعاني عيوباً في التصميم، وأنه ينظر إليه على أنه أداة سياسية أكثر منه سلاحاً فاعلاً، وأشارت الصحيفة إلى أن سرعته أقل بكثير من سرعة الصوت، وأن أنظمة الدفاع الجوي الحديثة قادرة على اعتراض مثل هذه الصواريخ، وأن تصميمه المعقد يزيد من خطر الفشل.

وأكد دوغلاس باري من المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية أن "صنع مثل هذا الصاروخ في المختبر ممكن"، لكن إنتاجه وتشغيله بكميات كبيرة أمران في غاية الصعوبة، مضيفاً أن الأبحاث السوفياتية حول هذا الموضوع تعود لخمسينيات القرن الماضي، ولم يكن لها أي تطبيق عملي.

ووصف البروفيسور كارلو ماسالا من جامعة البوندسفير بيان موسكو بأنه "عرض دعائي"، وأشار ويليام ألبرك، المسؤول السابق في مجال ضبط الأسلحة في "الناتو" إلى أنه يمكن رصد الصاروخ حتى قبل إقلاعه بسبب الإشعاع الصادر من المفاعل النووي.

أما الباحث البارز في معهد الأمم المتحدة لأبحاث نزع السلاح بافيل بودفيغ، فأشار إلى أن "الهدف الرئيس (من مشروع بوريفيستنيك) هو السماح للرئيس الروسي بإبلاغ نظيره الأميركي بأن موسكو قادرة على تجاوز أنظمة الدفاع الصاروخي (الأميركية). ولكن حتى هذا قد لا يكون صحيحاً".

ووفقاً لمعلومات استخباراتية غربية، جرت 13 محاولة لإطلاق صاروخ "بوريفيستنيك" بين عامي 2017 و2019، لم تكلل سوى اثنتين منهما بالنجاح الجزئي. وعام 2019، سقط الصاروخ في بحر بارنتس، وخلال عملية انتشاله وقع انفجار أسفر عن مقتل سبعة أشخاص، من بينهم علماء من مركز ساروف النووي، وغطت سحابة إشعاعية ناجمة عن الحادثة مدينة سيفيرودفينسك ووصلت إلى الدول الاسكندنافية.

في المحصلة النهائية، وبغض النظر عن مدى واقعية فتك الأسلحة الروسية الجديدة، يمكن القول بثقة إن استعراض هذه الأسلحة يشكل بحد ذاته تحذيراً للغرب من الحرب مع روسيا، فقد يكون الهدف من عرض الأسلحة الجديدة إظهار القوة، فضلاً عن ترهيب الخصوم المحتملين من خلال إظهار أن روسيا تمتلك قدرات دفاعية وهجومية حديثة وقوية.

ويمكن للأسلحة الجديدة أن تعمل كرادع للعدوان من خلال إظهار أنه في حال الهجوم، فإن الرد سيكون مدمراً، وفضلاً عن ذلك قد يهدف العرض إلى التأكيد على التفوق العسكري التقني لروسيا في الأسلحة الحديثة.

وعلى النقيض من ارتباط الأسلحة بالحروب، فإن استعراضها يمكن أن يكون رسالة سلام، ففي سياق التوتر العالمي يمكن تفسير مثل هذه العروض على أنها محاولة من جانب روسيا للحفاظ على التوازن الاستراتيجي للقوى، وهو الأساس للاستقرار والسلام.

وكذلك فإن ظهور صواريخ وغواصات جديدة قد يعني تعزيز القدرة الدفاعية لروسيا، مما قد يساعد بدوره في الحد من خطر الاستفزازات والصراعات. كما يمكن أن يكون العرض بمثابة إشارة دبلوماسية، تظهر أن روسيا مستعدة للحوار والمفاوضات، ولكنها ستدافع بصلابة أيضاً عن مصالحها، ولن تنجر إلى السلام من موقع ضعف.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي نهاية المطاف فإن تقييم مثل هذا الحدث يعتمد على عوامل كثيرة، بما في ذلك الوضع السياسي في العالم، وكذلك السياق المعطى لهذا الحدث في التصريحات الرسمية ووسائل الإعلام.

فقد كتبت قناة "تي أف 1" الفرنسية "أن امتلاك روسيا لصاروخ ذي مدى غير محدود، يجبر أوروبا على إعادة النظر في نهجها الدفاعي". وأشارت قناة "أن تي في" الألمانية إلى أن تحليق الصاروخ فوق القطب الشمالي "مثير للقلق". وذكرت صحيفة "أكسبريشن" السويدية أن "بوريفيستنيك" هو سلاح نووي جديد قادر على اختراق "أنظمة الدفاع الصاروخي" بنجاح، مما يدعو إلى القلق.

وتتخذ بريطانيا أحد أكثر المواقف تشدداً تجاه روسيا، لكن حتى صحيفة "ذا غارديان" أقرت الآن بأن الصاروخ الروسي الجديد يؤكد صمود المجمع الصناعي العسكري الروسي على رغم جميع العقوبات.

ووصفت صحيفة "هندوستان تايمز" الهندية مشروع "بوريفيستنيك" بأنه أحد أكثر المشاريع غموضاً في العصر الحديث، وأضافت أن "المهندسين الروس أثبتوا أن حلم صاروخ كروز قادر على تجاوز كثير من أنظمة الدفاع الصاروخي لم يعد خيالاً علمياً".

ولا ترى صحيفة "غلوبال تايمز" الصينية في الاختبار تهديداً، بل إشارة "تؤكد أن روسيا قادرة على مواجهة التحديات الاستراتيجية والحفاظ على الاستقرار في أوراسيا". وأشارت صحيفة "جابان تايمز" إلى السياق السياسي الضمني وكتبت "يظهر الاختبار أن موسكو تستخدم التقدم التكنولوجي كجزء من لغتها الدبلوماسية".

وقال الخبير العسكري وعضو مراسل في الأكاديمية الروسية لعلوم الصواريخ والمدفعية كونستانتين سيفكوف لصحيفة "مترو" إنه ليس من المستغرب رد فعل وسائل الإعلام على الاختبارات لأنه "يمكن للصاروخ إصابة هدف في أي مكان على وجه الأرض. إنه السلاح العالمي الوحيد في مواصفاته. ولأنه قادر على المناورة في الجو لفترات طويلة والتحليق على ارتفاعات منخفضة للغاية، فإن كثيراً من أنظمة الدفاع الصاروخي لن تكتشفه".

وأضاف "تمتلك الولايات المتحدة أنظمة دفاع صاروخي في نصف الكرة الشمالي، ولكن ليس في نصف الكرة الجنوبي، بالتالي فإن الصاروخ قادر على الطيران إلى أي مكان توجهه إليه موسكو على طول مسار معين".

المزيد من متابعات