ملخص
بعدما أمضى تشيني حياته المهنية كشخص مهيمن ومطلع على بواطن الأمور في الحزب الجمهوري، انتهت حياته منعزلاً عن رفاقه السابقين في الحزب الذي أسهم في تشكيل سياساته وهويته اليمينية المحافظة.
على رغم أن ريتشارد بروس تشيني المعروف باسم ديك تشيني كان نائباً للرئيس جورج دبليو بوش في بداية الألفية الثالثة، فإنه رفع من شأن هذا المنصب إلى درجة لم يسبقه إليها غيره طوال التاريخ الأميركي، وربما لن تتكرر بعده، فقد وسع سلطات الرئيس التي تقلصت بعد حرب فيتنام وفضيحة ووترغيت، وكان الصوت المهيمن في إدارة بوش والحزب الجمهوري. حدد التوجه المستقبلي للسياسة الخارجية، وكان العقل المدبر لغزو أفغانستان والعراق، واستعمل أساليب تحقيق قاسية إلى حد التعذيب، ونفذ برنامجاً لمراقبة الأميركيين من دون إذن قضائي، لكن نفوذه تضاءل في السنوات التي سبقت نهاية خدمته، مع تكشف كثير من الحقائق، وفي سنوات عمره الأخيرة انقلب مع ابنته ليز على دونالد ترمب عقب أحداث السادس من يناير (كانون الثاني) 2021 لتنتهي به الحال يوم وفاته إلى شخصية معزولة وكأنه دخيل على الحزب الجمهوري الذي شكل سياساته الحديثة، فكيف تقلبت مسيرته خلال عمره الذي دام 84 سنة؟
الرئيس الحقيقي
في بداية الولاية الأولى للرئيس جورج دبليو بوش، التي انطلقت في 20 يناير عام 2001، تساءل عديد من الديمقراطيين، وحتى بعض الجمهوريين، عما إذا كان تشيني هو الرئيس الحقيقي في البيت الأبيض الذي يشغله رئيس لم يختبر من قبل، ومؤهلاته موضع شك، بينما كان تشيني شخصية فريدة أكثر قوة وخبرة، يحمل في سيرته السياسية الطويلة خبرة دامت 10 سنوات كعضو في مجلس النواب، وكان أصغر رئيس لموظفي البيت الأبيض في التاريخ (34 سنة)، ووزيراً للدفاع تحت رئاسة جورج بوش الأب من عام 1989 إلى عام 1993، ولهذا كان محل ثقة الرؤساء والمشرعين، وتمتع باتصالات قوية ومهارة تفاوضية أكسبته القدرة على إنجاز الأمور من دون ضجة.
وعبر هذه الخبرة الواسعة، أصبح تشيني، المتخصص المتمرس بشؤون واشنطن، مهندساً ومنفذاً لخطط ومبادرات حملت اسم بوش مثل نشر القوة العسكرية لتعزيز الديمقراطية في الخارج، ودعم التخفيضات الضريبية في الداخل، وتوسيع صلاحيات الرئاسة التي قيدها الكونغرس والسلطة القضائية في أعقاب حرب فيتنام وفضيحة ووترغيت، وبصفته مستشار بوش الأكثر ثقة وتقديراً، تجول تشيني بحرية في مجالات السياسة الدولية والداخلية واستخدم نفوذه لتبرير الحرب، واقتراح التشريعات أو إلغائها، والتوصية بمرشحين للمحكمة العليا الأميركية، وترجيح كفة خفض الضرائب، وتعزيز مصالح الحلفاء، ومواجهة الخصوم.
استغلال أمة مجروحة
لكن تأثيره الأعمق كان في مجال الأمن القومي، فبعدما أسهم بصفته وزيراً للدفاع، في هندسة حرب الخليج عام 1991 التي نجحت في طرد جيش الرئيس العراقي صدام حسين من الكويت، تولى زمام الأمور في البيت الأبيض في الرد على هجمات 11 سبتمبر (أيلول) عام 2001، وقام بتفعيل إجراءات الدفاع في جميع أنحاء البلاد، ووضع القوات الأميركية في حال تأهب حول العالم، وأمر بإخلاء مبنى الكابيتول ونقل قادة الحكومة إلى مكان آمن، وبيد ثابتة حافظ من مخبئه في البيت الأبيض، على اتصال مستمر مع الرئيس بوش الذي كان يزور مدرسة في فلوريدا وقت وقوع الهجمات وتنقل في رحلات مكوكية إلى مواقع آمنة في لويزيانا ونبراسكا.
في أعقاب ذلك، أصبح تشيني المخطط الاستراتيجي وراء التوسع السريع للسلطة الرئاسية في مكافحة الإرهاب، ومؤيداً قوياً لتحذير بوش للعالم بأن "من ليس معنا فهو ضدنا"، مع التهديد باتخاذ إجراءات عسكرية استباقية ضد أي شخص يشكل تهديداً لأمن الولايات المتحدة.
بعد ستة أسابيع من الهجمات، ساعد تشيني في هندسة إقرار سريع وغير متوازن لقانون "باتريوت" الأميركي، وهو قانون شامل وسع بصورة كبيرة صلاحيات الحكومة في التحقيق والمراقبة والاحتجاز لمكافحة الإرهاب، مستغلاً غضب الأمة المجروحة من أحداث 11 سبتمبر، مما أدى إلى خفوت المعارضة الشعبية للقانون، على رغم تحذير المدافعين عن الحريات المدنية من أنه يخول الحكومة التجسس على الأميركيين العاديين.
لاحقاً، اتضح أن هذا القانون كان يستخدم لتبرير المحاكم السرية، وعمليات التنصت من دون أوامر قضائية، والاحتجاز غير المحدود للمشتبه فيهم من دون جلسات استماع أو توجيه تهم، وأساليب استجواب تتجاهل حظر التعذيب في اتفاقات جنيف، مما أدى إلى احتجاجات واسعة، بل وطعون دستورية، إلا أن تشيني دافع بقوة عن القانون وعن توسيعه للصلاحيات الرئاسية، وظل القانون سارياً.
غزو أفغانستان والعراق
كما أثر نائب الرئيس بشدة على قرار بوش غزو أفغانستان لملاحقة أسامة بن لادن، زعيم تنظيم "القاعدة" الذي اتهم بتدبير هجمات 11 سبتمبر، وقمع نظام "طالبان" الذي فرض حكماً دينياً صارماً على الشعب الأفغاني، ووفر ملجأ لتنظيم "القاعدة"، وعلى مدى عامين ظل تشيني هو الصوت المهيمن في الإدارة إلى أن دفع بوش نحو غزو العراق عام 2003 عبر تبرير الحرب من خلال إصراره على أن الرئيس العراقي صدام حسين كان على صلة بإرهابيي "القاعدة"، وامتلك أسلحة دمار شامل من شأنها تهديد أميركا وحلفائها بالابتزاز النووي.
لكن ما بدأ كعملية قتالية لمدة شهر واحد في العراق أفسح المجال لاحتلال دام قرابة تسع سنوات، وصراع وحرب أهلية أودت بما يقارب 4500 جندي وضابط أميركي، ومئات الآلاف من العراقيين، وتكبدت الولايات المتحدة خسائر فادحة تجاوزت تريليوني دولار، وفقاً لبعض التقديرات.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
غير أن ملامح الفشل الاستخباراتي الفادح بدأت في الظهور سريعاً، إذ لم تجد لجنة "11 سبتمبر" المستقلة التي كلفت بالتحقيق في هجمات 2001، أي دليل على تعاون بين العراق وتنظيم "القاعدة"، وخلص كبير مفتشي الأسلحة في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، المعين من قبل البيت الأبيض، إلى أن العراق لم يمتلك أية مخزونات من الأسلحة البيولوجية أو الكيماوية أو النووية، ومع ذلك لم يقر بوش أو تشيني بأي شيء في وقت خاضا حملة إعادة انتخابهما عام 2004، لكن الجدل حول ما إذا كانت أميركا ذهبت إلى الحرب بحجج واهية بدا وكأنه فقد تماسكه كقضية انتخابية شاقة.
مع ذلك عادت القضية إلى الواجهة في ولاية بوش الثانية مع نفاد صبر الأميركيين على الحرب وسط تزايد أعداد القتلى الأميركيين والعراقيين، وارتفاع الكلف في مواجهة الركود الاقتصادي بالداخل، والتساؤلات المستمرة حول إذلال وتعذيب المعتقلين لدى العدو، وافتقار الإدارة إلى جدول زمني واضح واستراتيجية للخروج.
وفي حين ضغط الديمقراطيون مع عودتهم للسيطرة على الكونغرس بعد سنوات من المذابح والعنف الطائفي الذي وضع العراق على شفا حرب أهلية، رفض تشيني التلميحات بأن البلاد على وشك الانهيار، وجادل بأن الانسحاب الأميركي قبل أن يتمكن العراق من الدفاع عن نفسه، سيشعل حرباً دموية بين الطائفتين السنية والشيعية.
قيادة الأجندة الداخلية
لم يكن نفوذ تشيني مقتصراً على الشؤون الخارجية، بل امتد إلى الأجندة الداخلية في الولايات المتحدة، فقد كان من أشد المؤيدين لمرشحي بوش للمحكمة العليا بمن فيهم جون روبرتس، كرئيس للقضاة عام 2005، وانتقلت المحكمة بعدها بشكل أكبر نحو الجانب المحافظ، كما كان تشيني من أشد المدافعين عن خطط بوش الاقتصادية وتخفيضات الضرائب، التي فضلت الشركات والأثرياء، ودفع بسياسات الطاقة والبيئة التي فتحت الأراضي الفيدرالية أمام استغلال النفط والغاز والتعدين.
وفي الكابيتول هيل، كان تشيني المنفذ الرئيس لسياسة الإدارة، إذ كان المشرعون الجمهوريون وعديد من الديمقراطيين يعدونه بديلاً للرئيس بوش وعضواً في ناديهم، وهو مفاوض ماهر يعرف قواعد اللعبة واحتمالاتها وغالباً ما لعب دوراً حاسماً في صياغة التسويات للتوصل إلى حلول بين الحزبين، وأحياناً كان يدلي بأصوات حاسمة كرئيس لمجلس الشيوخ.
بالنسبة إلى المحافظين مثل تشيني، كانت تخفيضات الضرائب حاسمة لأجندة تشكيل مستقبل أميركا من حيث تحفيز الاقتصاد لسنوات مقبلة وإجبار الإدارات المثقلة بالديون على تقليص دور الحكومة في الصحة والتعليم والرعاية الاجتماعية والبرامج الاجتماعية الأخرى، لكن التخفيضات الضريبية إلى جانب ارتفاع كلف الحرب والنفقات الأخرى أدت إلى فترات من الركود الاقتصادي الموقت، وحولت الموازنة من فائض متوقع قدره 5.6 تريليون دولار على مدى 10 سنوات إلى عجز قدره بعض الاقتصاديين بما يراوح بين 5 تريليونات و9 تريليونات دولار خلال العقد نفسه.
وبحلول نهاية عام 2007 وبداية 2008، انهار الاقتصاد، متأثراً بتخلف المقترضين عن سداد قروض الرهن العقاري عالية الأخطار، والانخفاض الحاد في أسعار العقارات، والتآكل الواسع للائتمان وثقة المستهلكين، وأفلست البنوك وشركات الوساطة، ومع انهيار أسواق الائتمان ودخول أميركا في حال ركود، أقر الكونغرس حزمة إنقاذ بقيمة 700 مليار دولار اقترحتها إدارة بوش لشراء الأوراق المالية المتعثرة، مع ذلك انتشر الذعر في جميع أنحاء العالم في أسوأ كارثة مالية منذ الكساد الكبير، وعد هذا فشلاً ذريعاً لإدارة كانت تعمل على تحسين الاقتصاد.
شخصية غامضة
كان تشيني شخصية غامضة من نواح عديدة، إذ كان يفضل العمل خلف الكواليس، ونادراً ما يتحدث عن نفسه، بخاصة أنه لم يكن خطيباً مفوهاً وإنما رجل بدين قليل الكلام، وشخصية جدية نوعاً ما تشبه الجد بشعره الأبيض ونظاراته، ولكنه أيضاً كان ودوداً، وقليلاً ما يجري مقابلات أو يعقد مؤتمرات صحافية مع أنه كان يظهر أحياناً على التلفزيون للترويج لسياسات الإدارة، وغالباً ما يظهر في الأخبار.
صور الديمقراطيون تشيني، الرئيس التنفيذي السابق لشركة "هاليبرتون" لخدمات وهندسة النفط، واحداً من أكثر الشخصيات إثارة للجدل في السياسة، ومتلاعباً يجسد النزعة العسكرية والفساد المؤسسي والسرية الحكومية والتدهور البيئي، لكن بالنسبة إلى الجمهوريين الذين يقدسونه، كان تشيني رجلاً متديناً ونجماً لامعاً وأيقونة ثقافية وسياسية، وشريان الحياة للحركة المحافظة، واليد اليمنى القوية للرئيس.
كان يفضل الأجواء غير الرسمية، وكان صوته رتيباً ومنخفضاً، وبدا سرده المتواصل للحقائق والأرقام للناخبين موثوقاً ولكنه غير ملهم، ولعل تاريخه الطبي الحافل بالمشكلات الصحية حال دون ترشحه لمنصب الرئيس في ما بعد، فقد عانى مشكلات في الشريان التاجي طوال فترة شبابه، وأصيب بخمس نوبات قلبية بين عامي 1978 و2010، وكان يرتدي جهازاً لتنظيم ضربات قلبه منذ عام 2001، وبعد ثلاثة أعوام من تقاعده خضع لعملية زرع قلب ناجحة، وكان نشيطاً بصورة معقولة.
أخطر نائب رئيس
مع تصاعد الجدل حول دور تشيني وبروز همسات حول دوره المسيطر داخل الإدارة، أصبح الرئيس بوش قلقاً في شأن هذا التصور، كما أشار في مذكراته الصادرة عام 2010 بعنوان "نقاط القرار"، حيث كتب أن تشيني عرض الانسحاب من قائمة المرشحين للانتخابات الرئاسية لعام 2004، وأنه (بوش) قبل العرض، مدركاً أن قبوله سيكون وسيلة لإثبات أنه يتولى زمام الأمور ولكنه في النهاية احتفظ بمرشحه، معرباً عن تقديره لثبات نائب الرئيس وصداقته.
وخلال الولاية الثانية، انحسر نفوذ تشيني، وهو ما ظهر جلياً عبر قرارات بوش المناهضة لسياسات تشيني السابقة، إذ أوقف الرئيس التعذيب عبر الإيهام بالغرق، وأغلق السجون السرية لوكالة الاستخبارات المركزية، ولجأ إلى الكونغرس لجعل المراقبة الإلكترونية قانونية.
وفي النهاية اختلفا بسبب مطالبة تشيني بوش بالعفو عن رئيس موظفيه السابق لويس سكوتر ليبي، الذي دين بشهادة الزور وعرقلة العدالة في ما يتعلق بتسريب هوية ضابطة وكالة الاستخبارات المركزية فاليري بليم، والتي كانت جزءاً من جهود إدارة بوش لترويج حرب العراق للجمهور تحت مزاعم أن صدام حسين سعى للحصول على اليورانيوم عام 1999 من دولة أفريقية، وبينما لم يستجب بوش لطلب تشيني بالعفو، مما كان له تأثير مدمر على المكانة السياسية لنائب الرئيس، وأحدثت شرخاً بينهما، عفا ترمب عن سكوتر ليبي عام 2018.
لم تتبدد تماماً صورة تشيني كشخص ميكيافيللي، فقبل شهر من مغادرته منصبه تبنى نبرة جريئة مدافعاً عن استخدام صلاحيات تنفيذية واسعة في شن الحرب، وفي معاملة المشتبه فيهم بالإرهاب، وفي التنصت على المكالمات الهاتفية للأميركيين في الداخل، مصراً على أن المؤرخين سينظرون في نهاية المطاف بعين الرضا إلى جهود الإدارة للحفاظ على أمن البلاد.
لكن حينما تولت إدارة الرئيس الجديد باراك أوباما السلطة في البيت الأبيض، انتقد نائب الرئيس الجديد جو بايدن نفوذ تشيني الواسع، واصفاً إياه بأنه "أخطر نائب رئيس أميركي في التاريخ"، متعهداً بإعادة التوازن إلى المنصب، وربما كان الوصف محقاً، فقد برز تشيني سريعاً من خلال سلسلة من الظهور التلفزيوني والخطب كأبرز منتقدي الإدارة الجديدة من الحزب الجمهوري.
لم يتخيل أحد أنه سيترشح مجدداً لمنصب انتخابي، ولكن بفضل إصراره ومعرفته المتعمقة بالحكومة والسياسة، بدا وكأنه ينظم أكثر من مجرد الدفاع عن سياسات بوش، فقد كان الهدف هو التأثير في النقاش الدائر حول الأمن القومي، إضافة إلى إرثه الشخصي، وبحلول عام 2014، أي بعد خمس سنوات من مغادرته البيت الأبيض، بدا أن سيطرة تشيني على اهتمام الرأي العام لم تتضاءل، فبدلاً من أن يتلاشى في خلفية التاريخ، اندفع تشيني إلى النقاشات الوطنية بهجوم شرس من البرامج الإذاعية والتعليقات المنشورة التي تهاجم ردود فعل أوباما على المتشددين الإسلاميين في العراق وسوريا، كما توجه إلى مبنى الكابيتول لحث الجمهوريين على رفض الانعزالية المتزايدة في حزبهم وتبني سياسات عسكرية وخارجية قوية.
لحظة مذهلة
على عكس بوش الأب وبوش الابن، أيد ديك تشيني ترمب في عامي 2016 و2020، وسانده في عدد من القضايا، كما أن ابنته ليز تشيني التي فازت بمقعد في مجلس النواب عام 2016 وأعيد انتخابها في 2018 و2020 عن ولاية وايومنغ، دعمت مواقف ترمب في 93 في المئة من تصويتها في المجلس، ولكن بعد رفضه الهزيمة في مسعاه لإعادة انتخابه عام 2020، وتحريضه حشداً هاجم مبنى الكابيتول في السادس من يناير 2021، انقلبت عليه وصوتت لمصلحة محاكمته وعزله للمرة الثانية، كما شاركت في رئاسة لجنة السادس من يناير للتحقيق في أحداث اقتحام الكونغرس.
أدى ذلك إلى عداء صريح من ترمب، إذ لم يكتف بتشجيع الجمهوريين على تجريدها من دورها القيادي في مجلس النواب، بل سارع إلى دعم منافس جمهوري لها في الانتخابات التمهيدية عام 2022 مما أدى إلى خروجها نهائياً من المجلس، وهو ما أثار حنق الأب تشيني الذي فاجأ الأميركيين من كلا الحزبين بإعلانه أنه سيصوت للمرشحة الديمقراطية كامالا هاريس في انتخابات 2024، مندداً بخصمها الجمهوري ترمب، الذي وصفه بأنه غير مؤهل للبيت الأبيض ويشكل تهديداً خطراً للديمقراطية الأميركية.
في الذكرى الأولى لأحداث الكابيتول، انضم تشيني إلى ابنته في فعاليات إحياء الذكرى بينما لم يحضر أي جمهوري، لكن الديمقراطيين في مجلس النواب، بمن فيهم رئيسة المجلس نانسي بيلوسي، غمروا ليز ووالدها تشيني بالترحيب والتبجيل بعدما وصفه بعضهم ذات مرة بمجرم الحرب.
صافح الديمقراطيون تشيني، وعانق بعضهم ابنته ليز، التي عرفته على زملائها السابقين في مجلس النواب، قائلة بفخر "هذا والدي، هذا أبي"، كانت هذه لحظة مذهلة ورمزاً لمدى التغيير الذي شهده عهد ترمب، فبعدما أمضى تشيني حياته المهنية كشخص مهيمن ومطلع على بواطن الأمور في الحزب الجمهوري، انتهت حياته منعزلاً عن رفاقه السابقين في الحزب الذي أسهم في تشكيل سياساته وهويته اليمينية المحافظة.