من هو أفضل لاعب وسط في الدوري الإنجليزي الممتاز؟

في عطلة نهاية هذا الأسبوع، انهمك محللو كرة القدم في الإشادة باثنين من لاعبي الوسط في الدوري الإنجليزي الممتاز على وجه الخصوص، فوصف ميكا ريتشاردز لاعب أرسنال ديكلان رايس بأنه "أحد أفضل اللاعبين في كرة القدم العالمية"، بينما قال جيمي ريدناب إن مويسيس كايسيدو هو "الأفضل من نوعه في كرة القدم العالمية". أما جيمي كاراغر، فامتدح كليهما قائلاً "نحن نشاهد حالياً اثنين من أفضل لاعبي الوسط في كرة القدم العالمية، ولا شك في ذلك".

تأثير عميق لرايس وكايسيدو

وبغض النظر عن مدى الإزعاج الذي أصبح يسببه تعبير "كرة القدم العالمية"، إلا أنهم محقون في رأيهم، فكل من رايس وكايسيدو يؤدي أدواراً استثنائية في وسط الملعب أسبوعاً بعد أسبوع.

والسبت الماضي، قفز ديكلان رايس داخل منطقة الجزاء برأسية قوية ليحرز هدفاً في مرمى بيرنلي، وبعدها بساعتين فقط كان كايسيدو يفتك الكرة من ثلاثة لاعبين من توتنهام خلال ست ثوانٍ، وكان التدخل الثالث منه سبباً في تمريرة أدت إلى تسجيل جواو بيدرو هدفاً.

مشاهدة كايسيدو تشبه إلى حد كبير مشاهدة نغولو كانتي في أوج عطائه، إذ يركض متجاوزاً زملاءه ليطفئ الحرائق في جميع أنحاء الملعب، ومن المؤكد أنه خصم يثير الإزعاج إلى أقصى حد. فقدرته لا تقتصر على التمركز الصحيح وحسب، بل تمتد إلى التأثير الفعلي في مجريات اللعب حين يصل إلى موقع الحدث، غالباً من خلال اعتراض حاسم أو تدخل ناجح، وهي ميزة نادرة للغاية ولا نظير لها في الدوري الإنجليزي الممتاز، كما تظهر الأرقام.

يتصدر مويسيس كايسيدو الدوري الإنجليزي الممتاز في عدد الاعتراضات والتدخلات، بينما يمتلك إليوت أندرسون أكبر عدد من الكرات المستعادة.

ويوضح الرسم التالي لاعبي خط الوسط المركزي الذين خاضوا أكثر من 700 دقيقة في الدوري الإنجليزي الممتاز.

"الكرات المستعادة" هي الحالات التي يستعيد فيها اللاعب الاستحواذ على الكرة عندما لا يكون أي من الفريقين مسيطراً عليها (اندبندنت)

كايسيدو وحش كاسر

وقال حارس مرمى تشيلسي روبرت سانشيز بعد الفوز بنتيجة (2 - 0) على توتنهام إنه "وحش حقيقي. إنه أفضل لاعب في العالم في مركزه... من أفضل منه في هذا المركز؟ إنه وحش كاسر. يفوز بكل الكرات المشتركة وكل الالتحامات الـ50-50، كما أنه شديد الهدوء عند امتلاكه الكرة". ويمكن تفهم هذا الإعجاب، فعندما يلعب كايسيدو جيداً، يشعر سانشيز بأن لديه فرصة حقيقية للحفاظ على شباكه نظيفة.

وكايسيدو عنصر أساسي في تشيلسي، تماماً كما يعد رايس محوراً لكل ما يقدمه أرسنال من أداء مميز في الوقت الراهن. إلا أن المقارنة بين الاثنين ليست عادلة تماماً، إذ يشغل كايسيدو الدور الأكثر دفاعية في وسط ملعب تشيلسي، بينما يلعب رايس إلى جوار لاعب ارتكاز، غالباً مارتن زوبيميندي، وهذا الفارق يتجلى بوضوح في الأرقام. فعلى رغم أن رايس يسهم بصورة كبيرة دفاعياً، فإن تأثيره يتزايد في النصف الهجومي من الملعب.

رايس قائد العمليات الهجومية في أرسنال

ويحتل رايس المركز الثاني في الدوري الإنجليزي الممتاز من ناحية مسافة التقدم بالكرة، خلف لاعب نوتنغهام فورست إليوت أندرسون فقط (وسنعود للحديث عن أندرسون لاحقاً). وإضافة إلى انطلاقاته القوية بالكرة، فقد أضاف خلال الأشهر الـ12 الماضية عناصر تهديد أخرى مثل قدرته على توقيت انطلاقاته من دون كرة داخل منطقة الجزاء، ومهارته في إرسال الكرات الثابتة الدقيقة مباشرة إلى رأس غابرييل. وكما يتفوق كايسيدو في الأداء الدفاعي، يتصدر رايس قائمة لاعبي خط الوسط في الدوري من ناحية التمريرات الحاسمة المتوقعة.

يتصدر ديكلان رايس لاعبي خط محور الوسط في الدوري الإنجليزي الممتاز من ناحية عدد التمريرات الحاسمة المتوقعة، ويرجع ذلك جزئياً إلى خطورته في الكرات الثابتة. 

وهنا يبرز الرسم لاعبي خط محور الوسط الذين خاضوا أكثر من 700 دقيقة في الدوري الإنجليزي الممتاز.

تصدر رايس القائمة متفوقاً على جميع لاعبي الدوري الإنجليزي الممتاز (اندبندنت)

أسماء غائبة عن المقارنة

وهناك بعض الأسماء البارزة الغائبة عن بيانات هذا الموسم، فلاعب مثل رودري بالكاد لعب خلال العام الماضي، لكنه بلا شك سيعود لدائرة النقاش لأنه اللاعب الوحيد في الدوري الإنجليزي الممتاز الذي يملك جائزة الكرة الذهبية في منزله. أما رايان غرافينبيرخ وأليكسيس ماك أليستر، فغابا عن عدد من المباريات، بالتالي لم يحققا الدقائق الكافية لدخول القائمة، على رغم أن كليهما كان له دور محوري في فوز ليفربول بلقب الدوري، كما قدم دومينيك سوبوسلاي أرقاماً مميزة، ويبدو ليفربول فريقاً أفضل عندما يلعب في خط الوسط بدلاً من مركز الظهير الأيمن الموقت.

برونو فيرنانديز استثنائي

ويجدر النظر إلى بعض اللاعبين الآخرين الذين يدخلون في نقاش لقب أفضل لاعب وسط في الدوري الإنجليزي الممتاز، إذ إن برونو فيرنانديز تأقلم جيداً مع دوره الأعمق هذا الموسم، أو ربما لم يتأقلم على الإطلاق، إذ لا يزال يمرر الكرات عالية الخطورة ويقود معظم الهجمات لمانشستر يونايتد (1.31 تمريرة حاسمة متوقعة، وهو ثاني أعلى رقم بين لاعبي الوسط). وبالاقتران مع رصيده العالي من الكرات المستعادة (61، في المركز الثاني مكرر)، فإن إنتاج فيرنانديز الشامل استثنائي، حتى إن كان يؤخذ عليه أحياناً تموضعه الدفاعي غير المثالي.

أندرسون خارق مع فورست

ثم هناك أندرسون الذي يقدم أداء خارقاً مع نوتنغهام فورست، ولم يتردد توماس توخيل في منحه القميص رقم "ستة" لمنتخب إنجلترا في وقت سابق من هذا العام قائلاً له "إنه لك"، استعداداً لكأس العالم 2026. فأرقام أندرسون مذهلة للغاية على رغم ضعف فريق فورست، إذ يتقدم بالكرة إلى الثلث الهجومي (121 مرة، الأول بين لاعبي الوسط)، كما يتصدر لاعبي الوسط في الدوري بعدد الكرات المستعادة (84)، وإن كان ذلك جزئياً لأن الفريق يحتل المركز الـ19 في جدول الترتيب، مما يستدعي منه مجهوداً إضافياً في استعادة الكرات.

من هو أفضل لاعب وسط في الدوري الإنجليزي الممتاز حالياً؟

لا شك في أن رايس هو اللاعب الأكثر تكاملاً، لكن كايسيدو قد يتفوق عليه بفارق ضئيل جداً بفضل العدد الهائل من الكرات التي يفتكها، إذ لم يسجل أي لاعب ضمن الدوريات الخمس الكبرى في أوروبا عدداً أكبر من التدخلات والاعتراضات، وهي موهبة استثنائية بحق.

ويعد كايسيدو مدمراً للهجمات ولا يعرف الكلل، لكنه أيضاً صانع للفرص بمعنى أن تدخلاته كثيراً ما تشعل انطلاقات تشيلسي الهجومية، وغالباً ما تكون خطرة حين يظن الخصم أنه بات مسيطراً على الكرة.

وكان هدف الفريق أمام سندرلاند الأسبوع الماضي مثالاً واضحاً على ذلك، إذ افتك كايسيدو الكرة في وسط الملعب قبل أن يمررها إلى بيدرو نيتو الذي أرسلها بدوره إلى أليخاندرو غارناتشو ليسجل الهدف. كما بدأ اللاعب البالغ من العمر 24 سنة بإضافة الإسهام التهديفي إلى أدائه، على غرار ما يفعله رودري ورايس، إذ سجل أربعة أهداف هذا الموسم. وكان تمريره الحاسم بعد تدخل ناجح أمام توتنهام ربما أكثر لحظات الموسم تعبيراً عن أسلوب كايسيدو الفريد.

بالطبع، لكل منهما خصائصه ودوره المختلف في فريقه، وقد يكون الخيار المثالي هو الجمع بينهما، إذ يكون كايسيدو في الارتكاز، ورايس في قيادة الكرة نحو الأمام، وفيرنانديز لإضفاء لمسة الإبداع، مع أندرسون الذي يستطيع أن يجمع بين هذه الأدوار الثلاثة بدرجات متفاوتة.