Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف ربحت الخزانة الأميركية معركة الأسواق العالمية؟

ارتفعت سوق السندات 6 في المئة هذا العام متجهة نحو أفضل أداء لها منذ 2020

الولايات المتحدة ما زالت تُعَدّ الخيار "الأقل سوءاً" من منظور مستثمري السندات (

ملخص

استمر المستثمرون في ضخ أموالهم في ديون الحكومة الأميركية، وانخفضت كلفة الاقتراض، وارتفعت العوائد

على رغم موجة المخاوف من العجز المالي المتزايد، وصولاً إلى الهجمات على مجلس الاحتياطي الفيدرالي، لا تزال ديون الحكومة الأميركية تحافظ على مكانتها كأكثر الأصول ثقةً في العالم.

وُضِعَت المكانة المرموقة للولايات المتحدة في أسواق الدين العالمية موضع تساؤل منذ عودة دونالد ترمب إلى الحكم، فمن الرسوم الجمركية الواسعة وتخفيضات الضرائب، إلى العجوزات الضخمة في الموازنة والهجمات المستمرة على الاحتياطي الفيدرالي، تصاعدت في "وول ستريت" نغمة تحذيرية موحّدة: "بيع أميركا".

ومع ذلك، استمر المستثمرون في ضخ أموالهم في ديون الحكومة الأميركية، وانخفضت كلفة الاقتراض، وارتفعت العوائد، ولم تتحقق أشدّ التوقعات قتامة حتى الآن، في الواقع، ارتفعت سوق سندات الخزانة الأميركية، البالغ حجمها 30 تريليون دولار، بنحو 6 في المئة هذا العام، متجهة نحو أفضل أداء لها منذ عام 2020.

ما الأسباب وراء قوة السندات الأميركية؟

هناك عدة أسباب وراء قوة السندات الأميركية، أولاً، لا تزال معدلات التضخم تحت السيطرة إلى حدٍّ كبير، لأن الشركات لم تنقل بعدُ كلَّ كلفة الرسوم الجمركية إلى المستهلكين، وأسهمت الإيرادات الناتجة من هذه الرسوم، إلى جانب التخفيضات الحادّة في عدد الموظفين الفيدراليين، في تقليص العجز.

وخفّض الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة خلال الشهرين الماضيين، ما دعم الاقتصاد، ومن المتوقع أن يُجري مزيداً من الخفض لاحقاً.

هل ما زالت أميركا الخيار الأقل سوءاً في الأسواق؟

لكن الأهم من ذلك أن الولايات المتحدة ما زالت تُعَدّ الخيار "الأقل سوءاً" من منظور مستثمري السندات مثل روبن هوفانيسيان من مجموعة "تي سي دبليو"، وروبرت تيب من "بي جي أي أم" لإدارة الدخل الثابت، ودانيال إيفاسين من شركة "بيمكو" فهي ليست الدولة الوحيدة ضمن مجموعة السبع التي تعاني تضخم الديون والعجوزات أو الخلل الحكومي.

وقال هوفانيسيان "عندما تنظر إلى البدائل الأخرى، تجد أنها تواجه تحدياتها الخاصة أيضاً".

هل انتصرت رؤية ترمب الاقتصادية؟

يُعَدّ ذلك نوعاً من الانتصار لإدارة ترمب، التي جادلت بأن أجندتها "أميركا أولاً" لن تُنعش قطاع التصنيع وتحفّز الاقتصاد من دون إشعال التضخم فحسب، بل ستُخفّض أيضاً فاتورة الفائدة الوطنية.

وقال وزير الخزانة سكوت بيسنت الشهر الماضي متحدياً المشككين "أين هو الخطر في السوق؟ لقد كانوا مخطئين ببساطة".

لكن هناك قراءة أكثر إثارة للقلق، هي أن الطلب القوي على السندات قد يكون سببه الخوف من أن تؤدي حرب ترمب التجارية إلى دفع الاقتصاد نحو الركود، وهناك احتمالاً حقيقياً بأن يعود التضخم ليشكّل تحدياً للاحتياطي الفيدرالي وسط ضعف سوق العمل.

لماذا كان المستثمرون متشائمين في بداية العام؟

مع بداية عام 2025، كان لدى مستثمري السندات العديد من الأسباب للتشاؤم في شأن الولايات المتحدة، إذ كانت العوائد ترتفع وسط توقعات بأن تعهدات ترمب بتحفيز النمو وخفض الضرائب ستوسع العجز، وتزيد من إصدار السندات، وترفع كلفة السلع الاستهلاكية.

ثم جاءت خطة الرسوم الجمركية القوية في أبريل (نيسان)، ما أثار مخاوف من أن الحرب التجارية ستدفع المستثمرين الأجانب إلى الابتعاد عن الأصول الأميركية.

ولم تختفِ الرياح المعاكسة تماماً بعد، فحتى مع تحقيق إيرادات شهرية من الرسوم تبلغ نحو 30 مليار دولار، لا تزال حاجات التمويل السنوية لأميركا تتجاوز 1.5 تريليون دولار، كذلك هناك خطر من أن تُلغِي المحكمة العليا هذه الرسوم.

هل يشكّل التضخم خطراً على السندات؟

لا يزال التضخم يمثّل خطراً قائماً، إذ لم تنقل الشركات سوى نحو 35 في المئة من الزيادات الجمركية إلى المستهلكين، بحسب أبحاث بنك الاحتياطي الفيدرالي في سانت لويس.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

هناك الدولار، الذي سجّل أسوأ أداءٍ له في نصف عام منذ عقود، إضافة إلى الإغلاق الحكومي الذي ألقى بظلاله على آفاق الاقتصاد، وفي الوقت الراهن، تستمر الأموال الأجنبية في التدفق إلى السوق الأميركية، ما ساعد على خفض عوائد السندات، على رغم أن بعض المستثمرين بدأوا بالتحوط ضد مزيدٍ من تراجع الدولار، وبلغت حيازات الأجانب مستوى قياسياً بلغ 9.2 تريليون دولار حتى يوليو (تموز).

كيف أسهمت وزارة الخزانة في تهدئة الأسواق؟

أسهم بيسنت نفسه في إبقاء كلفة الاقتراض طويلة الأجل تحت السيطرة، بعد أن تبنّى النهج نفسه الذي اتبعه سلفه بالاعتماد على أذون الخزانة قصيرة الأجل.

ويتوقع متداولو السندات في "وول ستريت" أن تشير وزارة الخزانة إلى ميلٍ أكبر نحو السندات قصيرة الأجل عند إعلان خططها ربع السنوية.

يرى روبرت تيب من "بي جي إي أم" أن الولايات المتحدة لا تزال تتفوّق على الاقتصادات الصناعية الأخرى، قائلاً إن السندات الأميركية "تنافسية للغاية وتجذب تدفقات أجنبية على رغم انتهاء سرد (الاستثنائية الأميركية)".

ماذا عن اليابان وأوروبا؟

في المقابل، قفزت كلفة الاقتراض طويلة الأجل في اليابان وألمانيا وفرنسا بسبب مخاوف من الإنفاق المفرط، بينما واجهت فرنسا خفضاً في تصنيفها الائتماني، وارتفعت العوائد اليابانية إلى مستوياتٍ قياسية.

وتصبّ السياسة النقدية أيضاً في مصلحة الولايات المتحدة، إذ يرى الاقتصاديون أن البنك المركزي الأوروبي أنهى دورة الخفض، بينما تتجه اليابان إلى التشديد، أما الأسواق الأميركية، فما زالت تتوقع ثلاثَ عمليات خفضٍ للفائدة من الفيدرالي بحلول سبتمبر (أيلول) المقبل.

وقال دانيال إيفاسين من "بيمكو" إن انخفاض الفائدة وعدم اليقين الاقتصادي سيدفعان المستثمرين إلى شراء السندات الأميركية باعتبارها ملاذاً آمناً.

واجه مديرو الصناديق صعوبة في تفسير المشهد المتشابك، إذ تمكن 62 في المئة فقط من صناديق السندات الأميركية الكبرى من التفوّق على مؤشر السوق في عام 2025، وهو أدنى مستوى منذ عام 2022.

من استفاد ومن خسر؟

كانت شركة "كولومبيا ثريدنيدل" من بين القلة التي حققت مكاسب بفضل رهانها على السندات طويلة الأجل عندما كانت المعنويات في السوق سلبية.

وقال مدير السندات في الشركة، إد الحسيني، "إذا بدأتَ العام بنظرة سلبية للغاية تجاه العجز والتضخم والرسوم الجمركية، وكنت تراهن على ارتفاع العوائد عند 5 في المئة في يناير (كانون الثاني) وهي اليوم عند 4 في المئة، فلا بد أنك تشعر ببعض الأسف الآن".

اقرأ المزيد

المزيد من أسهم وبورصة