Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أطفال عالقون في الفاشر يواجهون الموت وفارون يحاصرهم الجوع

تقارير عن اختطاف وقتل وتشويه وعنف جنسي

بحسب مصادر ميدانية هناك 450 طفلاً وصلوا إلى منطقة طويلة بعد أحداث الفاشر (مواقع التواصل الاجتماعي)

ملخص

قالت أربع منظمات تابعة للأمم المتحدة إن آلاف الأطفال يواجهون خطر الموت الوشيك في ظل ارتفاع معدلات سوء التغذية في مدينة الفاشر، وأضافت "المرافق الصحية انهارت، وآلاف الأطفال الذين يعانون سوء التغذية الحاد صاروا من دون علاج"، وتابعت "ما يربو على ربع مليون مدني، نصفهم تقريباً من الأطفال، انقطع عنهم الغذاء والرعاية الصحية في المدينة خلال المواجهة المستمرة منذ 16 شهراً".

بين ليلة وضحاها وجد آلاف الأطفال من سكان الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، أنفسهم خارج منازلهم بلا ديار أو مأوى يكافحون من أجل العيش والبقاء على قيد الحياة وسط ظروف إنسانية قاسية، يطاردهم الجوع ويفتك بهم سوء التغذية داخل دور إيواء مناطق النزوح في طويلة وجبل مرة ومليط، بخاصة بعد وصول المئات منهم من دون أسرهم.

وتتزايد معدلات الخطر على العالقين الذين لم يتمكنوا من مغادرة الفاشر، إذ يعيشون واقعاً مأسوياً بعدما شاهدوا آباءهم يقتلون أمام أعينهم، وأمهاتهم أو شقيقاتهم يتعرضن للضرب والتحرش والاغتصاب من قبل قوات "الدعم السريع"، فضلاً عن التداعيات النفسية لرعب دوي الأسلحة الثقيلة بمختلف أنواعها. وجراء هذه الأوضاع وجد آلاف الأطفال أنفسهم فجأةً في مواجهة عالم قاسٍ بلا أمان بعد عمليات القتل الجماعي والمجازر التي ارتكبت في حق المدنيين، وكذلك تنفيذ تصفيات ميدانية وحشية، أدت إلى فقدان حياتهم الأسرية ومهدهم الدافئ، وحولتهم إلى أيتام ونازحين في آنٍ واحد، يقاومون بصمت الوحدة والخوف والجوع.

وكانت وزيرة الدولة بوزارة التنمية البشرية والرعاية الاجتماعية سليمى إسحاق كشفت عن مقتل نحو 300 امرأة، إثر هجمات "الدعم السريع" على الملاجئ ومسارات النزوح بالفاشر.

 

أحزان ومآسٍ

الطفل سيف محمد سالم (12 سنة) خرج برفقة والدته وبعض الجيران بعدما تعرض منزلهم لشظايا نتيجة القصف المتواصل، وفي الطريق إلى المناطق الطرفية من الفاشر اعترضتهم قوة عسكرية من "الدعم السريع"، واختطفت عدداً من الرجال، كان من بينهم والده. وعبر سالم عن حزنه لما وصلت إليه الأوضاع في الفاشر والوحشية التي تتعامل بها "الدعم السريع" مع المدنيين، لافتاً إلى أنهم "عاشوا حالاً من الرعب والخوف خشية تعرضهم للموت، وما زالت مشاهد الرعب وأصوات الرصاص حاضرة أمامه، ويحاول نسيانها لكنها لم تفارقه، على رغم وصوله إلى محلية طويلة"، وأضاف "همي الآن معرفة مكان والدي، وأتمنى ألا يصيبه مكروه ويتم إطلاق سراحه حتى يلحق بالأسرة ونعيش حياة جديدة، وبالتأكيد سأنسى كل المجازر والفظائع عندما يعود والدي".

معاناة الفراق

بعينين غائرتين ومآقٍ يلفها الحزن والوجع، تحتضن فاطمة جبر الدار طفلة تبلغ تسعة أعوام من العمر داخل أماكن تجمعات النازحين في منطقة طويلة (تبعد 64 كيلومتراً عن الفاشر)، بعدما كان اليوم الأول للطفلة ليلي مزيجاً من الشعور بشيء من الأمان والخوف مما هو مقبل، لكن بكاءها الذي لم ينقطع، كشف عن صعوبات تواجهها في النوم توجساً من رعب القصف المدفعي والجوي. مأساة ليلي أنها فقدت والدها في لحظات الكر والفر للنجاة من القتل الجماعي الذي نفذته "الدعم السريع" في حق السكان المدنيين في الأيام الثلاثة الأولى من سيطرتها على عاصمة شمال دارفور. تقول "لديَّ أمل كبير في عودة والدي الذي كان يغني لي قبل أن أنام، ولا تستطيع أمي تحمل كل هذه الهموم والأعباء، ولا تستطيع حمل أخي المصاب بمفردها".

 

تهديدات وانتهاكات

بحسب مصادر ميدانية فإن هناك 450 طفلاً وصلوا إلى منطقة طويلة بعد أحداث الفاشر، لكنهم فقدوا أسرهم، بينما وصل 930 طفلاً في وقت سابق من دون عائلاتهم.

في السياق أوضح المتخصص في مجال حقوق وحماية الطفولة أنور عبدالغني أن "أطفال الفاشر تعرضوا لمعدلات رهيبة من الرعب بالنظر إلى أعمارهم وتجاربهم التي لم يشهدوا خلالها مثل هذه الفظائع والمجازر من قبل، ما تسبب في هزات نفسية كبيرة، فضلاً عن فقدان الآباء والأمهات من دون معرفة مصيرهم والنزوح مع عائلات لا يوجد فيها أقارب لديهم، مضيفاً "الأطفال العالقون داخل الفاشر يواجهون تهديدات جسيمة بخاصة بعد تزايد حالات القتل والاختطاف والعنف الجنسي التي تمارسها ميليشيات الدعم السريع، فضلاً عن الانتهاكات واقتحام المنازل وترويع السكان وقتلهم أمام أطفالهم"، ولفت عبدالغني إلى أنه "على رغم ما بذله المتطوعون في مناطق طويلة ومليط وجبل مرة من جهود لتخفيف حال الجوع المستمر وتفشي سوء التغذية وسط الأطفال، لكنهم لم يستطيعوا الإحاطة بحجم المأساة أو تغطية الحاجات المطلوبة، بسبب شح الموارد في ظل هذه الظروف الصعبة والأزمة الاقتصادية الخانقة، التي ألقت بظلالها القاتمة على شريحة الأطفال في شكل معاناة متعددة الجوانب صحية ومعيشية وتربوية تعليمية"، وتابع "قوات (الدعم السريع) مارست أعمالاً وحشية ضد الأطفال في الفاشر، إذ قتلت العشرات نتيجة القصف العشوائي والمتعمد أحياناً، إضافة إلى اختطاف اليافعين، وكذلك جندت آخرين للقتال في صفوفها".

واقع مؤلم

في الأثناء، حذرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسيف" من أن ما يقدر بنحو 130 ألف طفل في الفاشر معرضون لخطر الانتهاكات الجسيمة، في ظل تقارير عن الاختطاف والقتل والتشويه والعنف الجنسي، مشددة على أنه لا يوجد طفل في مأمن في عاصمة شمال دارفور.

وأعربت المديرة التنفيذية للمنظمة كاثرين راسل، في بيان، عن قلقها إزاء الصور والتقارير الواردة من المدينة، مشيرة إلى أن تصاعد العنف أدى إلى تفاقم معاناة آلاف الأطفال، المحاصرين بالفعل لأكثر من 500 يوم، وهم عالقون وسط القصف والاشتباكات الشديدة والنقص الحاد في الغذاء والمياه الصالحة للشرب والدواء.

وجددت المنظمة دعوتها إلى وقف فوري لإطلاق النار، وضمان وصول إنساني آمن ومن دون عوائق، وحماية المدنيين، بخاصة الأطفال، وضرورة محاسبة المسؤولين عن الانتهاكات.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أوضاع مأسوية

على نحو متصل أشارت الباحثة الاجتماعية مروة محجوب إلى أن "الخوف كان أكبر المسببات التي جعلت أطفالاً قصراً ينزحون بمفردهم، هرباً من مجازر وفظائع الفاشر بحثاً عن ملاذ آمن، وأن هناك كثيراً من القصص المأسوية التي سجلتها مناطق تجمعات النازحين في طويلة ومليط، إذ يحتاج الأطفال إلى وقت طويل لإزالة الآثار السلبية التي تركتها مآسي الموت الجماعي والانتهاكات الوحشية التي مارستها الدعم السريع في عاصمة ولاية شمال دارفور"، وتابعت "على رغم المعاناة في مناطق النزوح وسوء الخدمات المعيشية، فإن أطفال الفاشر يشعرون إلى حد ما بالاستقرار والأمان، فضلاً عن وجود مكان آمن يحميهم من الانتهاكات الجسيمة من عنف جنسي، إضافة إلى تجنيدهم في صفوف الميليشيات وحمل السلاح وخوض المعارك، مما يعرضهم للموت"، وشرحت محجوب أنه "يجب التعامل مع الأطفال الذين نزحوا بمفردهم وفقدوا أسرهم من دون تمييز عن الأطفال الآخرين في الغذاء والكساء والدعم النفسي لمساعدتهم في الخروج من الواقع المظلم الذي يواجهونه".

خطر الموت

في غضون ذلك قالت أربع منظمات تابعة للأمم المتحدة إن آلاف الأطفال يواجهون خطر الموت الوشيك، في ظل ارتفاع معدلات سوء التغذية في مدينة الفاشر، وأضافت "المرافق الصحية انهارت، وآلاف الأطفال الذين يعانون سوء التغذية الحاد صاروا من دون علاج"، وتابعت "ما يربو على ربع مليون مدني، نصفهم تقريباً من الأطفال، انقطع عنهم الغذاء والرعاية الصحية في المدينة خلال المواجهة المستمرة منذ 16 شهراً".

وقالت المنظمة الدولية للهجرة والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسيف" وبرنامج الأغذية العالمي، إن ممثليها كانوا شهوداً على دمار واسع النطاق في دارفور وأنحاء أخرى من البلاد خلال زياراتهم.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير