Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

يهود وادي أبو جميل... ذاكرة بيروت المنسية في كتاب جديد

تمزج ندى عبدالصمد بين التوثيق والرواية لاستعادة قصص حقيقية عن اليهود في لبنان

كنيس ماجين أبراهام في بيروت (أ ف ب)

ملخص

في كتابها "حين انطفأت شرفات اليهود في وادي أبو جميل" توثق ندى عبدالصمد حكايات يهود لبنان الذين عاشوا في قلب بيروت قبل أن تفرقهم الحروب والهجرة. بأسلوب روائي وشهادات واقعية، تستعيد الكاتبة ملامح مجتمع منسي، وتروي قصصاً مؤثرة عن شخصيات مثل شولا كوهين وعائلة مزراحي، في ظل تحولات سياسية واجتماعية عميقة.

في كتابها الجديد "حين انطفأت شرفات اليهود في وادي أبو جميل" توثق الصحافية اللبنانية ندى عبدالصمد حكايات يهود لبنان الذين عاشوا في قلب بيروت قبل أن تفرقهم الحروب والهجرة.

وبالمزج بين شهادات واقعية وأسلوب روائي تستعيد الكاتبة ملامح مجتمع غائب كان جزءاً من النسيج الاجتماعي في وادي أبو جميل، حيث لا يزال كنيس ماجين أبراهام المهجور شاهداً صامتاً على زمن مضى. الكتاب الصادر عن دار "رياض الريس" للكتب والنشر هو تتمة لجزء أول نشر عام 2010 وفيه تؤرخ المؤلفة لوجود اليهود في لبنان عبر حكايات جمعتها على مدى سنوات من أماكن معيشتهم وما تبقى من أثر خلفهم مثل كنيس وادي أبو جميل.

وبأسلوب روائي تسرد المؤلفة قصص يهود سكنوا وادي أبو جميل وكانوا جزءاً من النسيج الاجتماعي، مؤكدة لـ"رويترز" أنها "روايات حصلت فعلاً في الواقع لأشخاص عاشوا في منطقة وادي أبو جميل، ورواها جيران وأصدقاء ومعارف في ذلك الحي".

ويستدعي الكتاب من الذاكرة ما تبقى في ذهن اللبنانيين من حكايات عن أصحاب وجيران يهود أو زملاء كانوا معهم في الحزب نفسه، بمنأى عن إصدار الأحكام أو التصنيفات السياسية.

وعلى رغم استخدامها لأسماء الشخصيات الحقيقية من دون ترميز، لجأت المؤلفة أحياناً إلى تغيير بسيط في بعض الأسماء.

قصة عائلة مزراحي

عن بدء هجرة اليهود من لبنان قالت عبدالصمد، "من هاجر إلى إسرائيل وبلدان أخرى كان يتبع الخروج الصامت، بالتالي لم يحاولوا التواصل مع أحد في لبنان، وكان هناك مكتب في قبرص ينظم مغادرتهم عبر البحر إلى إسرائيل".

ويكشف الكتاب عن أن الهجرة إلى إسرائيل كانت تتم بواسطة حركة ناشطة للوكالات اليهودية العاملة على خط الهجرة والتحفيز عليها، لا سيما من فقراء اليهود الذين جذبتهم المغريات المالية.

ومن بين حكايات الكتاب تبرز حكاية ماري السمن اللبنانية المسيحية، وسليم مزراحي العراقي اليهودي، وقد تعارفا عندما أنقذ سليم ماري في إحدى تظاهرات بيروت اليسارية منتصف خمسينيات القرن الماضي ضد ما كان يعرف بحلف بغداد. تزوج سليم من ماري على الديانة اليهودية وعاشا في وادي أبو جميل، لكن بعد حرب عام 1967 بدأت الأم تشعر بالقلق، "فالأجواء تغيرت في لبنان، وحالة العداء لليهود أخذت تتصاعد. وماري بدأت تخاف على بناتها وابنيها، وزاد من قلقها مشكلات عدة، إذ انتسب ابنها ماركو إلى حزب الكتائب كما فعل غالب الشباب اليهود في وادي أبو جميل، وخضع لتدريبات عسكرية عدة".

رحلت عائلة مزراحي عام 1970 عبر قبرص إلى إسرائيل، وانقطعت أخبارها إلى أن شارك ابنها ماركو في اجتياح إسرائيل لمدينة بيروت عام 1982، وقام بزيارة جيرانه في وادي أبو جميل كضابط في الجيش الإسرائيلي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

"لؤلؤة الموساد"

يتضمن الكتاب قصة اليهودية اللبنانية شولا كوهين التي عاشت في منطقة وادي أبو جميل، وكانت تلقب بـ"لؤلؤة الموساد". تزوجت شولا بأحد كبار تجار الأقمشة في لبنان، ومن خلال أحد تجار بلدة العديسة الحدودية، تمكنت من إيصال رسالة إلى مستوطنة مسكاف عام المجاورة، عبرت فيها عن استعدادها للتعاون في تهريب اليهود. وكلفت بداية بتهريب يهود سوريا عبر بلدة المطلة، لكن "دائرة علاقاتها توسعت في لبنان من خلال معارف زوجها، وترددها على أماكن يرتادها هؤلاء، وبينها كازينو لبنان".

وتقول مؤلفة الكتاب ندى عبدالصمد لـ"رويترز" إن "شولا خرقت أجهزة أمنية، لا بل خرقت طبقة سياسية، وكانت على تواصل وصداقة مع شخصيات رفيعة، وجندت بعض الناس بأماكن حساسة لجمع معلومات عن الجيشين اللبناني والسوري، ومعلومات أمنية عن الوضع السياسي وعن نظرة الطبقة السياسية لموضوع إسرائيل".

ويشير الكتاب إلى أنه عند توقيف شولا أمنياً في كل مرة، كان يفرج عنها سريعاً بعد وساطات من نافذين، حرصاً على سمعتهم، لكن أثناء تحقيقات للاستخبارات العسكرية، تم التحقيق في قضية تزوير وسرقة طوابع بريدية في وزارة البرق والبريد والهاتف، وتوصلت التحقيقات إلى تحديد مشتبه فيه كان يجري اتصالات دورية بشولا.

أوقفت شولا كوهين، وفي عام 1963 صدر حكم في حقها "وظهرت شولا في الجلسة مرتدية فستاناً أسود، وقد بدا الشحوب واضحاً على وجهها، وأغمي عليها وسقطت أرضاً لدى سماعها الحكم بالإعدام الذي خفض لاحقاً إلى 20 عاماً" في السجن.

أمضت سبع سنوات في سجن النساء بمنطقة رمل الظريف في بيروت، قبل أن تتم مبادلتها بأربعة جنود لبنانيين اعتقلتهم إسرائيل أثناء قيامهم بدورية في العديسة الجنوبية.

يقع الكتاب في 349 صفحة من القطع المتوسط، وأعدته عبدالصمد بالمشاركة مع مجموعة من الأكاديميين، وتصفه بأنه "متنوع، وهو عبارة عن قصص ووقائع مثل ما حصلت انكتبت بسياق روائي وطبعت ذاكرة اللبنانيين".

وتختتم عبدالصمد كتابها بقصة مؤثرة من وادي اليهود بطلتها ليزا سرور اليهودية التي لم تغادر لبنان وعاشت في وادي أبو جميل مع قططها إلى أن توفيت بالتهاب ناتج من خدوش قطة.

اقرأ المزيد

المزيد من كتب