ملخص
تحمل المواجهة المتجددة بين باريس سان جيرمان وبايرن ميونيخ محاولة كل منهما لإثبات نفسه في النسخة الجديدة من دوري الأبطال بعد أعوام من الهيمنة المحلية، إذ يرمزان إلى صراع بين مدرستين كرويتين تبحثان عن المجد القاري وسط جدل حول جدوى التفوق المحلي.
بالنسبة للأندية المتهمة بتحويل بطولاتها المحلية إلى مسابقات يهيمن عليها فريق واحد، فإن جدول الدوري المكون من 36 فريقاً يحمل أوجه تشابه بالنسبة لأحدهما، وربما قريباً للآخر أيضاً.
فهما معتادان على النظر إلى أسفل الترتيب لرؤية بقية المنافسين، ومع كون باريس سان جيرمان أحد خمسة فرق تمتلك سجلاً خالياً من الهزائم بنسبة 100 في المئة، فإنه يتصدر جدول ترتيب دوري أبطال أوروبا. أما بايرن ميونيخ – الذي حقق هو الآخر ثلاثة انتصارات من ثلاث مباريات حتى الآن – فيحتل المركز الثاني في الترتيب؛ وإذا فاز في ملعب "حديقة الأمراء"، وبفارق الأهداف المناسب، فسيعتلي القمة.
التحول الكبير في النظام الجديد
قد يشير ذلك إلى الفارق الذي أحدثه عام واحد؛ إذ خسر بايرن مباراتين من أول ثلاث مباريات له في دوري الأبطال خلال موسم (2024 - 2025)، مما دفعه نحو جولة الملحق التي شكل فيها سيلتيك الاسكتلندي تهديداً حقيقياً له، بينما حصد باريس سان جيرمان أربع نقاط فقط من أول خمس مباريات، ليجد نفسه مهدداً بعدم إنهاء المرحلة ضمن أفضل 24 فريقاً. أما الآن، فقد بدأ هذان العملاقان ما يسمى بمرحلة الدوري ببيانات أقوى تعبر عن نواياهما الحقيقية.
دوري الأبطال الجديد... نسخة "السوبر الأوروبي" المقنعة
يمكن أيضاً لجدول الدوري المتضخم أن يحمل دلالة مختلفة. فهناك نظرية تقول إن هذا هو إصدار الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا) من بطولة "دوري السوبر الأوروبي" ولكن باسم آخر.
ويمكن القول إنه إذا كانت هناك أندية تحتاج فعلياً إلى مثل هذه البطولة، فهي هذان الناديان، اللذان يبدوان وكأنهما لا يواجهان اختبارات كافية أمام منافسين محليين يفتقرون إلى نفس مواردهما، فقد فاز بايرن ميونيخ بـ12 لقباً من آخر 13 في الدوري الألماني، بينما توج باريس سان جيرمان بـ11 لقباً من آخر 13 في الدوري الفرنسي.
موقف سان جيرمان وبايرن من "الانفصال الخائن"
ومع ذلك، كانا أبرز من رفض الانضمام إلى ذلك الانفصال "الخائن"، إذ أبعدت ثقافة المشجعين وكرة القدم في ألمانيا بايرن عن المشاركة، بينما استغل رئيس باريس سان جيرمان، ناصر الخليفي، مكانته كحليف لـ"يويفا" ليصبح رئيس رابطة الأندية الأوروبية.
ومع ذلك، ربما كانت النسخة الموسعة من دوري الأبطال ملائمة لكل منهما. فقد واجه باريس سان جيرمان أربعة أندية من الدوري الإنجليزي الممتاز في أوروبا الموسم الماضي، وخامساً في كأس العالم للأندية، وسيلتقي باثنين آخرين في مبارياته الخمس المقبلة بدوري الأبطال.
أما بايرن، فقد بدأ يحظى بمواجهات سنوية تقريباً مع أرسنال وباريس سان جيرمان، حتى وإن سبق ذلك التغيير في نظام البطولة.
وهذه هي المواجهة الـ10 بينهما خلال ما يزيد قليلاً على ثمانية أعوام – يتقدم فيها بطل ألمانيا بستة انتصارات مقابل ثلاثة – وكان بايرن قد فاز بمباراة المرحلة الأولى في بافاريا في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بينما فاز باريس سان جيرمان في ربع نهائي كأس العالم للأندية في أتلانتا في يوليو (تموز).
ذكريات نهائي 2020... درس كومان البافاري
وكانت المواجهة الأهم بين جميع المواجهات في نهائي نسخة 2020، حين حقق بايرن ميونيخ لقبه السادس في كأس أوروبا، ما يعني أن انتظار باريس سان جيرمان لتحقيق لقبه الأول امتد لخمس سنوات أخرى. وكان لافتاً أن الهدف الوحيد في تلك المباراة جاء من لاعب باريسي الأصل، وهو ما يعد إدانة لنادٍ يقع في واحدة من أغنى المناطق بالمواهب الكروية في العالم، لكنه غالباً ما أهملها مفضلاً استيراد النجوم من الخارج.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
كان من المغري آنذاك أن يلقب مسجل الهدف الفرنسي كينغسلي كومان بـ"كومان البافاري"، لكن تم استيعاب الدرس لاحقاً، فعندما نجح باريس سان جيرمان في غزو أوروبا، فعل ذلك بطابع فرنسي أكثر وضوحاً.
هيمنة محلية لا تضمن مجداً قارياً
وهناك دلالة أخرى لانتصار بايرن في 2020. فربما أبرز بطلين سيطرا على أوروبا في العقد الماضي، كل بأسلوب مختلف، هما بايرن ميونيخ وباريس سان جيرمان، فقد فعل فريق هانسي فليك ذلك لأنه فاز بجميع مبارياته الـ14 في دوري الأبطال خلال ذلك الموسم، وبعضها بنتائج مذهلة مثل (7 - 2) أمام توتنهام و(8 - 2) أمام برشلونة، أما فريق لويس إنريكي لأنه حقق فوزاً تاريخياً في المباراة النهائية بسحق إنتر ميلان الإيطالي بنتيجة (5 - 0).
تفوق محلي كبير وسؤال عن جدوى المنافسة الداخلية
كلا الفريقين حقق الثلاثية - كما قد يشير مانشستر سيتي إلى أنه فعل الشيء نفسه في موسم (2022 - 2023) - لكن على عكس سيتي، فاز كل منهما بالدوري المحلي بفارق نقاط كبير، هو 13 نقطة في حالة بايرن، و19 لباريس سان جيرمان. ويبقى السؤال الدائم: هل هذا المستوى من التفوق مفيد لأنه يسمح للمتصدرين بالتركيز أكثر على دوري الأبطال، أم ضار لأنه يحرمهم من اختبارات حقيقية كافية؟
وما يمكن قوله هو أن تتويج كل من بايرن ميونيخ وباريس سان جيرمان بلقب دوري أبطال أوروبا أثار توقعات ببدء عهد من الهيمنة، غير أن مثل هذه التوقعات أصبحت مألوفة، والحقيقة أن ريال مدريد وحده هو من نجح في الحفاظ على اللقب خلال الأعوام الخمسة والثلاثين الماضية، وهو ما يظهر أن تلك التنبؤات كانت في غير محلها ويبرز مدى صعوبة تحقيق ذلك.
من فليك إلى إنريكي... تحولات فكرية في سعي دائم للمجد
فبايرن لم يعد إلى النهائي منذ ذلك الحين، واكتفى بالوصول إلى نصف نهائي واحد، على رغم أنه كان قريباً للغاية من إقصاء ريال مدريد في نسخة 2024. أما باريس سان جيرمان، فقد أنهى بالفعل رحلة بايرن في الدفاع عن لقبه في 2021. ومع ذلك، تراجع النادي الفرنسي أكثر بعد ظهوره في نهائي 2020، إذ خرج من دور الـ16 في اثنتين من محاولاته الثلاث التالية، وكانت إحداهما أمام بايرن نفسه.
تبع ذلك صيف تحولي كبير حين رحل ليونيل ميسي ونيمار، وجاء لويس إنريكي. وفي المقابل، تنقل بايرن بين استراتيجيات مختلفة، من الاعتماد على "الطفل المعجزة" في التدريب الألماني يوليان ناغلسمان، إلى الرجل الذي قاد باريس سان جيرمان إلى نهائي 2020 توماس توخيل.
وإذا كانت هناك مقارنة بين فينسنت كومباني ولويس إنريكي، فإنها تكمن في الصلة التي تجمع كليهما ببيب غوارديولا؛ فمدرب باريس سان جيرمان كان زميل غوارديولا في برشلونة، بينما كان نظيره في بايرن قائداً لفريق مانشستر سيتي تحت قيادة المدرب الكتالوني نفسه.
تباين في أسلوب البناء الهجومي بين الفريقين
لقد اتجه باريس سان جيرمان نحو شراء لاعبين أصغر سناً وتخلى عن فكرة المهاجم الصريح، مفضلاً إعادة توظيف عثمان ديمبيلي بطريقة مختلفة. أما هجوم بايرن، فقد بني على خبرة لاعبي الدوري الإنجليزي الممتاز، ويتمحور حول هاري كين البالغ من العمر 32 سنة؛ لكن يمكن التذكير بأن المهاجم غزير الأهداف روبرت ليفاندوفسكي بلغ العمر نفسه تقريباً بعد التتويج في 2020.
سباق نحو القمة... من يفرض هيمنته الأوروبية؟
حتى الآن، يبدو أن كفة باريس سان جيرمان هي الأرجح، بينما كان بايرن، بنواته الألمانية، المثال الذي يحتذى قبل خمسة أعوام. وبالنسبة لكليهما، قد تكون أهمية دوري أبطال أوروبا مضاعفة، نظراً لتوقع الجميع فوزهما بسهولة بالألقاب الأخرى. ومع ذلك، فإن كلاً منهما يعرف تماماً مدى صعوبة الفوز بهذه البطولة.
© The Independent