Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

عدسات إيطالية تحكي تاريخ آثار مصرية بالصورة

أعمال لثلاثة مصورين إيطاليين في الفترة من منتصف القرن الـ19 وحتى بدايات القرن الـ20

فرقة فنون شعبية تقدم عروضها أمام أبو الهول من تصوير جيوفاني فازاني (المتحف المصري)

ملخص

إبداعات لثلاثة من المصورين الإيطاليين وثقت عدساتهم الآثار المصرية القديمة في الفترة من منتصف القرن الـ19 ولمدة 80 عاماً لاحقة

أيام وينتهي المعرض الموقت المقام في المتحف المصري بالتحرير عن سحر مصر القديمة بعيون إيطالية، بالتعاون بين المتحف ومعهد الآثار الإيطالي والمركز الثقافي الإيطالي، إذ يعرض أعمالاً لثلاثة من أشهر المصورين الإيطاليين الذين كانوا في مصر خلال الفترة منذ منتصف القرن الـ19 وعلى مدار 80 عاماً لاحقة.

يشعر المشاهد للمعرض وكأنه ركب آلة للزمن عادت به للوراء ليأخذ جولة في المواقع الأثرية المصرية، ويشاهد كيف كانت المعابد في الأقصر، وكيف كانت حال أهرام الجيزة وأبو الهول خلال تلك الفترة، ولا تقل أهمية الصورة ذاتها عن مضمونها باعتبار أن هذه الصور هي شكل من أشكال التأريخ للتصوير الفوتوغرافي الذي كان في بداياته حيث كان أول ظهور له في فرنسا عام 1839 على يد لويس داجير.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وكانت مصر من أوائل الدول التي بدأ فيها ظهور الكاميرات واستوديوهات التصوير، حيث شهدت التقاط أول صورة في الشرق الأوسط في العام نفسه الذي ظهر فيه التصوير في الإسكندرية لمحمد علي باشا جالساً على عرشه، الذي انبهر بهذا الفن الجديد، الذي كان بمعايير وقتها شيئاً أقرب إلى السحر وأمر بالعمل على أن يوجد في مصر، باعتباره سيكون أداة مهمة للتوثيق.

تأتي أهمية مجموعة الصور المعروضة بالمتحف المصري للمصورين الإيطاليين الثلاثة من أن جزءاً منها كان في وقت لم تكن هناك جهات رسمية معنية بالآثار ولا متاحف بمفهومها الحالي، وكان جانب من المواقع الأثرية والمعابد في حاله التي بقي عليها لآلاف السنين قبل أن تمتد له يد الترميم، ومن هنا فإنها حالياً تعتبر بمثابة المراجع لكيف كانت حال هذه المعابد وقتها وكيف تغيرت، وكيف اختفت بعض الظواهر وأصبحت درباً من الماضي مثل الصورة التي امتد فيها فيضان النيل قرب أهرام الجيزة، وفي الوقت نفسه فإن جانباً من هذه الصور يقدم ملمحاً عن كيف كان شكل الناس من المصريين والأجانب وكيف كانت الأزياء وطبيعة الوفود السياحية التي كانت تتوجه إلى مصر خلال تلك الحقبة.

وإلى جانب الصور تعرض مجموعة من الكاميرات الأثرية التي كانت تستخدم خلال تلك الحقبة لالتقاط مثل هذه النوعية من الصور، حيث كانت الكاميرات كبيرة الحجم وتحتاج إلى خبرة ومهارة للتعامل معها.

أنطونيو بياتو... بائع الصور

جهد بحثي كبير قام به منسق المعرض ليخرج في صورته الحالية ليجمع بين الصور والتعريف بأصحابها المصورين الإيطاليين الثلاثة أنطونيو بياتو، وجيوفاني فازاني، وهنري لشتر، ومراحل حياتهم وبخاصة أثناء فترة وجودهم في مصر.

يقول الباحث الأثري فرنسيس أمين "أنطونيو بياتو جاء لمصر عام 1857 بعد أقل من 20 عاماً على اختراع التصوير الفوتوغرافي، وكان التصوير وقتها عملية شاقة، لكنه كان مغامراً وزار عدة بلاد بحثاً عن مكان للاستقرار فيه، في خلال تلك الحقبة كان هناك مشروع مهم يجري العمل عليه في مصر وقتها وهو حفر قناة السويس فشعر بأهميته وأدرك أنه سيغير وجه مصر، وكانت هناك حركة كبيرة في العمران حول منطقة القناة، كما زادت هجرات الأجانب للإسكندرية بصورة غير مسبوقة، ومن هنا قرر الاستقرار في مصر، وبدأ المصورون الأجانب خلال تلك الفترة بافتتاح استوديوهات التصوير التي كانت شيئاً جديداً في ذلك الوقت في الإسكندرية، ومنطقة الأزبكية بالقاهرة، والسويس، لكن أنطونيو اتجه إلى الأقصر التي كانت وقتها قرية صغيرة، وليست كما نعرفها الآن".

 

ويستكمل، "في ذلك الوقت كانت مصلحة الآثار جرى تأسيسها منذ نحو خمسة أعوام فقط بواسطة عالم الآثار مارييت، وأمام معبد الأقصر افتتح بياتو استوديو وبدأ في تصوير الأجانب وبيع ألبومات صور المناطق الأثرية التي كان يقوم بتصويرها، وأصبح لها حالياً أهمية كبيرة، لأنها تصور لنا الأثر قبل أن تمتد له يد المكتشفين والمرممين، فأنطونيو بياتو يعد من مؤسسي علم التصوير الأثري، حقق بياتو ثروة طائلة من بيع الصور سواء في الأقصر أو في الفنادق الكبرى في القاهرة، لأنها كانت ذات سعر مرتفع في ذلك الوقت باعتبارها شيئاً نادراً وغير متاح بسهولة، ومن الجدير بالذكر أن عالم الآثار ماسبيرو اشترى النيجاتيف الخاص بصور بياتو في الأقصر عام 1905 باعتبارها مرجعاً مهماً للآثار في صعيد مصر وضمها لأرشيف المتحف المصري الذي يقام فيه المعرض الآن الذي افتتح عام 1902".

جيوفاني فازاني... تأريخ الأهرام وأبو الهول فوتوغرافياً

بحلول العقد الأخير من القرن الـ19 جاء المصور الثاني جيوفاني فازاني إلى مصر، كان التصوير وقتها قد بدأ ينتشر بصورة أكبر باعتبار أنه كان مضى نحو 50 عاماً منذ بداية ظهوره، وبدأ عدد المصورين في الازدياد، وكان هناك حضور قوي للمصورين الأجانب في مصر، وفي الوقت نفسه كان الاهتمام بالآثار والمصريات بدأ يأخذ أشكالاً أكثر تخصصاً، ففي عام 1895 بدأ التفكير في إنشاء المتحف المصري بالتحرير، وبدأ علماء الآثار والمصريات بالتوسع في البعثات الأثرية.

 

يقول أمين "فازاني إيطالي جاء مع عائلته إلى القاهرة عام 1890، وافتتح استوديو تصوير وحصل على الرخصة رقم سبعة باعتباره من أوائل استوديوهات التصوير في مصر، كما حصل على رخصة للتصوير في هضبة الجيزة، فافتتح استوديو للتصوير بمنطقة الموسكي وآخر بفندق الميناهاوس أمام الأهرام، وكان يقوم بالتصوير أمام الأهرام وأبو الهول الذي قدم له مجموعة مميزة من الصور أظهرت كل التغييرات والترميمات التي شهدها خلال هذه الفترة، صور فازاني سجلاً لهضبة الجيزة من الناحية الأثرية ومن ناحية السياحة المتدفقة عليها ونوعياتها، ففي فترة ما قبل الحرب العالمية الأولى وجدت كثير من الصور لسياح يابانيين في مصر وكان هذا جديراً بالملاحظة".

ويضيف "في أثناء الحرب العالمية الأولى كانت هذه المنطقة مقراً لجنود أستراليين التقط لهم فازاني كثيراً من الصور في أوقات مختلفة، صوّرهم في الخيم وأمام أبو الهول، وكثيراً من الصور التي تعتبر حالياً نادرة وتعد مرجعاً لهذه الفترة، لاحقاً استمر فازاني في التصوير وتوسع في نشاطات أخرى، من بينها افتتاحه شركة سياحة مع شريك يوناني".

هنري لشتر... استوديو على النيل

شهدت بدايات القرن الـ20 في مصر كثيراً من التحولات على المستوى الفني والثقافي والأثري إلى جانب تصاعد الأحداث السياسية في العالم كله باندلاع الحرب العالمية الأولى التي كان لها انعكاس على شتى مناحي الحياة في مصر وغيرها.

يقول الباحث الأثري "يعود أصل لشتر إلى مدينة بولزانو بشمال إيطاليا، وكانت هذه المنطقة حتى قبل عام 1937 تخضع للإمبراطورية النمسوية المجرية، وقد جاء إلى مصر عام 1910، كانت هذه فترة ذهبية للمصورين النمسويين في القاهرة، وانتهى ذلك لاحقاً مع اندلاع الحرب العالمية الأولى باعتبار أن النمسا وإيطاليا كانتا دولتين معاديتين، وقد جرى نفي لشتر إلى مالطة من عام 1916 حتى عام 1920، والتقى بسعد زغلول في المنفى، وصوّره مع المصريين الذين كانوا مصاحبين له، ليعود لشتر إلى مصر بالتواكب مع الفترة التي اكتشفت فيها مقبرة توت عنخ آمون التي كانت محط الأنظار وقتها في العالم كله".

 

ويستكمل، "توجه لشتر إلى الأقصر، وافتتح استوديو تصوير على النيل غمره الفيضان ودمره، ثم افتتح آخر على طريق الكباش، وتعاون مع جامعة شيكاغو في تصوير المواقع الأثرية في الأقصر لنحو 10 أعوام، وخلال هذه الفترة قدم مجموعات رائعة من الصور للآثار وثقت كثيراً من المواقع وأضافت لعلم التصوير الأثري، حتى عام 2000 كانت المعلومات المتاحة عن لشتر محدودة جداً حتى إنه كان هناك عدم تيقن من جنسيته، وكان لدي اهتمام كبير بهذا الأمر دفعني لتعقبه حتى توصلت لسيدة تعتبر حفيدته ومنها لعدد من أفراد عائلته وظهرت كثير من المعلومات عنه من أهمها التأكد من جنسيته الإيطالية، وقتها جمعنا حياته في كتاب وأقمنا معرضاً في بولزانو مسقط رأسه 2002 كان له دور في إلقاء الضوء عليه وعلى أعماله المميزة في التصوير".

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات