Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الانهيار الصحي يدفع المرضى العالقين في الفاشر نحو الموت

تفاقمت أوضاع جرحى الحرب المصابين بالفشل الكلوي والسرطان وأمراض القلب

انهيار القطاع الطبي نتيجة عمليات نهب وسلب وتدمير المستشفيات واختطاف وقتل الكوادر الطبية من قبل "الدعم السريع" (مواقع التواصل)

ملخص

أكدت "شبكة أطباء السودان" أن "الدعم السريع" لا تزال تحتجز آلاف المدنيين داخل مدينة الفاشر، وتمنعهم من مغادرتها بعدما صادرت الوسائل العاملة في نقل النازحين، كما أعادت عدداً من الفارين إلى داخل المدينة بالقوة، من بينهم مصابون بطلقات نارية أثناء محاولتهم الهرب، وآخرون يعانون سوء التغذية.

يعيش آلاف المرضى العالقين في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور حالة من اليأس والقلق والإحباط جراء وضعهم الصحي بسبب انهيار القطاع الطبي نتيجة عمليات نهب وسلب وتدمير المستشفيات، واختطاف وقتل الكوادر الطبية من قبل قوات "الدعم السريع" وكذلك صعوبة التنقل لتلقي العلاج. وتفاقمت أوضاع جرحى الحرب من المدنيين والمصابين بالفشل الكلوي والسرطان وأمراض القلب والحالات الطبية المستعصية نتيجة توقف خدمات الرعاية الصحية وانقطاع الأدوية المنقذة للحياة إلى جانب المعينات الطبية، إضافة إلى تعرض المعامل ومخازن الأدوية والمستلزمات للتدمير والحريق بسبب القصف المدفعي والجوي المتعمد.

 

أوضاع مأسوية

قال المواطن السوداني يوسف خوجلي، إن "تفاقم الأزمة دفعه للخروج إلى منطقة قرني شمال الفاشر، ومنها وصل إلى محلية مليط (شمال الفاشر) بعد رحلة شاقة استغرقت يومين، إذ يعاني والده من حروق في جسده بسبب إطلاق النار داخل المدينة، كما أن شقيقه مصاب بالفشل الكلوي"، وأضاف "هربنا مع كثيرين من الناس، وفي الطريق رأينا أشخاصاً ميتين على الأرض وجرحى متروكين، إذ لم يتمكن أهلهم من حملهم، وقبل الوصول إلى وجهتنا تعرضنا لنهب كل ما نملك"، وتابع خوجلي "عدم الانتظام في عمليات غسل الكلى والعلاج المستمر سبب فقر الدم والتعب والهزال لشقيقه، مما نتج منه ضعف في عضلة القلب ومشكلات صحية أخرى"، ولفت إلى أن المرضى العالقين في الفاشر "يعيشون أوضاعاً صعبة ومأسوية بخاصة في ظل استهداف الدعم السريع المستمر المدنيين داخل المنازل وحتى في المراكز الصحية وسط الأحياء السكنية، حيث لا يزال كثر من المواطنين عالقين في المدينة، منهم أصحاب أمراض مزمنة وجرحى، لا نعرف من مات منهم ومن بقي على قيد الحياة.

مصير مجهول

وروى علاء الدين الزبير، وهو من سكان الفاشر ومصاب بكسر في رجله نتيجة سقوط قذيفة على منزله، "غادرنا المدينة بعد اقتحام مقاتلين من الدعم السريع منزلنا وترويع أفراد الأسرة، وبعد نهب الهواتف والمدخرات المالية خرجوا من المنزل، وتمكنا من المغادرة قبل طلوع الشمس واتجهنا نحو منطقة طويلة"، ونوه بأن "هناك المئات من جرحى الحرب المدنيين، إضافة إلى مرضى القلب والسكري والفشل الكلوي عالقين في الفاشر وسط ظروف صحية صعبة للغاية ولا نعرف مصيرهم حتى الآن خصوصاً بعد تدمير المستشفيات ونهب الصيدليات"، وأردف الزبير "بعد مضى ثلاثة أيام من سيطرة الدعم السريع على الفاشر حدثت أكثر من 15 حالة وفاة في حي السلام، لا سيما بعد رفض المقاتلين خروج المرضى لتلقي العلاج، إذ نزف الجرحى كميات كبيرة من دمائهم حتى الموت".

 

نفاد المخزون

من جانبه أشار الناشط في مجال العمل الطوعي الإنساني نصر الدين إدريس إلى أن "المراكز الصحية القليلة التي لا تزال تعمل تعاني نقصاً حاداً في وحدات الدم بسبب نفاد مخزونها، إضافة إلى الضمادات ومواد التخدير والمستهلكات التي تستخدم مرة واحدة في بنوك الدم، مما يفاقم معاناة المرضى الذين يحتاجون لعمليات جراحية"، ولفت إلى أن "أوضاع المصابين خطرة وهم مهددون بالموت في أية لحظة، وهي مؤشرات تسهم في تزايد أعداد الوفيات بخاصة في ظل ارتكاب الدعم السريع انتهاكات جسيمة ضد المدنيين العالقين في الفاشر"، ونبه إدريس من أن "الوضع بات أكثر صعوبة، إذ نفدت معظم كميات الدم التي كانت تحتفظ بها المستشفيات قبل تدمير المعامل ومخازن الأدوية والمستلزمات، والمتوافر منها محدود جد".

كارثة إنسانية

وعد الطبيب المتطوع بمعسكر زمزم مؤمن إسحاق أن "ما حدث في الفاشر يمثل كارثة إنسانية، ونحن الآن على أعتاب أوضاع معقدة في ما يخص الخدمات العلاجية للعالقين داخل المدينة، لا سيما أصحاب الأمراض المزمنة وجرحى الحرب من المدنيين"، وأضاف "قصف ونهب المستشفى السعودي التخصصي للنساء والتوليد أديا إلى توقف خدمات تشمل أمراض النساء والتوليد والباطنة والجراحة وطب الأطفال، إلى جانب مركز للتغذية العلاجية"، وبين إسحاق أن معدلات الوفيات آخذة في التصاعد المريع "نتيجة انهيار القطاع الصحي بعد تعمد الدعم السريع تدمير المستشفيات وقتل وخطف الكوادر الطبية في انتهاك صريح للقانون الدولي الإنساني".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

احترام القوانين

في السياق أيضاً، أوضح الطبيب المتطوع في محلية طويلة عاطف عباس أن "أوضاع القطاع الصحي في الفاشر لا تحتمل مزيداً من الدمار والتخريب، خصوصاً في ظل الانهيار الحالي ونقص الكوادر الطبية والأدوية وتوقف مرافق عدة وخروجها عن الخدمة"، ولفت إلى أن المرافق الصحية ليست مباني عادية، "حيث تمثل ملاذاً للجرحى والمرضى والعاملين في الخطوط الأمامية لإنقاذ حياة آلاف المدنيين، ومن ثم فإن استهداف الأماكن المخصصة لإنقاذ الأرواح ينسف روح الإنسانية والمبادئ الأخلاقية"، وطالب عباس بضرورة "حماية المرضى والمصابين والعاملين في المجال الصحي والمنشآت الطبية في كل الأوقات، وفقاً للقانون الدولي الإنساني"، وشدد على أهمية احترام القوانين الدولية والإنسانية، وضرورة محاسبة "الدعم السريع" عن هذه الانتهاكات التي تهدد أرواح الأبرياء وتعرقل مساعي الجهود الإنسانية.

احتجاز المرضى

في الأثناء، أكدت "شبكة أطباء السودان" أن "الدعم السريع" لا تزال تحتجز آلاف المدنيين داخل مدينة الفاشر، وتمنعهم من مغادرتها بعدما صادرت الوسائل العاملة في نقل النازحين، كما أعادت عدداً من الفارين إلى داخل المدينة بالقوة، من بينهم مصابون بطلقات نارية أثناء محاولتهم الهرب، وآخرون يعانون سوء التغذية. ولفتت الشبكة في بيانها إلى استمرار احتجاز آلاف المدنيين في ظل أوضاع إنسانية بالغة التعقيد، وشح حاد في الأدوية، وكذلك نقص في الكوادر الطبية التي لا تزال "الدعم السريع" تحتجز بعض أفرادها، "وهناك آخرون مختطفون من قبل عناصرها مما يشكل كارثة إنسانية متفاقمة". وأشارت أيضاً إلى أن قوة من "الدعم السريع" بمدينة الفاشر أقدمت على اختطاف ستة من الكوادر الطبية من بينهم أربعة أطباء وصيدلي وكادر تمريضي ظلوا يقدمون خدماتهم للمرضى والمصابين، وابتزت ذويهم وطالبت بفدية مالية لكل طبيب مقابل إطلاق سراحه. وطالبت الشبكة المجتمع الدولي بالتحرك الفوري والعاجل لحماية المدنيين في الفاشر، الذين يتعرضون للانتهاكات الوحشية يومياً، كما دعت منظمة الصحة العالمية إلى تحمل مسؤولياتها في حماية الكوادر الطبية والمرافق الصحية التي باتت هدفاً مباشراً للهجمات المتكررة لقوات "الدعم السريع".

صدمة واستياء

على الصعيد نفسه، طالبت منظمة الصحة العالمية بـ"وقف إطلاق النار" في السودان، بعد معلومات تحدثت عن مقتل أكثر من 460 شخصاً في مستشفى في مدينة الفاشر بإقليم دارفور. وقالت المنظمة عبر منصة "إكس" إنها "مستاءة ومصدومة بشدة لمعلومات تحدثت عن مقتل أكثر من 460 مريضاً وأشخاصاً يرافقونهم في المستشفى السعودي للتوليد في الفاشر بالسودان، إثر الهجمات الأخيرة وخطف عاملين في مجال الصحة"، وقالت المفوضية العليا للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، إن مئات من المدنيين العزل في السودان ربما يكونون قد قتلوا خلال سيطرة "الدعم السريع" على مدينة الفاشر المحاصرة منذ فترة طويلة.

وقال المتحدث باسم مكتب المفوضية العليا للأمم المتحدة سيف ماجانجو، "نقدر أن عدد القتلى كان بالمئات من المدنيين والمحتجزين أثناء هجوم الدعم السريع على المدينة وطرق الخروج منها وكذلك في الأيام التي تلت السيطرة عليها"، وذكر المتحدث أن عشرات آلاف الأشخاص فروا من المدينة وسط الاضطرابات، وأن بعض الشهادات حول الفظائع التي ارتكبت في الفاشر جاءت من ناجين اضطروا إلى السير على الأقدام ثلاثة أو أربعة أيام إلى بلدة طويلة.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات