ملخص
بينما ينفذ العالم المرحلة الثانية من اتفاق غزة وحده، تسير "حماس" بخطوات مختلفة… البقاء في الحكم والسلاح بيد السلطة وحوار وطني مع محمود عباس.
تتجهز غزة، حيث وقف صوت القصف، لاستقبال قوة دولية تضمن الاستقرار بين القطاع المدمر وإسرائيل، وفي الوقت نفسه تستعد لإعادة إعمار مدينة رفح المدمرة بالكامل لكن على طراز حديث دولي لا يشبه المحافظة الفلسطينية قبل نسفها، وأيضاً تحاول حركة "حماس" إقناع العالم بشأن علاقة جديدة مع إسرائيل، كل هذه التطورات هي ملفات المرحلة الثانية من خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب للسلام والازدهار.
مع قرب إتمام المرحلة الأولى من اتفاق غزة بدأت الخطوات العملية على أرض الواقع لتنفيذ ما هو أكثر تعقيداً في المرحلة الثانية، حيث بدأت المفاوضات حول مستقبل من سيحكم القطاع، إضافة إلى بند نزع سلاح "حماس"، وكذلك تسليم الأرض المدمرة لبعثة دولية ووضع مدينة الحرب تحت الوصاية الدولية.
ويتكوف يتجه إلى غزة… المرحلة الصعبة بدأت
تحرك المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف إلى الشرق الأوسط، لمتابعة تنفيذ خطة ترمب، بعدما تحدث مع قيادات "حماس" للتأكد من التزامها في الامتثال لخطة السلام والازدهار، في وقت خرج ترمب قائلاً "المرحلة الثانية من اتفاق غزة بدأت الآن، تحدثت مع ’حماس‘ وأكدوا أنهم جاهزون للتخلي عن سلاحهم، لقد أبلغوني بذلك".
إسرائيلياً، أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن بلاده ستعطي الفرصة لإنجاز المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة سلمياً، إذ تأمل تل أبيب نزع سلاح "حماس" وتفكيك بنيتها التحتية من دون تدخل عسكري، لكنه أشار إلى استعداده لخيارات أخرى إذا لزم الأمر.
من جانب الوسطاء، أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية ماجد الأنصاري أن محادثات المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة قد بدأت بالفعل وستكون صعبة.
وسط هذه التأكيدات، نقلت قناة "إسرائيل 24" عن مسؤولين أمنيين كبار قولهم "خلافاً للتأكيدات لم تبدأ المرحلة الثانية بعد، ولن تبدأ إلا بعد اكتمال المرحلة الأولى بإعادة كل جثث الرهائن الإسرائيليين الذين ترفض ’حماس‘ تسليمهم وما زالت تساوم بهم".
بعثة المهام ومركز إعادة الإعمار
تعالج المرحلة الثانية قضايا شديدة الصعوبة والتعقيد والتداخل، من أبرزها ضمان عدم عودة الحرب، وتسليم "حماس" سلاحها والجهة التي قد تتسلم ذلك العتاد العسكري، وطبيعة الجهة التي ستتولى الحكم في القطاع، ووضع غزة تحت الوصاية الدولية من خلال إرسال بعثة دولية، إضافة إلى آليات إعادة الإعمار.
على أرض الميدان ما زالت "حماس" تسلم جثامين الرهائن المفقودين في تربة غزة، وهذه العملية ضمن المرحلة الأولى، لكن هناك تقدماً كبيراً في بنود المرحلة الثانية، إذ أرسلت الولايات المتحدة فريق قوة المهام لتولي تنفيذ بنود الاتفاق على أرض الواقع، وتذليل أي عقبات أمام خطة السلام والازدهار، وكذلك يبدأ مركز إعادة إعمار قطاع غزة عمله خلال الأيام المقبلة، بقيادة جنرال أميركي بثلاث نجوم، وقد حدد أن رفح أقصى الجنوب أولى المحافظات التي سيعاد بناؤها، وبالتوازي سيتم تنسيق تقديم مساعدات ميدانية ومعونات إنسانية داخل باقي مدن القطاع.
خطة نزع السلاح ووصاية دولية
كل هذه التطورات تتزامن مع وضع بريطانيا وفرنسا ومصر والولايات المتحدة وتركيا اللمسات الأخيرة لمشروع قرار في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يوافق على وضع غزة تحت الوصاية الدولية ونشر قوة دولية في القطاع.
وقال وزير الخارجية المصري بدر عبدالعاطي "ناقشنا المرحلة الثانية من اتفاق غزة، نجهز لقرار مجلس الأمن في شأن ولاية وصلاحيات القوة الدولية المقرر نشرها في غزة، هذه هي الخطوة التالية، نحن في إطار إصرار القرار أن مجلس الأمن هو الجهة التي تحدد مهمة القوة على الأرض، وأن تكون ضمن معايير محددة".
بحسب المعلومات الواردة لـ"اندبندنت عربية" فإن مجلس الأمن ينعقد نهاية الشهر الجاري لاتخاذ القرار، لكن "حماس" تعارض ذلك، وتأمل أن تكون جهات فلسطينية هي التي تحكم القطاع وليست وصاية دولية تعوم القضية الفلسطينية، وأيضاً قدم الاتحاد الأوروبي إلى الولايات المتحدة والوسطاء في الاتفاق خطة يشارك فيها لنزع سلاح الحركة في غزة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
"حماس" تسعى إلى مصالحة مع إسرائيل
بين كل هذه التطورات تحاول "حماس" البقاء في قطاع غزة، ولا يخفي الوسطاء ذلك، ويقول رئيس الوزراء القطري محمد بن عبدالرحمن آل ثاني "حركة ’حماس‘ أبدت استعدادها لبحث شكل جديد من العلاقة مع إسرائيل، إنهم منفتحون على مناقشة السبل التي تضمن عدم تشكيلها تهديداً لإسرائيل".
وأعلنت الحركة استعدادها لقبول هدنة طويلة الأمد مع إسرائيل، ويقول القائم بأعمال رئيس المكتب السياسي لـ"حماس": "منفتحون على هدنة تراوح مدتها بين خمسة و10 أعوام، وسنلقي خلالها سلاحنا".
تحاول "حماس" من هذا الأمر البقاء في الحكم، ولا يخفي عضو المكتب السياسي للحركة محمد نزال ذلك، إذ قال "نعتزم الاحتفاظ بالسيطرة الأمنية في غزة، لدينا مسؤولية وطنية في شأن إيجاد حل حول سلاح الحركة"، وكشف، أيضاً، عن نيات بقاء "حماس" في الحكم، مضيفاً "الحركة مستعدة لوقف إطلاق نار يصل إلى خمسة أعوام من أجل إعادة إعمار قطاع غزة المدمر، مع تقديم ضمانات لما سيحدث بعد ذلك، ومنح الأفق والأمل للشعب الفلسطيني لإقامة دولة مستقلة".
الأسلحة بسيطة وسنضع لها حلولاً
أما متحدث "حماس" حازم قاسم فقال "ما تمتلكه ’حماس‘ من أسلحة بسيطة جرى تضخيمه إعلامياً، ملف نزع السلاح شائك ومعقد لكنه قابل للحل ضمن مقاربة وطنية شاملة، هذا الموضوع يجب أن يناقش في إطار إجماع وطني فلسطيني، هناك مقاربات عدة يمكن أن تضمن الحفاظ على الأمن والاستقرار من دون المساس بحق الفلسطينيين في الدفاع عن أنفسهم".
وفقاً للمعلومات الواردة فإن تفكيك أسلحة "حماس" الثقيلة سيتم بعد نشر قوة استقرار دولية، وهي تستعد لدخول غزة، وستكون من قوات أميركية وعربية وتركية، ومهمتها تسلم الأسلحة ووضعها تحت الوصاية الدولية.
لكن الحركة لا تفضل هذه الخطوة، كما لا تفضل الوصاية الدولية، لذلك أضاف قاسم "سنذهب لتوافق وطني لإنهاء الانقسام، سيتم الحوار بشأن السلاح والحكم مع السلطة الفلسطينية للوصول إلى مقاربات، ’حماس‘ لا ترغب في إثارة أزمات مع السلطة الفلسطينية في هذه المرحلة، مستعدون لفتح صفحة جديدة معها".
حوار مع السلطة الفلسطينية
تشير معلومات "اندبندنت عربية" إلى أن من المقرر أن تستضيف العاصمة المصرية القاهرة، في الأيام المقبلة، حواراً وطنياً فلسطينياً شاملاً لمناقشة مستقبل القطاع بعد توقيع اتفاق وقف النار في غزة، بحضور السلطة الفلسطينية لوضع خطط الحكم والسلاح والإعمار.
وقال الباحث السياسي فتحي البابا "’حماس‘ مستعدة للسلام مع إسرائيل، وهي تحاول بذلك البقاء في الحكم، لكن كفصيل جديد لا يريد العنف والحروب، أعتقد أنها تريد بقاء أجهزتها الأمنية في غزة، ومشاركة أعضائها في لجنة إدارة غزة، وكذلك لا تريد تسليم كل سلاحها"، مضيفاً "لا تمانع ’حماس‘ بإعادة إعمار غزة بطريقة جديدة، ولا تعارض وجود قوة مهام دولية، لكن بما يضمن بقاءها بصورة جديدة و’حماس‘ جديدة، لذلك تروج الآن لنفسها بأنها تتطلع إلى السلام والازدهار وفقاً لما يريد ترمب، وأوضح أن الحركة لن تمانع تسليم السلطة الفلسطينية جزءاً من سلاحها وتقاسمها الحكم، "والتعاون مع مجلس السلام الدولي، الفكرة باختصار وجود عناصر لها في تشكيلة مستقبل غزة".