ملخص
أصبحت قضية الاحتيال الموضوع الرئيس في الاجتماعات المصرفية الأخيرة، مما دفع رابطة التمويل المنظم (Structured Finance Association) إلى إنشاء فريق عمل لمكافحة الاحتيال سيعقد سلسلة اجتماعات خلال الأشهر المقبلة لتقديم تقرير في فبراير (شباط) المقبل.
تثير سلسلة من قضايا الاحتيال المزعومة بين المقترضين من الشركات قلق "وول ستريت" وتدفع المصارف والمستثمرين إلى مراجعة إجراءاتهم لتفادي أزمات مستقبلية.
ووفقاً لصحيفة "وول ستريت جورنال"، بدأ المقرضون بتشديد عمليات التحقق المسبق من البيانات المالية للشركات، وطلب سجل مالي أطول يمتد أعواماً، إلى جانب تضمين شروط تسمح بإجراء مراجعات أكثر تواتراً قبل منح القروض.
وشكلت مجموعة تضم كبار الأسماء في قطاعي المال والمحاسبة، من بينها مصارف عالمية وشركات استثمار والأربعة الكبرى أو ما يطلق عليها في الولايات المتحدة البيغ فور (أكبر أربع شركات محاسبة وخدمات مهنية في العالم: ديلويت، وبرايس ووترهاوس كوبرز، وإرنست ويونغ وأي واي، وكي بي أم جي) فريق عمل متخصصاً للتحقيق في طبيعة هذه القضايا وكيفية حماية المستثمرين منها.
وشملت الاحتيالات التي كشفت حتى الآن شركات صغيرة ومتوسطة في قطاعات مثل السيارات والاتصالات، ولم تتسبب بأزمة شاملة في الأسواق أو الاقتصاد، لكنها ألحقت خسائر بعدد من البنوك الإقليمية والكيانات الكبرى مثل "جيه بي مورغان تشيس" و"بلاك روك"، وتكرار الحالات جعل من الصعب اعتبارها حوادث منفصلة.
يقول الشريك في شركة الاستشارات المالية "أوزي أند لال"، كولن آدامز، للصحيفة "هذه التطورات أحدثت موجات قلق حقيقية في أسواق الائتمان، الجميع بدأ يسأل: كيف يحدث ذلك؟".
وبدأت المخاوف في أواخر سبتمبر (أيلول) الماضي، عندما أعلنت شركة قطع غيار السيارات "فيرست براندز" إفلاسها وسط شكوك بأنها قدمت الذمم المدينة نفسها كضمانات لأكثر من مقرض، وفي الوقت نفسه انهارت شركة "تريكولور هولدنغ" العاملة في بيع وتمويل السيارات، وسط مزاعم بتزوير أو تكرار رهن القروض الاستهلاكية.
ومنذ ذلك الحين أعلنت مصارف إقليمية مثل "زاينز بانكورب" عن خسائر نتيجة قروض لمستثمرين عقاريين في كاليفورنيا تتهمهم بالاحتيال، كذلك واجهت شركة اتصالات صغيرة اتهامات مشابهة من ذراع الائتمان الخاص التابعة لـ"بلاك روك".
إنشاء فريق عمل لمكافحة الاحتيال
أصبحت قضية الاحتيال الموضوع الرئيس في الاجتماعات المصرفية الأخيرة، مما دفع رابطة التمويل المنظم (Structured Finance Association) إلى إنشاء فريق عمل لمكافحة الاحتيال سيعقد سلسلة اجتماعات خلال الأشهر المقبلة لتقديم تقرير في فبراير (شباط) المقبل.
وقال الرئيس التنفيذي للرابطة، مايكل برايت، إن الفريق سيحدد أنماط الاحتيال التي يجب على المقرضين الانتباه إليها، وآليات الكشف عنها، مشيراً إلى أن النتائج ستفيد مجالات إقراض أخرى أيضاً.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتضم الرابطة في عضويتها مصارف كبرى ومديري أصول وشركات محاسبة عالمية، وهي تسعى منذ الأزمة المالية عام 2008 إلى تحسين معايير الإقراض بعد فضيحة القروض الرديئة. وأضاف برايت أن هذا التاريخ يجعل من الضروري معرفة ما إذا كانت حالات الاحتيال الحالية "حوادث فردية أم مؤشراً إلى مشكلة منهجية".
وسلط انهيار "فيرست براندز" الضوء على إقبال المقرضين من البنوك والمستثمرين في الائتمان الخاص على التمويل القائم على الأصول، مثل القروض القصيرة الأجل المضمونة بالذمم المدينة.
لكن بعد الأحداث الأخيرة بدأ بعض هؤلاء يطلبون بيانات مالية تمتد أعواماً عدة، ويضيفون بنوداً تتيح لهم إجراء تقييمات دورية للأصول المرهونة.
معدلات التعثر في الديون المنخفضة التصنيف
ويشير أستاذ الإدارة في جامعة تورونتو، ألكسندر ديك، إلى أن الدراسات الأكاديمية تظهر أن الاحتيال المالي يميل إلى الازدياد في الفترات الاقتصادية الجيدة عندما تكون الشركات أكثر ميلاً لتجميل أرقامها للحصول على التمويل.
وعلى رغم زيادة حالات الاحتيال المعلنة، فإن معدلات التعثر في الديون المنخفضة التصنيف لم ترتفع، والاقتصاد لا يزال مستقراً نسبياً، مما حافظ على الطلب القوي على السندات والقروض الشركاتية.
وكان الاستثناء الأبرز في سوق السندات المدعومة بقروض السيارات العالية الأخطار، إذ أثار إفلاس "تريكولور" مزيداً من القلق في شأن قدرة المقترضين ذوي الدخل المنخفض على السداد، مما أدى إلى تراجع أسعار تلك السندات وارتفاع عوائدها.
وقالت محللة السندات في "بنك أوف أميركا"، تيريزا أونيل، إن المستثمرين أصبحوا أكثر حذراً بعد قضية "تريكولور"، إذ بدأوا يتساءلون ما إذا كان الأمر قد يتكرر مع جهات إصدار أخرى.
أما مدير المحافظ في "سيكس إنفستمنت أدفايزرز"، جورج غوديلياس، فاعتبر أن الاتهامات "مثيرة للقلق" لكنها لا تغير كثيراً نظرته العامة إلى سوق الائتمان، مؤكداً أن فريقه لا يزال يركز على المؤشرات الأساسية مثل نمو الأرباح وقدرة الشركات على تغطية كلف الفائدة ومواجهة أي ارتفاع مفاجئ في أسعار الفائدة. وأضاف "على المستثمرين أن ينظروا إلى الصورة الكاملة قبل إصدار الأحكام".