Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مملكة إسواتيني... ألوان الملوك التي تتحدث قبل الكلمات

المظاهر المبهجة التي بدت غريبة على الجمهور العربي ليست اختياراً عشوائياً، بل تحمل معاني رمزية عميقة في ثقافة هذا البلد الأفريقي الصغير

الملك مسواتي الثالث استقبل نائب وزير الخارجية وليد بن عبد الكريم الخريجي في العاصمة لوبامبا (واس)

ملخص

تقع مملكة إسواتيني في الجنوب الشرقي من القارة الأفريقية، وتعد من أصغر دول العالم مساحة، إذ لا تتجاوز مساحتها 17 ألف كيلومتر مربع.

أثارت الصور التي أظهرت الملك مسواتي الثالث، ملك مملكة إسواتيني، وهو يستقبل نائب وزير الخارجية السعودي وليد الخريجي في العاصمة لوبامبا، تفاعلاً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي، بعدما ظهر الملك مرتدياً أزياء تقليدية زاهية بألوان حمراء وبرتقالية وأزرق فاقع، في مشهد غير مألوف داخل البروتوكول الرسمي.

هذه الألوان المبهجة التي بدت غريبة على الجمهور العربي ليست اختياراً عشوائياً، بل تحمل معاني رمزية عميقة في ثقافة هذا البلد الأفريقي الصغير الذي يجمع بين التقاليد القديمة والهوية الحديثة.

أين تقع؟

تقع مملكة إسواتيني في الجنوب الشرقي من القارة الأفريقية، وتعد من أصغر دول العالم مساحة، إذ لا تتجاوز مساحتها 17 ألف كيلومتر مربع.

تحيط بها جنوب أفريقيا من ثلاث جهات، وتشترك شرقاً في حدود قصيرة مع موزمبيق، مما يجعلها دولة داخلية بلا سواحل بحرية.

تحمل إسواتيني طابعاً ريفياً في معظم مناطقها، إذ يعتمد السكان على الزراعة وتربية المواشي، إضافة إلى إنتاج قصب السكر والفحم والحمضيات التي تعد أهم صادراتها.

وعلى رغم تواضع مواردها الاقتصادية، فإن البلاد تتميز بثراء ثقافي فريد جعلها وجهة للباحثين عن التجارب الأفريقية الأصيلة.

كانت البلاد تعرف باسم سوازيلاند خلال فترة الاستعمار البريطاني، حتى عام 2018 حين أعلن الملك مسواتي الثالث تغيير الاسم إلى "إسواتيني"، وهو الاسم الأصلي بلغة السكان المحليين ويعني "أرض السوازيين".

جاء القرار في الذكرى الخمسين لاستقلال البلاد عن بريطانيا، ليعكس رغبة الملك في استعادة الهوية الوطنية الأصلية والتأكيد على تمسك المملكة بتقاليدها وجذورها على رغم موجات العولمة والتغريب.

الملك مسواتي الثالث… بين الحكم والرمز

يحكم الملك مسواتي الثالث البلاد منذ عام 1986، ويعد من آخر الملوك المطلقين في العالم، إذ يحتفظ بسلطات واسعة تشمل تعيين الحكومة والبرلمان وإقرار القوانين.

لكن في الثقافة السوازية لا ينظر إلى الملك كزعيم سياسي فحسب، بل كـ رمز روحي يجسد العلاقة بين الأرض والأسلاف.

يعتقد أن سلطته مستمدة من "الأرواح الحامية" التي تحرس المملكة، ولهذا يحاط باحترام خاص ويعيش في إطار طقوس دينية ذات طابع قبلي.

 

 

في نهاية كل عام، يقود الملك احتفالاً ضخماً يعرف باسم "إنكوالا"، وهو طقس روحي يقام لتجديد بركة البلاد وتطهيرها من الشرور.

وخلال المراسم يصوم الملك، ثم يقود موكباً يضم آلاف الرجال يرقصون بالعصي والريش على إيقاع الطبول، في مشهد يوصف بأنه مزيج بين الدين والملكية والهوية القبلية.

لماذا ألوانهم فاقعة؟

الملابس الزاهية التي ظهر بها الملك خلال استقباله الوفد السعودي ليست جديدة على البروتوكول المحلي. في إسواتيني، اللون لغة بحد ذاته.

فالأحمر يرمز إلى القوة والشجاعة، والأزرق إلى السلام والصفاء، بينما البرتقالي والبني يشيران إلى الأرض والخصوبة.

يرتدي الملك عادة لباساً تقليدياً يعرف باسم "إيمباجي"، وهو قماش مطبوع عليه رموز قبلية وزخارف هندسية تمثل الانتماء للعشيرة والسلطة الملكية.

تضاف أحياناً جلود الحيوانات مثل النمر أو الفهد فوق الكتفين، في دلالة على النفوذ والحماية الروحية.

وبحسب تقرير لموقع "رينيديان ترافل" المتخصص في الثقافة والسفر الأفريقي، يحرص الملك على ارتداء هذا الزي في اللقاءات الرسمية لتأكيد أن الهوية الأفريقية ليست نقيضاً للدبلوماسية الحديثة، بل امتداد لها بلغة بصرية تعبّر عن الاعتزاز بالجذور.

المسيحية بملامح محلية

يتبع غالبية سكان مملكة إسواتيني الديانة المسيحية، خصوصاً الطوائف البروتستانتية والإنجيلية، مع استمرار حضور المعتقدات التقليدية في المجتمع.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبحسب تقرير وزارة الخارجية الأميركية للحرية الدينية لعام 2021، فإن معظم السكان مسيحيون، لكن كثيرين منهم ما زالوا يمارسون جوانب من الديانة التقليدية المحلية إلى جانب إيمانهم المسيحي.

قبل دخول المبشرين الأوروبيين كان السكان يؤمنون بإله خالق يسمى "مفلينكانتّي"، إلا أنهم كانوا يوجهون عباداتهم اليومية إلى أرواح الأسلاف "إمدلوتي" التي يعتقد أنها تؤثر في حياة الأحياء بالخير أو العقاب.

وتشير الموسوعة الثقافية العالمية إلى أن كثيراً من الكنائس المحلية في إسواتيني تمزج بين الممارسات المسيحية والعادات الأفريقية مثل استخدام الأعشاب والماء والبخور في الطقوس الدينية، إضافة إلى الرقص الجماعي الذي يعد جزءاً من العبادة، ما يجعل الدين في إسواتيني تجربة اجتماعية وروحية أكثر منها نظاماً عقائدياً جامداً.

مهرجان القصب وطقوس المرأة

من أبرز المظاهر التي تلفت الأنظار في ثقافة إسواتيني مهرجان "أومهلانغا" أو ما يعرف بـ "رقصة القصب"، حيث تشارك آلاف الفتيات غير المتزوجات في مسيرة جماعية يحملن فيها عيدان القصب ويقدمنها للملكة الأم.

 

 

وبحسب الموقع الرسمي لمملكة إسواتيني، يعد المهرجان من أهم الفعاليات الثقافية السنوية، ويشارك فيه ما يصل إلى 40 ألف فتاة يرتدين أزياء تقليدية زاهية ويحملن عيدان القصب في طقس رمزي يعبر عن النقاء والخصوبة والولاء للعائلة المالكة.

وتشير هيئة التراث الوطني في إسواتيني (ENTC) إلى أن المهرجان ليس مجرد احتفال فولكلوري، بل ممارسة اجتماعية تهدف إلى تعزيز مكانة المرأة الشابة وحمايتها من الاستغلال وغرس قيم الانضباط والاحترام.

ويمتد الاحتفال لثمانية أيام تُقطع خلالها القصب من ضفاف الأنهار، ثم تُقدم في موكب مهيب إلى القصر الملكي في لوبامبا قبل أن تبدأ الرقصات الجماعية على إيقاع الطبول والإنشاد التقليدي، في مشهد يعد أحد أعمدة الهوية الوطنية في إسواتيني.

وذكرت وكالة الأنباء السعودية الرسمية (واس) أن الملك مسواتي الثالث استقبل نائب وزير الخارجية وليد بن عبد الكريم الخريجي في العاصمة لوبامبا، حيث جرى استعراض العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تطويرها في مختلف المجالات، إلى جانب بحث أبرز المستجدات الإقليمية والدولية والجهود المبذولة بشأنها.

وأضافت الوكالة أن اللقاء حضره سفير خادم الحرمين الشريفين غير المقيم لدى مملكة إسواتيني فيصل الحربي، ومدير عام الإدارة الأفريقية بوزارة الخارجية صقر القرشي، في زيارة تأتي ضمن مسار تعزيز التواصل الدبلوماسي السعودي مع دول الجنوب الأفريقي.

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات