Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

من المدلل إلى المخلوع... كيف حمت الملكة إليزابيث الأمير أندرو

أندرو ماونتباتن ويندسور، الذي عُرف طويلاً بأنه الابن الأقرب إلى قلب الملكة إليزالأمير أندرو، الابن المقرب من الملكة إليزابيث، يواجه اليوم تبعات علاقة مشبوهة بالمجرم الجنسي جيفري إبستين، في قصة تكشف كيف غذّت طفولته المترفة إحساساً بالاستحقاق جعله يظن طويل

حماية والدته أسهمت في ترسيخ شعور الأمير أندرو بالحصانة المطلقة، لكنها رحلت الآن، وها هو تشارلز يلوّح بسيفه (غيتي)

ملخص

الأمير أندرو، الذي نشأ مدللاً ومحصناً بحماية والدته الملكة إليزابيث، يواجه اليوم سقوطاً مدوياً بعدما لحقت به فضيحة ارتباطه بالمجرم الجنسي جيفري إبستين والاتهامات التي أثارتها فرجينيا جوفري. تتكشف القصة كملحمة عن الامتياز الموروث والشعور بالحصانة الذي تبخر برحيل الملكة وبدء شقيقه الملك تشارلز بمحاسبته.

يحمل إعلان الملك تشارلز سحب الألقاب المتبقية من شقيقه أندرو وقعاً خاصاً. وما لا يختلف عليه أحد بشأن أندرو ماونتباتن ويندسور هو إيمانه العميق بأنه يستحق كل امتياز يتمتع به. في مذكراتها الصادرة بعد وفاتها بعنوان "فتاة لا تخص أحداً" Nobody’s Girl، وصفت فرجينيا جوفري لقاءها به في منزل غيلاين ماكسويل في بيلغرافيا عام 2001 قائلة: "كان ودوداً إلى حد ما، لكن شعوره بالاستحقاق كان طاغياً - كما لو أنه كان يؤمن بأن ممارسة الجنس معي حق موروث من نسبه الملكي".

وعلى رغم أن أندرو ينفي هذه الاتهامات نفياً "قاطعاً"، فإن كثيرين قد حسموا رأيهم فيه سلفاً. من ناحية أخرى، لم تكن في صالحه الأنباء الأخيرة عن إعادة الشرطة البريطانية التدقيق في الادعاءات التي تفيد بأنه طلب في عام 2011 من أحد ضباط حمايته، الذين يتقاضون أجورهم من أموال دافعي الضرائب، البحث عن معلومات مسيئة عن فرجينيا جوفري. كذلك فإن البريد الإلكتروني الذي كشفته صحيفة "ذا ميل أون صاندي"، ووعد فيه أندرو بـ"اللعب أكثر قريباً!!" مع إبستين، فضح زيف ادعائه بأنه قطع صلته تماماً بالمجرم المدان.

إعادة مشاهدة المقابلة سيئة السمعة التي أجرتها إميلي مايتليس جعلت كثيرين يتساءلون كيف تخيّل أنه يستطيع الإفلات بمثل هذه الأكاذيب الوقحة. لكن من تربّى منذ نعومة أظفاره على أن يُخاطَب بلقب "صاحب السمو الملكي" لا بد أن يتكون لديه شعور متضخم بالاستحقاق. نشأ أندرو على ثقة مفرطة بالنفس غرستها فيه والدته وحاميته الكبرى، الملكة إليزابيث الثانية. لكنها رحلت، ولم يعد هناك من يحميه، وكانت مسألة وقت فقط قبل أن يفرض شقيقه الأكبر، الملك تشارلز، عقوبة رأى كثيرون أنها مستحقة ومتأخرة كثيراً.

 

منذ البداية، كان التنافس بين الشقيقين واضحاً. فحين وُلد تشارلز كانت والدته منشغلة بشؤون الحكم، إذ تدهورت صحة والدها الملك جورج السادس، واضطرت الأميرة إليزابيث إلى تولي مهامه العامة. أما والدهما الأمير فيليب فكان ضابطاً في البحرية متمركزاً في مالطا. وبعد أقل من أسبوع على إتمام تشارلز عامه الأول، لحقت إليزابيث بزوجها هناك، تاركة ابنها في رعاية الحضانة الملكية.

وعندما أصيب تشارلز بالتهاب اللوزتين، لم يعد أي من والديه إلى الوطن للاطمئنان عليه. زارته والدته في عيد ميلاده الثاني، لكنها كانت في جولة رسمية بأميركا الشمالية حين بلغ الثالثة. وبعد وقت قصير، كانت في كينيا عندما توفي الملك في 6 فبراير (شباط) 1952، فأصبحت إليزابيث ملكة وكان تشارلز في الثالثة من عمره.

بعد ثماني سنوات، وأثناء إقامة تشارلز في مدرسة داخلية، وُلد أندرو. بحلول ذلك الوقت، كانت الملكة قد استقرت في دورها كحاكمة، فقلصت ارتباطاتها المسائية ورحلاتها الخارجية لتقضي وقتاً أطول مع ابنها الجديد. كانت تدفع عربته في حدائق القصر، وتزور طيور الفلامنغو في البحيرة، وتتولى بنفسها رعايته في المساء حين تأخذ المربية استراحة من العمل، كانت الملكة تتولى بنفسها رعايته قبل النوم والقيام بكل ما لم يختبره تشارلز إلا نادراً. أطلق الموظفون على أندرو لقب "الصغير سيئ المزاج" بسبب نوبات غضبه؛ أما فيليب فكان يسميه "الرئيس". وبغض النظر عن سلوكه المتمرد، قلما كان يعاقَب، وكان من الواضح بالنسبة لكثير من الزوار والمراقبين أنه الابن المفضل.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

التحق الشقيقان بمدرسة "غوردنستاون" الداخلية الصارمة في اسكتلندا، التي درس فيها والدهما من قبل. وجد تشارلز التجربة قاسية ووصفها بأنها "سجن كولدِتس بطابع اسكتلندي"، لكن عندما التحق بها أندرو كانت المدرسة قد خففت من انضباطها، فأضيفت إليها التدفئة المركزية والسجاد، وتقلصت العقوبات الجسدية، والأهم أُدخلت الفتيات إلى صفوفها. وهناك بدأ أندرو يكتسب لقبه الشهير "آندي المغازل".

سار الشقيقان على خطى والدهما في البحرية الملكية. فبينما تولى تشارلز قيادة كاسحة ألغام قديمة في المياه البريطانية، كان أندرو يقود المروحيات خلال حرب فوكلاند. وعند عودته، استُقبل استقبال الأبطال، ما زاد شعوره بالاستحقاق. تتابعت بعدها الأوسمة والتكريمات؛ ففي عام 2003 مُنح لقب فارس قائد من النظام الفيكتوري الملكي، ثم رفّعته الملكة عام 2011، على نحو غير معلن، إلى رتبة فارس الصليب الأكبر، وهي أعلى درجات وسام النظام الفيكتوري الملكي. جمع أندرو ميدالياته، ثم جلس مع والدته لتناول الشاي.

حين تزوج تشارلز من ديانا وأنجب صبيين، تراجع أندرو في ترتيب ولاية العرش، ومثله مثل عديد من الورثة "الاحتياطيين" واجه صعوبة في إيجاد هدف واضح لحياته. بعد مغادرته البحرية، أصبح مبعوثاً تجارياً للمملكة المتحدة. عُرف بلقب "أندي الأميال الجوية" لكثرة رحلاته ونفقاته الباهظة، إذ كان يسافر حول العالم، ويمارس الغولف، ويخالط شخصيات مثيرة للجدل، ما جرّ عليه انتقادات واسعة، إلا أن مكانته المفضلة لدى الملكة ظلت ثابتة.

غير أن تلك الهالة من الحصانة انهارت عام 2010، حين نشرت صحيفة "نيوز أوف ذا وورلد" صورة له برفقة المجرم الجنسي المدان جيفري إبستين. استقال بعدها من مهامه الرسمية، على أمل أن يُنهي ذلك الجدل. لكن فرجينيا جوفري كانت قد بدأت بالفعل التحدث إلى الشرطة. ففي عام 2009، رفعت دعوى مجهولة باسم جين دو ضد إبستين وغيلاين ماكسويل، التي تقضي حالياً حكماً بالسجن الفيدرالي لمدة عشرين عاماً في الولايات المتحدة بتهمة الاتجار بالقاصرات.

 

وعلى رغم الادعاءات بأن فرجينيا جوفري كانت ضحية اتجار بالبشر وأُجبرت على ممارسة الجنس مع أندرو - وهو ما ينفيه - رفضت شرطة لندن فتح تحقيق في القضية. وقدمت وزارة العدل الأميركية طلبات متكررة بموجب اتفاقية المساعدة القانونية المتبادلة (MLAT) لاستجوابه من قبل مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI)، لكنه، على رغم إعلانه استعداده للتعاون، لم يفعل. ووفقاً لبروتوكول هذه الاتفاقية، كان يتعين على وزارة الداخلية البريطانية، في حال رفض أندرو، أن تتيح استجوابه من جانب شرطة العاصمة. لكن شيئاً من ذلك لم يحدث، ما أثار تساؤلات حول الجهة التي كانت تحميه.

في أغسطس (آب) عام 2021، رفعت فرجينيا جوفري دعوى مدنية في نيويورك تتهمه بالاعتداء الجنسي. في مذكراتها ذكرت أنه عند بدء الإجراءات القانونية، تعذر تسليم أوراق الدعوى لأن أندرو "فر إلى قصر بالمورال واختبأ خلف أبوابه". وفي نهاية المطاف، قضى القاضي لويس كابلان بإمكانية تسليم الأوراق القانونية عبر محاميه المقيمين في لوس أنجليس.

سويت الدعوى من دون أي اعتراف بالمسؤولية، مقابل مبلغ قدّر بنحو 12 مليون جنيه استرليني. وقال مصدر مطلع على الصفقة إن الاتفاق لم يُوقّع إلا بعد أن قدم أندرو دليلاً على امتلاكه المبلغ من عائدات بيع شاليه في سويسرا بقيمة 17 مليون جنيه استرليني. وأُفيد على نطاق واسع بأن الملكة أسهمت بجزء كبير من مبلغ التسوية من أموالها الخاصة، بما في ذلك تبرع شخصي لمؤسسة خيرية تُعنى بضحايا الاتجار والاستغلال الجنسي كانت تدعمها فرجينيا جوفري. ومع ذلك، احتفظ أندرو ببعض امتيازاته، منها صفته كمستشار للدولة، ولقب دوق يورك، ورتبة نائب أدميرال. وفي مراسم تأبين الأمير فيليب، رافق أندرو الملكة إلى مقعدها، في مشهد اعتبره كثيرون دليلاً واضحاً على دعمها الثابت له.


كانت حماية والدته عاملاً أساسياً في ترسيخ شعوره بالحصانة المطلقة، لكنها رحلت، وها هو تشارلز يشهر سيفه. ومع ذلك، لم يُغلق الملف بعد، إذ بدأ الكونغرس الأميركي يُبدي اهتمامه بالقضية، بينما تعيد شرطة لندن "سكوتلانديارد" مراجعة التحقيقات - لكن فقط في ما يتعلق بالطلب المزعوم للحصول على معلومات مسيئة عن فرجينيا جوفري، لا في الاتهامات الجوهرية نفسها.

القضية تتجاوز الألقاب والقصور. فقد رحلت شابة كانت مزاعمها كافية لإقناع محكمة فيدرالية أميركية، بينما لا يزال الرأي العام يعتقد أن هناك من يجب أن يُحاسَب - أو على الأقل يُجبر على قول كل ما يعرفه. يواصل أندرو نفي جميع الاتهامات، فيما تظل شرطة لندن في مرحلة "المراجعة" من دون فتح تحقيق فعلي. أما الآخرون، فينتظرون الكشف الكامل عن ملفات إبستين، بينما يلوذ أصحاب النفوذ بالصمت. وقد تكون تلك الملفات الطريق الوحيد إلى الحقيقة والمساءلة، إن كُتِب للعدالة الحقيقية أن تتحقق يوماً.

 

نايجل كوثورن هو مؤلف كتابي "حرب آل ويندسور" War of the Windsors الصادر عن دار ويلبك، و "الأمير أندرو: إبستين، ماكسويل والقصر" Prince Andrew: Epstein, Maxwell and the Palace الصادر عن دار غيبسون سكوير.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير