ملخص
سجلت مؤسسات مالية كبرى مثل "بنك أوف أميركا" و"مورغان ستانلي" و"غولدمان ساكس" نتائج تفوقت على التوقعات، إلا أن الأسبوع المقبل قد يحمل مفاجآت مختلفة مع إعلان نتائج البنوك الإقليمية.
تكشف بداية موسم إعلان الأرباح عن صدعٍ محتمل في الأسس الهشّة لسوق الأسهم، يتمثّل في الإقراض عالي الأخطار من قبل بعض البنوك الإقليمية.
بنكا "زيونز" و"ويسترن ألاينس" أسهما بشكلٍ حاد خلال الأسبوع الماضي، بعدما أعلنا أنهما كانا ضحيّتين لعمليات احتيال في القروض المقدَّمة إلى صناديق تستثمر في الرهون العقارية التجارية المتعثّرة.
وأدّت هذه الإفصاحات إلى تراجع مؤشر البنوك الأميركي بأكبر انخفاض له منذ موجة الذعر المتعلقة بالتعرفة الجمركية في أبريل (نيسان) الماضي.
ما علاقة تحذيرات "جيه بي مورغان"؟
جاءت هذه التطوّرات بعد تحذير من الرئيس التنفيذي لبنك "جيه بي مورغان"، جيمي ديمون، خلال مكالمة أرباح البنك الأسبوع الماضي، إذ أشار إلى وجود "صراصير" في سوق الائتمان، في إشارة إلى الانهيارات الأخيرة لكلٍّ من شركة "ترايكولور القابضة" المتخصصة في تمويل السيارات، ومجموعة "فيرست براندز" العاملة في توريد قطع غيار السيارات.
ومع توتّر أجواء "وول ستريت"، أثارت الأحاديث عن المقترضين المتعثّرين مخاوف من أن أزمة ائتمان جديدة قد تكون الشرارة التي تُفجّر فقاعة السوق الصاعدة المستمرة منذ ثلاثة أعوام.
وقال رئيس الاستثمار في شركة إدارة الأصول العالمية "بي أن أو"، التي تدير أصولاً بقيمة 221 مليار دولار، صادق عادية، "السوق أصيبت بنوعٍ من الذعر."
هل الصورة وردية كما تبدو من الخارج؟
على رغم أن الصورة تبدو إيجابية من زاوية معينة في القطاع المالي بعد أسبوعٍ أولٍ قوي من موسم أرباح الربع الثالث، إذ سجلت مؤسسات مالية كبرى مثل "بنك أوف أميركا" و"مورغان ستانلي" و"غولدمان ساكس" نتائج تفوقت على التوقعات، إلا أن الأسبوع المقبل قد يحمل مفاجآت مختلفة مع إعلان نتائج البنوك الإقليمية.
وقال رئيس إدارة المحافظ في شركة "هورايزون إنفستمنتس"، زاكاري هيل، "الناس يشعرون ببعض الخوف، فيبيعون أولاً ويسألون لاحقاً."
كيف ينقسم العالم المالي؟
ينقسم عالم المال بشكلٍ متزايد إلى قسمين، فالبنوك الكبرى وبيوت الاستثمار العملاقة في "وول ستريت" تواصل التقدّم بفضل أنشطة التداول والاستثمار المصرفي القوية، علاوة على أن حجمها الكبير يمنحها حصانة نسبية ضد بعض القروض المتعثّرة، أما البنوك الصغيرة والإقليمية فلا تمتلك هذا الهامش الوقائي، ما يجعل أخطارها أكثر حدّة.
بدأ المستثمرون يلاحظون هذا التباين، إذ هبط مؤشر البنوك الإقليمية بأكبر وتيرة منذ أبريل الماضي، ليمحو مكاسبه السنوية، بينما ارتفع مؤشر البنوك الكبرى الذي يشمل المقرضين الوطنيين وبيوت الاستثمار الكبرى بنسبة 14 في المئة منذ بداية عام 2025.
وقال هيل "إذا استمر الغموض في القطاع المصرفي وظهرت تساؤلات حول جودة الائتمان، فإن البنوك الكبرى ستكون بالتأكيد ملاذاً أكثر أماناً من البنوك الإقليمية."
هل تنتقل الأزمة إلى النظام المالي؟
يكمن الخطر في احتمال انتقال مشكلات بعض البنوك الإقليمية إلى البنوك الكبرى، ومن ثم إلى الاقتصاد الكلي، فحتى المخاوف البسيطة في شأن جودة الائتمان ليست جيدة لسوق أسهمٍ متضخّمة الأسعار، وفقاً لما قاله كبير استراتيجيي السوق في شركة "ميلر تاباك"، مات مالي، مضيفاً أن قطاع التكنولوجيا يستحق مراقبة دقيقة جداً.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال مؤسس شركة "تريفارييت ريسيرش"، آدم باركر، إن النصف الأول من العام شهد "ارتفاعاً هائلاً" في أسهم الشركات منخفضة الجودة وكل ما يتعلق بالذكاء الاصطناعي، لكن المستثمرين الآن يحاولون إيجاد بعض "التوازن" في محافظهم من خلال أسهمٍ أقلّ عرضة للأخطار، سواء في القطاع المالي عالي الجودة أو قطاع الرعاية الصحية أو المعادن.
هل التفاؤل متوافر في القطاع المالي؟
على رغم التقلبات، لا يزال التفاؤل سائداً تجاه البنوك الكبرى والقطاع المالي ككل، إذ يقول كبير استراتيجيي شركة "إنترأكتيف بروكرز"، ستيف سوسنيك "طالما أن الغالبية العظمى من البنوك، خصوصاً النظامية منها، تسير على ما يرام، فإن القطاع سيتجاهل مشكلات بعض المؤسسات طالما أنها تبدو فردية وليست نظامية."
وساعدت مجموعة تقارير الأرباح الصادرة الجمعة الماضي في تهدئة المخاوف، إذ أعلنت بنوك "تروست فاينانشال" و"ريجنز فاينانشال" و"فيفث ثيرد بانكورب" عن مخصصاتٍ أقل لخسائر الائتمان مما كان يتوقعه المحللون.
كيف ينظر إلى أرباح البنوك؟
لا تزال "وول ستريت" متفائلة بأرباح البنوك في الربع الثالث، إذ قال كبير استراتيجيي الاستثمار في مركز أبحاث "سي أف آر أي"، سام ستوفال، إن البنوك الكبرى "تسجل أداءً ممتازاً"، مشيراً في مذكرة بتاريخ 15 أكتوبر (تشرين الأول) الجاري إلى أن المحللين يتوقعون الآن نمو أرباح القطاع المالي بنسبة 13.4 في المئة في الربع الثالث، مقارنة بالتوقع السابق البالغ 8.9 في المئة.
وعلى نطاقٍ أوسع، كتب بيتر ويليامز، الاقتصادي في مركز الأبحاث إن ريسيرش، في مذكرة بتاريخ 15 أكتوبر، أن البنوك قدّمت "رؤية متفائلة مرحّباً بها للاقتصاد الكلي"، مشيراً إلى أن بيانات أرباحها تُظهر أن اتجاهات إنفاق المستهلكين ما زالت قوية، في وقتٍ توقّفت فيه البيانات الرسمية من مكتب إحصاءات العمل الأميركي وغيره من الوكالات الحكومية بسبب الإغلاق الحكومي.
من المقرّر أن تحصل "وول ستريت" على رؤيةٍ أوضح حول صحة إنفاق المستهلكين الأميركيين في وقتٍ لاحق من الشهر عندما تعلن شركتا "فيزا" و"ماستركارد" نتائجهما المالية.
ومع تصاعد المخاوف في شأن الائتمان، ستكون هذه التقارير محطّ أنظار الأسواق، إذ قال باركر من "تريفارييت" إنها قد "تُرعب موجة الصعود الحالية".
هل يمثّل التراجع فرصة للشراء؟
يرى المستثمرون المتفائلون أن أي انخفاضٍ محتمل في الأسعار سيكون موقتاً وفرصةً للشراء بأسعار منخفضة للاستفادة من نمو القطاع المالي.
وقال عادية من "بي أن أو"، "إذا شهدنا مزيداً من التراجعات من هنا، فستكون فرصة شراء بالنسبة إلينا"، مضيفاً أنه يشعر بالتشجيع من نتائج البنوك الكبرى.