Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

خنادق الفاشر لسان من الدم يتذوق المجزرة ويتكلم

حفرتها قوات "الدعم السريع" خلال حصار المدينة لمنع فرار الأهالي والآن تشهد دفن آلاف منهم بلا أكفان

ملخص

عقب سيطرة "الدعم السريع" على الفاشر، حولت القوات الخنادق التي بنتها إلى أمكنة تمارس داخلها أبشع أنواع الانتهاكات، وجعلت منها هدفاً للتفاخر والانتقام والترهيب من خلال عمليات التصفية والإبادة الجماعية التي تنفذها بطرق ممنهجة بحق المدنيين العزل على أساس إثني، خارقة كل المواثيق والأعراف الدولية.

في أحدث فصول التصعيد الدموي الذي مارسته عناصر "الدعم السريع" في مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور التي كانت تعد آخر معقل للجيش السوداني في هذا الإقليم، قامت العناصر بتطويق المدينة خلال فترة حصارها لأكثر من 18 شهراً بخنادق من كل الاتجاهات لمنع فرار المدنيين منها أو دخول المؤن الغذائية.

وعقب سيطرة "الدعم السريع" على الفاشر، حولت تلك الخنادق إلى أمكنة تمارس داخلها أبشع أنواع الانتهاكات، وجعلت منها هدفاً للتفاخر والانتقام والترهيب من خلال عمليات التصفية والإبادة الجماعية التي تنفذها بطرق ممنهجة بحق المدنيين العزل على أساس إثني، خارقة كل المواثيق والأعراف الدولية.

موتى بلا أكفان

مواقع التواصل الاجتماعي تعج بمقاطع فيديو بثتها عناصر "الدعم السريع" من داخل هذه الخنادق توثق دفن آلاف المدنيين بلا أكفان، بمن فيهم الأطفال والنساء وكبار السن.

وأشارت إحصاءات إلى أنه خلال الأيام الثلاثة من سقوط الفاشر قتلت قوات "الدعم السريع" قرابة 1500 مدني في المدينة، وجميعهم جرت تصفيتهم أثناء محاولتهم الهرب من حدة الاشتباكات.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في الأثناء قالت شبكة "أطباء السودان" عبر منشور على صفحتها في "فيسبوك" إن المجازر التي يشاهدها العالم ما هي إلا امتداد لما جرى في الفاشر منذ أكثر من عام ونصف العام، إذ قتل بالقصف والتجويع والتصفية أكثر من 14 ألف شخص في ظل حصار مطبق وتجويع ممنهج واستهداف طاول المرافق المدنية والأسواق ومعسكرات النزوح.

ولاحقاً حملت مجموعة "محاميي الطوارئ" قيادة "الدعم السريع" المسؤولية القانونية الكاملة عن هذه الجرائم والانتهاكات الجسيمة، ودعت المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية الإقليمية والدولية إلى التحرك العاجل لوقف المجازر وحماية المدنيين.

فوضى القتل

الناشط المجتمعي عمار عبدالكريم قال إنه "بعد حصار دام 18 شهراً سقطت مدينة الفاشر على أيدي قوات ’الدعم السريع‘ التي وسعت بذلك سيطرتها على إقليم دارفور، فضلاً عن أن المدينة كانت آخر معقل للجيش السوداني".

وأوضح أن "’الدعم السريع‘، بهدف تضييق الخناق على سكان الفاشر حفرت خنادق تعوق هرب المدنيين العالقين من المواجهات الدامية وفوضى الموت، فهناك مئات المواطنين سقطوا أثناء مطاردة عناصر ’الدعم‘ لهم والذين ارتكبوا بحقهم أبشع التصفيات وسط سباب وإهانة على أساس عرقي، مما تابعه العالم عبر مواقع التواصل، وهناك من اقتادتهم تلك القوات عنوة إلى خنادق الموت وجرت إبادتهم، وحتى من تناثرت جثثهم في شوارع الفاشر كان مصيرهم ذاك الخندق المشؤوم بلا أكفان".

وأشار عبدالكريم إلى أن "الأهالي الذين لا يزالون على قيد الحياة يطلقون نداءات استغاثة عاجلة لإجلائهم من محرقة الفاشر، لكن المؤسف أن المجتمعات الدولية تقف متفرجة من دون مساءلة مرتكبي الإبادة الجماعية".

خرق المواثيق

من جانبه أوضح المحامي السوداني ياسر زين العابدين أن "القتل العمد يعرف قانونياً بأنه فعل يهدف إلى إزهاق الروح عن طرق غير مشروعة، وما تمارسه قوات ’الدعم السريع‘ من مجازر شنيعة بحق المدنيين تخطى كل القيم والأخلاق والمبادئ الإنسانية لأنها اتخذت القتل تسلية للانتقام والترويع".

وقال "وفقاً للنظام الأساسي للمحكمة الجنائية عرفت المادة 8 جرائم الحرب بأنها تشمل القتل العمد للمدنيين أو لأسرى الحرب والتعذيب أو المعاملة اللإنسانية وأخذ الرهائن وتدمير الممتلكات من دون مبرر عسكري، وجميع هذه البنود خرقتها تلك القوات عقب اجتياحها مدينة الفاشر".

وأضاف أن "عناصر ’الدعم السريع‘ تلذذوا برائحة الدم من خلال القتل بوحشية، إذ جرى ذبح المواطنين الأبرياء من الوريد إلى الوريد، فضلاً عن القتل بالأعيرة النارية بينما الضحايا ينتظرون حتفهم، بل ذهب عناصر ’الدعم‘ إلى أبعد من ذلك حينما اقتادوا المدنيين العالقين إلى خنادق حفرت في كل الاتجاهات لضمان عدم خروج السكان من الفاشر، وكانت بمثابة مدافن جماعية على أساس عرقي".

وأشار زين العابدين إلى أن "المشهد الآن في مدينة الفاشر يستدعي تحركاً عاجلاً لإنقاذ من بقي، إضافة إلى حسم الانتهاكات التي بلغت ذروتها".

اغتصاب وتصفيات

على الصعيد نفسه قالت وزيرة الدولة للموارد البشرية والعمل والرعاية الاجتماعية سليمى إسحق إن "النساء لم يستثنين من التصفيات التي شملت نحو 300 امرأة تعرضن للاغتصاب قبل القتل"، مؤكدة أن "ما يدور في الفاشر يعد جرائم تضاف إلى سجل ’الدعم السريع‘ الدموي، ولا سيما أن السكان العالقين الذين ظلوا صامدين واختاروا المقاومة عوقبوا على ذلك".

وأردفت "في تقديري، لن تتوقف قوات ’الدعم السريع‘ عن القتل، من واقع ما يحدث داخل مدينة الفاشر المنكوبة، إذ إن المخاوف تمتد لتشمل أصحاب الإعاقات، بخاصة الحركية الذين لا يستطيعون الفرار، كما حصل في ولاية الجزيرة".

وأضافت أن "الدعم السريع" بارتكابها التصفيات بالطرق شتى لا يمكنها أن تمثل سلطة، إذ إن عناصرها في الحقيقة برابرة متوحشون متعطشون للدماء، ويعملون على إطالة أمد الحرب من دون رغبة في السلام.

وأوضحت أن "الميليشيات تريد فرض نفسها قسراً من خلال المذابح التي ارتكبتها بحق المدنيين، ويقتضي الأمر وقفة صارمة من المجتمع الدولي حيال الاعتداءات التي أدت إلى تهجير جماعي نحو القرى والمناطق المجاورة للفاشر وسط واقع إنساني مأزوم، في حين لا يزال كثرٌ في عداد المفقودين".

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات