ملخص
بحسب منسقية النازحين واللاجئين بدارفور وصلت نحو 831 أسرة و3038 نازحاً من المدنيين الفارين من الفاشر إلى منطقة طويلة في ظروف إنسانية وصحية بالغة السوء.
على أرصفة الطرق الرئيسة في منطقة طويلة (64 كيلومتراً من الفاشر)، يشعل المتطوعون الحطب وينصبون القدور الضخمة لطهي الطعام وتقديم الوجبات للنازحين الآتين من عاصمة شمال دارفور عقب سيطرة قوات "الدعم السريع" على المدينة، إذ يصطف المئات في طابور ويغادرون بأوانيهم ممتلئة بالرز المطبوخ والعدس والفول.
في ظل نقص الغذاء، دشن مجلس تنسيق غرف طوارئ طويلة وجبل مرة مشروع المطابخ الجماعية الـ10 لتوفير الوجبات في أماكن تجمعات النازحين الجدد الفارين من مدينة الفاشر والمناطق الأخرى لـ2000 أسرة بما يعادل 14 ألف فرد مدة 10 أيام، وتوزيع الطعام بالمجان لمكافحة الجوع الذي يتفشى بسرعة في الإقليم.
وبحسب منسقية النازحين واللاجئين بدارفور، وصلت نحو 831 أسرة و3038 نازحاً من المدنيين الفارين من الفاشر إلى منطقة طويلة في ظروف إنسانية وصحية بالغة السوء.
تضامن وتكافل
يقول المتطوع عصام طه إنهم "يشعرون بالفخر وهم يرون أواني نحو 1000 شخص وقد عادوا بها مليئة، وهم يمثلون 2000 أسرة وفدت حديثاً مع تدفقات النزوح الجديدة من مدينة الفاشر والمناطق المجاورة، في وقت بات غالبية الفارين من ويلات الصراع المسلح يعتمدون كلياً على التكايا"، وأضاف "حالياً الأوضاع جيدة ولا نواجه صعوبة في توفير السلع والمؤن الغذائية لتجهيز الوجبات المجانية، على رغم التصاعد المستمر في الأسعار، كذلك فإن موقف الدعم والتبرعات من قبل الخيرين جيد حتى الآن، في مشهد يعكس قيم التضامن والتكافل".
وأوضح طه أن "كلفة الحاجات اليومية من مدخلات العدس والرز المسلوق وطحين الدقيق والزيوت عالية للغاية، مما يستدعي ضرورة استمرار الدعم اليومي لتلك التكايا حتى تتمكن من مواصلة عملها الخيري، بخاصة في ظل تدفق موجات النزوح اليومية".
وواصل "يدرك المشرفون على التكية ظروف النازحين الصعبة، لذا يطهون كل يوم طبقاً مختلفاً من الطعام في محاولة منهم أن تشمل الوجبات العناصر الغذائية المهمة لتعويض نقصها لدى الأسر الفقيرة التي تعاني انعدام الأمن الغذائي".
من جانبه، أشار المشرف على تكية جبل مرة المهدي الطيب، إلى أن "موقع التكية قرب محطات مياه الشرب جعلها جاذبة لأعداد كبيرة من النازحين، مما شكل بدوره أحد عوامل وأسباب الضغط المتزايد عليها".
ولفت الطيب إلى أنهم "يعدون عدداً كبيراً من الوجبات، ويوزعون منها أكثر من 900 في اليوم الواحد، وتعتمد عليها الأسر بصورة كاملة في الحصول على الحد الأدنى من حاجتها اليومية من الطعام"، ونوه بأن "الظروف الصعبة لا تمنع المتطوعين والخيرين من تقديم الواجب الإنساني ومساعدة النازحين لأن حجم الكارثة كبير للغاية ويتطلب تضافر الجهود، وقد أظهرت الأزمة قيم التكاتف الموروثة لدى السودانيين، فأصبح هناك تكايا ومبادرات شبابية عدة تقوم على توفير الطعام وتعتبر ملاذاً حقيقياً يوفر الغذاء للجميع"، وأردف "يحضر المتبرعون من المناطق المجاورة اللحوم والدجاج إلى المشرفين على التكية استعداداً لطهيها ثم توزيعها، فأهل الخير يتسابقون على تخصيص يوم لكل واحد منهم في التكية يتبرعون فيه بكامل مستلزمات الوجبة".
خدمات مستمرة
على الصعيد نفسه، أوضح عضو لجنة الإشراف على مشروع "تكية العدس" الفاضل دليل، أن "تجربتهم خلال أربعة أيام تحولت إلى نموذج انتشر في منطقة طويلة وجبل مرة ومليط واجتذب كثيرين من النازحين الآتين من مدينة الفاشر والمناطق المجاورة"، وأضاف "الأسر هنا تنتظم يومياً في طوابير طويلة للحصول على نصيبها من وجبة العدس، ونسعى دائماً إلى القضاء على أزمة الجوع وملء البطون الخاوية ودرء حال الهزال بسبب تفشي مرض سوء التغذية وسط الأطفال والمسنين"، وشرح أن مشروع "تكية العدس" يقوم على التواصل مع الخيرين داخل السودان وخارجه لتوسيع خدماته بعد ارتفاع أعداد المستفيدين إلى 1300 أسرة، مع توقعات بوصول آلاف النازحين بشكل يومي من عاصمة ولاية شمال دارفور".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتابع دليل "غالبية الموجودين حالياً يعانون أوضاعاً سيئة ولا يملكون أي مصدر دخل، كذلك نفدت مدخراتهم المالية، لذا يحتاجون إلى المساعدة، ويحضر المئات يومياً لأخذ وجبة الفطور والغداء لمكافحة الجوع"، وزاد "تقارير المنظمات ووكالات الأمم المتحدة العاملة في المجال الإنساني في ما يتعلق بأزمة الجوع ونقص الغذاء وضعت المجتمع الدولي أمام مسؤولياته، بعدما آثر الصمت وسط العجز عن الوصول إلى المتضررين في دارفور".
وعن الأوضاع في أماكن تجمع النازحين بمنطقة طويلة، قال المتطوع أشرف عيسى إن "المبادرات المجتمعية استطاعت تغطية جزء من العجز ومساعدة الفارين من مدينة الفاشر خلال الأيام الثلاثة الأولى في توفير الطعام بصورة منتظمة، لكن مع تزايد أعداد النازحين بات الدعم غير كافٍ لتغطية 20 في المئة من الحاجات الفعلية، خصوصاً في ظل تصاعد أسعار المواد الغذائية وكلفة الحاجات اليومية".
ونوه عيسى بأنه "على رغم اجتهادات المتطوعين ومساعيهم من أجل جمع التبرعات والدعم العيني والمادي لضمان استمرار التكايا والمطابخ المجانية، فإن التعثر المادي سيلازمها مع مرور الوقت واستمرار تدفق موجات النزوح".
وشدد المتطوع على أهمية تدخل المنظمات الإنسانية بصورة عاجلة لإنقاذ الأطفال والمسنين من خطر الموت جوعاً حال استمرار الأوضاع على هذا المنوال".
أهوال وأمل
على نحو متصل، أشارت المتطوعة أماني الشريف إلى أنهم "يوفرون أكثر من 800 وجبة في اليوم بدعم من بعض المغتربين وجهود متفرقة من منظمات صغيرة من أجل مساعدة النازحين الذين يتوافدون على منطقة جبل مرة يومياً"، وأردفت، "نحتاج إلى أدوات طهي تكفي لإعداد الكميات المطلوبة، فضلاً عن أهمية توفير الغاز أو الحطب حتى تستمر المطابخ المجانية في تقديم الخدمات، لأننا ندرك أن توقف التكايا يعني أن مئات الأسر ستبقى بلا وجبة في يومها، لذا ليس لنا بد غير أن نعمل بما يتوفر، وأحياناً نضطر إلى تقليل الحصص، لكن الأهم أن نضمن أن يجد كل محتاج شيئاً يسد رمقه"، وتتابع "نعمل في التكية على إعداد وجبات خاصة بالأطفال والنساء الحوامل، إضافة إلى المرضى نظراً إلى حاجتهم لغذاء نوعي، بخاصة أنهم يعانون سوء التغذية والهزال الحاد".
في ظل أزمة نقص المياه الصالحة للشرب بمناطق تجمعات النازحين، يبادر متطوعون بتوفير المياه النظيفة وتوزيعها على المعسكرات لتخفيف معاناة آلاف الأسر التي تعاني شح المياه وارتفاع درجات الحرارة.
يقول المتطوع علي الرضى إن عدداً من الشباب يقطعون مسافات طويلة لجلب المياه بواسطة عربات صغيرة معروفة شعبياً بـ"بالدرداقة" وعربات "الكارو" من الآبار التي حفرت بمجهودات الأهالي، وأضاف أن "المتطوعين ظلوا يعملون ليل نهار في البحث عن المياه النظيفة، على رغم صعوبة توفيرها من أماكن بعيدة".
ونوه الرضى بأن "المبادرة أسهمت في حل الأزمة من خلال توفير خزانات كبيرة ونقاط توزيع تتيح للنازحين الحصول على المياه بسهولة من دون الحاجة إلى قطع مسافات طويلة".
ومضى في القول "المبادرة جاءت استجابة لحاجة ملحة بعد تزايد حالات الأمراض المرتبطة بتلوث المياه، وضمان استدامة الخدمة وتقليل الاعتماد على المساعدات الطارئة، ويجري تدريب عدد من الشباب على تشغيل وصيانة المضخات في خطوة تهدف إلى تمكين النازحين من إدارة خدماتهم بأنفسهم".