ملخص
بالنسبة إلى الرئيس الفرنسي السابق ساركوزي أشارت تقارير عدة إلى أنه يمضي فترة عقوبته في السجن الانفرادي في سجن "لا سانتي" ولا تتعدى مساحة زنزانته 11 متراً. وهو لم يأخذ معه إلى السجن إلا حقيبة صغيرة تحوي ثلاثة كتب وعشرات الصور الشخصية. وقيل إن إجراء سجنه في الزنزانة الانفرادية أتى لضمان سلامته بين السجناء الذين هم من تجار المخدرات أو متهمين بقضايا إرهاب.
تحولت قضية سجن الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي إلى موضوع الساعة بعدما دانته المحكمة في قضية التمويل الليبي لحملته الانتخابية لعام 2007 لتلقيه ما يقارب 50 مليون يورو (نحو 58.4 مليون دولار أميركي). حكم عليه بالسجن لمدة 5 سنوات يمضيها في سجن "لا سانتي" الفرنسي. أثارت مسألة سجن رئيس دولة استغراب كثيرين وكأنها سابقة من نوعها، كما أثارت جدلاً واسعاً بين مؤيدين للعدالة ومن عارضوا الفكرة لاعتبارها نابعة من قرار سياسي ليس إلا. في الواقع، على رغم أن ساركوزي هو أول رئيس فرنسي من عام 1958 يدخل إلى السجن، وهو الرئيس الوحيد في الاتحاد الأوروبي الذي حكم عليه بهذه العقوبة، فإنه ليس أول رؤساء العالم الذين يلقون هذا العقاب ويدخلون السجن بسبب تهم معينة. فكثر سبقوه من الدول العربية والعالم، وأمضوا أشهراً أو سنوات خلف القضبان في مراحل سابقة. هم لقوا هذا المصير أيضاً بتهم الفساد أو استغلال السلطة. واليوم، يكثر التداول بمعلومات عن الزنزانة التي سيمضي فيها ساركوزي فترة عقوبته، وتطرح أسئلة عن السجون الخاصة بالرؤساء وعما إذا كانت تختلف عن تلك التي يمضي فيها باقي السجناء فترة العقوبة.
رؤساء دول واجهوا المصير ذاته
على رغم كل الضجة التي أثيرت حول قضية سجن الرئيس الفرنسي السابق ساركوزي كثر من رؤساء الدول والحكومات مروا بتجربة مماثلة في السنوات السابقة. وقد عرفت قضية الرئيس البرازيلي السابق لويس إيناسيو لولا دا سيلفا بأكبر فضيحة فساد في تاريخ أميركا اللاتينية، وكشفت عن شبكة واسعة من الفساد تتعلق برشى وعقود بين سياسيين ومسؤولين في شركة النفط الوطنية وشركات مقاولات كبرى. عام 2018، دانته المحكمة وحكم عليه بالسجن لمدة 12 عاماً وشهراً واحداً، ومنع من الترشح للانتخابات التالية، مما أدى إلى دخوله السجن. لكن بعد مرور 3 سنوات، ألغت المحكمة البرازيلية الحكم لاعتبار أن القاضي الذي أشرف على القضية قد استغل المحاكمة لأهداف سياسية. حتى إنه عام 2022 عاد إلى القصر الرئاسي بعد 11 عاماً من مغادرته.
يقال إن السجن الذي دخل إليه دا سيلفا كان مميزاً كونه كان مجهزاً بزنزانة خاصة به كرئيس سابق، وهي عبارة عن واحدة من غرف عدة في الطابق الرابع من مبنى السجن المؤلف من خمسة طوابق. وكانت هذه الغرف تخصص في معظم الأحيان لإيواء ضباط يأتون من مختلف المدن البرازيلية. وبعد أن قضى فترة في السجن، سمح لدا سيلفا بالإقامة الجبرية في منزله. وفي فترة سجنه لم يوضع مع بقية السجناء ولم يعامل مثلهم، بل كانت ظروف إقامته مريحة يحظى بمعاملة خاصة.
أما رئيسة كوريا الجنوبية السابقة بارك غيون هي فاتهمت بإساءة استخدام السلطة، علماً أنها أول امرأة تتولى رئاسة البلاد، وهي أيضاً ابنة الرئيس السابق بارك تشونغ هي. تم عزلها من منصبها بتهمة الرشوة واستغلال النفوذ وتسريب أسرار حكومية، وعندها صدر في حقها حكم بالسجن لمدة 25 عاماً قبل أن يتم خفضه إلى 22 عاماً. وبذلك أصبحت أول رئيسة في تاريخ البلاد تعزل وتسجن. قضت أربع سنوات في السجن، لكنها حصلت على عفو رئاسي خاص لأسباب صحية. ومع عودتها إلى الحياة العامة انقسمت الآراء بين من اعتبروها رمزاً للفساد السياسي ومن اعتبروها ضحية النظام السلطوي الذي فرضه والدها سابقاً. في فترة العقوبة، وضعت غيون هي في زنزانة انفرادية فارغة مساحتها لا تتعدى 10 أمتار مربعة. وبذلك هي لا تعد إلا أكبر بقليل من الزنزانات العادية لباقي السجناء والتي تصل مساحتها إلى 6,5 متر.
ولاقى الرئيس السابق للبيرو أليخاندرو توليدو المصير ذاته في تسعينيات القرن الماضي مع اتهامات بالفساد ومحاكمات، إضافة إلى الحكم بالسجن. وكان توليدو تولى رئاسة البلاد بين عامي 2001 و2006، وعرف في تلك الفترة بـ"رئيس الشعب" بعد الرئيس الديكتاتوري الذي سبقه، لكن اتخذت سنوات حكمه طريقاً مختلفاً عما كان متوقعاً، فغلب عليها الفساد، ووجهت إليه اتهامات بتلقي رشى بمبالغ ضخمة من شركات برازيلية مقابل منحها عقوداً ضخمة لمشاريع بنية تحتية. وبعد هربه إلى الولايات المتحدة حيث مكث طوال سنوات، وافقت واشنطن على تسليمه بعد مفاوضات طويلة. وعام 2024، صدر الحكم بسجنه مدة 20 عاماً وستة أشهر بتهمة غسل الأموال، وتلقي الرشى. وبذلك أصبح الرئيس الخامس للبلاد الذي يدخل إلى السجن.
يقضي توليدو فترة السجن هذه في سجن داخل قاعدة تابعة لشرطة ليما، لكن لا توجد معلومات كثيرة عن زنزانته وما إذا كان يحظى بمعاملة خاصة فيها، وما إذا كان يحظى أيضاً بتغذية مختلفة عن باقي السجناء.
سجون من نوع آخر
من أشهر المحاكمات التي عرفها القرن كانت محاكمة الرئيس العراقي السابق صدام حسين. ألقي القبض عليه بعد سقوط نظامه عام 2003، وقدم إلى المحاكمة، ثم تم إعدامه عام 2006 قبل أن تستكمل محاكمته عن كل التهم التي وجهت إليه من جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
أما الزنزانة التي وضع فيها صدام حسين وأمضى فيها فترة من عقوبته قبل إعدامه فكانت صغيرة لا تتجاوز 10 أمتار مربعة. وكانت الزنزانة التي وضع فيها باردة ومظلمة، بحسب ما أشارت تقارير، مع تهوية بسيطة من خلال السقف. لم تكن الزنزانة تحوي إلا مرحاضاً ومغسلة حديدية صغيرة وفراشاً أسمنتياً للنوم. وكان يسمح له بقضاء ساعة في ساحة خارجية للزراعة، وساعة أخرى لممارسة الرياضة تحت الحراسة المشددة، وساعة للاستحمام. علماً أنه بعد إعدامه، نقل المرحاض وباب الزنزانة إلى متحف.
أيضاً مثل الرئيس المصري السابق حسني مبارك للمحاكمة عام 2011، لكنه خرج لاحقاً من السجن بعدما ثبتت براءته. وبعدما أمضى مبارك ثلاث سنوات في السجن في مدة عقوبته بتهمة الفساد، دخل إلى المستشفى، حيث خضع للحراسة ومنع من الخروج، لكن يحكى أن الظروف لم تكن صعبة بالنسبة إليه، بل كانت يتلقى باقات الورد، والصحف، ووجبات الطعام من مطاعم، ويتلقى زيارات من زوجته وأبنائه وأحفاده.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
بعدها دخل الرئيس السابق محمد مرسي السجن عام 2013 وحوكم بتهم عدة، إلا أنه فارق الحياة في جلسة محاكمته عام 2019. أما زنزانته، فيقال إنها كانت تفتقر إلى الحد الأدنى من ظروف المعيشة اللائقة، وكانت الظروف قاسية فيها. ووصف تقرير لمنظمة حقوقية بأنها أقرب إلى سجن انفرادي. وكانت الزنزانة تفتقر إلى سرير، وينام فيها على بطانيتين، وتفتقر أيضاً إلى التهوية والمساحة. كما أن مرسي لم يكن يتلقى عناية طبية كافية.
ومن رؤساء الحكومات الذي حكم عليهم بالسجن بسبب تهم فساد رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود أولمرت الذي كان أول رئيس حكومة يدخل السجن في البلاد في قضية اعتبرت أكبر قضايا الفساد العقاري في تاريخ البلاد. حكم عليه بالسجن لمدة ست سنوات قبل أن تخفض العقوبة إلى 18 شهراً. كما أنه لم يمض إلا 16 شهراً في السجن.
كذلك بالنسبة إلى رئيس الحكومة السابق في باكستان عمران خان الذي واجه ملاحقات قضائية عديدة شملت اتهامات بالفساد واختلاس الأموال العامة وتسريب وثائق دبلوماسية سرية في أكثر من 100 قضية. وفي عام 2023، صدر حكم بسجنه مدة ثلاث سنوات في قضايا معينة، فيما استمر من خلق القضبان بتوجيه رسائل عن العدالة والحرية. ولم يحظَ عمران خان بمعاملة خاصة أثناء وجوده في السجن، بل كانت زنزانته صغيرة وقذرة، وهي من الدرجة الثالثة، ينام فيها على فراش على الأرض ولا مساحة فيها إلا لسجادة صلاة ولا يصل إليه فيها نور النهار، بحسب التقارير، وكانت ظروف اعتقاله قاسية إلا أنه حافظ على معنويات عالية.
معاملة خاصة للرئيس الفرنسي
بالنسبة إلى الرئيس الفرنسي السابق ساركوزي أشارت تقارير عدة إلى أنه يمضي فترة عقوبته في السجن الانفرادي في سجن "لا سانتي" ولا تتعدى مساحة زنزانته 11 متراً. وهو لم يأخذ معه إلى السجن إلا حقيبة صغيرة تحوي ثلاثة كتب وعشرات الصور الشخصية. وقيل إن إجراء سجنه في الزنزانة الانفرادية أتى لضمان سلامته بين السجناء الذين هم من تجار المخدرات أو متهمين بقضايا إرهاب. والغرفة التي سجن فيها ساركوزي ليست مجهزة إلا بسرير مثبت في الأرض ومكتب صغير ودش ومرحاض. وأشارت تقارير إلى أنه يسمح له باستخدام لوح تسخين للطهي. وتتوافر في زنزانته أيضاً شاشة تلفزيون وثلاجة. ويسمح له أيضاً بشراء مستلزمات النظافة والطعام بدلاً من تناول أطعمة المطعم الداخلي. ويسمح لساركوزي بالاتصال بـ10 أرقام محددة عبر هاتف مراقب. ويسمح له بثلاث زيارات أسبوعياً وتدخل عائلته إلى الزيارة عبر مدخل خاص لتجنب الالتقاء بعائلات السجناء الآخرين.
وأثناء النزهات اليومية في الفناء الداخلي الذي تبلغ مساحته 30 متراً مربعاً وهو محاط بأسلاك شائكة، يرافق ساركوزي ثلاثة حراس، ويمكنه الوصول إلى مكتبة وصالة ألعاب رياضية أيضاً.